الأحد 24-11-2024

كتاب :الاستيطان الصهيوني في القدس ومستقبل المستوطنات فيها

×

رسالة الخطأ

محمدمحفوظ جابر

الاستيطان الصهيوني في القدس
ومستقبل المستوطنات فيها
الطبعة الأولى- 2009
ر.أ: 3239/7/2009
المؤلف: محمدمحفوظ جابر -الأردن
iSBN 978-9957- 30- 107-1

دار فضاءات للنشر والتوزيع
عمان- شارع الملك حسين-مقابل سينما زهران
تلفاكس: 4650885 (6 -962+) هاتف جوال: 911431/0777
ص.ب 925846 عمان 11190 الأردن
Dar_fadaat@yahoo.com
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تصميم الغلاف: نضال جمهور
الصف الضوئي والإخراج الداخلي: فضاءات للنشر والتوزيع
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الباحث محمد محفوظ جابر

الاستيطان الصهيوني في القدس
ومستقبل المستوطنات فيها

القدس عاصمة الثقافة العربية
2009
عمان – الأردن

الإهــداء..

إلى والدي
الذي بقي صامداً
في القدس
وإذا زارني
في الغربة يوماً
يستعجل العودة قائلاً:
أريد أن أموت في القدس
إن روحي معلقة فيها

" محمد محفوظ" فضل جابر

المحتويات:

الصفحة الموضوع

9 المقدمة
19 القدس: التراث.. الإنسان والأرض 31 الاستيطان في القدس ومراحله 95 سلوان تواجه خطر الاستيطان
الصهيوني
117 مستوطنة معاليه أدوميم

المقدمة
أصبح الحديث عن الاستيطان الصهيوني في القدس ووقفه أو توسعته هو موضوع الساعة بسبب الخلاف في وجهات النظر بين الرئيس باراك أوباما رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الحليف الإستراتيجي للكيان الصهيوني وأكبر دولة تدعمها عسكرياً واقتصادياً وسياسياً في كافة المحافل الدولية، وبين بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الكيان الصهيوني الذي يؤيده في موقفه غالبية الأحزاب ومعظم المستوطنين الصهاينة، والذي يؤكد على الاستمرار بالتوسع الاستيطاني الاستعماري الإحلالي، وذلك من خلال رصد المبالغ اللازمة لدعم الوحدات الاستيطانية التي يسير بها البناء الآن والتي تبلغ 3290 وحدة استيطانية، بالإضافة إلى 11 ألف وحدة استيطانية طرحت للعطاء، أي 14 ألف وحدة استيطانية، وسوف تستمر هذه المساجلات الكلامية ويستمر الاستيطان فإن الاستيطان الاستعماري هو القاعدة الأساسية لوجود الكيان الصهيوني وتوسعته.
ولذلك فلا بد من مزيد من الدراسات العلمية العميقة لموضوع الاستيطان، تاريخياً، جغرافياً، سكانياً، توسعياً، اجتماعياً، سياسياً، واقتصادياً، وغير ذلك من المجالات حتى نستطيع أن نواجهه ونعمل على إزالته.
الباحث الأستاذ محمد محفوظ جابر قدّم لنا دراسة قيمة عن الاستيطان الصهيوني في كتابه الذي صدر عام 2004 بعنوان " الاستيطان الصهيوني في محافظة الخليل " أعطى فيها صورة شاملة عن هذا الاستيطان.
وفي كتابه الحالي الذي بين يديكم بعنوان " الاستيطان الصهيوني في القدس ومستقبل المستوطنات فيها "، فإنه كذلك يقدم بحثاً موثقاً مفصلاً بالخرائط والمعلومات للمستوطنات الصهيونية في القدس.
وفي كتابه الذي يستحق التقدير والاهتمام يقسم المواضيع إلى أربع محاور ؛ أولها موضوع القدس: التراث _ الإنسان والأرض، حيث يؤكد على أهمية القدس التاريخية والدينية والحضارية والثقافية، ويؤكد على جذورها الكنعانية اليبوسية العربية، وينفي أن تكون هذه المدينة هي "مدينة داود" ونستعين بمقاطع من التوارة تدل على أن " القدس كان يحكمها اليبوسيون "، كما يستدل على ذلك أيضاً بالعودة إلى نتائج الحفريات التي قام بها العدو الصهيوني منذ 1967، والتي أعلن باحثوه عن فشلهم في الحصول على أي إثبات عن وجود اليهود.
ويتطرق إلى الأماكن الدينية المقدسة الإسلامية والمسيحية والمخاطر التي تهددها نتيجة المحاولات الصهيونية المستمرة لطمس هذه المعالم وتهويد المدينة بالكامل.
الفصل الثاني خصصه الباحث للاستيطان الصهيوني في القدس ومراحله وقد قسمه إلى أربعة مراحل أولها الاستيطان في العصر العثماني من 1852 – 1914، ويربط فيها بين الاستيطان الصهيوني ودور القناصل الأجانب في القدس الذين عملوا بموجب مخطط الدول الاستعمارية الهادف إلى السيطرة على الإمبراطورية العثمانية وإقامة سد بشري بين شرقي الوطن العربي وغربه، والذي قدموا الحماية والدعم الاقتصادي والمعنوي ونقل الأحوال من البرجوازية اليهودية إلى المستوطنين، أما المستوطنات فإنها أقيمت خارج البلدة القديمة – ملاصقة لها وبلغ عددها 16 مستوطنة فصل مكانها وتاريخ إقامتها، وليس لها طابع عسكري. ولم يذكر الباحث كيفية علاقة هذه المستوطنات مع العرب وما هي ردود فعلهم تجاهها.
أما المرحلة الثانية من مراحل الاستيطان فكانت أيام الانتداب البريطاني 1918 – 1948، وفيها يبين الباحث الدور الذي لعبه الانتداب البريطاني في " خلق " الكيان الصهيوني حيث فتح أبواب الهجرة الواسعة للعدو الصهيوني إذ ارتفع عدد السكان نهاية الانتداب من 25 ألف إلى 650 ألف في فلسطين ووهبهم قطاعات كبيرة من الأراضي الحكومية ومنحهم حق الإشراف على شؤونهم التعليمية والثقافية والاجتماعية وسمح للصندوق القومي اليهودي والوكالة اليهودية والمنظمة الصهيوني العالمية بفتح مكاتب لهم، كما سن القوانين والتشريعات لانتقال ملكية الأراضي العربية إلى اليهود. أما المستوطنات، فسمح لهم بإقامة مستوطنات مسلحة وسمح لهم بالتسلح للدفاع عنها، وقد بلغ عدد المستوطنات التي تمت إقامتها في غربي القدس وشمالها 21 مستوطنة، إضافةً إلى إقامة الضواحي السكنية الكبيرة بجانب الأحياء العربية، وتكثيف إقامتهم داخل البلدة القديمة بحيث ارتفع عدد اليهود في القدس من 10 آلاف ( حسب الإحصاءات اليهودية ) إلى 102 ألف عام 1946 ( إحصاءات الانتداب )، بينما بلغ عدد العرب داخل حدود البلدية إلى 150,000 مع القرى العربية.
وكانت هذه المستوطنات زراعية صناعية عسكرية وأدى وجودها إلى عدة صدامات بين العرب والصهاينة وكذلك بين العرب وسلطات الانتداب في الإضرابات والهبّات والثورات المختلفة التي قام بها العرب ضد الانتداب وضد الاستيطان من 1920 إلى 1948، حيث دافع العرب عن أرضهم بكل شراسة.
المرحلة الثالثة كانت أثناء الفترة 1948 – 1967، أي فترة قيام الكيان الصهيوني، وفي هذه الفترة قام الكيان " المنتصر " الذي استولى على 78% من أرض فلسطين _ بالسيطرة على كافة المناطق الغربية العربية من القدس _ وأصدر الكيان الصهيوني عدة قوانين وتشريعات تمكنهم من التصرف بها وأهمها " قانون أملاك الغائبين " الذي أصدره الكنيست عام 1950، وظل هذا القانون سارياً حتى الآن ويعمل به وبه " يخوّل حارس أملاك القائمين بالتصرف بأملاك الغائبين لمصلحة الدولة اليهودية ".
وقد أقام العدو الصهيوني 15 مستوطنة على أنقاض الأحياء الغربية العربية في القدس و 21 مستوطنة على أراضي القرى العربية المهدمة التي بلغ عددها 46 قرية وتميزت هذه المرحلة من الاستيطان:
1. عملية استبدال سكاني تهجير قسري للسكان العرب وإحلال المستوطنين اليهود مكانهم.
2. تدمير القرى العربية وإقامة المستوطنات الاستعمارية الصهيونية على أنقاضها.
3. مصادرة الأراضي العربية وسلبها.
4. تشريع قوانين لخدمة الاستيطان وتشريع الهجرة اليهودية إلى فلسطين.
5. تهويد الشطر الغربي من القدس وترسيخ الأقدام الصهيونية فيه.
ومن المؤلم أن نعترف بأن كل هذه الإجراءات لم يتم مجابهتها لا فلسطينياً ولا عربياً ولا إسلامياًَ ولا دولياً.
أما المرحلة الرابعة من الاستيطان في القدس فهي الأخطر والأوسع وهي في الفترة بين 1967 و 2008 أي بعد الاحتلال الصهيوني لباقي القدس وباقي فلسطين.
وفي هذا القسم يقدم الباحث دراسة مفصلة تستحق التقدير، فهو يشير إلى بدء الهجمة الصهيونية الاستيطانية الاستعمارية الإحلالية الشرسة بتدمير حارة المغاربة ( 135 منزلاً ومدرستين ومسجدين ) وتشريد سكانها وتوسيع ساحة البراق، ثم يشير إلى قرار الكنيست الصهيوني في 28/6/1967 بضم شرقي القدس إلى " إسرائيل " وتطبيق التشريعات الصهيونية عليها، ويشير كذلك إلى توسيع حدود البلدية بالتدريج من 6,5 كم2 شرقي القدس 39 كم2 غربي القدس لتصل إلى 124 كم2 تضم حوالي 23 قرية ومدينة.
كما يشير بالتفصيل إلى المساحات التي تمت مصادرتها بحيث أصبح العرب لا يسيطرون إلا على 13% من كل المساحة والباقي 09% للمستوطنات 44% أرض خضراء و 34% خدمات عامة، ويفصل في عدد المستوطنات وعدد الأطواق حول القدس وهي ثلاثة أطواق من الشمال والشرق والجنوب، ويقطنها 180 ألف مستوطن في 46,500 وحدة سكنية على أرض مساحتها 22,450 دونم، ويؤكد على اعتزام الكيان الصهيوني إقامة " القدس الكبرى " التي تمتد من رام الله شمالاً إلى بيت لحم جنوباً وإلى البحر الميت شرقاً، إضافةً للمستوطنات هناك بؤر استيطانية داخل البلدة القديمة 73 بؤرة يقطنها حوالي 4000 آلاف مستوطن.
كما يؤكد الباحث على أهمية الديموغرافية للسكان في القدس، فقد بلغ عدد المستوطنين في شرقي القدس 180 ألف مستوطن من الصفر وهو في ازدياد ويؤكد على أهداف الكيان الصهيوني بتخفيض نسبة السكان العرب الحالية من 34% إلى 12% في عام 2020 وذلك باتباع الوسائل التالية:
• مصادرة الأراضي والعقارات تحت ذرائع مختلفة أمنيـة، عسكرية، خدمات عامة.
• هدم المنازل وتشريد سكانها وعدم إعطاء رخص للبناء.
• سحب الهويات.
• الاعتقال.
• جدار الفصل العنصري الذي سوف يطوق القدس بجدار طوله 162 كيلو متر ويحرم حوالي 100 ألف مواطن من الإقامة في القدس.
• الضرائب الباهظة.
• الأوضاع الاقتصادية السيئة.
ويشير الباحث بالتفصيل إلى زيادة حجم الاستيطان بعد اتفاقيات أوسلو، وللعلم فإن هذه المستوطنات تمت إقامتها في ظل مقاومة عربية عنيفة امتدت محلياً إلى كل المناطق إضافةً إلى القدس، كما أن المصادرات والإجراءات الصهيونية لم تمر مرور الكرام، فقد انتقلت إلى المحافل الدولية وهيئة الأمم التي اتخذت عدة قرارات بعدم شرعيتها وببطلانها، ويفصل الكاتب هذه القرارات وأرقامها وتواريخها ولكن لم يتم تنفيذ أي منها بسبب الموقف الأمريكي الداعم لهذه الإجراءات.
المقاومة الشعبية لإقامة هذه المستوطنات تتوجت بانتفاضة الحجارة 1987، وانتفاضة الأقصى عام 2000، ويؤكد الكاتب على أن الانتفاضة الأخيرة أدت إلى نزوح 200 ألف صهيوني من القدس إلى داخل فلسطين المحتلة وإلى انخفاض نسبة السكان في عدد من المستوطنات في محيط القدس، وأعتقد أن الكاتب أراد إيصال رسالة في كتابه هذا وهي أن المفاوضات حول الاستيطان لا تجدي نفعاً وأن الحل الوحيد هو المقاومة، وللتدليل على ذلك أيضاً يشير الكاتب إلى عقم الاقتراحات المقدمة لحل قضية القدس، ويذكّر ببعض التفصيل المبادرات والمقترحات لحل قضية القدس مبنية على أساس بقاء القدس مدينة موحدة يهودية بالرغم من أن بعض الاقتراحات تشير إلى حكم " بلدي " لعرب القدس في أحياء عربية.
ما هو مصير المستوطنات وهي التي تشكل العمود الفقري للكيان الصهيوني وتتميز:
1. بأنها مستوطنات استعمارية عنصرية لأن جميع سكانها يهود.
2. هي تأكيد للنزعة التوسعية في الفكر الصهيوني.
3. هي فرض للسياسة الصهيونية على الأراضي العربية.
4. تأكيد رفض الكيان الصهيوني للسلام.
هناك حلول يضعها الكاتب وهي غير قابلة للتطبيق حتى في ظل تغير مواقف الكيان الصهيوني ومنها:
1. فتح المستوطنات أمام السكن المشترك العربي الصهيوني وإلغاء الاستيطان العنصري المحتكر يهودياً وبالتالي تصبح المستوطنات مدناً جديدة.
2. يخضع المستوطنون للقانون الفلسطيني صاحب السيادة على المستوطنات.
3. يتم الاتفاق على تبادل المستوطنات بالأملاك العربية المصادرة في القدس المحتلة 1948.
4. يتم شراء المستوطنات لصالح الدولة الفلسطينية وإجلاء المستوطنين منها.
.. كل هذه الحلول تخالف العقيدة الصهيونية في الاستيطان وبناء الدولة ولذلك فلن يكتب لها النجاح.
ويختتم الكاتب كتابه القيّم في بحث عن الاستيطان في سلوان ويبين مراحله بشكل تفصيلي يشكر عليه وكذلك يشرح المشاريع التي ينوي الكيان الصهيوني القيام لتنفيذ مشروع الحوض المقدس الذي يمتد من مأمن الله – إلى سلوان – إلى راس العامود – إلى الطور، والهدف النهائي هو ربطها مع مستوطنة " معاليه أدوميم "، وهذه المستوطنة " معاليه أدوميم " يفرد لها الكاتب فصلاً خاصاً يضع فيه التفصيلات الكاملة عن مراحل تطورها وعدد سكانها ومساحتها ويشير إلى أن مساحتها أكثر من مساحة تل أبيب وإذا تم ربطها مع القدس فسوف تصبح مساحة هذه المستوطنات أكثر من 33% من مساحة الضفة الغربية وتفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها وتجعل التواصل السكاني مستحيلاً.
أعتقد بأن القارئ بعد إنهائه قراءة هذا الكتاب القيّم سوف تزداد معرفته بدقائق وأسرار الاستيطان والأهداف الجاثمة خلفه للكيان الصهيوني التوسعي الاستعماري وأنه لا يمكن إيقافه بالكلام ولا بقرارات مجلس الأمن ولا خطاب أوباما ولا غيره، وأن السبيل الوحيد للخلاص منه هو وقوف أبناء شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية موقفاً مقاوماً له والاعتماد على قوة الأمة في تحرير فلسطين من نير الاحتلال واستيطانه الإجرامي.

الدكتور صبحي غوشه
27/6/2009

مستوطنون
يدنسون الحرم الشريف

الـقـدس
التراث .. الإنـسان والأرض

حينما تطل على مدينة القدس التي بُنيت فوق تلال الضهور والمعروفة بإسم تل أوفل أي الأكمة أو القلعة حتى تشعر برهبة خاصة تجعل هذه المدينة المقدسة تسكن في أعماق القلب، ويبدأ العقل باسترجاع تاريخ هذه المدينة العربية.. هذا التاريخ الذي ترك وراءه سوراً عظيماً يحمي بداخله كنوزاً من الآثار والمباني التاريخية والدينية المسيحية والإسلامية. وما أن تدخل أحد أبوابه الأحد عشر، حتى ترى تلك الكنوز، نعم أن القدس كنز تاريخي عظيم يؤكد وجود الإنسان العربي وتاريخه المقاوم للاحتلال الأجنبي على مر التاريخ، فترى الكنائس وعلى رأسها كنيسة القيامة، وترى المساجد وعلى رأسها المسجد الأقصى وقبة الصخرة، وترى المكتبات العلمية التاريخية والمدارس التاريخية بها منبراً للعلم، وترى الفن المعماري في المباني ذات القباب، وترى أسبلة المياه لتروي كل عطشان، إنها أرض تراثنا العربي المجيد وشاهدة على تاريخنا الأصيل.
ولذلك هي مهددة بالدمار والتغيير، حتى يتم طمس هذا التراث وهذا التاريخ، فهذه الكنوز من مبانٍ دينية وتاريخية معرّضة للانهيار بسبب الحفريات الأثرية الصهيونية التي تقوم بها سلطات الاحتلال منذ عام 1967 وحتى الآن بحثاً عن الهيكل المزعوم الذي تدّعي وجوده. ورغم ذلك فلم تنجح حتى الآن رغم مرور أكثر من أربعين عاماً من البحث أن تجد ما تدّعيه، بل على العكس، اعترف علماء الآثار الصهاينة بعدم وجود الهيكل بعد هذا البحث الطويل، وكانت نتائج الحفريات ما يلي:
• وجود آثار مسيحية من العهد الروماني
• وجود آثار إسلامية من العهد الأموي
• عدم وجود آثار يهودية
.. قال الدكتور روني رايخ مدير سلطة الحفريات في القدس: " أن الكنعانيين هم بُناة القدس، وأن ما يسمى بمدينة داوود تسمية تتصل بالاحتلال وليس بالأصول " حسب يديعوت أحرنوت في 23/7/1998. بينما كتب البروفيسور زئيف هيرتسوغ من جامعة تل أبيب مقالاً جاء فيه: " أن الأعوام الأخيرة شهدت انقلاباً في نظرة الباحثين إلى مدى قيمة الكتب التي دوّنها أسباط بني إسرائيل كمصدر تاريخي "، وأكد أن المكتشفات الأثرية تدحض إدعاءات التوراة كما ورد في السبيل 2/11/1999.
لذلك فَهُم يسرقون تراثنا، بعد أن سرقوا القدس منا، وهي أكبر سرقة للحضارة والتراث شهدها العالم. وهذه نماذج من أعمال السرقة والنهب التي يقوم بها الصهاينة أعداء الأمة العربية في القدس:
1_ سرقة الحائط الغربي للحرم الشريف والمعروف بإسم حائط البراق، وهو وقف إسلامي باعتراف دولي.
2_ سرقة الآثار من المتحف الفلسطيني في القدس ونقلها إلى أماكن غير معروفة وهي تمثل تراثاً تاريخياً لنا، وبينها مخطوطات قمران التي تكشف حقيقتهم، ولذلك تم إخفائها لإجراء تزوير عليها.
3_ سرقة المقابر مثل مقبرة مأمن الله وهي مقبرة تاريخية تعود إلى 1400 عام، وأزالت القبور منها وتم تحويلها إلى متنزه عام.
4_ سرقة الأزياء الشعبية والإدعاء بأنها أزياء يهودية واستخدامها من قبل مضيفات الطيران الصهيوني، رغم أن التطريز عليها يدل على الأصول الكنعانية لهذه الملابس.
5_ الفلافل هو أكلة شعبية ومن تراثنا يدّعي العدو أنها من تراثه.
يقوم العدو أيضاً بالاعتداء على التراث العربي لطمسـه، ولم تسلم الأماكن المقدسة سواءً الإسلامية أو المسيحية من تلك الاعتداءات مثل:
_ كنيسة بيت صهيون، والكنيسة الروسية الأرثوذكسية، ودير جبل صهيون، وتعرضت كنيسة القيامة لأكثر من عملية سرقـة، فيما تعرّض رجال الدين للإعتداءات من المتعصّبين اليهود.
_ وكان الحرم الشريف قد تعرّض لإعتداءات أكثر من مرة، وكان أهمها، حريق المسجد الأقصى في آب 1969، وتدنيس شارون لقدسيّة الحرم الشريف، فهبّت الانتفاضة الفلسطينية في 28/أيلول/2000 منطلقةً من القدس لتشمل أرجاء فلسطين.
.. وأذكر هنا، أن محكمة نورمبرغ التي شُكّلت عام 1946 لمحاكمة مجرمي النازية، قد قرّرت معاقبة كل من اعتدى على الآثار والمباني التاريخية والدينية، وعلينا أن نطالب بتطبيق هذا القرار على المجرمين الصهاينة على اعتداءاتهم المشابهة لاعتداءات النازية، بل تفوقت عليها.
وعلينا أن نطالب بالحماية الدولية لتراثنا إلى أن يتم تحرير الأرض والإنسان من براثن الاحتلال، فالأرض عربية.. والإنسان عربي.

