كيف أخفق اللوبي الصهيوني "عالمياً" في التصدي لـحركة التضامن مع فلسطين اعترف معهد ريوت، الذي أسسه المستشار الحكومي السابق جيدي غرينشتاين، في تقرير سري أعد بالاشتراك مع رابطة مكافحة التشهير ADL بأن جهود الكيان الصهيوني لإحباط حركة التضامن الفلسطينية- قد فشلت. واعترفت جماعات الضغط الإسرائيلية الرئيسية بأنها فشلت في مواجهة حركة التضامن الفلسطيني، على الرغم من زيادة الإنفاق بشكل كبير. ويرد ذلك في تقرير سري من 30 صفحة حصلت عليه "الانتفاضة الإلكترونية". هذا النص الذي كتبه الصحفي والناشط، علي أبو نعمة، مُؤسّس موقع "The Electronic Intifada"، وتقدم "بوابة الهدف" ترجمته الكاملة، يُلقي الضوء على أبرز مفاصل واستنتاجات "التقرير المُسرّب"، الذي يُمكن تحميله من الموقع. ويشير التقرير الذي نشره موقع "الانتفاضة الالكترونية" باللغة الإنكليزية، بشكل حصري، إلى فشل دولة الاحتلال في وقف "النمو الملحوظ" و "النجاحات الكبيرة" في حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات من أجل حقوق الفلسطينيين. كما يناقش التقرير الاستخباري الاستراتيجيات التي أقرّتها الحكومة الصهيونية بهدف عكس اتجاه تدهور موقف الكيان. وفي الوقت الذي يدعو فيه التقرير المذكور إلى اتخاذ تدابير أشدّ، ضد حركة التضامن الفلسطينية، فإنه لا يقدم أفكارًا جديدة للتعامل مع الطريقة التي تعاني بها دولة الاحتلال، مع مشكلة صورتها لدى العالم، ويعترف بأنها مشكلة واقعية: يُنظر إليها كنظام احتلال واستعمار استيطاني وفصل عنصري على نحو متزايد. غير أن التقرير يحدّد الشواغل الرئيسية والأهداف المحتملة لمخطّطي الدعاية "الإسرائيليين". وحتى في محاولة التوصل إلى صيغة لهزيمة حركة التضامن، يعترف التقرير بأن الحركة من أجل الحقوق الفلسطينية، تقوم على حجج "جذابة ومتطورة"، فشلت "إسرائيل" حتى الآن في تحقيقها. ويعترف التقرير أنه رغم أن الجماعات الموالية لدولة الاحتلال، زادت إنفاقها لمحاربة حركة التضامن الفلسطيني لعشرين مرّة، على مدى السنوات الست الماضية، إلّا أنه، ورغم عشرات الملايين من الدولارات، "النتائج لا تزال بعيدة المنال". التقرير السري كشفت عنه الصحيفة اليهودية "ديلي فوروورد" في شباط / فبراير. وقد أعدّته رابطة مكافحة التشهير ومعهد ريوت، وهو مركز أبحاث صهيوني أسّسه المستشار الحكومي السابق جيدي غرينشتاين، بمساعدة "خبراء" من جماعات الضغط الصهيونية وحكومة الاحتلال. وبحسب صحيفة "فوروورد"، فإن "ريوت" و"الرابطة ADL" كانا "يتداولان نسخًا مطبوعة فقط من التقرير، بين عناصر مختارة مؤيدة لإسرائيل، وقد تلقته الصحيفة شريطة ألا تنشره بالكامل". "نجاحات هامة" وتشمل النتائج الرئيسية لتقرير أدل-ريوت ما يلي حول نجاحات حركة التضامن: يمكن لنشطاء التضامن في فلسطين أن يتباهوا بـ "نجاحات كبيرة"، بما في ذلك "خلق موقف غير مُواتٍ حول دولة الاحتلال، في أجزاء كثيرة من العالم. وقد توسعت حركة التضامن الفلسطينية من أوروبا إلى الولايات