.. أرض القدس عربية

لقد بُنيت مدينة القدس عام 2500 ق.م، على يد اليبوسيين العرب، وهم كنعانيون، وقد نُسبت المدينة لهم فسميت " يبوس "، وكذلك سميت أورشالم أي مدينة السلام، وعالمياً تعرف جيروسالم. وقد استمرت السيادة العربية على المدينة ((1750)) عـام، عُرفت المدينة خلالها بأنها أرض مقدسة، يحكمها كهنة مؤمنون بوحدانية الله، وكان أشهرهم "ملكي تصادق" وتعني الملك العادل الذي كان بنى معبداً في المدينة، وكان الملوك وغيرهم يحضرون مـن المدن والممالك المحيطة للاستفادة منه.
لقد تعرضت مدينة القدس للغزو والاحتلال من قبل الغزاة الطامعين فيها لأهميتها الإستراتيجية، حيث موقعها المتوسط بين باقي المدن، وكونها مركزاً للتجارة والعبادة.
وكـان بين الغزاة الذين احتلوها " العبرانيون " وذلك خـلال الفترة 1006 – 587 ق.م، حيث تم تدمير هيكلهم وسبيهم من قبل البابليين، وبقي العرب الكنعانيون يعيشون فوق أرض القدس ولم يخرجو منها رغم تعرضها للاحتلال تلو الاحتلال. وعاد الحكم العربي إليها بدخول عمر بن الخطاب، واستمر إثنى عشر قرناً. وهنا لابد من الإشارة إلى العهدة العمرية والتي تنص على منع اليهود من دخول القدس.
وهذه نصوص توراتية تؤكد على عروبة القدس بشكل خاص، وفلسطين بشكل عام، استناداً إلى عقيدتهم التي يؤمنون بها:
«وَقَالَ ابْرَاهِيمُ لِعَبْدِهِ كَبِيرِ بَيْتِهِ الْمُسْتَوْلِي عَلَى كُلِّ مَا كَانَ لَهُ: «ضَعْ يَدَكَ تَحْتَ فَخْذِي 3 فَاسْتَحْلِفَكَ بِالرَّبِّ الَهِ السَّمَاءِ وَالَهِ الأرض إن لا تَاخُذَ زَوْجَةً لابْنِي مِنْ بَنَاتِ الْكَنْعَانِيِّينَ الَّذِينَ انَا سَاكِنٌ بَيْنَهُمم 4 بَلْ إلى ارْضِي وَالَى عَشِيرَتِي تَذْهَبُ وَتَاخُذُ زَوْجَةً لِابْنِي اسْحَاقَ ».( تك، 4-3: 24 ).
وهذا يؤكد أن إبراهيم عليه السلام كان غريباً فرداً في أرض كنعان، ألم يكن بإمكانه فيما لو كان هناك يهود من عشيرته تزويج ولده من إحدى بناتهم بدلاً من إرسال عبده إلى آرام النهرين لجلب عروس لابنه من هناك، فلا يفرح بزواج ولده الوحيد !.
نستخلص مما تقدم، أن أرض القدس هي أرض عربية على مرّ التاريخ، وليس لليهود أي حق تاريخي بهذه الأرض المقدسة، وأن احتلال اليهود للجزء الغربي من القدس عام 1948، واحتلالهم للجزء الشرقي من أراضيها عام 1967، هو عمل غير شرعي، ويجب عدم الاعتراف بشرعيتهم بالسيادة على هذه الأرض العربية، بل يجب إقتلاعهم من هذه الأرض، لأن عامل الوقت ليس في صالحنا، فكلما طال الزمن تزداد مساحة الأرض التي تسيطر عليها سلطات الاحتلال الصهيوني، سواء بالإغراء أو بالإكراه.
فقد قامت هذه السلطات باستخدام الأساليب المختلفة لتهويد أراضي القدس العربية، بعد أن قامت بإلحاقها إدارياً لسيادتها، ومن هذه الأساليب للاستيلاء على أراضي القدس:
1_ توسيع رقعة الأراضي التابعة لبلدية القدس من خلال إلحاق أراضي من الضفة الغربية لها، فبعد أن كانت أراضي بلدية القدس 6.5 كم2 عام 1967 + 38 منطقة 1948، أصبحت 71 كم2، وهناك مشروع القدس الكبرى الذي يصل حدود رام الله شمالاً وحدود الخليل جنوباً وأبواب أريحا شرقاً، لتصل المساحة 446 كم2. (446279) دونماً حيث يضم 9 مدن من الضفة وستون قرية عربية.
2_ مصادرة الأراضي: وقد تم مصادرة 22380 دونماً من الأراضي العربية لبناء المستوطنات الصهيونية عليها، وبعد اتفاق أوسلو، تمت مصادرة 1430 دونماً أيضاً.
3_ اعتبار نصف مساحة أراضي القدس تقريباً منطقة خضـراء، أي ساحات عامة ومتنزهات لا يحق للعرب البناء عليها، وهي في الحقيقة مقدمة للاستيلاء عليها لتوسيع المستوطنات، فمثلاً، تم مصادرة 500 دونم من أراضي قرية شعفاط التابعة للقدس عام 1967، وأقيم عليها مستوطنة رامات أشكول عام 1973، وهذا أيضاً ما حدث في أراضي جبل أبو غنيم وغيرها.
4_ تزييف الوثائق كوسيلة للإدعاء بملكية الأراضي، وفرض السيطرة عليها بواسطة المحاكم الصهيونية.
5_ الاستيلاء على الأراضي بحجة أمنية، وأنها ضرورية لأمن الدولة الصهيونية.
6_ الاستيلاء على الأراضي لصالح شق الطرق بين المستوطنات، فالطريق رقم 45 مثلاً إحتاج شقه إلى 1070 دونماً من أراضي قرى القدس العيسوية والطور والعيزرية وأبو ديس والسواحرة الغربية.
7_ سـن قوانين وتشريعات تبيح لهم الاستيلاء على الأراضـي، وقـد كان لقانون " حارس أملاك الغائبين " دور كبير في مصادرة أملاك العرب الذين يعيشون خارج القدس.

.. الإنسان المقدسي عربي أيضاً
هذه هي الأرض، وهذا هو الصراع عليها الذي يخوضه الإنسان العربي ضد الاحتلال، أليس هو صاحب الحق بهذه الأرض؟ نعم.
إن التاريخ لم يسجل وجود أي شعب آخر قبل وجود الكنعانيين العرب على أرض فلسطين، وأرض القدس جزء منها. وقد بقي العرب هم الأغلبية، ورغم تعرض القدس للاحتلال 20 مرة، فإن الشعب العربي بقي صامداً فوق أرضـه.
لقد ورد في التوراة " وفيما هم عند يبوس والنهار قد انحدر جداً قال الغلام لسيده تعال نميل إلى مدينة اليبوسيين هذه ونبيت فيها، فقال له سيده لا نميل إلى مدينة غريبة حيثُ ليس أحد من بني إسرائيل هنا " (سفر القضاة، الاصحاح 19). وقد سجل التاريخ أيضاً، أنه لم يكن في القدس أي يهودي بعد أن دمرها الإمبراطور الروماني هادريان عام 132م، بينما كان فقط 4 أفراد يهود يعيشون في القدس عام 1170م. وفي منتصف القرن الثامن عشر، أصبح عدد اليهود خمسة آلاف نسمة، فكيف لهم الحق بالإدعاء بأنها أرض أجدادهم، وهم لم يعيشوا فيها، ولم يقاوموا محتلاً لها، ولم يدافعوا عن أراضيها ضد أي احتلال أجنبي على مر التاريخ؟ بل ورد في التوراة " وحارب بنوا يهوذا أورشليم وأخذوها وضربوها بحد السيف وأشعلوا المدينة بالنار " (سفر القضاه الاصحاح الأول).
ورغم تدفق الهجرة اليهودية إلى فلسطين خلال القرن الماضي، فإن إحصائية الأمم المتحدة عام 1946 أي قبل إعلان الدولة الصهيونية بسنتين، كانت الأغلبية للعرب 51.4%، ولكن العدو الصهيوني اتبع سياسة سكانية خاصة بمدينة القدس، تهدف إلى إجراء تغيير ديمغرافي فيها، يؤدي إلى تهويد المدينة، وذلك بأغلبية سكانية يهودية تحل مكان السكان العرب، وهذا ليس بغريب على الصهيونية التي اتسمت بالعنصرية.
لقد قام العدو الصهيوني بهدم أحياء سكنية بكاملها في داخل البلدة القديمة من القدس وهي: حي المغاربة، حي الشرف، وجزء من حي السريان، وحي باب السلسلة، وقد أدت هذه العملية إلى تهجير ستة آلاف عربي إلى خارج سور القدس، بالمقابل تم تشييد حي يهودي يستوعب 3000 مستوطن يهودي، وكذلك تم الاستيلاء على 60 منزلاً عربياً ليستوطن فيها 60 عائلة في أحياء متفرقة من المدينة.
وقد اعترف ضابط صهيوني من سلاح الهندسة يدعى ايتان بن موشيه بأنه دمر بيوتاً على من فيها أثناء تدمير حي المغاربة، وقد ورد اعترافه في صحيفة يروشلايم حسب العرب اليوم بتاريخ 27/11/1999.
إضافةً إلى ذلك، فقد استخدم العدو الصهيوني وسائل متعددة لتفريغ القدس من السكان العرب:
1_ سن القوانين التي تحد من التواجد السكاني العربي في القدس بشكل عنصري، مثل قانون الدخول لإسرائيل عام 1952 والمعدل سنة 1974، وبموجبه اعتبر كل إنسان مقدسي عربي يتواجد خارج القدس بهدف الدراسة أو العمل... إلخ، فاقد حق الإقامة فيها وبحاجة إلى " لم الشمل " مع أهله المقيميـن.
2_ فقدان حق الإقامة في القدس لكل إنسان عربي سكن مدة سبع سنوات خارجها، بينما يحق لليهودي الإقامة في القدس في أي وقت يشاء.
3_ مصادرة بطاقات الهوية من العربي نتيجة لتطبيق القوانين المذكورة، مما يؤدي إلى منعهم من الإقامة في القدس وإجبارهم على السكن خارجها.
ضمن سياسة التهويد ؛ اتبعت سلطات الاحتلال سياسة نزع الإقامة من المواطنين العرب في القدس بدءاً من عام 1995، وذلك بسحب هوياتهم المقدسية، ومنعهم من الإقامة في القدس، تنفيذاً لعملية تفريغ المدينة من السكان العرب، وقد بلغت أعداد المواطنين العرب الذين تم سحب هوياتهم منهم حتى نهاية عام 2008 أكثر من 8269 مواطناً.
4_ فرض الحصار على القدس، ومنع تواصل العربي مع أخيه في الضفة.
5_ عدم الترخيص للعربي بالبناء، بل وهدم المباني القائمة، بحجة عدم الترخيص لدفع السكان للبحث عن مسكن خارج المدينة.
.. وحسب تعليمات وزارة الداخلية وبلدية القدس، فقد تم هدم 688 بيتاً عربياً في القدس. إن تشريد سكان هذه البيوت هو وسيلة ضغط أخرى لتهجير العرب من المدينة وتهويدها.
6_ فرض الضرائب الباهظة على العربي لتعجيزه ودفعه للهجرة.
إن هذه السياسة السكانية قد قلبت الموازين، فبينما لم يكن هناك يهودي واحد في القدس المحتلة عام 1967، فقد بلغ عدد سكانها سنة 2006 ما مجموعه 413 ألفاً منهم 231 ألف فلسطيني، و182 ألف مستوطن صهيوني. وإذا ما تم احتساب أعداد سكان القدس بشطريها الشرقي والغربي، فإن مجموع سكان القدس يصل إلى 720 ألفاً، بينهم 475 ألف يهودي، بنسبة 66%، و245 ألف عربي بنسبة 34%.
إن 182 ألف مستوطن صهيوني، هو ما يعادل عدد المستوطنين في 145 مستوطنة في الضفة وقطاع غزة قبل الإنسحاب الأحادي الجانب منها، وهذا يؤكد مدى التركيز على مدينة القدس.

اطواق المستوطنات حول القدس

الاستيطان في القدس

يعتبر الاستيطان في القدس من أكبر المخاطر التي تهدد التراث العربي فيها، إذ أن المستوطنات تُقام على الأرض المقدسية وتغير معالم المدينة المقدسة، كما أنها تطمس تاريخها العربي.
إن الاستيطان الصهيوني في فلسطين هو الحلقة المركزية الثانية بعد الهجرة، في سلسلة التطبيق العملي للفكر الصهيوني على أرض فلسطين، كمرحلة لإقامة " إسرائيل الكبرى ". ويأتي الاستيطان في القدس كجزء من عملية الاستيطان الكبرى لتكـون القدس هي عاصمة دولة المشروع الصهيوني. وانطلاقاً من هذه الأرضية الفكرية ؛ جاء الاستيطان الصهيوني في القدس مبكراً لينمو مع نمو الكيان الصهيوني.
ويمكن تقسيم هذا الاستيطان إلى أربعة مراحل: -
_ المرحلة الأولى: في العصر العثماني 1852- 1917م
_ المرحلة الثانية: فترة الاستعمار البريطاني1917- 1948م
_ المرحلة الثالثة: فترة الاحتلال الصهيوني 1948- 1967م
_ المرحلة الرابعة: فترة الاحتلال الصهيوني1967-2008م

المرحلة الأولى للاستيطان الصهيوني في القدس
خلال الحكم العثماني
لقد بدأ العمل في الاستيطان الصهيوني " سنة 1824م حيث قام نفر من المؤرخين وعلماء الآثار اليهود بإجراء دراسة حول إمكانية الاستيطان في فلسطين " (1).
دور القناصل
في هذا الظرف التاريخي ظهر محمد علي الذي اكتسب شهرته في التاريخ باعتباره الرجل الذي هدم أركان البناء الاقتصادي – الاجتماعي – السياسي القاسم ردحاً طويلاً من الزمن، وأقام بناءاً جديداً إنتعشت بمقتضاه طبقات وقوى اجتماعية جديدة غير تلك التي ظلّت سائدة في المجتمع المملوكي – العثماني، وجعل من مصر " ولاية " متميزة بين الولايات العثمانية العربية، وسعى لتوسيع آفاقها بضم السودان وبلاد الشام لضمان الأمن القومي بحكم الجغرافية السياسية. وفي محاولته لبناء القوة ذاتياً للتفوق كان لابد من أن يصطدم بالغرب الأوروبي الذي كان يبحث عن الأسواق الخارجية لحل مشكلة ضيق السوق النسبي عن طريق التصدير في الوقت الذي كان محمد علي يغلق السوق المصرية أمام الواردات الأجنبية لحماية مشروعه الصناعي الوليد، ومن ثم كان التحالف الأوروبي – العثماني للقضاء على مشروعه بمقتضى تسوية لندن في يوليو 1840 كما هو معروف. ومن هنا نظر الغرب الاستعماري إلى أهمية تجزئة الوطن العربي خوفاً من وحدته التي تهدد المصالح الأوروبية، والتقت المصالح الأوروبية مع مصالح البرجوازية الصهيونية، لذلك بدأ التفكير في غرس كيان صهيوني في فلسطين يكون قاعدة لضرب أي مشروع قومي وحدوي في المنطقة، ومن هنا بدأ دور القناصل الأوروبيين في تنفيذ هذا المشروع خاصة أن الأوروبيين يريدون التخلص أيضاً من وجود اليهود بينهم، واستند القناصل الأوروبيون في أعمالهم على نظام الامتيازات التي منحتها الدولة العثمانية إلى الدول الأوروبية.
لقد قامت الدول الأوروبية عبر قنصلياتها بمساندة الحركة الصهيونية لتنفيذ مشروعها في فلسطين، فقد وفّرت لهم المال، وسهلت لهم شراء أراضٍ لإقامة المستوطنات عليها تحت حمايتها، وسهلت عمليات الهجرة بضغط منها على الحكم العثماني.
وعندما عيّن وزير الخارجية البريطاني بالمرستون القنصل ويليام يونج في القدس، أمره بحماية اليهود حسب رسالة وجهها بالمرستون إلى السفير البريطاني في اسطنبول بونسونبي في 17/11/1838م.
وبعد افتتاح أول قنصلية نمساوية في القدس سنة 1849م، تقدم اليهود بطلب إلى قنصلية الإمبراطور النمساوي فرانس جوزف، " أن تتكفل بحمايـة مصالحهـم ومساعدتهـم " (2)، وقد لعب القنصل الأول جوزف فون بيسامانو دوراً كبيراً في دعم الاستيطان اليهودي في القدس وتنظيم كافة احتياجاتهم. وكان أول مشروع هو " مستشفى ماير روتشيلد " (3) الذي نفذه ألبرت كوهين رئيس لجنة التضامن الفرنسية مع اليهود سنة 1852م، ثم تم إنشاء " مدرسة ليمل في 29 حزيران 1856م " (4). وقد ساعدت القنصلية أيضاً في إيصال الأموال من البرجوازية اليهودية إلى المستوطنين في القدس لإقامة مشاريعهم ومستوطناتهم.
مقاومة الاستيطان في الفترة العثمانية
قام قنصلا أمريكا وبريطانيا في القدس بتعريف حكوماتهم بالمخاطر التي تتعرض لها أنشطة الحركة الصهيونية جراء المقاومة الوطنية في فلسطين والقيام بمنع كل محاولات الاستيطاني الصهيوني في القدس.
بدأت المقاومة الفلسطينية النشطة للاستيطان اليهودي في فلسطين منذ أن بدأ المشروع بالظهور، ومنذ المراحل الأولى المبكرة له في أيام الدولة العثمانية. فقد حدثت صدامات بين الفلاحين الفلسطينيين وبين المستوطنين اليهود عام 1886، وعندما جاء رشاد باشا متصرفاً للقدس وأبدى محاباةً للصهاينة، قام وفد من وجهاء القدس والقرى المحيطة بها بتقديم الاحتجاجات ضده في أيار 1890، وقام وجهاء القدس في 24 حزيران 1891 بتقديم عريضة للصدر الأعظم ( رئيس الوزراء ) في الدولة العثمانية طالبوا فيها بمنع هجرة اليهود إلى فلسطين وتحريم إستملاكهم للأراضي فيها، وقام علماء فلسطين وممثلوها لدى السلطات العثمانية كذلك صحف فلسطين بالتنبيه إلى خطر الاسيتطان اليهودي والمطالبة بإجراءات صامة لمواجهته، وتحت ضغط المقاومة الفلسطينية، صدر " فرمان " أمر سلطاني في 1/7/1891 يمنع اليهود من شراء الأراضي في جميع الولايات العثمانية.
وترأس الشيخ محمد طاهر الحسيني مفتي القدس سنة 1897 هيئة محلية ذات صلاحيات حكومية للتدقيق في طلبات نقل الملكية في متصرفية بيت المقدس، فحال دون انتقال أراضٍ كثيرة لليهود. وكان للشيخ سليمان التاجي الفاروقي الذي أسس الحزب الوطني العثماني في سنة 1911 دوره في التحذير من الخطر الصهيوني، وكذلك فعل يوسف الخالدي، وروحي الخالدي، وسعيد الحسيني، ونجيب نصار، وتنوعت مظاهر المقاومة في تلك الفترة، فأنشئت الجمعيات والأحزاب التي وضعت مقاومة الهجرة اليهودية على رأس برامجها، واختص بعض هذه الجمعيات في المقاومة الاقتصادية عن طريق تشجيع الاقتصاد الفلسطيني وشراء الأراضي المهددة بالانتقال إلى اليهود، في حين اهتم بعضها الآخر بالجوانب السياسية وعقد المؤتمرات الجماهيرية وتنظيم المظاهرات والقيام بهجمات على المستوطنات الصهيونية.
وهذا يؤكد رفض الشعب الفلسطيني للاستيطان الصهـيونـي منذ بدايته في القرن التاسع عشر ومقاومة تنفيذه
على أراضي القدس، إضافةً لرفضه في جميع أنحاء فلسطين.
المستوطنات :
وقد شهدت هذه الفترة بناء ستة عشر مستوطنة هي (5): -
المستوطنة الأولى: " شكنوت شعنانيم " التي أقامها موشيه مونتفيوري غرب بوابة يافا قرب بركة السلطان، وقد أقيمت بدعم من السفير البريطاني المعتمد لدى الدولة العثمانية، وقد أنشئت سنة 1859م.
المستوطنة الثانية: " محانيه يسرائيل " أي معسكر إسرائيل، وقد تم وضع حجر الأساس لها سنة 1868م.
المستوطنة الثالثة: " نحلات شفعا " أي المستوطنة السابعة، وقد أقيمت سنة 1869م.
المستوطنة الرابعة: " شكنوت هبوخاريم " أي مساكن البخاريين، وهم اليهود المهاجرين من بخارى، وأقيمت سنة1873م.
المستوطنة الخامسة: " مائة شعاريم " أي مائة بوابة وهي حي سكني أقيم سنة 1874م.
المستوطنة السادسة: " إيفن يسرائيل " أي: حجر إسرائيل، وهي ضاحية سكنية أقيمت سنة 1875م.
المستوطنة السابعة: " محانيه يهودا ": معسكر يهودا، وهي أكبر الأحياء الاستيطانية وأقيمت سنة 1887م.
المستوطنة الثامنة: " شكنوت هشالوم " أي مساكن السلام، وهي حي صغير جنوب محانيه يهودا، وأقيمت سنة 1888م.
المستوطنة التاسعة: " زخرون طوبيا " أي الذكرى الطيبة، وتقع غرب محانيه يهودا وأقيمت سنة 1890م.
المستوطنة العاشرة: " نحلات شمعون هتصيدق " مستوطنة شمعون الصادق في حي الشيخ جراح قرب واد الجوز، وهي بتمويل أثرياء يهود، وقد بدأ البناء فيها سنة 1876م وانتهى سنة 1891م.
المستوطنة الحادية عشرة: " آهل شلومو " أي خيمة سليمان، وتقع غرب محانيه يهودا وأقيمت سنة 1891م.
المستوطنة الثانية عشرة: " يمين موشيه ": تخليداً لموشيه مونتفيوري الذي أسسها قرب صهيون وسكنها اليهود الشرقيون " السفا رديم " وذلك سنة 1892م.
المستوطنة الثالثة عشرة: " كريات نئمان " أي القرية الوادعـة، أقيمت سنة 1892م.
المستوطنة الرابعة عشرة: " نحلات تسفي ": تكريماً للبارون تسفي هيرش، وهو حي خاص بالمهاجرين اليهود اليمنيين، وأقيمت سنة 1894م.
المستوطنة الخامسة عشرة: " بيت أونغرين " وهي مساكن أقيمت للمهاجرين اليهود الهنغاريين، وتقع شمال مائة بوابة، وقد أقيمت سنة 1897م.
المستوطنة السادسة عشرة: " شفعات شاؤول " وقد أقيمت سنة 1914م، حيث بدأت الحرب العالمية الأولى التي انتهت بالقضاء على الحكم العثماني لفلسطين، وانتهاء هذه المرحلة من الاستيطان اليهودي التي تميّزت بما يلي: -
1. دور قناصل الدول الأجنبية في الاستيطان الصهيوني.
2. دور البرجوازية الصهيونية في تمويل الاستيطان.
3. إنشاء البؤر الاستيطانية ووضع أول قدم صهيوني استعماري في القدس.
4. أغلبية عمليات الاستيطان تمت في غربي القدس.
5. بداية مقاومة الاستيطان.

المرحلة الثانية للاستيطان الصهيوني في القدس
خلال فترة الاستعمار البريطاني
دخل الجيش البريطاني مدينة القدس في صباح 9/12/1917 م (6) بعد أن خرج العثمانيون منها إثر الحرب العالمية الأولى، وقد دخل الجنرال اللنبـي يـوم 11/12/1917 م(7) القدس وخاطب السكان قائلاً: " إن انهزام الأتراك أمام الجيوش التي تحت قيادتي أدى إلى احتلال مدينتكم من قبل جيوشي..." (8). هكذا أصبحت القدس تحت حكم الاحتلال العسكري البريطاني الذي حوّل احتلاله إلى شكل شرعي دولي من خلال قرار الانتداب الذي أعلن مشروعه من قبل عصبة الأمم بتاريخ 6 يوليو سنة 1921 وصودق عليه سنة 1922 ووضع موضع التنفيذ في 29/9/1923 م(9).
والجدير بالذكر أن وثيقة الانتداب قد تضمنت في مقدمتها نص وعد بلفور الصادر في 2/11/1917م والخاص بإنشائه وطن قومي لليهود في فلسطين ووضع البلاد في أحوال سياسية وإدارية واقتصادية تكفل إنشاء هذا الوطن لليهود.
هكذا بدأت بريطانيا بتقديم كل التسهيلات اللازمة للحركة الصهيونية بدءاً من فتح أبواب هجرة اليهود إلى فلسطين، مروراً بالاستيطان الصهيوني، وصولاً إلى إقامة الدولة الصهيونية:
1. عيّنت السير هربرت صموئيل اليهودي الأصل أول مندوب سام لها على فلسطين.
2. اعترفت بالوكالة اليهودية ممثلاً لليهود في فلسطين تنفيذاً لوعد بلفور.
3. منحت اليهود أراض شاسعة من أملاك الدولة.
4. أصدرت عدداً من القوانين التي تنزع الملكية العربية عن الأراضي تمهيداً لنقل ملكيتها لليهود.
5. السماح بالهجرة اليهودية إلى فلسطين سنة 1921.
.. وعلى ضوء الاتفاقات الصهيونية البريطانية، فقد أسست الحركة الصهيونية " قسم الاستيطان "، ووسّعت نشاطها الاستيطاني الذي أخذ ينتقل من مستوطنات سكنية وزراعية إلى مستوطنات تتخذ صفة " العسكرية " من حيث وجود الأبراج والأسوار واختيار المواقع المرتفعة، ولم يقتصر النشاط الصهيوني على بناء المستوطنات، بل أقام المؤسسات المالية والتعليمية والإدارية الصهيونية، وكان أهمها في القـدس:
1_ الجامعة العبرية(10): وأقيمت على جبل سكوبس وقد وضع حجر الأساس سنة 1918 بينما بدأت الدراسة فيها سنة 1923م وكان الافتتاح الرسمي في 1/4/1925م، حيث تولى اللورد آرثر بلفور صاحب الوعد المشؤوم الافتتاح الرسمي لها.
2_ مستشفى هداسا: والذي تم افتتاحه عام 1929م.
3_ أصبحت القدس مقر المنظمة الصهيونية العالمية والوكالة اليهودية والصندوق القومي اليهودي أي أهم المؤسسات الإدارية والمالية.
المقاومة في الفترة البريطانية :
كلما ازدادت الهجرة وتوسع الاستيطان الصهيوني تشتد المقاومة الفلسطينية ووصلت إلى حد العنف، وقد سقط القتلى والجرحى من اليهود كما كان هناك شهداء فلسطينيين.
تفجّرت المظاهرات في موسم النبي موسى في القدس بتاريه 4/4/1920م، واستمرت أربعة أيام، وتحولت إلى اشتباكات سنة 1921 و 1923 و 1924، وظلّت المظاهرات والاشتباكات تتوالى حتى انفجر الوضع سنة 1929، ففي ثورة البراق في القدس 1929 تصدى الشعب الفلسطيني لعملية تهويد " البراق " وتحويله إلى " حائط المبكى " وقد سادت المقاومة العنيفة ضد الصهاينة وقام الثوار بالهجمات الفدائية على المستوطنات.
وقد عقدت القيادات الفلسطينية مؤتمرات في القدس في آذار 1919، وحزيران 1921، وتموز 1928، وكان هدف هذه المؤتمرات تعبئة الشعب لمقاومة المشروع الصهيوني، والتأكيد على الاستقلال ضمن الوحدة العربية. وكان كل مؤتمر يؤكد على التمسك بالميثاق الذي ينص على استمرار الجهود الرامية إلى " استقلال بلادنا وتحقيق الوحدة العربية بجميع الوسائل المشروعة "، وعدم القبول " بإقامة وطن قومي يهودي أو هجرة يهودية ". قام أبناء فلسطين خصوصاً في الثلاثينيات من القرن العشرين بجهود كبيرة في محاربة بيع الأراضي، وكان للمجلس الإسلامي الأعلى بقيادة الحاج أمين الحسيني وعلماء فلسطين دور بارز ؛ فقد أصدر مؤتمر علماء فلسطين الأول في 25 يناير 1935، فتوى بالإجماع تحرّم بيع أي شبر من أراضي فلسطين لليهود، وتعتبر البائع والسمسار مارقين عن الدين وحرمانهم من الدفن في مقابر المسلمين ومقاطعتهم في كل شيء والتشهير بهم. وعندما أصدرت لجنة شعبية في يافا وأخرى في نابلس يوم 20/4/1936م دعوة للإضراب، تجاوبت القدس مع الدعوة للإضراب الكبير الذي استمر ستة أشهر، ويعتبر هذا الإضراب نموذجاً عالمياً في المقاومة.
أما العملية الاستيطانية في القدس خلال المرحلة الثانية، فقد جرت في الشطر الغربي للمدينة خارج السور، كما شملت إقامة الأحياء الاستيطانية التالية "11":
1_ بيت فيغان: سنة 1921م في جنوب غرب المدينة ويحمل إسماً رمزياً
2_ راحافيا: سنة 1922م في الوسط ويحمل إسماً رمزياً
3_ روميما: سنة 1922م يحمل الإسم بسبب المكان المرتفع المقام عليه
4_ تل بيوت: سنة 1922م في الجنوب والإسم من أنشودة الأناشيد
5_ بيت هكيرم: سنة 1923م ويدّعون أن إسم المكان ورد في التوراة
6_ كريات موشيه: سنة 1923م ويحمل إسم موشيه مونتفيوري
7_ ميكور باروخ: سنة 1924م في الوسط ويحمل إسماً خاصاً
8_ جيئولا: سنة 1926م في الوسط ويحمل إسماً رمزياً
9_ محانيم: سنة 1926م في الشمال ويدّعون أن إسم المكان ورد في التوراة
10_ ميكور حاييم: سنة 1926م في الجنوب ويحمل إسماً خاصاً
11_ نيفيه بتسائيل: سنة 1927م في الوسط ويحمل إسم مدرسة بتسائيل
12_ عيتس حاييم: سنة 1928م في المدخل الغربي ويحمل إسم مدرسة في المكان نفسه
13_ كريات شموئيل: سنة 1928م في الوسط ويحمل إسم شموئيل سلنت
14_ احوزات بني بريت: سنة 1929م أسسها أعضاء رابطة بني بريت
15_ يافيه نـوف: سنة 1929م في ضواحي بيت هكيرم والإسم رمزي
16_ شوشنات تسيون: سنة 1930م في الجنوب الغربي والإسم رمزي
17_ آرنونا: سنة 1931م في الجنوب والإسم خاص
18_ زخرون يوسف: سنة 1931م في الوسط غربي محانيه يهودا
19_ كبرم أبراهام: سنة 1933م في الوسط والإسم العربي كرم الخليل
20_ زخرون احيم: سنة 1934م في الوسط والإسم رمزي
21_ فاجي: سنة 1946م في الشمال والإسم مؤلف من الأحرف الأولى لحركة عمال الرابطة الإسرائيلية
وانتهت المرحلة الثانية من الاستيطان بالإعلان عن إقامة دولة الكيان الصهيوني المغتصب على أراض فلسطين 15/5/1948م. وقد تميّزت هذه المرحلة بما يلي: -
الدور الكبير الذي قامت به بريطانيا في تسهيل وتأمين الاحتياجات اللازمة لإقامة المستوطنات الصهيونية .
1. كانت المستوطنات قواعد للتمهيد لإقامة الدولة الصهيونية.
2. المستوطنات جميعها في الشطر الغربي للقدس.
3. تنظيم عمليات المقاومة المسلحة.
4. الإضراب العام لمدة ستة شهور.
.. وفي نهاية هذه المرحلة، تم خروج الجيش البريطاني من القدس، وأصبحت المدينة قسمين ؛ الشطر الغربي المتخم بالمستوطنات تحت سيطرة الاحتلال الصهيوني، والشطر الشرقي للمدينة الذي أصبح ضمن السيادة العربية.

المرحلة الثالثة للاستيطان الصهيوني في القدس
فترة الاحتلال الصهيوني 1948 - 1967م
قامت العصابات الصهيونية خلال الحرب العربية الصهيونية سنة 1948 بعدة مذابح بشرية ضد الشعب الفلسطيني من أجل إدخال الرعب في نفوس أبناء هذا الشعب وتهجيره، وكانت مذبحة دير ياسين في 9/4/1948 والتي تقع غرب القدس، من هذه المذابح التي كان لها تأثيراً نفسياً كبيراً في عملية الهجرة القسرية للعرب، كما قامت تلك العصابات بتدمير 41 قرية عربية "12" من قرى القدس.
وكان الهدف من ذلك تفريغ الأرض الفلسطينية من السكان، وجلب المستوطنين اليهود من أنحاء العالم وجمعهم في مستوطنات استعمارية يشيدونها على أراضي القدس، وعلى أنقاض قراها المدمرة، لتكون عاصمة للدولة الصهيونيـة.
وهكذا بعد الإعلان عن قيام تلك الدولة في 15/5/1948، واحتلال الشطر الغربي للقدس، اتخذت سلطات الاحتلال اتجاهين لتطبيق الفكر الصهيوني الاستيطاني على أراضي القدس المحتلة عام 1948م:
الاتجاه الأول: إقامة الأحياء الاستيطانية على أراضي القـدس.
الاتجاه الثاني: إقامة المستوطنات الاستعمارية على أراضي القرى التابعة للقدس.
ولتنفيذ عمليات الاستيطان الاستعماري، فقد أصدرت سلطات الاحتلال الصهيوني عدداً من القوانين والأوامر العسكرية التي تسهّل نشاطاتها بعد أن فرضت سيادتها على الشطر الغربي للقدس، متجاوزة حقوق الشعب الفلسطيني منهـا، ومتجاوزة قرارات الأمم المتحدة التي لا تقر بسيادتها عليها.
وقد استخدمت الصهيونية قوانين الطوارئ البريطانية الصادرة سنة 1945م، لكي تصادر الأملاك العربية، وتدمر ما تريد تحت ستار الأسباب الأمنية.