المتحدة والعديد من المواقع الأخرى في جميع أنحاء العالم"، و"عزّزت تحالفاتها مع مجموعات الأقليات الكبرى وتحالفات العدالة الاجتماعية". لقد اكتسح التضامن مع فلسطين الأحزاب اليسارية الرئيسية في أوروبا، وقد يكون اكتسب زخمًا في الولايات المتحدة. ويُشير التقرير أن الحروب الصهيونية المتكررة على قطاع غزة في الأعوام: 2009 و 2012 و 2014، أدّت إلى تعزيز دعم نزع الشرعيّة عن "إسرائيل". وأضاف التقرير أن جهود المقاطعة ضدّ "استمرار وجود إسرائيل في الضفة الغربية، وخاصةً المستوطنات تكتسبُ زخمًا". معظم الأضرار الجانبية التي تصيب دولة الاحتلال من حركة المقاطعة، هي نتيجة "المقاطعة الصامتة" المتزايدة (الجماعات والأفراد والشركات الذين يتخذون قرارات غير معلنة بالامتناع عن التعامل مع إسرائيل، إما بسبب دعمهم للحقوق الفلسطينية، أو ببساطة تجنب المشاكل والانتقادات غير الضرورية). خطّة الرد استنادًا إلى ملخص صحيفة "ديلي فوروورد"، فإنّ الوثيقة تدعو إلى "دق إسفين"، بين من تقول أنه من النشطاء الجوهريين الذين يقودون حركة المقاطعة و"النُقّاد الناعمين لإسرائيل". وتدعو إلى التعامل مع القادة الأساسيين بلا هوادة وسرًا. في عام 2010، دعا ريوت وكالات التجسس الصهيونية، إلى "تخريب BDS" كجزء من "إستراتيجية هجوم". شكّلت وثيقة 2010 إستراتيجية دولة الاحتلال وجماعات الضغط في جميع أنحاء العالم. ويكرر التقرير الجديد المواضيع الرئيسية للوثيقة السابقة: فهو يصف حركة التضامن الفلسطينية على أنها تعزز معاداة السامية ويحاول ربط هذه الحركة بإيران و"الإرهاب". ويحمل هذا التقرير تأييدًا مباشرًا من مسؤول كبير في معركة الكيان العالمية ضد مؤيدي الحقوق الفلسطينية. ونُقل عن "سيما فاكينين جيل" مدير عام وزارة الشئون الاستراتيجية بدولة الاحتلال قوله "إن العلاقة بين طريقة عمل الوزارة وما يخرج من هذه الوثيقة عالية جدًا". وأضاف "إنني مسرور لرؤيتنا نشارك وجهة نظر متشابهة جدا فيما يتعلق بالتحدي والاستراتيجية المنشودة". وكان وزير الشؤون الإستراتيجية "جلعاد أردان" يشارك في ما وصفه أحد الصحفيين في مخابرات الاحتلال "العمليات السوداء" ضد حركة حقوق الفلسطينيين. وقال المحلل الصهيوني "يوسي ميلمان" إن هذه الهجمات قد تشمل "حملات تشهير ومضايقات وتهديدات لحياة الناشطين" فضلًا عن "التعدي على خصوصياتهم وانتهاكها". كما يكشف تقرير أدل-ريوت أيضًا عن اسم مدير الاستخبارات بوزارة الشؤون الاستراتيجية الصهيونية، وهو "شاي هار-زفي" الذي تم ذكر اسمه كأحد المساهمين في الوثيقة. ويُشدّد التقرير على أهمية جمع "معلومات استخباراتية" ضد الحركة. وقال "ميلمان" إن قسم المخابرات التابع للوزارة يديره ناشطون سابقون من وكالة التجسس. ويعترف التقرير بأن "إسرائيل تُعتبر على نحوٍ متزايد، قضية من القضايا اليمينيّة". ووفقا للتقرير فإنه على المدى القصير، قد يؤدي انتخاب دونالد ترامب إلى "علاقة أكثر دفئًا" مع دولة الاحتلال، بالمقارنة مع سنوات