المقاومة الفلسطينية بعد 1948م
مقاومة " الدولة " الصهيونية
دخلت المقاومة الفلسطينية طوراً جديداً بعد حرب 1948م، فقد أصبح لزاماً عليها مقاومة دولة ذات مؤسسات أمنية وعسكرية، بعد أن كانت تقاوم عصابات صهيونية مدعومة من قبل الاحتلال البريطاني، ومن ثم فقد أضحت المقاومة أشد كلفة من ناحية ما ترتبه من تضحيات، إذ انتقلت من مواجهة " إرهاب العصابات " إلى " إرهاب الدولة "، وكانت المقاومة من الداخل مباشرة دفاعاً عن الأرض والهوية، ولتكوين أطر مقاومة سياسية في الأرض المحتلة الخاضعة للعدو الصهيوني، وهنا كان الدفاع عن الأرض والهوية في رأس الأولويات، واتخذ أشكالاً سياسية وثقافية أساساً، وكان إنشاء حركة الأرض جزءاً من هذه المقاومة، وكانت القدس جزءاً من هذه المقاومة.
ومن خارج المنطقة المحتلة، كان هناك استمرار للمقاومة المسلحة ولم تكد تمر ثماني سنوات، حتى شهدت المنطقة العدوان الثلاثي، بعدها كان الإعلان عن قيام منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964.
وكان قانون " أملاك الغائبين" الذي اتخذه الكنيست سنة 1950م "13"، من أخطر القوانين على الأراضي العربية في فلسطين وتحت الاحتلال الصهيوني حيث عيّن حارساً على " أملاك الغائبين " العرب الذين تم تهجيرهم، وكان يقوم بنقل الملكية إلى السلطة الصهيونية لتتصرف بها كما تشاء، ولم تنج حتى الأملاك العائدة للوقف الإسلامي من تلك السرقة عن طريق " القانون ".
وبعد إحكام السيطرة على الأراضي المحتلة 1948م ونهب الأراضي، بدأت عملية التنفيذ، وقد أقيمت الأحياء الاستيطانية التالية "14": -
1_ جيئوليم: على أراضي حي البقعة العربي 1948.
2_ جونين: أقيم على أراض الحي العربي القطمون في الجنوب 1948م.
3_ قومميوت: في الوسط وإسمه العربي القديم الطالبية 1950م.
4_ جفعات فرديم: تلة الورود في الجنوب ويحمل إسم وادي الورد ويسمى أيضاً حي رسكو وأقيم سنة 1951م.
5_ كريات هيوفيل: في الجنوب الغربي وتحمل إسم يوبيل مؤسسة الصندوق القومي الإسرائيلي سنة 1954م.
6_ كريات اميت: مركز تجمع ثقافي تربوي لأتباع التوراة أقامت اتحاد مشاريع التوراتيين سنة 1955م.
7_ جفعات مردخاي: في الجنوب ويحمل إسم رجل الأعمال مردخاي آفل من صهاينة الولايات المتحدة سنة 1955م.
8_ كريات دافيد بن غوريون: أقيم على تلة الرام وهو تجمع للدوائر الحكومية الصهيونية وفيه الكنيست سنة 1957م.
9_ كريات مناحيم: في الجنوب العربي ويحمل إسم رجل الأعمال الصهيوني مناحيم برسلر سنة 1958م.
10_ عزراة يسرائيل: في الوسط جنوب شرق محانيه يهودا والإسم رمزي أقيم في سنة 1961م.
11_ عير جنيم: في الجنوب الغربي ويحمل إسماً رمزياً وتأسس سنة 1961م.
12_ نيفيت: في الجنوب الغربي في سنة 1962م.
13_ جفعات بيت هاكيرم: شرقي بيت هاكيرم وأقيم عام 1963م.
14_ كريات متر سدورف: شرق روميما وأقيم للطوائف اليهودية المهاجرة من مدينة متر سدورف في سنة 1963م.
15_ نفيه جرانوت: في الجنوب الغربي ويحمل إسم أبراهام جرانوت سنة 1963م.
.. من ناحية أخرى وبالاتجاه الاستيطاني الثاني، فقد أقامت الصهيونية المستوطنات الاستعمارية التالية على أراضي قرى القدس، بعد تدمير تلك القرى، وتهجير السكان العرب منها عام 1948 "15": -
القرية العربية المستوطنة الصهيونية سنة إقامة المستوطنة
1_ بيت أم الميس رامات رازئيل 1948
2_ ساريس شورش 1948
3_صرعه صرعة 1948
4_ صوبا صوبه 1948
5_ بيت جيز هارئيل 1948
6_ المالحة مناحات 1948
7_ اشوع اشتاؤول 1949
8_ بيت نقوبا بيت نقوفا 1949
9_ عسلين اشتاؤول 1949
10_ عين كارم مستشفى هداسا + استيطان 1949
11_ بيت صوصين تاعوز 1950
12_ بيت محسير بيت مائير 1950
13_ الجورة اورا 1950
14_ دير الشيخ بارجيورة 1950
15_ دير أبان محسيا 1950
16_ دير الهوا نهاريم 1950
17_ عرتوف نحام 1950
18_ الولجة عمينداب 1950
19_ القسطل ماعوز تسيون 1951
20_ جبع جفعات يعاريم 1952
21_ كسلا كيسالون 1952
نستلخص مما تقدم، أن المرحلة الثالثة للاستيطان الاستعماري الصهيوني، قد تميّزت بما يلي: -
1. عملية استبدال سكاني بتهجير قسري للسكان العرب وإحلال المستوطنين اليهود مكانهـم.
2. تدمير القرى العربية وبناء المستوطنات الاستعمارية الصهيونية على أنقاضها.
3. مصادرة الأراضي العربية وسلبها.
4. تشريع قوانين لخدمة الاستيطان وتشريع الهجرة اليهودية إلى فلسطين.
5. تهويد الشطر الغربي من القدس وترسيخ الأقدام الصهيونية عليه.

المرحلة الرابعة للاستيطان الصهيوني في القدس
فترة الاحتلال الصهيوني 1967 - 2008
المقاومة بعد 1967
في هذه الفترة احتدمت الحروب العربية – الصهيونية (1967، 1973، 1982) وكان من نتيجة هذه الحروب الثلاثة أن احتلت سيناء وقطاع غزة والجولان والضفة الغربية سنة 1967م، وجنوب لبنان سنة 1982، وتحول الثقل الأساسي للمفاوضات إلى بحث العلاقات الصهيونية – العربية، وقاد ذلك إلى معاهدة كامب ديفيد سنة 1979م، ومفاوضات مدريد سنة 1991م، واتفاق واشنطن ومعاهدة السلام الأردنية – الصهيونية سنة 1994م.
.. بعد هزيمة حزيران 1967، وجدت المقاومة الفلسطينية المسلحة المناخ العربي العام مهيأ لمساعدتها، وانطلقت من الأراضي الأردنية العمليات العسكرية ضد الكيان الصهيوني، وبعد أحداث أيلول 1970، انتقلت المقاومة الفلسطينية إلى لبنان إلى أن تشتت أثر الاجتياح الصهيوني للبنان 1982، وبدأت اتفاقيات الاستسلام العربي والمشاريع والمبادرات التسووية تسيطر على المناطق السياسي، وتم تأجيل النظر بموضوع الاستيطان إلى المرحلة النهائية من المفاوضات.
جاءت حرب حزيران 1967، لتؤكد الأطماع الصهيونية في الوطن العربي، وتؤكد النزعة العنصرية في الفكر الصهيوني لإنجاز مشروع " إسرائيل الكبرى ".
وبعد الانتهاء من الحرب مباشرةً بدأت عمليات الاستيطان الاستعماري في المناطق العربية المحتلة عام 1967م، دون أي اكتراث بإلتزام الكيان الصهيوني بالمواثيق والمعاهدات الدولية التي تحرم ذلك. وحيث أن وجود هذا الكيان غير شرعي ومن رحم الاستعمار العالمي، فإننا لا نتوقع أن يمارس أي شرعية لأنها تتناقض مع وجوده.
لقد أحكم العدو الصهيوني سيطرته على الشطر الغربي لمدينة القدس بعد الاحتلال العسكري سنة 1948م، كما زرع مستوطناته وأحيائه الاستيطانية في هذا الشطر، إضافةً إلى تفشي هذا السرطان الاستيطاني في أنحاء فلسطين المحتلة 1948م.
هكذا امتلك العدو خبرة واسعة في إنجاز المشاريع الاستيطانية بأقصر زمن قياسي، وبدأ تطبيق خبرته على الأراضي المحتلة عام 1967م بشكل عام، وعلى أراضي شرقي القدس بشكل خاص، فكانت خطوته الأولى إصدار قرار من الكنيست بضم القدس للسيادة الصهيونية في 27/6/1967م،"16" ولإستباحة أراضي الضفة الغربية، قرر العدو توسيع حدود بلدية القدس من 6.5كم2 إلى 70,5كم2(17)، ويستمر التوسع عن طريق ضم 28 قرية ومدينة مجاورة للمدينة، ليصل إلى تبني مشروع " القدس الكبرى " عاصمة " إسرائيل الكبرى "، ليضم المشروع المستوطنات وتصل مساحته 440كم2 "18"، ملتهمة ثلث مساحة الضفة الغربية. وقد شكلت المستوطنات أطواقاً حول القدس تعزلها عن باقي الضفة الغربية، فارضة عليها حصاراً بالإسمنت المسلّح، إضافةً للحصار العسكري لتشكيل ضغطاً هائلاً على أهالي القدس العرب لترحيلهم وتفريغ الأرض من السكان، وجلب المهاجرين اليهود ليستوطنوا مكانهم، وبينما كان العدو يدمر المباني العربية ويمنع إقامة المساكن بعدم إصدار الترخيص، نجد العنصرية تتجلى في تشجيع المهاجرين اليهود على الاستيطان في القدس، من خلال ما يلي:
1. أن يكون دفع ثمن الشقة بأقساط مريحة
2. تقديم المساعدات المالية
3. الإعفاء من الضرائب البلدية مدة خمس سنوات
ونستطيع أن ندرك خطر تزايد المهاجرين اليهود إلى القدس، استناداً إلى قاعدة كلما زاد عددهم فلا بد من توسع جديد في إلتهام الأراضي العربية لاستيعاب هؤلاء المهاجرين.
.. إن قراءة سريعة للتاريخ سندرك من خلالها أنه لم يكن في القدس أي يهودي بعد أن دمرها الإمبراطور الروماني هادريان عام 132م، بينما كان أربعة أفراد يهود يعيشون في القدس عام 1170م. وفي النصف الثاني للقرن الثامن عشر، أصبح عدد اليهود خمسة آلاف فرد، شكّلوا القاعدة البشرية لإقامة البؤر الاستيطانية في القدس التي انتشرت كالسرطان تنهش أراضي المدينة المقدسة، فقد أصبح عدد اليهود في الشطرين الغربي والشرقي 422600 يهودي يعيش منهم 180000 "19" في المستوطنات التي أنشئت بعد عام 1967 في شرقي القـدس.
إن الاستيطان اليهودي في القدس أوجد خللاً في الميزان الديمغرافي لصالح اليهود، فشكلوا 70% من سكان القدس، بينما كانت النسبة لصالح العرب 100%، هذا هو المخطط الصهيوني لفرض أمر واقع جديد على المدينة، وإعادة تشكيلها وبنائها بطابع يهودي يلغي عروبتها، لتصبح القدس مستوطنة صهيونية بعد توحيد المستوطنات المحيطة بها وفيها.
أما هذه المستوطنات فهي: -
أولاً: داخل السور في البلدة القديمة:
1_ الحي اليهودي"20" المقام على أنقاض الأحياء العربية التاليـة: حارة الشرف، حارة المغاربة، وحي السريان أقيم عام 1968م.
2_ تم الاستيلاء على 56 منزلاً وتحويلها إلى أملاك يهودية أقيم في بعضها مدارس دينية يهودية، ويقطن المستوطنون الصهاينة بقيّتها، وهي موزعة في الأحياء العربية داخل السـور.
3_ تم كشف النقاب مؤخراً عن " خمسة مخططات ووثائق وخرائط تنوي الحكومة الصهيونية تنفيذها في ساحة البراق وباب المغاربة وبرج اللقلق، بهدف تهويد المنطقة وبناء مجموعة من الكنس اليهودية:
• كنيس " خيمة اسحق " على أرض الوقف الإسلامي حمام العين قرب حائط البراق
• كنيس " هحوربا " أي " الخراب " على أرض مسجد عبدالله بن عمر المعروف بإسم المسجد العمري الصغير في حي الشرف
• كنيس كبير في برج اللقلق أعلى من السور
• كنيس تحت الحرم الشريف
وبناء جسر عسكري بعرض 18م واعتبار جميع ساحات المسجد الأقصى ساحات عامة يحق للجميع دخولها تمهيداً للسيطرة عليها وبناء الهيكل المزعوم. " وكالات الأنباء في 14/8/2008.
ثانياً: المنطقة الحرام: بين الشطرين الغربي والشرقي:
وهي المنطقة التي تم تعريفها بهذا الإسم في الهدنة التي عقدت عام 1949م على أثر احتلال الشطر الغربي من القدس عام 1948
1. تل بيوت الشرقية "21" وأقيمت على أراضي البقعة وصور باهر في سنة 1973

2. معلوت دفنا "22" وأقيمت على أراضي الشيخ جراح ولفتا في سنة 1973

مستوطنة كيدار

ثالثاً: الأطواق الاستيطانية حول المدينة:
_ الطوق الشرقي:
1_ معاليه أدوميم العيزرية / أبو ديس 1975 "23"
2_ ميشور ادوميم الطور/ الخان الأحمر 1974
3_ كفار ادوميم عناتا / واد القلط 1981
4_ كيدار نيئوت أدوميم أبو ديس / السواحرة 1984
5_ تسفي يهودا أبو ديس / الخان الأحمر 1981
6_ الون عناتا / واد القلط 1990
_ الطوق الجنوبي:
1_ جيلو بيت جالا بيت صفافا 1971 - 1979
2_ جفعات همطوس بيت صفافا 1991
3_ ارمون نتسيف جبل المكبر

مستوطنات الطوق الشمالي

_ الطوق الشمالي:
1_ راموت ا شكول الشيخ جراح / لفتا 1968
2_ جفعات شابيرا التلة الفرنسية / العيسوية 1968
3_ الجامعة العبرية الطور / العيسوية 1968
4_ همفتار الشيخ جراح/ تل الذخيرة 1968
5_ نفيه حورون عمواس /يالو/بيت نوبا 1969
6_ راموت الون بيت اكسا /بيت حنينا 1970
7_ عطاروت قلنديا/بيت حنينا 1970
8_ نيفي يعقوب حزما /بيت حنينا 1972
9_ راموت بيت اكسا /شعفاط 1973
10_ سانهداريا شعفاط 1973
11_ عناتوت عناتا 1974
12_ جبعون الجيب 1978
13_ مخمبش مخماس 1981
14_ علمون عناتا 1983
15_ آدم جبع 1983
16_ بسجات زئيف حزما /بيت حنينا 1985
17_ هارادار بدو/ بيت سوريك 1985
18_ بسجات عومر شعفاط /عناتا /حزما 1987

مستوطنة هار حوما
فوق جبل ابو غنيم

رابعاً: الاستيطان بعد اتفاقيات السلام:
لم يتوقف الاستيطان في المناطق العربية المحتلة 1967م خلال فترة عملية السلام، بل إن تأجيل بحث موضوع الاستيطان إلى المفاوضات النهائية كان كسباً للوقت من أجل مزيد من إلتهام الأراضي العربية وبناء المستوطنات الصهيونيـة، لتكون مفروضة وأمر واقع يجب القبول به. وهكذا استمر الاستيطان في التوسع والتمدد لما هو قائم والاستمرار أيضاً في بناء مستوطنات جديدة، فكان منها في القدس ما يلي: -
1_ ريختس شعفاط وهي على أراضي شعفاط وبيت حنينا وأقيمت عام 1994م "24".
2_ هار شموئيل على أراضي النبي صموئيل والجيب وبيرنبالا وبيت حنينا وصودرت الأراضي لإقامتها عام 1995.
3_ هار حوما على أراضي جبل أبو غنيم وبدأ لبناء عام 1997 "25".
4_ متسببة دانئيل على أراضي راس العامود وبدأ البناء عام 1998 "26".
5_ مشروع باب الساهرة: بناء على قرار وزارة البناء والإسكان بدأ العمل بمشروع إسكان باب الساهرة الاستيطاني على مساحة ثلاث دونمات داخل السور، وذلك لإسكان 50 عائلة صهيونية وسط السكان العرب، ويتضمن المشروع بناء كنيس يهودي بقبة ذهبية منافسة لقبة الصخرة المشرفة.
خامساً: الاستيطان في الأحياء العربية خارج السور:
هناك نشاط إستيطاني أيضاً يشمل المناطق السكنية خارج البلدة القديمة، ويستند على مصادرة الأراضي والمباني في الأحياء العربية وتحويلها إلى مدارس دينية يهودية ومساكـن، ويبدو النشاط الاستيطاني هذا واضحاً في كل من أحياء سلوان والشيخ جرّاح وجبل الزيتون وواد الجوز، وهي تحيط بالقدس القديمة من الجنوب والشرق والشمال.
مشروع الحوض المقدس:
يعد مشروع الحوض المقدس من أخطر المشاريع الاستيطانية في القدس فهو يضم: البلدة القديمة ووادي قدرون في سلوان وجبل الزيتون في الطور، وذلك باستغلال قدسية مباني أو كهوف لصبغ المنطقة بصبغة دينية مقدسة. وقد تم تسليم إخطارات بالإخلاء استعداداً للهدم (134) عائلةً مقدسيّة مكوّنة من 1500 شخص يقطنون في 88 منزلاً في حيّ " البستان " في ضاحية سلوان جنوب المسجد الأقصى، لإقامة حديقةٍ عامّة تُسمّى " حديقة الملك داوود " مكانها. وحسب الخطط الصهيونية، يتم بعد فترة زمنية إلغاء الحديقة العامة، وتقام المباني الحديثة لتلغي المباني التراثية العربية.
وبنظرة جغرافية سريعة، ندرك أن القدس أصبحت محاصرة من الجهات الأربع بالاستيطان الصهيوني الساعي إلى تهويدها، وإذا أضفنا الحفريات تحت المدينة تصبح محاصرة من خمس جهات، وإذا علمنا أنه لا يطير عصفور في السماء إلا بأمر عسكري يصبح الحصار محكم من ست جهات.

الجدار العنصري

سادساً: الجدار العنصري في القدس:
يبدأ الجدار الاستيطاني الذي يلتف حول القدس من " جيلو " جنوباً إلى " معاليه أدوميـم " شرقاً، و" بزغات زئييف " و" النبي يعقوب " شمالاً، إلى " رموت " غرباً، بحيث يشكل هذا الجدار إغلاقاً للقدس ويمنع التواصل العربي مع ما يسمى حدود البلدية.
وتشكل مساحة الأراضي التي سيعزلها جدار الفصل العنصري في نهاية المشروع الإسرائيلي في منطقة القدس ما مساحته 151,974 دونماً أي نحو 43% من محافظة القدس، حيث سيتأثر 230 ألف فلسطيني أي نحو 56.5% من سكان محافظة القدس سلباً من إقامة الجدار. وفي سنة 2008، أكمل الاحتلال بناء نحو 11089 كم، من أصل طول الجدار المقرر بناؤه والبالغ 162كم.
والجدير بالذكر أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قررت تبني الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الذي صدر في 9/7/2004، وأكد فيه بأن الجزء الشرقي من القدس هو أرض محتلة، كما أكد في رأيه الاستشاري عدم شرعية إقامة الجدار العازل العنصري.

.. في النهاية، نؤكد على ما يلي:
1_ أن المستوطنات الاستعمارية الصهيونية هي مستوطنات عنصرية لأن جميع سكانها يهود فقط.
2_ أن المستوطنات الصهيونية هي تأكيد للنزعة التوسعية في الفكر الصهيوني.
3_ أن المستوطنات الصهيونية هي فرض للسيادة على الأراضي العربية من أجل القبول بالأمر الواقع.
4_ أن المستوطنات الصهيونية تأكيد لرفض الصهيونية للسلام بل واستخدام السلام وسيلة لتحقيق الأهداف الصهيونية.
5_ لابد من وقف الاستيطان ودحر الاحتلال قبل إلتهام أراضي الوطن العربي شبراً شبراً.

المصادر:
1_ أبو جابر إبراهيم، قضية القدس ومستقبلها،مركز دراسات الشرق الأوسط، عمان 1997 ص 110
2_ الأمير رياض، الإمبراطور النمسوي فرانس جو زف والاستيطان اليهودي، جريدة الحياة 1/10/2000، ع 13717 ص 20
3_ العارف عارف، المفصل في تاريخ القدس، فوزي يوسف، القدس 1986 ص 384
4_ الكيالي عبد الوهاب، تاريخ فلسطين الحديث، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط 9 بيروت 1985 ص 342
5_ الدباغ مصطفى مراد، بلادنا فلسطين ج 10 ق 2 في بيت المقدس 2 دار الطليعة بيروت 1976 ص224
6_ أبو جابر إبراهيم، مصدر سابق ص 117-118
7_ القدس أمانة في عنق كل عبي ومسلم، لجنة يوم القدس، عمان 1996 ص 43
8_ عطية إحسان، الأراضي والكيرن كييمت، صامد الاقتصادي ع 42 نيسان 1983 ص 53
9_ أبو جابر إبراهيم مصدر سابق ص 121-124
10_ القدس أمانة في...مصدر سابق ص 43-44
11_ الخطيب روحي، تهويد القدس، عمان 1970 ص 12
12_ التوفكجي خليل، يوم القدس، أبحاث الندوة السادسة، عمان 1996 ص 128
13_ غوشة صبحي، المخاطر التي تتعرض لها مدينة القدس عمان 2002ص 4
14_ القدس، مؤسسة باسيا، نشرة خاصة، القدس 2000 ص 2
15_ التوفكجي خليل، المستعمرات الإسرائيلية في الضفة الغربية، جمعية الدراسات العربية، القدس 1994 ص 31
16_ PASSIA 2001 p. 289
17_ جريدة الرأي، إسرائيل تطرح مناقصة بناء مستعمرة أبو غنيم، عمان 13/2/1998
18_ جريدة الرأي، أعمال حفر لاقامة مستوطنة جديدة، عمان 2/11/1998

الجدار العنصري

مستقبل المستوطنات الصهيونية في القدس

دعا المؤتمر الصهيوني الأول المنعقد في بال بسويسرا عام 1897م إلى إستعمار فلسطين تمهيداً لإقامة الدولة اليهوديـة، ومن أجل تطبيق القرار الصهيوني وتحويله إلى نشاط عملي، تم وضع الخطط والبرامج التي استندت على ثلاث حلقات مركزية مترابطة هي:
أولاً: الهجرة اليهودية إلى فلسطين وتجمّع يهود العالم فيها، ومنذ أن وطئت أول قدم صهيونية أرض فلسطين، بدأ الصراع العربي الصهيوني، حيث بدأ التصادم بين المشروع الصهيوني الهادف لإقامة " إسرائيل الكبرى "، والمشروع النهضوي العربي للتحرر والوحدة العربية.
وقد استندت الحركة الصهيونية في عمليات التهجير اليهودية من شتى دول العالم على قاعدة سياسية افترضتها هي أن " فلسطين أرض بلا شعب، وأن الشعب اليهودي بـلا أرض ". وهكذا بدأت عملية تنظيم الهجرة اليهودية إلى فلسطين استناداً إلى هذه الفرضية الساعية لتأمين العنصر الأساسي الأول لتنفيذ المشروع الصهيوني، وهو الإنسان اليهودي.
وكان التفكير الصهيوني يسعى بهذه الفرضية إلى برنامج معاكس هو تهجير الإنسان العربي من فلسطين لإحلال اليهود مكانه، وهذا ما عُرف بسياسة " الترانسفير " التي ما زالت تعشش في دماغ القيادات السياسية والدينية الصهيونية.
ثانياً: الاستيطان هو الحلقة الثانية المركزية في التطبيق العملي للفكر الصهيوني، ويهدف إلى استيعاب المهاجرين اليهود إلى فلسطين لتأمين المسكن والعمل تمهيداً لتنفيذ المشروع الصهيوني. وهنا تظهر أهمية الأرض لإقامة المستوطنات فوقها، فهي العنصر الأساسي الثاني الذي يجب توفره لاستكمال البرنامج التطبيقي للفكر الصهيوني. وقد جرت محاولات لشراء بعض الأراضي، ولكن استخدام الإرهاب المنظّم من قبل العصابات الصهيونية، أدى إلى احتلال مساحة من أراضي فلسطين فيما دعي حرب 1948، أدت إلى قيام دولة " إسرائيل "التي " ما هي في الحقيقة إلا مستوطنة كبيرة".
ثالثاً: التوسع وهو الحلقة المركزية الثالثة في التطبيق العملي للفكر الصهيوني. إذ أن العلاقة الجدلية بين الهجرة والاستيطان تفرض عملية التوسع، فكلما ازدادت الحاجة إلى المستوطنات تزداد الضرورة إلى الاستيلاء وحيازة المزيد من الأراضي العربية التي هي ضمن المشروع الصهيوني.
وهذا ما حدث في حزيران عام 1967، حيث قامت القوات العسكرية الإسرائيلية باحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان وسيناء، وإقامة المستوطنات فيها، ودفعت بالمهاجرين اليهود إليها.
سنركز في إطار البحث حول مستقبل المستوطنات الصهيونية في القدس المحتلة عام 1967 على جزء من عملية الاستيطان الكبرى، وهذا الجزء يقع ضمن الأراضي العربية المحتلة في حزيران 1967، أي الجزء الشرقي من القدس والقرى المحيطة بها.
ولكن هذا لا يعني مطلقاً إنتهاء الحق الطبيعي والتاريخي للشعب الفلسطيني في الجزء الغربي من القدس، أو أي جزء آخر من الأراضي الفلسطينية التي احتلها الصهاينة عام 1948، بل جميعها مرتبطة ببعضها.
لقد قامت " إسرائيل " باحتلال الجزء الشرقي من القدس في حزيران 1967، وبنفس السرعة العسكرية في الاحتلال، كانت السرعة الإدارية في تهويد المدينة بإصدار القرارات والقوانين التي أدت الى فرض السيادة عليها والقيام بالتغييرات الإدارية وطمس معالم الحضارة العربية فيها من خلال تدمير أحياء سكنية عربية بكاملها مثل: حارة المغاربة وحارة الشرف، وقامت بالاستيلاء على العديد من المنازل وتحويلها إلى مدارس دينية أو إسكان المستوطنين اليهود فيها، وقامت بتغيير الأسماء العربية للمواقع وإطلاق أسماء يهودية عليها، وصادرت الأراضي المحيطة بالمدينة القديمة، وأقامت الأطواق الاستيطانية لتحاصر تمدد البناء العربي وتطويره، ولجلب المزيد من المهاجرين اليهود ليستوطنوا فيها، وقد تمت الإشارة إلى المستوطنات سابقاً.
هذا الواقع الاستيطاني الذي فرضته السياسة الإسرائيليـة، وإعادة تشكيل المدينة وتخطيطها من جديد، لتضم المستوطنات والقرى العربية المحيطة بالقدس بني على قرارات رسمية بتوسيع حدود بلدية القدس من 6,5 كم لتصبح 70,6كم، لتصبح القدس الموحدة مساحتها 108,6 كم2، ولكن المخطط الصهيوني لم ينته، لذلك تقرر توسيع حدود البلدية إلى مساحة 123كم2، وقد كان هذا التوسع على حساب أراضي الضفة الغربية المحتلة عام 1967.
أما مشروع " القدس الكبرى " الذي يلتهم ثلث مساحة الضفة الغربية لتصبح مساحتها 446279 دونماً، فيضم في إطاره إضافةً للقدس كلاً من مدن " رام الله والبيرة وبيتونيا شمالاً، وبيت لحم وبيت ساحور وبيت جالا جنوباً، وأكثر من 38 قرية عربية "، وأما شرقاً فإن المشروع يضم الأراضي العربية والقرى مثل أبو ديس والعيزرية ليصل إلى أبواب أريحا ". ويرى بعض المحللين أن " إسرائيل " من خلال سيطرتها على كامل القدس تكون قد مهّدت الطريق للضم الكامل للضفة الغربية " أي أن ابتلاع ثلث الضفة الغربية هو جزء من خطة لابتلاعها كاملة عن طريق الاستيطان ".
هذه هي العقلية التي علينا أن نتعامل معها حول مستقبل المستوطنات، إنها عقلية عنصرية تشييد مستوطنات لليهود، ولا يسمح لغير اليهودي بأن يقطنها، لكي تحقق أطماعها في السيادة على أكبر جزء من الأراضي العربية. وهي لذلك أطلقت العنان للاستيطان ووضعت المشاريع الاستيطانية التي أهمها: مشروع آلون، مشروع دروبلس، مشروع فايتس... إلخ، وليس لآخر القائمة، فإنها تتجدد، ويضاف إليها مشاريع جديدة باستمرار.
أما رئيس الوزراء الإسرائيلي آرئيل شارون، فهو صاحب الخبرة الطويلة في التخطيط والتنفيذ، وله مشاريع عديدة صاحبت المراكز التي تبوأها، وقد " تعهد بأن لا يدع حيّاً في القدس من دون يهود "، وهو صاحب مشروع خاص بالقدس ". وفي 13 أيار 1991، عرض آرئيل شارون على لجنة الاقتصاد في الكنيست خطته لتحويل القدس، لكي يفرض سلفاً في أي حل قادم حتمية يهودية القدس الموحدة عاصمة أبدية لإسرائيل.
ولا شك أن شارون قد تغذى بالأفكار الصهيونية، وأنه من مؤيدي الإرهابي زئيف جابوتنسكي الذي قال: " الصهيونية هي الاستيطان، ولذا فهي تحيا وتموت مع قضية القوة المسلحة"، هذا ما مارسه فعلاً آرئيل شارون وبشكل رسمي مستخدماً أعلى درجات العنف والإرهاب للبطش في الشعب الفلسطيني، لأنه يسعى لتنفيذ المشروع الاستعماري الاستيطاني الصهيوني. فقد زجّ " حوالي 11 فرقة أي أكثر من 27 ألف جندي في الضفة وغزة بالقياس إلى 8 فرق على الحدود الشمالية، فالسلام والأمن لستة ملايين إسرائيلي وثلاثة ملايين فلسطيني هما رهينة لأمن 200 ألف مستوطن صهيوني في الضفة والقطاع " إنه القائد السياسي العسكري الذي يدمر بآلته الحربية كل ما تحقق في ما يسمى العملية السلمية التي شاركت فيها قيادة منظمة التحرير الحكومات الإسرائيلية.
لكن شارون ليس القيادي الوحيد ذو العقلية الصهيونية الاستيطانية، كما أن الليكود ليس الحزب أو التجمع الحزبي الوحيد الذي تبنّى الاستيطان، بل أن حزب العمل لم يتوقف في تشييد المباني الاستيطانية لحظة واحدة، كما أن مشاريع البناء والتخطيط لإقامة المستوطنات تتجدد وتتوالى من أجل إنجاز المشروع الصهيوني، وقد تبنّى حزب العمل وأنجز المشاريع الاستيطانية في القدس وغيرها من المدن والقرى العربية المحتلة، فكان " الاستيطان في القدس موضع إجماع بين كافة القوى السياسية، العمل واللكيود والقوى الدينية، كما كان هناك " إجماع بين مشاريع الأحزاب العمالية واليمينية وحتى الدينية واليسارية على جعل القدس: عاصمة إسرائيل الموحـدة ".
هنا يبرز السؤال الطبيعي، إذا كانت القيادات السياسية بأحزابها تفكر بهذا المنطق استناداً للفكر الصهيوني، فهل هناك احتمالات بالتوصل إلى حل لوضع المستوطنات؟
ليس من السهل الغوص في مستقبل المستوطنات الإسرائيلية في القدس، حيث أن مصير القدس مجهولاً حتى الآن، فإن مصير المستوطنات فيها سيكون مجهولاً أيضاً، وذلك لارتباط هذه القضية المعقدة بالحل الدائم الذي وصل حوار الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي إلى أبوابه الموصدة.
هل من الممكن فتح الأبواب ومعالجة قضية المستوطنات؟ نسأل وأمامنا الأمر الواقع الذي فرضته السياسة الاستيطانية والتي أدت مصادرتها لأراضي ومباني القدس إلى تهويد 85% من المدينة العربية، وبينما كان لا يوجد يهودي واحد في القدس المحتلة عام 1967 فقد أصبح فيها 200000 مستوطن، وهو ما يعادل عدد المستوطنين في 145 مستوطنة أقيمت في جميع أنحاء الضفة، " ونتيجةً للسياسة السكانية المتّبعة في القدس، من المرجح أن يصل مجموع سكان القدس عام 2010 إلى نحو 817000 منهم 73.2% يهود "، فهذه السياسة الرسمية تعمل جادة على تفريغ القدس من سكانها العرب مستخدمة قوانينها الخاصة لتطبيق ذلك بشكل عنصـري، إذ أن هذه القوانين لا تستخدم مع اليهود، وهي تتعلق بالإقامة والسكن، مما يتيح للحكومة الإسرائيلية سحب الهويات من العرب المقدسيين، وتقليص عددهم داخل المدينة. وكذلك فإن مصادرة الأراضي، وتشييد الأطواق الاستيطانية، يمنع التمدد العمراني العربي.
وليس هذا فحسب، بل يشكل الاستيطان أخطاراً أخرى على السكان العرب ؛ُ فمنذ الانتفاضة عام 1987 قتل في الضفة 119 فلسطينياً من قبل المستوطنين، وقد امتد الإرهاب الاستيطاني إلى إطلاق النار على المنازل وخزانات المياه، وكذلك تخريب السيارات وتخريب المزروعات وقطع الأشجار.... إلخ.
إن كل ذلك يؤكد عدم جديتهم في السلام، حيث أن عملية التهويد الاستيطانية تتنافى مع عملية السلام، كما أن " الحكومات الإسرائيلية المتتالية لم تتوقف عن الإعلان اعتبار شرقي القدس جزء من أورشليم العاصمة الأبدية الموحدة لدولة إسرائيل "، ولتلك المقولة مكانة خاصة في سياستها، فقد قال اسحق رابين أن إبقاء القدس عاصمة موحدة لإسرائيل تحت سيادتها من القضايا الرئيسية " لإسرائيل ". لهذا فإن " إسرائيل " بسياستها تضرب بعرض الحائط قرارات مجلس الأمن التي صدرت حول القدس ومنها:
• قرار مجلس الأمن (242) في 22/11/1967: الذي ينص على الإنسحاب من الأراضي التي احتلتها " إسرائيل " عام 1967 بما فيها القدس.
• قرار رقم (446) في آذار 1979: والذي ينص على اعتبار سياسة " إسرائيل " وممارساتها بإقامة المستوطنات على الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة منذ عام 1967 ليس لها أي سند قانوني، ويدعو إسرائيل إلى التراجع عن ترتيباتها، وأن لا تقوم بأي عمل قد يؤدي إلى تغيير ملموس في التركيبة السكانية.
• قرار (452) في 20/7/1979 والذي ينص على دعوة: حكومة وشعب " إسرائيل إلى التوقف وبصورة عاجلة عن تأسيس وبناء والتخطيط لبناء مستوطنات في الأراضي العربية المحتلة عام 1967 بما فيها القدس.
• قرار مجلس الأمن (298) بتاريخ 25/9/1971: " جميع الإجراءات التشريعية والإدارية التي اتخذتها إسرائيل لتغيير وضع مدينة القدس بما في ذلك مصادرة الأراضي والممتلكات ونقل السكان والتشريعات التي تستهدف ضم الجزء المحتل، هي غير صحيحة إجمالاً، ولا يمكن أن تغير ذلك الوضع " فقرة 75.
• قرار رقم (465) في 1/3/1980 والذي ينص على دعوة: حكومة وشعب إسرائيل إلى إلغاء إجراءات التغيير الذي حدث في الأراضي العربية المحتلة عام 1967 وتفكيك المستوطنات والتوقف في الأراضي العربية المحتلة بما فيها القدس.
وقد تجاهلت " إسرائيل " قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي طالبتها بعدم المس بالأراضي المحتلة بإقامة المستوطنات عليها، وأكدت أن ذلك مخالفاً لاتفاقيات جنيف الدولية التي وقّعت عليها " إسرائيل " نفسها، وتعهدت بالإلتزام بها ومن هذه القـرارات:
• القرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 14/7/1967 حيث استنكرت تقاعس إسرائيل تنفيذ قرارها رقم (2253) الذي أكدت فيه عدم شرعية الإجراءات التي اتخذتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي لتغيير وضع القدس، وكررت دعوتها لإسرائيل كي تلغي جميع الإجراءات والامتناع عن أي عمل من شأنه تغيير وضع القدس.
كما أصدرت قراراً في 13/3/1997 بأغلبية 130 دولة ومعارضة الولايات المتحدة وإسرائيل، أكدت فيه أن إسرائيل تشكل قوة قائمة بالاحتلال، وأنها تخالف الأحكام الدولية واتفاقية جنيف 1949 في سياستها الاستيطانية، ورغم التأكيد الدولي على عدم قانونية ومشروعية الاستيطان، إلا أنه لم يتخذ أي خطوة عملية واحدة لوقف هذا الاستيطان.
ومع كل تحرك بارز وبيّن من جانب إسرائيل، كانت تقدم شكوى عربية لمجلسكم (مجلس الأمن) الموقر وبعد كل شكوى يتخذ مجلسكم قراراً.
لقد مضى على هذه الدوامة 61 عاماً حتى الآن والأمم المتحدة على نفس النهج، وقد أثبتت الأحداث الدولية أنها تكيل بمكيالين، ويرجع ذلك إلى موقف الولايات المتحدة الحليف الإستراتيجي لإسرائيل، وإذا كان " اغتصاب فلسطين عام 1948 تم بالاستيطان قبل ذلك، حيث رعت هذه العملية الاستعمارية دولة الانتداب البريطاني، فإن الولايات المتحدة تقوم اليوم بالدور البريطاني بدعم الاستيطان فوق الأراضي المحتلة عام 1967 بما فيها القدس.
ورغم إعلان الولايات المتحدة أن موقفها " بشأن القدس يظل هو نفس الموقف الذي أعلنه السفير "جولد برغ" أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 14/9/1968، أن مستقبل المدينة يجب تقريره عن طريق المفاوضات وليس من جانب واحد " إلا أن استخدامها حق الفيتو ضد قرارات الأمم المتحدة التي تدين الاستيطان في القدس وغيره، تؤكد أنها منحازة لإسرائيل وليست جادة في التوصل إلى حل في الصراع العربي الصهيوني، لأن هذه السياسة الأمريكية تزيد من التمادي الصهيوني في سياسة الاستيطان وابتلاع الأراضي العربية في القدس، والضرب بعرض الحائط بجميع قرارات الأمم المتحدة.
ولكن تبقى هذه القرارات إدانة دولية على الانتهاكات الخطيرة التي مارستها " إسرائيل " ضد مدينة القدس المحتلة والمطالبة بإنهاء الاستيطان في القدس.
وإذا اعتبر إنشاء المستوطنات انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية، فإن الاستمرار فيه أذكى نار الانتفاضة الفلسطينية الباسلة لتعبرعن رأي الشعب الفلسطيني صارخة في وجه الاحتلال: لا للاستيطان، وقد حققت الانتفاضتين 1987 و2000 انتصارات ميدانية وأعطت حلاً آخر لقضية مستقبل المستوطنات، حيث استطاعت أن تجبر 200.000 مستوطن على الهروب من القدس إلى أماكن أخرى في المناطق المحتلة عام 1948 في الفترة الممتدة حتى عام 2005، وقد هجر المستوطنون جميعاً مستوطنة سانور، بينما هاجر غالبية سكان بيت جيلو وغيرها، مما أدى إلى تراجع النمو السكاني بمستوطنات الضفة إلى 2.8% بعد أن كان 7% في النصف الثاني من العام 2000، وذلك بسبب الانتفاضة "، حيث أجبرت المستوطنين على الهجرة المعاكسة من المستوطنات إلى داخل فلسطين المحتلة 1948، كما حالت دون مزيد من هجرة اليهود منها إلى المستوطنات في المناطق المحتلة عام 1967، بما فيها القدس. وقد " طرأ انخفاض خلال النصف الأول من عام 2001 بحوالي 50% على بيع المنازل العامة في مستوطنات الضفة وقطاع غزة " وأن " معظم المنازل التي بيعت خلال العام 2001 تقع في منطقة القدس الكبرى ". وجاء في صحيفة هآرتس في 3/9/2001 أن 48 عائلة من المستوطنين غادرت مستوطنات غور الأردن منذ بداية الانتفاضة 2000، وأكدت حركة السلام الآن على دور الانتفاضة بأن " 300 عائلة غادرت المستوطنات وأن معظم المستوطنين سيغادرون بسبب الانتفاضة لو وفرت الحكومة لهم تعويضات مادية ".
وقد أجبرت الانتفاضة أن يثبت تقرير ميتشيل أهمية موضوع الاستيطان، فأكد أنه " يتوجب على إسرائيل أن تجمد كل النشاطات الاستيطانية بما في ذلك " النمو الطبيعي " للمستوطنات القائمة. فنوع التعاون الأمني الذي ترغب حكومة إسرائيل في إتباعه، لا يمكن أن يتعايش مع النشاط الاستيطاني لفترة طويلة ". وقد كانت الحكومة الإسرائيلية قد زجّت أحد عشر فرقة عسكرية لقمع الانتفاضة، غير أنها لم تنجح في القيام بمهمتها، رغم الإمكانيات العسكرية البسيطة لدى نشطاء الانتفاضة، على عكس الإمكانيات العسكرية الهائلة التي يمتلكها الجيش الإسرائيلي، وقد أبدت "إسرائيل" استعدادها للتعاطي مع تقرير ميتشيل وكذلك الفلسطينيون رغم وجود تحفظات محدودة للطرفين، لذلك علينا الأخذ بعين الاعتبار الموقف الفلسطيني الذي عبّرت عنه الانتفاضة عن وضع الحلول حول مستقبل المستوطنات في القدس.
وفي 15 آب 2005، قامت سلطات الاحتلال الصهيوني بإخلاء قطاع غزة ومستوطناته جميعها، إضافةً إلى أربع مستوطنات في الضفة الغربية نتيجة ضربات الانتفاضة والمقاومة البطولية للشعب الفلسطيني. وقد اعتبر المعارضون لخطة الإنسحاب الأحادي الجانب، أن خطة شارون للإنسحاب هي إستسلام للإنتفاضة وفشل للإستيطان.
وهناك الدور الأوروبي في إمكانية التوصل إلى حل لمستقبل المستوطنات أيضاً وإن كان دور الاتحاد الأوروبي أقل فاعلية وتأثيراً، ولكن له الأهمية المعروفة، وقد عبّر الإتحاد الأوروبي عن موقفه مراراً بأن المستوطنات الإسرائيلية التي أقيمت في الأراضي المحتلة هي لا شرعية، كما أنها عقبة في ما يسمى طريق السلام. وقد قدّمت الأمانة العامة لرئاسة الإتحاد الأوروبي بقيادة الرئيس الفرنسي نيقولا ساركوزي ورقة عمل تتضمن خطة فرنسية للسلام الفلسطيني الإسرائيلي حسب صحيفة الديار 23/12/2008، وتعتبر الخطة الفرنسية "المستوطنات الإسرائيلية المحيطة بالقدس الشرقية تعقد حل تقسيم القدس إلى جزأين".
وقد " أسقط الكرسي الرسولي دعوته إلى إقامة حكم دولي على القدس واختار عوضاً عن ذلك الدعوة لإقامة وضع خاص بضمانات دولية "، وقد عبّر البابا بولس السادس عن ذلك في عدد من خطبه.
واما روسيا فهي شريك للولايات المتحدة في رعاية ما يسمى عملية السلام بين " إسرائيل " والفلسطينيين، ورغم أن المهاجرين الروس يشكلون أكثر من 20% من سكان الكيان الصهيوني، إلا أن الموقف الروسي هو ضد الاستيطان الصهيوني في الأراضي المحتلة بما فيها القدس، وقد طالب الروس بوقف الاستيطان وأدانوا " إسرائيل "، إلا أن نشاطهم الدولي وعلى أرض الواقع غير فعّال. هذه هي القوى الدولية المؤثرة في السياسة الإسرائيلية والعربية مع درجات متفاوتة لمدى التأثير.
.. ومن هنا، نصل إلى النتائج التالية: -
أن " إسرائيل " تضرب بعرض الحائط بجميع القرارات الدولية المتعلقة بعدم جواز احتلال أراضي الغير وعدم إجراء تغيير على الأراضي المحتلة.
1. أن " إسرائيل " تسيطر على 85% من القدس.
2. أن " إسرائيل " مستمرة في إنشاء المستوطنات في القدس ولديها خطط حتى عام 2010 كانت وضعت عام 1990. ولديها الآن خطة " القدس 2000 " حتى عام 2020 التي تحوي مخططاً يهدف إلى ترسيخ تهويد القدس بفرض " أغلبية يهودية مطلقة وتحويل القدس إلى عاصمة الدولة الإسرائيلية ومركز الحكم وتحقيق حلم الآباء "، ومن خلال منع العرب من البناء عبر وقف منح تراخيص لهم وهدم ما يبنونه دون ترخيص وتوسيع عملية الاستيطان، وقد أعد الخطة أيهود أولمرت أثناء شغله منصب رئيس بلدية القدس.
3. السياسة الإسرائيلية هي أن المستوطنات جزء من القدس التي هي عاصمة أبدية موحدة لإسرائيل.
4. أن الولايات المتحدة بسياستها المنحازة لإسرائيل تدفعها إلى الاستمرار في نزعتها العدوانية التوسعية وإنشاء المستوطنات.
5. أنه لا يوجد قوة رادعة دولية أو محلية توقف " إسرائيل " عند حدّها، مما يسهل عليها الاستمرار في سياسة الاستيطان.
6. أن الانتفاضة الفلسطينية التي انطلقت في 28/9/2000 قد أربكت السياسة الاستيطانية الإسرائيلية وبعثرت أوراق خططها وألحقت بعض الأضرار والفشل في الاستمرار على تنفيذ البرامج الاستيطانية.
.. وفي ظل هذه الرؤية للواقع والظروف الذاتية والموضوعيـة ؛ فإن الأبواب للحل الدائم موصدة وفولاذية يصعب اقتحامها. ولكن الظروف خاضعة للتغيير، وليست ثابتة، بل قابلة للحركة في جميع الاتجاهات، ولابد من تحول في النهاية يؤدي إلى فتح تلك الأبواب الموصدة، ووضع الحلول لمستقبل المستوطنات. وتجربة الانتفاضة تثبت ذلك، فالمقاومة وحدها هي التي ستجبر العدو الصهيوني للتراجع عن ثوابته وبرامجه.
لقد وقّعت " إسرائيل " اتفاقيات سلام مع كل من مصر اتفاقية كامب ديفيد 1979، والأردن اتفاقية وادي عربـة 1994، وتجاهلت وضع المستوطنات، ولكن في اتفاقية أوسلو 1993 تم تأجيل بحث وضع المستوطنات إلى الحل الدائم، إلا أنها اضطرت إلى إخلاء المستوطنات التي أقامتها في سيناء وفي مقدمتها مستوطنة ياميت التي أعلن " اسحق رابين أمام سكانها في نوفمبر 1967 أنه من الواجب استيعاب ياميت ضمن إسرائيل حتى يمكن ضمان حدود آمنة ". ولكن ضمان حدود آمنة جاء دون استيعاب مستوطنة ياميت ضمن "إسرائيل" بل بإخلائها، وبهذا الإخلاء تكون المتغيرات السياسية قد صنعت متغيرات أمنية، حيث تم تحييد أكبر قوة عسكرية واقتصادية وبشرية بإخراج مصر من دائرة الصراع المباشر مع " إسرائيل "، ولكن ذلك يعني أيضاً أن إخلاء المستوطنات شيء ممكن في عالم السياسة الصهيونية.
أما اتفاقية وادي عربة، فحسب المادة 29 والفقرة 2 من المعاهدة، ورد ما يلي " تحترم إسرائيل الدور الحالي الخاص للأردن في الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس، وفي المفاوضات النهائية ستعطي " إسرائيل " أولوية كبرى للدور الأردني التاريخي في هذه الأماكن "، وهذا أيضاً من المتغيرات في السياسة الاسرائيلية تجاه وحدانية السيادة على القدس، حيث قبلت " إسرائيل " بمشاركة الأردن في وضع المقدسات الإسلامية التي كانت تعتبر سيادتها عليها خط أحمر ولكنها مشاركة لا تتعدى المقدسات.
وقد طرحت عدة مشاريع إسرائيلية لوضع القدس، ومن أبرز هذ المشاريع التي قدمت تصورات للمدينة في مرحلة الوضع الدائم ما يلي:
الرقم المشروع الفترة الزمنية المضمون
1 مشروع فونداك وهير شفليد 1993 1_ تشكيل بلدية عليا للقدس تتكون من بلديتين عربية وأخرى يهودية.
2_ تقسيم المدينة إلى أحياء لكل حي إدارته الذاتية.
3_ الأماكن المقدسة تحت سيادة مشتركة على النحو التالي:
أ_ الأماكن الإسلامية تحت سيادة إسرائيلية فلسطينية أردنية.
ب_ الأماكن المسيحية تحت سيادة إسرائيلية مع طرف مسيحي يحدده الفاتيكان.
4_ مراجعة السيادة الدينية لإسرائيل.
5_ ينظر في تجديد هذا الوضع كل 35 سنة.
2 شمعون شامير في لقاء مع فلسطينيين في النمسا 20/مايو/1994 1_ تبقى مدينة القدس موحدة ومفتوحة للجميع.
2_ يشكل مجلس بلدية أعلى برئاسة يهودية.
3_ تقسيم المدينة إلى أحياء ذات استقلال ذاتي وتابعة للبلدية.
4_ يحق لسكان القدس العرب الانتخاب والترشيح لمؤسسسات الكيان الفلسطيني.
5_ الأماكن المقدسة تدار من قبل الأديان ويحق للكيان الفلسطيني رفع علمه على منطقة الحرم.
6_ يحق للمؤسسسات الفلسطينية العمل في القدس الشرقية.
3 معهد القدس للدراسات الإسرائيلية 1995 1_ تكريس مكانة إسرائيل في المدينة.
2_ منح اليهود حق الدخول إلى جبل الهيكل.
3_ أي حل يجب أن يمنح إسرائيل حق استخدام القوة.
4 رعنان ويتز 23/اكتوبر/1995 1_ مدينة للفلسطينيين بمثابة عاصمة مساحتها 10.000 دونم تقع شرقي قرية شعفاط تستوعب ثلاثة آلف مواطن فلسطيني.
2_ أرض هذه المدينة جزء من أرض السلطة الفلسطينية وتحت إدارتها.
3_ سكان القدس من العرب لهم الحق بالإنضمام للقدس الحالية أو القدس المفتوحة.
4_ ينشأ طريق التفافي دائري يربط القدس الحالية بالمفتوحة، يكون الجزء الغربي منه تحت السيادة الفلسطينية.
5_ المدينة (داخل الأسوار) يتم تدويلها لبُعدها الديني العالمي ولها وضع مميز وتكون حياً من أحياء القدس اليهودية ويشرف عليها مجلس منتخب من السكان المحليين (يهود، مسيحيين، مسلمين) ورئيس المجلس المنتخب يكون رئيس البلدية للقدس اليهودية ونائبه رئيس بلدية القدس الفلسطينية المقترحة وقد أورد أن هذا الحل يقوم على تكون جميع المستوطنات ضمن القدس اليهودية ونائبه رئيس بلدية القدس الفلسطينية المقترحة وقد أورد أن هذا الحل يقوم على تكون جميع المستوطنات ضمن القدس اليهودية و ينهي بذلك الإقليمية للقدس.
5 دوري غولد 1995 تناول أبعاد قضية القدس وتناول الحلول القائمة على:
1_ الحل الديني بتشكيل لجنة إسلامية تشارك فيها ( السعودية والمغرب والأردن والسلطة الفلسطينية مهمتها الإشراف الديني فقط على الأماكن الإسلامية ).
2_ استبعد الحل الجغرافي لتقسيم المدينة والسيادة السياسية لأن المدينة – وعلى حد زعمه – مدينة يهودية وعاصمة أبدية لإسرائيل.
.. من خلال القراءة السريعة لهذه الحلول، نجد أن موضوع المستوطنات لم يرد بشكل واضح إلا بما طرحه مشروع رعنان ويتز بأن تكون المستوطنات ضمن القدس اليهودية.
أما حركة السلام الآن، فقد رأى طاقم متابعة المستوطنات فيها تحديد موقف الحركة بالدعوة " لإدارة المفاوضات مع الفلسطينيين على أساس ما يسمى الخط الأخضر لعام 1967 بما في ذلك القدس "، ويرى أيضاً ضرورة " إخلاء المستوطنات على مراحل "، وقد تم وضع معايير للإخلاء هي:
1. مدى الإقتراب من المراكز السكانية الفلسطينية.
2. البُعد عن " الخط الأخضر ".
3. حجم المستوطنة والقدرة على خلق ممر آخر لها.
4. معقولية التسوية التي يمكن للمستوطنات أن تبقى في إطارها بالإتفاق في يد " إسرائيل ".
.. وحسب جريدة القدس في 18/8/2001، فقد أجاب بيرس في مقابلة مع جريدة يديعوت أحرنوت حول إخلاء المستوطنات قائلاً: أجل حسبما أعتقد حتى في إتفاق كامب ديفيد الثاني تحدثوا عن إزالة 80% من المستوطنات القائمة وتجميعها في كتل استيطانية.
ويلاحظ أن هناك توجه سياسي جديد يطرح إعادة تقسيم القدس بدأ باتفاق يوسي بيلين وأبو مازن قبل 14 عاماً، وظهر خلال مداولات صيف 2000 في مؤتمر كامب ديفيد بمشاركة أيهود باراك وياسر عرفات وبيل كلينتون، وهناك خارطتان توضحان التخلي عن أحياء من القدس وتتخلص التطلعات الإسرائيلية باقتطاع ثمانية أحياء عربية يعيش فيها حوالي (120000) مائة وعشرون ألف عربي، وتسليمها إلى السلطة الفلسطينية، وبالمقابل يقوم الاحتلال الصهيوني بضم مستوطنات مثل معاليه أدوميم من الشرق وجبعات زتيف من الشمال وعتصيون من الجنوب إلى القدس التي تحت سلطتهم.
ويستند السياسيون الصهاينة على طرحهم التقسيم إلى المشكلة الديمغرافية، حيث أن نسبة العرب تزداد يوماً بعد يـوم، وأصبحت الآن 34% مقابل 66% من يهود، بينما كانت في سنة 1967 نسبة العرب 26% مقابل 74% يهود، ويتوقع أن تصبح النسبة عام 2020 هي 56% يهود، أي أن الخطر الديمغرافي هو السبب الرئيسي لتوجه الصهاينة للتخلي عن أحياء عربية في القدس وضم مستوطنات صهيونية من أراضي الضفة إلى عاصمتهم.
كانت تلك هي الرؤية الإسرائيلية لمستقبل المستوطنات الصهيونية، فكيف يرى الفلسطينيون الحل:
لقد أعلن رينيه كوسيرنيك مندوب اللجنة الدولية للصليب الأحمر خلال مؤتمر صحفي عقده في مدينة القدس المحتلة في منتصف أيار 2001، أن سياسة بناء المستوطنات على هذا النحو جريمة حرب بموجب القانون الإنساني، نعم إنها انتهاك صارخ للقانون الدولي. إن احتلال الجزء الغربي من القدس سنة 1948 واحتلال الجزء الشرقي منها عـام 1967، وجميع الإجراءات التهويدية، يعتبر أيضاً مخالفاً للقانون الدولي والقرار رقم (181) الذي صدر عام 1947، والقاضي بتدويل القدس. وبناءً عليه، فكل ما قام به الكيان الصهيوني وما أقام من مستوطنات هو باطل، ويجب أن يتنازل عنه. أما القرار (242)، فإنه يقضي بالانسحاب من الأراضي التي احتلتها " إسرائيل " بما فيها القدس في سنة 1967، وبذلك فإن على المستوطنين أيضاً أن ينسحبوا مع جيوشهم وإخلاء المستوطنات.
هذان القراران الدوليان يشكلان مصدر قوة للمفاوض الفلسطيني، ولكن المفاوضات تعني الوصول إلى حل بالتفاهم بين الطرفين، وبالتالي على كل طرف أن يقدم تنازلاً من جهته ثمناً للإتفاق، فهل يسعى المفاوض إلى ذلك؟
في هذه الحالة، قد يتفق الطرفان مستقبلاً على أحد الاحتمالات التالية:
• فتح المستوطنات أمام السكن المشترك العربي الصهيوني، وإلغاء الاستيطان العنصري المحتكر يهودياً، وبالتالي تصبح المستوطنات مدناً جديدة.
• يخضع المستوطنون للقانون الفلسطيني صاحب السيادة على المستوطنات، وتبقى المستوطنات قائمة كما هـي.
• يتم الاتفاق على تبديل المستوطنات بالأملاك العربية المصادرة في القدس المحتلة عام 1948.
• يتم شراء المستوطنات لصالح الدولة الفلسطينية وإخلاء المستوطنين منها، أو الاتفاق على بقائهم.
• هذا إذا كان الحل سياسياً، أما إذا كان الاتفاق على حل ديني فقط لقضية القدس، فإن المستوطنات ستبقى خارج الاتفاق وتبقى تحت السيادة الإسرائيلية، وهنا ينبع الخطر من الاتفاق على الحل بإسم الديانات الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلامية حتى وإن كان الإشراف على المقدسات دولياً أو بمشاركة الأطراف الدينية الثلاثة.
.. إن القضية من جذورها قضية سياسية يجب أن يكون الحل سياسياً آخذين بعين الاعتبار أن جميع التغييرات على الأراضي والتي خلقت واقعاً جديداً، هي ليست قدراً على العرب أن يقبلوه، بل هي عدوان صهيوني على الحق العربي، وإنها نتيجة للاحتلال العسكري الذي تدينه كافة القوانين والأعراف الدولية، وأن جلاء الاحتلال عن الأراضي العربية هو الحل الحقيقي، ولأن هذه المستوطنات هي نتاج الاحتلال العسكري يجب تحويلها إلى ملكية عربية كجزء من التعويض عن نتائج الدمار الذي ألحقه هذا الاحتلال بالمدينة وسكانها.
.. ولمن لم يقرأ التاريخ، نؤكد:
أن القدس عاصمة دولة فلسطين، وهي جزء لا يتجزأ من الوطن العربي تماماً كما أن أهل القدس جزء من الشعب الفلسطيني الذي هو جزء من الأمة العربية.
وأن أي حل لقضية القدس لا يأخذ بعين الاعتبار هذه الأرضية الثابتة تاريخياً، قد يستطيع أن يجمد الصراع العربي الصهيوني مؤقتاً، وأن يحجبه بستائر إعلامية أو إرهابية، ولكنه لا يستطيع إنهاء الصراع الذي سوف يستمر إلى أن يعود الحق إلى أهله.