أوباما، التي من المفترض أن تكون عاصفة، وفقا لـ تقرير "أدل-ريوت". ولكن على المدى الطويل قد يكون ترامب سيئًا بالنسبة للكيان، من خلال ربطه بسياسات الإدارة اليمينيّة، التي لا تحظى بشعبية كبيرة مع "العديد من اليهود الأمريكيين والليبراليين وغير اليهود". وقال التقرير إن "اليهود الأمريكيين يواجهون أعمق أزمة هوية، حيث إن دور إسرائيل مستقبلًا في الهوية اليهودية يلوح في الأفق". وتوقّعَ "انخفاضًا في النشاط اليهودي السائد فيها إسرائيل،..، وتزايد النشاط اليهودي المناهض لها، وهذا الأخير واضح بالفعل". هذا التآكل في الدعم اليهودي للكيان، هو نتيجة "التصوّر" بأنه يتحرك بعيدًا عن الصورة التي تُروّج لها، لبلدٍ "تعدّديّ يسعى إلى السلام والديمقراطية". وقال التقرير "يبدو أن حكومة إسرائيل لا تُقدّر الأضرار الجانبية التي لحقت بمكانتها بين الجاليات اليهودية في الشتات". وأضاف أن الجهود المبذولة لمحاربة حركة التضامن الفلسطينية "ستفشل إذا كانت مصحوبة بمشاعر معادية للمسلمين تدفع النقّاد والمراقبين العاديين نحو حركة التضامن الفلسطينية". لقد كان تسخير وترويج الإسلاموفوبيا تكتيكًا أساسيا لـ"الدعوة الإسرائيلية" في السنوات الأخيرة. وفي حين أن قاعدة الدعم الصهيونية أصبحت أضيق، فإن التقرير يرى تحديًا كبيرًا في "صعود التداخل": حقيقة أن الشعوب الأخرى التي تكافح ضد العنف والاضطهاد، ترى أن أوضاعها مرتبطة بأوضاع الفلسطينيين. وقال "إن القضية الفلسطينية تم تبنّيها على نطاق واسع من قبل العديد من المجموعات المهمّشة". ويشير التقرير إلى جماعات المثليين والمتحولين جنسيًا ومزدوجي الميول الجنسية ومغايري الهوية الجنسانية. ويقول التقرير إن: إسرائيل عرفت العدو على نطاق واسع جدًا، حيث استطاعت أن تنتقد "النُقّاد الناعمين" الذين يمكن اختيارهم بل تحوّلوا إلى حلفاء ضد حركة المقاطعة، مع "المندوبين" و"النقاد القاسيين" الذين يجب محاربتهم دون هوادة. ولكنّ إسرائيل وبعض من أنصارها الأكثر صخبًا يتجاهلون هذه النصيحة. في مؤتمر عُقد مؤخرًا تحت رعاية دولة الاحتلال لمكافحة "BDS" في نيويورك، هاجم عضو في اللجنة طالبًا يهوديًا من المجموعة الصهيونية الليبرالية "جي ستريت" ممثلًا عن "منظمة معادية للسامية". وفي المؤتمر نفسه، أكّد مؤسس معهد ريوت جيدي غرينشتاين على "ضرورة حصول دولة الاحتلال على دعم من التقدميين" إذ قال "من خلال المجموعات التقدمية يمكننا الفوز". وكان رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أعرب، الأسبوع الماضي، عن اعتراضه على أحد أبرز حلفاء الكيان ومُوردّيها، عندما ألغى اجتماعه مع وزير الخارجية الألماني سيغمار غابرييل. وكانت جريمة غابرييل هي أنّه يعتزم الاجتماع أيضًا مع منظمتين صهيونيتين يساريتين، هما جماعة "بتسيلم" لحقوق الإنسان وكسر الصمت، التي تجمع شهادات الجنود الصهاينة، حول انتهاكاتهم لحقوق الفلسطينيين. وفى المقابل، وصف نائب وزير الخارجية الصهيوني "كسر الصمت" بأنها "عدو إسرائيل". وقال غابرييل إنه لو كان القادة الألمان تصرفوا بنفس الطريقة التي تصرف بها نتانياهو، سيُوصفون بالمجانين". ويُحذّر التقرير من أن مثل هذا "النهج المتشدد تجاه النقاد الناعمين قد يدفعهم إلى الابتعاد والقرب من المعسكر المناهض لإسرائيل بدلًا من تقرّبهم إليها". كما يعترف التقرير بأن "قوانين مكافحة BDS التي دفعتها إسرائيل ولوبياتها في مختلف البلدان أثارت مخاوف بشأن احتمال انتهاك حرية التعبير، وهو ما يوقف أيضا أنصار إسرائيل المحتملين". ويُخصّص التقرير المؤلّف من 30 صفحة بعض الجمل للاعتراف - جزئيًا على الأقل- ببعض الأسباب الجذرية لتدهور الوضع العالمي في دولة الاحتلال "إن سياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين في الضفة الغربية، وغياب عملية السلام، واستمرار سياسة المستوطنات". كما يُشير إلى "سوء معاملة السكان الأصليين - المواطنين العرب في إسرائيل". لكن التقرير يتجاهل ما هو واضح، أن "إسرائيل" يمكن أن تضع حدًا لحركة المقاطعة من خلال إنهاء أسبابها: الحرمان المنظّم لحقوق الفلسطينيين. وبدلًا من ذلك، توصي اللجنة بأن تُشدّد دولة الاحتلال ولوبيها على "الرسائل الإيجابية والعلامات التجارية" لتصوير الكيان على أنه محور "الابتكار" و"الإبداع" -استراتيجيّات الانحراف التي فشلت حتى الآن. ويُقرّ التقرير بأن ما يطلق عليه "حركة نزع الشرعية" تقوم على حجج فكرية تتحدى أسس الصهيونية، ويحدد "ضرورة أن تتطابق مع هذه الحجج فكريًا بطريقة جذابة ومتقدمة بنفس القدر". ومع ذلك فمن الواضح أن المثقفين الصهاينة ليس لديهم جواب مقنع للحجج القائلة بأنه لا يمكن أن يكون هناك "دولة يهودية وديمقراطية" دون انتهاكات جسيمة ومستمرة للحقوق الأساسية لملايين الفلسطينيين، سيما اللاجئون الذين يُمنَعون من العودة إلى ديارهم لمجرد أنّهم ليسوا يهودًا. وهذا هو بالتحديد ما تُحاول دولة الاحتلال وجماعات الضغط التابعة لها، إعادة تعريف أيّ استجواب للمطالب السياسية الصهيونية، كشكل من أشكال معاداة السامية. ويُحدّد هذا التقرير كهدفٍ لجعل "نزع الشرعية" (أيّ تساؤل عن حق دولة الاحتلال في الوجود، كدولة يهوديّة صريحة بغض النظر عن ما يعنيه ذلك بالنسبة للفلسطينيين): غير ملائم اجتماعياً. ومن خلال هذا التعريف، فإنّ الدعوة إلى دولة ديمقراطية حديثة، يكون فيها لليهود والمسلمين والمسيحيين والناس من جميع الهويات الوطنية حقوق كاملة ومتساوية ومحمية، تشكل هجومًا معادٍ للسامية. ويعترف "أدل ومعهد ريوت" بشكل فعّال بأن "إسرائيل ليس لديها حجج فائزة يمكن أن تؤثر على ما يسمّى المارّة، والناس الذين ليس لديهم بالفعل وجهة نظر حول معاملتها للفلسطينيين". ويحذّرون من أن إستراتيجية "وقائية" لعرض الجانب الصهيوني من الصراع بين المارّة، من غير المرجّح أن تكون فعّالة. فقط عندما يتم تحديد العلاقة العاطفية الإيجابية، قد تكون تكتيكات هسبارا )هاسبارا هي العبارة العبرية للدعاية للدولة الإسرائيلية( فعالة.