المصادر:
1_ الازعر، محمد خالد. " اية قدس ستكون موضوع التفاوض؟ " صامد الاقتصادي. 2_ عمان: دار الكرمل العدد 108، 1997.
2_ ابو عودة، عدنان. " اشكاليات السلام في الشرق الاوسط: رؤية في الداخل " بيروت: المؤسسة العربية للدراسات و النشر، 1999.
3_ حكيم، سامي. " القدس: و التسوية ". بيروت: دار النضال للطباعة و النشر، } -1987 {.
4_ دياب، امال. " القانون الدولي و الاستيطان ". صامد الاقتصادي. عمان: دار الكرمل العدد 111، 1998.
5_ عيد، جلال. " الجغرافيا السياسة للمستوطنات الاسرائيلية ".
6_ كريم، محمد. " اوروبا و الاستيطان الصهيوني ".صامـد الاقتصـادي ".
7_ ناجي، طلال." مستقبل القدس سياسيا و اداريا و جغرافيا". مجلة معلومات دولية. 8_ دمشق: مركز المعلومات القومي العدد 65، 2000.
8_ ابو جابر، ابراهيم...} واخرون{. " قضية القدس ومستقبلها ". عمان: مركز دراسات الشرق الاوسط، 1997.
9_ خليية، احمد محمد علي. " الواقع السياسي لمدينة القدس الفلسطينية من الاحتلال البريطاني الى اتفاقيات السلام ". بيروت: الجامعه اللبنانية، 1997.
10_ الخطيب، روحي." المشروع الاسرائيلي للقدس الكبرى " مجلة القدس الشريف. عمان: مكتب امانة القدس العدد 1؛1985.
11_ بركات، نظام." الاستيطان الاسرائيلي في القدس من منظور اسرائيلي ". صامد الاقتصادي. عمان: دار الكرمل العدد 125، 2001.
12_ عيراني، اميل جورج." البابوية و الشرق الاوسط ".لبنان: دار ملفات، 1997.
13_ التقرير الاستراتيجي العدد 17، 2001.
أ_ ولكوكس، فيليب: المستوطنات تنتقل الى بؤرة المسرح... ص 1-3.
ب_ حركة السلام الان " خارطة سكانية جديدة ص 14-17.
جـ_ شتاين، ياعيل: تقرير بتسليم ص 29-40.
14_ مفكرة باسيا لسنة 2001.
15_ مهدي، هند. " استراتيجية الاستيطان في الحركة الصهيونية ". صامد الاقتصادي. عمان: دار الكرمل العدد 124-132، 2001.
16_ الصحف الاردنية الراي و الدستور.
17_ جريدة القدس المقدسة.
18_ ابو حسنة، نافذ. " الاستيطان و الاستيعاب الهجرة اليهودية الى فلسطين " صامد الاقتصادي. عمان: دار الكرمل العدد 90، 1992.
19_ ابو عرفة، عبد الرحمن. " الاستيطان التطبيق العملي للصهيونية ". القدس: وكالة ابو عرفة للصحافة و النشر، 1981.

سلوان

سلوان تواجه خطر الاستيطان الصهيوني

تجري عملية تهويد سلوان من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضمن البرنامج الاستيطاني وحسب مخطط لم تعد أبعاده خافية على أحد مما يتطلب دق ناقوس الخطر وحتى لا يصرخ الشهيد غسان كنفاني فينا من جديد " لماذا لم تقرعوا جدران الخزان؟؟
علينا كشف التوجه الصهيوني الهادف إلى ابتلاع سلوان لتكون امتداداً للجزء الغربي من القدس الذي احتل عام 1948 ولتشكل مع مستوطنة راس العامود راس حربة باتجاه الشرق لاختراق الأراضي العربية المحتلة وضمها إلى القدس، وخاصة أن المدينة سيعاد تشكيلها بما يتناسب مع البرنامج الصهيوني لتكون العاصمة الموحدة والأبدية لإسرائيل.
وأن التأكيد على عروبة كل موقع في فلسطين هو واجب مقدس في مواجهة الهجمات الشرسة لتهويدها ومن هنا الانطلاق.
سلوان العربية:

الموقع: تقع سلوان في حنوب شرق القدس بين إحداثي خطي الطول 173 والعرض 130، وهي مجاورة لسور القدس من الجهة الجنوبية، وتبعد عنه بضعة أمتار فقط. وتعتبر سلوان موقعاً أثرياً يضم مدافن صخرية وآثاراً تاريخية تعبر عن عراقتها التاريخية وأصولها العربية منذ نشأتها وحتى الآن.
المساحة: تبلغ مساحة سلوان 146 دونماً، وقد اعتبرت خامس قرية من حيث المساحة ضمن قرى القدس وذلك قبل أن تصبح أحد أحيائها في سنة 1952 م. وتمتلك القرية أراضي مساحتها 5421 دونماً، منها 58 دونماً للطرق والوديان، بينما تبلغ مساحة الأراضي المزروعة بالزيتون حوالي 460 دونماً.
الإسم: سلوان هو إسم تاريخي يرجح المؤرخون أنه من كلمة آرامية هي " سيلون " ومعناه الشوك والعليق، بينما يرجعه آخرون إلى مصدر سامي مشترك ومعناه " الهدوء، وأرجح التسمية الثانية، أي الهدوء، وذلك لوفرة المياه فيها وانتشار البساتين تاريخياً حيث يتوفر الماء والخضراء والوجه الحسن، مما يولد الهدوء وليس الشوك والعليق ". وقد أطلق اليونانيون القدامى عليها إسم " سلوام ".
القرية تصبح حيّاً: لقد دخلت سلوان في المخطط الثاني لحدود بلدية القدس والذي تم وضعه في سنة 1946م في فترة الإنتداب البريطاني على فلسطين، ولكن صدور قرار التقسيم سنة 1947م وفيه تدويل القدس، قد عرقل عملية التنفيذ ثم تلاه عملية الاحتلال العسكري لفلسطين سنة 1948م، والتي أدت إلى احتلال الجزء الغربي من مدينة القدس ليصبح تحت السلطة الإسرائيلية مما أدى إلى إيقاف تنفيذ المخطط.
.. وفي 1952م، تمت المصادقة على توسيع حدود بلدية القدس التابعة للحكم الأردني، وكانت عملية التوسيع تضم قرية سلوان لتصبح أحد أحياء مدينة القدس وضمن صلاحياتها البلدية.
وبعد الاحتلال الإسرائيلي للجزء الشرقي من القدس عام 1967، أصبحت سلوان تابعة للبلدية الموحدة للقدس إثر القرار الإسرائيلي في 29 حزيران 1967 " بحل مجلس أمانة القدس " ونقل جميع أملاكها ووضعها تحت تصرف بلدية القدس " اليهودية ". وهكذا بدأت إسرائيل بتطبيق قوانينها لتهويد كل ما يؤكد عروبة القدس وسلوان جزء منها.
التطور السكاني: استناداً للإحصائيات الرسمية البريطانية أثناء فترة الانتداب على فلسطين، فإن عدد سكان سلوان كالتالي:
• سنة 1922 م بلغ عدد السكان 1901 نسمة
• سنة 1931م بلغ عدد السكان 2968 نسمة
• سنة 1945م بلغ عدد السكان 3820 نسمة
أما الآن في ظل الاحتلال العسكري الإسرائيلي، فإن عدد سكان سلوان قد بلغ 6590 نسمة في سنة 1998، وأصبح 10,755 نسمة في سنة 2007، وتعتبر سابع أحياء القدس من حيث العدد السكاني العربي. وقد بلغ عدد المستوطنين اليهود في سلوان حتى 1997 خمس عشرة عائلة، ويقدرون بـ 100 مستوطن، بينما يضاف إليهم 40 طالباً يهودياً متديناً يدرسون في المدرسة الدينية التي أقيمت فيها.
المياه في سلوان: توجد الحياة حيث توجد المياه، وفي سلوان فإن المياه أوجدت الحياة الدائمة فيها وفي محيطها، فقد كانت هي المصدر الوحيد لتزويد القدس بالمياه تاريخياً، ولا يخفي على أحد الأطماع الصهيونية في المياه العربية، ولذلك فقد أحكمت سلطات الاحتلال الإسرائيلية سيطرتها على مصادر المياه في سلوان، وهذه هي مصادر المياه فيها:
1. عين أم الدرج: وتبعد 300 متراً عن الزاوية الشرقية لسور القدس، وكانت المورد الوحيد لمياه القدس منذ القدم.
2. بركة سلوان: وتبعد عن عين أم الدرج بضعة أمتار، وتعتبر من الوقف الإسلامي حيث أوقفها الخليفة عثمان بن عفان على ضعفاء المدينة، كما تسقي البساتين والحقول المجاورة.
3. البركة الحمراء: وهي على بُعد عدة أمتار عن بركة سلوان، وفي الجنوب الشرقي منها.
4. بئر أيوب: ويبلغ عمقه 125 قدماً، وترشح فيه مياه عين أم الدرج.
5. عين اللوزة: وتبعد 534م عن بئر أيوب إلى الجنوب منه، وتجري فيها المياه الفائضة من بئر أيوب.
وتعتبر المياه في سلوان مياه مقدسة لدى المسلمين والمسيحييـن، فبينما " أبرا المسيح الأعمى فأصبح يرى "، فقد روى خالد بن قعدان بأن: " زمزم وعين سلوان التي في بيت المقدس من عيون الجنة ".
مدينة داود في التاريخ:
ما هي الحقيقة التاريخية لمدينة داود التي يدعي الصهاينة وجودها في منطقة سلوان؟
للرد على الصهاينة، فإن التوراة المتداولة بين أيدينا تعتبر سنداً دينياً وتاريخياً في آنٍ واحد، وهي وثيقة يهودية صهيونية لا يستطيعون إنكارها. فماذا ورد في التوراة؟
في الأصحاح الخامس من سفر صموئيل الثاني، وبعد أن قام شيوخ إسرائيل بتنصيب داود ملكاً عليهم ورد ما يلي:
" وذهب الملك ورجاله إلى أورشليم إلى اليبوسيين سكان الأرض " وهذ النص يؤكد ما يلي:
1. أن إسم المدينة هو أورشليم، وأن هذا الإسم أطلق عليها من قبل سكانها العرب اليبوسيين قبل قدوم اليهود إليها.
2. أن اليبوسيين هم السكان الأصليون للمدينة.
3. أن اليهود قدموا من خارج المدينة بما فيهم داود، فهم دخلاء وليسوا أصحاب هذه الأرض.
.. ثم يأتي النص التوراتي ليضيف: " وأخذ داود حصن صهيون " أي أنه احتل الحصن، وكان إسم الحصن صهيون وهي كلمة عربية معناها " المرتفع " وأن الانتساب لهذا المرتفع هو لغاية سياسية جرت بعد تزوير التاريخ لتجييره لصالح الأهداف الصهيونية " التي هي الحركة السياسية للبرجوازية اليهودية ".
ونستكمل النص التوراتي، لنصل إلى القول: " أقام داود في الحصن وسمّاه مدينة داود ". إذن لم يبني داود مدينـة، بل غيّر إسم الحصن اليبوسي المعروف بإسم حصن صهيون إلى إسم مدينة داود "، وهذا ما تفعله الحكومات الإسرائيلية الآن، حيث تغير الأسماء العربية لمواقع يهودية، وإن كانت عملية التزييف التاريخي هذه لا تلغي الحقائق التاريخية، وأن الأرض عربية وسكانها الأصليون هم العرب.
وتفرق التوراة بين أورشليم المدينة وبين الحصن الذي أصبح يسمى مدينة داود، وقد ورد ذلك في الأصحاح الثالث من سفر الملوك الأول: " وصاهر سليمان فرعون ملك مصر وأخذ بنت فرعون وأتى بها مدينة داود إلى أن أكمل بيته وبيت الرب وسور أورشليم حولها ".
إذن مدينة داود هي حصن صهيون اليبوسي، وهي قلعة عربية يبوسية، وليست يهودية، لذلك فإنها ليست مدينة القدس أورشليم التي أتى إليها داود ورجاله.
إذن واستناداً إلى التوراة، لا يوجد مدينة مستقلة اسمها مدينة داود، وأن الإدعاء التاريخي بوجود هذه المدينة هو إدعاء باطل وتزوير واضح للتاريخ.
أما السند الثاني التاريخي في مواجهة الإدعاءات الصهيونية فإنه الآثار التي تروي التاريخ بشكل مادي وتدحض كل الافتراءات الصهيونية حول وجود " مدينة داود "، فمنذ عام 1967 والحفريات الأثرية جارية على قدمٍ وساق من قبل سلطات الاحتلال في محاولة لإيجاد دليل على صحة إدعاءاتهـم، ولكن دون جدوى، فإن الاكتشافات الأثرية في سلوان تثبت عكس تلك الإدعاءات.
وهنا نستشهد بأقوال المهندس رائف نجم الذي يقول: " أنه أثناء عمليات التنقيب الأخيرة التي أشرف عليها باحثان من دائرة الآثار الإسرائيلية هما: روني رايش وايلي شوكرون، اكتشفت تحصينات. وأن جدعون افني عالم الآثار وصف هذه الاكتشافات بأنها تغطي ضعفي مساحة سلوان الحالية، مـمـا
يثبت بطلان الإدعاء الصهيوني بأنها مدينة داود.
وقد أفاد عالم الآثار جدعون افني أن عمليات التنقيب أدت إلى اكتشاف نظام معقد لنقل المياه يعود تاريخه إلى 1800 ق.م، أي أن الذي أقام ذلك النظام هم الكنعانيون العرب قبل مجيء داود بـ 800 عام.
ويذكر أنه قد تم اكتشاف برجين حجريين استخدما لتدعيم شبكة المياه وقطع فخارية استخدمت في تقدير عمر الشبكة وربطها بالعهد الكنعاني في الحقبة البرونزية والوسيطـة.
إذن فالآثار التاريخية تؤكد عروبة سلوان وتسقط الإدعاءات الصهيونية بأن مدينة داود لها وجود، وأن تغيير الإسم ليس إثباتاً للتاريخ.
حركة الاستيطان في سلوان:
إن بطلان الإدعاءات الصهيونية هو لتثبيت الحقائق التاريخية والتمسك بها من أجل استعادة الشعب الفلسطيني حقوقه في المستقبل، وإن كانت لا تغير الآن الواقع بسبب الاختلال في توازن القوى لصالح الاحتلال، والذي فرض سيادته وفرض عملية تغيير زائف للواقع، ولذا تستمر سلطات الاحتلال في تنفيذ مشروع إعادة تشكيل مدينة القدس لتأخذ طابعاً يهودياً يتلائم مع الهدف من إقامة العاصمة الموحدة والأبدية لإسرائيل تضم الجزء الشرقي والغربي للمدينة ومساحات واسعة من أراضي الضفة.
.. وهنا يبرز النشاط الاستيطاني في ثلاث حلقات متشابكة، وهي:
1. مشروع ماميلا أو قرية داود
2. الاستيلاء على أراضي ومباني سلوان
3. إقامة مستوطنة متسبية دانئيل في راس العامود
وبهذه الحلقات الثلاث " يعاد بناء " مدينة داود التي يتغنى بها اليهود كسند تاريخي في إقامة دولة " إسرائيل "، ويجرى العمل على تهويد سلوان تحت الشعار الصهيوني: " العودة إلى الجذور وإحياء مدينة داود التاريخية ".
الحلقة الأولى: مشروع ماميلا أو قرية داود:
وهو مشروع استيطاني في منطقة حي الشماعة الواقعة في غربي باب الخليل في سور القدس وهي منطقة حرام حددتها الهدنة الموقعة إثر حرب 1948.
وحسب النشرة الرسمية الإسرائيلية رقم 1656 وفي الصفحة 2808، ورد استملاك 130 دونماً بموجب الخريطة رقم هـ ف /125/322، وذلك في عام 1970. وقد تمت عملية مصادرة لقطع الأراضي ذات الأرقـام 30032، 30031، 30020. ويذكر أن هذه الأراضي المصادرة هي جزء من الأملاك العربية التي استولت عليها سلطات الاحتلال الإسرائيلية لتطبيق برنامجها الاستيطاني لاستيعاب المهاجرين اليهود القادمين من أنحاء العالم.
وإن كان حزب العمل قد بدأ عملية التمهيد لتنفيذ المشروع حيث قام بعملية المصادرة فإن الليكود قد استمر في التنفيذ لاستكمال البرنامج الصهيوني، حيث يتم البناء التجاري والسياحي، ويذكر أن سلطات الاحتلال قد أقامت عام 1983 " الحديقة الآثارية " وتعرف بإسم جان اركيولوجي، وتقع جنوب ساحة الحرم الشريف، وتمتد من طرفه الجنوبي حتى الجزء الشرقي، وتحتوي على آثار منذ الألف الأول ق.م، حتى نهاية العصر العثماني.
في عام 1998، قررت الحكومة إنشاء ساحة جديدة لصلاة اليهود في الجهة الجنوبية الغربية للأقصى من الخارج، وتطل على سلوان، بل هي تابعة لها.
وبهذه النشاطات الاستيطانية أصبح الحرم الشريف في القدس محاصراً من الجهة الجنوبية وتحت السيطرة اليهودية من الجهتين. وقد كشفت خطة صهيونية لتهويد هذه المنطقة الجنوبية الغربية لسور الحرم الشريف أطلق على المرحلة الأولى إسم " مشروع وادي الملوك " حيث تقوم شركة تطوير شرقي القدس بما يلي:
1. فتح باب جديد في سور القدس على بعد 15 متراً غربي باب المغاربة، ويعتبر ذلك المرحلة ( أ ) من المشروع.
2. إقامة نفق خاص باتجاه " مدينة داود " وصولاً إلى عين أم الدرج.
3. رفع سور " مدينة داود " 14 متراً ليكون في الارتفاع الأصلي.
4. إقامة الساحات والمباني اللازمة لدعم مشروع الهيكل لتعطي شكل مدينة داود القديمة حسب ادعاءاتهم.
إنهم سيدمرون سلوان بحجة التنقيب عن مدينة داود ومن أجل إقامة مبانٍ جديدة تغيّر معالم سلوان العربية لتصبح ذات صبغة يهودية، واستبدال السكان العرب بمستوطنين يهود، ومن هنا تستمر الهجمة ضد المباني العربية وضد السكان العرب في سلوان.
الحلقة الثانية: الاستيلاء على الأراضي والمباني في سلوان:
تمتد هجمة التهويد من حي الشماعة في الحلقة الأولى للاستيطان لتصل إلى مصادرة الأراضي والاستيلاء على المنازل في سلوان في حرب لتهجير السكان بعيداً عن مشروع مدينة داود وربط سلوان بغرب القدس. وقد اتخذت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قراراً رسمياً في 8/12/1991 يسمح بموجبه لليهود بالاستيطان في سلوان، ويعتبر القرار مخالفاً للقوانين الدولية وانتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان الفلسطيني، غير أن إسرائيل منذ الإعلان عن قيامها عام 1948 وهي تضرب بعرض الحائط كافة القرارات والقوانين الدولية، إذ ليس هناك من يحاسبها على أعمالها !!.
وكان القرار الرسمي قد صدر بعد قيام 200 مستوطن يهودي باحتلال عدد من المنازل العربية في سلوان والاستيلاء عليها بدعم من وزير الإسكان في حينه أرئيل شارون ومشاركة أربعة نواب هم: ميخائيل ايتان، غيئولاكوهين، غرشون شافات، الياكيم هانتربي، وقد تصدى أهالي سلوان العرب ببطولة لأولئك المستوطنين حتى أجبروا شرطة الاحتلال القيام بإخلائهم من تلك المنازل عدا منزل واحد.
هذا المنزل بالذات هو قضية سياسية تستحق الاهتمام الخاص من كل عربي، لأن المبرر الذي تدّعيه سلطات الاحتلال " أن هذا المنزل هو ملك ليهودي يدعى ( ميوحاس ) وكان قد ترك المنزل عام 1929 بسبب ثورة البراق ".
وطالما يحق لليهودي ميوحاس العودة إلى بيته لأنه ترك البيت في ظروف سياسية، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ألا يحق للعربي الذي ترك بيته في ظروف الحرب عام 1948 بالعودة إلى بيته؟ وأن هذا البيت يؤكد سياسة التمييز العنصري التي تمارسها إسرائيل على الأراضي العربية المحتلة وضد السكان العرب.
إن العجيب في أمر هذا البيت هو أن " الصندوق القومي اليهودي " لا يملك أي وثيقة تؤكد ملكيتهم للأرض أباً عن جد، وإن البيت تم بناؤه سنة 1966. ولا يعقل أبداً أن طفلاً ولد عام 1917 باع الأرض في عام 1923 كما يدّعون، وله من العمر ست سنوات؟!
هنا تطفو على السطح عملية تزوير الوثائق التي تعتبر " حرفة صهيونية " تمارسها سلطات الاحتلال بقصد الاستيلاء على منازل سلوان. وقد استولى المستوطنون بدعم رسمي على 15 منزلاً حتى آذار 1997 رافعين شعاراً صهيونياً هو " أن سلوان هي أرض لليهود منذ أيام داود، فالمنازل التي عليها هي ملك لهم أيضاً "، هذا الأسلوب اليهودي في الاستيلاء على المنازل المنفردة هو أسلوب يعتمد القيام بإنشاء بؤر استيطانية تتمدد وتتمدد لتصبح حياً ثم يتمدد ليصبح مدينة داود كما هو المخطط.
الحي اليمني في سلوان: ضمن عملية تهويد سلوان هي تغيير الأسماء العربية إلى أسماء يهودية، وهذا ما جرى للحي اليمني في سلوان، فقط أطلقت عليه سلطات الاحتلال إسم " كفار هشيلوح " وادّعت ملكية الحي لليهود !! استناداً إلى أن مهاجرين يهود قدموا من اليمن سنة 1884م، وكانوا مئة عائلة يهودية وقد سكنت هذه العائلات في سلوان، وأنهم تركوا الحي في أعقاب ثورة 1936م، حيث تم طردهم من المنطقة ضمن عملية تطهير قام بها العرب من أهالي سلوان.
الجدير بالذكر، أن هؤلاء اليهود " كانوا يعيشون في كهوف ومنازل مؤقتة "، مما يؤكد عدم تملّكهم للمباني أو الأراضي في سلوان. وهي قضية تشبه قضية بيت ميوحاس، فإذا كان لهم حق العودة إلى هذا الحي، فهل سيطبق هذا الحق بعودة الفلسطينيين إلى أحيائهم في فلسطين المحتلة 1948؟ مع الفرق الشاسع بأن أولئك اليهود ليسوا مواطنين محليين، بل مهاجرين قدموا من خارج الوطن.
وباشرت سلطات الاحتلال بتنفيذ مخطط يقضي بهدم 88 منزلاً وتشريد 1500 مواطن في حي البستان القريب من المسجد الأقصى. واستعرض تقرير الانتهاكات التي تقوم بها " سلطة الآثار الإسرائيلية " و" جمعية إلعاد الاستيطانية "، التي حفرت نفقاً جديداً يقع يسار مسجد عين سلوان في حي سلوان بالقدس المحتلة إلى الجنوب من المسجد الأقصى المبارك بهدف ربطه بشبكة الأنفاق الضخمة التي تحفر أسفل المسجد المبـارك.
وحذرت مؤسسة الأقصى للوقف والتراث من خطر الإنهيار الذي يتهدد " هضبة سلوان " التي تقع في المدخل الرئيسي لبلدة سلوان والمحاذية للجدار الجنوبي للمسجد الأقصى المبارك، وقالت المؤسسة أن الموقع عبارة عن هضبة مفرّغة في باطنها بفعل حفريات كبيرة الحجم وأنفاق متشابكة ومتداخلة، تجعلها مهددة بالإنهيار الكامل ". وذكّرت الدائرة بانهيار أرضية مدرسة للإناث تقع في نفس المنطقة والتي أعطت مؤشر خطير عن حقيقة الوضع هناك.
كما استقرت إحدى عشرة عائلة يهودية جديدة في بداية عام 2008 في سلوان على ما أعلنت مؤسسة العاد الناشطة في سبيل تهويد القدس. وقال أحد مسؤولي العاد أن " العائلات الإحدى عشرة استقرت في أربعة منازل نملكها في حي مدينة داود "، مؤكداً أن المنازل المعنية اشترتها مؤسسته، وتعيش حوالى 60 عائلة يهودية حالياً في وسط حي سلوان.
مصادرة الأراضي: ويذكر أيضاً أن الأراضي في سلوان قد تعرضت لهجمة صهيونية بالاستيلاء على 1000 دونم من تلك الأراضي في الفترة الواقعة ما بين 1967 - 1976. وأن مصادرة الأراضي والاستيلاء على المنازل كان جزءاً من نشاطات صهيونية عديدة تهدف إلى تفريغ سلوان من أهلها وتهويدها. فقد قامت سلطات الاحتلال بمنع إصدار التراخيص للبناء فيضطر السكان للهجرة خارج سلوان بسبب النمو السكاني فيها، ولم تكتف سلطات الاحتلال بذلك، بل قامت بهدم العديد من المنازل التي تم بناؤها هناك، وهذه قائمة بأصحاب تلك المنازل، والتي ليست مكتملة لقلّة المصادر:

الاسم المكان تاريخ الهدم السبب
إبراهيم يوسف صيام غرفة 15/1/1990 تنظيمي
جمال حماد ابو صالح 170م تحت الانشاء 26/2/1990 امني
زهير محمدعباس 4غرف ومنافع 5/2/1990 تنظيمي
حمد حسين محمود 4 غرف 13م2 26/2/1990 تنظيمي
ربيحة جبر برقان بناء غير مكتمل 16/8/1988 تنظيمي
سميرة السلايمة 28/7/2007 تنظيمي
بينما نثبت هنا قائمة أخرى تضم بعض الذين تم الاستيلاء على منازلهم:
1. فاطمة أحمد القراعين
2. محمد غزلان
3. محمد الفجاري
4. جميل أحمد العباسي
.. ولا ننسى الشهداء الذين ضحّوا في سبيل الدفاع عن عروبة القدس وعروبة فلسطين من أهالي سلوان، نتيجة لتعرضهم للقتل بأسلحة جيش الاحتلال، اليد الإرهابية لإسرائيل، وهذه قائمة بمن عرفنا منهم:
الشهيد تاريخ الاستشهاد
محمد عزيز ناصر 24/3/1989
عزام رشدي غانم 28/5/1990
محمد نعيم فطافطة 21/6/1990
زهدي محمد الشويكي 22/6/1990

** الشهيد القائد اسحق موسى مراغه (أبو جمال) / 43 عاماً:
هو أحد قادة إضراب نفحة الشهير عام 1980 والذي استمر ثلاثة أسابيع، تم نقله أثناء الإضراب مع 26 آخرين إلى سجن الرملة لكسر الإضراب عن الطعام بعزل المسؤولين عنه وتعرض للضرب لإجباره على تناول الطعام عبر البرابيش ونُقل بعدها إلى سجن صرفند العسكري، وتدهورت حالته الصحية، ونُقل بعدها إلى سجن بئر السبع، ونتيجةً للإهمال الصحي في معالجته استشهد في 16/11/1983. وكان القائد البطل قد اعتقل في شباط 1975 وحكم عليه عشرون عاماً لقيادته العمل النضالي في القدس في إطار الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

مؤسسات الاستيطان في سلوان:
1. شركة عميدار
2. شركة هيمنوتا
وقد بدأ النشاط الاستيطاني لهما في سلوان أيام حكومة اسحق شامير سنة 1992، وبعد قرار الحكومة الرسمي بالسماح لليهود بالاستيطان في سلوان.
1. شركة تطوير شرقي القدس: وهي الشركة المسؤولة عن دخول الأفراد إلى عين سلوان وتجبي منهم رسوم الدخول إلى الموقع، حيث تم تهويد المكان بعد أن كان عربياً على مر التاريخ.
2. جمعية العاد: وهي مسؤولة عن صيانة وحراسة " الأماكن التاريخية والحديقة الوطنية قرب أسوار القدس حيث تمت مصادرة المنطقة، وتمارس عملية الاستيلاء على المنازل، ويقوم الجميع من هذه الشركات بأعمال البناء والترميم وكل مجالات النشاط الاستيطاني في سلوان.
3. المدرسة الدينية: أقام المستوطنون مدرسة دينية تدعى " حازون اكنان " في سلوان ويرأسها الحاخام عمانئيل سطرنبرغ ويوجد في المدرسة 40 طالباً يهودياً يستوطنون فيها.
الحلقة الثالثة: مستوطنة راس العامود:
وقد أطلق على هذه المستوطنة إسم " متسبيه دانئيل "
الموقع: تقع وسط الحي العربي راس العامود المطل على المسجد الأقصى، وهي شرق سلوان وغرب الشارع العام القديم القدس – بيت لحم.
المساحة: تبلغ مساحة المستوطنة 13 دونماً و 850 متراً.
الخطة بناء حي استيطاني يتكون من 132 وحدة سكنية ومجمع تجاري وتشمل مدرسة أطفال وكنيس يهودي.
ويدعي الصهاينة أن هذه الأرض اشتُريت من قبل مجموعة كوليل فالين وكوليل حباد من أجل إقامة مقبرة عليها وذلك قبل مئة عام !! إذا كان الأمر كذلك، فلماذا الإدعاء بأن المليونير ايرفينغ موسكوفيتش قد موّل عملية شراء المنزل الذي تم احتلاله من قبل المستوطنين في 14/9/1997، ونحن لم نعهد أن يدفع اليهود ثمن شيء مرتين وخاصة أنهم يصادرون ويستولون على الأراضي والمنازل تحت ستار القانون الذي يصدرون القرارات استناداً إليه كما يشاؤون.
لقد تمت المصادقة رسمياً على بناء هذه المستوطنة في 10/2/1996، حيث قررت لجنة تخطيط لواء القدس الموافقة على الخطة المطروحة لإقامة المستوطنة، بينما صادقت اللجنة اللوائية في وزارة الداخلية على بناء 132 شقة سكنية لليهود في الموقع. وتم البدء بمشروع بناء حوالى 66 مسكناً لعائلات إسرائيلية في حي راس العامود عام 2008.
ولا شك أن هذه المستوطنة ستكون نقطة إلتقاء المستوطنة المدينة معاليه أدوميم التي تتمدد باستمرار نحو الغرب وباتجاه راس العامود مع امتداد " مدينة داود " تبدأ حلقتها الأولى في حي الشماعة غرباً مروراً بسلوان في الوسط وصولاً إلى راس العامود الذي يمثل الجهة الشرقية لمدينة داود المزعومة. والهدف النهائي لعملية الاستيطان هذه هو مشروع القدس الكبرى الذي يبتلع العديد من قرى الضفة بل ثلث أراضيها. ولا شك أن الاستيطان سرطان قاتل، وإذا لم يوضع له حد فإنه سيفتك بجميع الأراضي العربية المحتلة.

المصادر:
1_ بلادنا فلسطين ج8ق2 في بيت المقدس /مصطفى مراد الدباغ – بيروت: دار الطليعة للطباعة و النشر، 1974.
2_ كل مكان واثر في فلسطين ج2/عيد حجاج ترجمة /عمان: منشورات الجامعة الاردنية، 1990.
3_ دولة الاحتلال الصهيوني /نجيب الاحمد – مكتب الدراسات الفلسطينية.
4_ مجلة الدراسات الفلسطيتية /ع31 صيف 1997.
5_ مفكرة فلسطين 1992/منظمة التحرير الفلسطينية.
6_ الاستيطان تطوراته و مخططاته / السلطة الوطنية الفلسطينية – مكتب الرئيس – حزيران 1995.
7_ تقارير دائرة شؤون الوطن المحتل /منظمة التحرير الفلسطينية /1990-1991 " حول ممارسات سلطات الاحتلال الاسرائيلي ضد مدينة القدس ".
8_ معاريف الاسرائيلية 28/7/1997.
9_ القدس المقدسية 5/12/1997.
10_ الدستور الاردنية 21،22/7،12/2 لسنة 1998.
11_ السبيل 28/4/1997.
12_ صوت الشعب الاردنية /سلوان تؤكد: الصهيونية عنصرية 19/12/1991.
13_ التقرير السنوي الثالث عشر / جمعية سلوان للتنمية الاجتماعية عمان 1989.

مستوطنة معاليه ادوميم

" مستوطنة معاليه أدوميم "

عقدت الحكومة الإسرائيلية بعد حرب حزيران مباشرة أول جلسة لها في 11/6/1967، واتخذت قراراً بالبدء في استيطان القدس التي تم احتلالها في السابع من حزيران.
وبنفس السرعة الهجومية في الحرب العسكرية، بدأت الهجمة الاستيطانية في حرب ضد السكان العرب في القدس، فهدمت الحكومة أحياء بكاملها، وقامت بتهجير أهلها، وصادرت الأراضي، وأقامت المستوطنات اليهودية فوق أنقاض البيوت العربية، وفوق الأراضي المصادرة.
وفي 27/6/1967، قامت إسرائيل بضم الجزء المحتل من القدس عام 1967 إلى الجزء المحتل عام 1948 لتصبح مدينة موحدة وتصبح عاصمة أبدية لإسرائيل. واستكمالاً لتنفيذ البرنامج الصهيوني بالاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وبناء المستوطنات عليها، تم وضع خطط استيطانية عرفت بأسماء واضعيها، ومن بين تلك الخطط، ما عُرف بإسم العمود الفقري المزدوج " وهي تتضمن نشر الاستيطان في خطين متوازيين تربط بينهما شبكة واسعة من الطرق الطولية والعرضية، وهذان الخطان هما:
_ الشريط الساحلي: حيث يوجد 75% من سكان إسرائيل والشريط المقابل له والممتد من الجولان شمالاً إلى شرم الشيخ جنوباً وطوله 700 كم.
وتشمل الخطة إقامة ثلاث مراكز مدينية كبيرة على مداخل القدس، وهي جفعون وافرات ومعاليه أدوميم، وبهذا يستكمل الطوق الذي بدأه المعرخ حول مدينة القدس ويغلق المدخل الشرقي لها.
وكان موشيه دايان وزير الدفاع قد تقدم في آذار 1972 باقتراح لإقامة مستوطنة في الجهة الشرقية للقدس، ويظهر الهدف من إنشاء المستوطنة واضحاً وجلياً في أقوال شمر ياهو كوهين مدير محافظة القدس في وزارة الإسكان حيث قال:
" كان الهدف من إنشاء مستوطنة معاليه أدوميم: سياسياً، إذ لم نضع نُصب أعيننا على الإطلاق أن نحل مشاكل الأزواج الشابة وتأمين مساكن لها، كان لابد من سد مداخل القدس في وجه الخطر وتمكّنا من إنجاز هذه المهمة، أي الهدف الأمني ".
ويذكر أن المستوطنة قد أقيمت رسمياً في 8/8/1979 وقد احتفل رسمياً بوضع حجر الأساس بحضور وزير الإسكان دافيد ليفي ذلك الوقت.

موقع مستوطنة معالية ادوميم

ولتوضيح صورة المستوطنة وتطورها، نلقي الضوء عليها بما يلي:-
موقعها: تقع معاليه أدوميم على بُعد 8كم عن شرقي القدس بين إحداثي خطي طول 178-179 وخطي عرض 131- 133، وترتفع عن سطح البحر 622 متراً.
مساحتها: ليس للمستوطنة حدود نهائية لأن لها دوراً كبيراً في ابتلاع الأراضي العربية المحيطه بها، وهي تبلغ 30 ألف دونم تمت مصادرتها من أصحابها العرب ضمن الأراضي المحتلة عام 1967 ومن القرى التالية: -
أبو ديس، العيزرية، سلوان، المرصرص، العيسوية، الطور، عناتا، الخان الأحمر. ومن الأمثلة على مصادرة الأراضي من تلك القرى ما تمت مصادرته من قرية عناتا.
• سنة 1974 حوالي 1000 دونم
• سنة 1978 4650 دونم
• حزيران 1979 1700 دونم
• أيلول 1979 906 دونم
بينما تمت مصادرة أراضي من العيسوية:
• في بداية 1970 حوالي 4000 دونم
• 1980 1000 دونم وهكذا.....
وقد ادعى ايلي هارنير المسؤول عن التخطيط الإستراتيجي في المستوطنة أن الأراضي التي تقام عليها المستوطنة هي أراضي دولة ولا تشمل أملاكاً عربية، علماً بأن أصحابها قد رفضوا قبول تعويضات مالية عنها، ولكن ايلي يعود ليقول أنه يعتقد " أن الواقع الجديد سيجعل أصحاب الأراضي العربية يبيعون أراضيهم " إذن فهي ليست أملاكاً للدولة وأصحابها لم يتنازلوا عنها.
سكان المستوطنة: كانت النواة التي سكنت في المستوطنة تتألف من 23 عائلة وستة عازبين استقروا في موقع أطلقوا عليه إسم " تل المؤسسين "، وقد تكونت النواة من العاملين والمستخدمين في الموقع، وقد سكنوا هناك وازداد عدد السكان في المستوطنة فبلغ في تشرين ثاني 1984 حوالي 11 ألف مستوطن، حسب أرقام المجلس الاستيطاني، وأصبح عدد المستوطنين 12 ألفاً في نيسان 1986.
وفي جدول تضمن الوضع السكاني لمعاليه أدوميم نشره المجلس الاستيطاني في الضفة والقطاع، أشار إلى ارتفاع عدد السكان من 15 ألف في كانون ثاني 1991 إلى 15750 مستوطن في تشرين ثاني لنفس السنة، وهو أعلى رقم مستوطنين في سكان المستوطنات في الضفة والقطاع، وقد تم استيعاب 220 عائلة يهودية من المهاجرين الجدد القادمين من الاتحاد السوفياتي في الهجرة التي رافقت انهيار النظام الشيوعي.
لقد أصبح عدد سكان المستوطنة عام 2007 أكثر من 33 ألف مستوطن، بعد أن كانت النواة 23 عائلة.
البناء في المستوطنة: لقد تم بناء 300 وحدة سكنية حتى عام 1980 بكلفة 2،4 مليون ليره إسرائيلية للوحدة، وتم بيع 520 شقة من مجموع 722 شقة أي 71% منها، وذلك حتى منتصف عام 1985 حسب تقرير بنفنستي في جريدة الاتحاد الحيفاوية في 2/5/1986.
وفي نهاية عام 1990، أصبحت تضم 3000 وحدة سكنية، وقد وضعت خطة جديدة لبناء 4000 وحدة سكنية.
وفي عام 1996، وجد 4500 وحدة سكنية جاهزة، وارتفعت إلى 5000 وحدة عام 1998. وقد خاطب أيهود باراك وهو رئيس وزراء أسبق سكان المستوطنة قائلاً: " كل دار أقمتموها هنا هي جزء من دولة إسرائيل للأبد وهذا نهائي " (الدستور 30/9/1999).
الوضع الاجتماعي: يعمل المستوطنون في أماكن العمل التجارية والصناعية والمؤسسات الموجودة داخل المستوطنة نفسها، وكذلك في المنطقة الصناعية المسماه " ميشور أدوميم " ثلاث كيلو مترات عن معاليه أدوميم.
ويتلقى الطلاب تعليمهم في مدارس أنشئت في المستوطنة خصيصاً للمستوطنين، وقد رصدت الجهات المختصة في أيلول 1980 أي بعد سنة من إنشاء المستوطنة مبلغ 76 مليون ليره إسرائيلية لبناء المدارس فيها.
ورغم أن المستوطنة يقطنها أغلبية من المستوطنين التابعين لحركة غوش امونيم وحزب المفدال، إلا أن عاموس طرخمان رئيس المجلس المحلي في المستوطنة يدعي " أن المستوطنة استطاعت أن توجد " الاندماج " فيها ونجحت حتى أصبحت نموذجاً يحتذى به أمام المستوطنات الأخرى، فسكان المستوطنة من جميع الطوائف والتيارات، فبينهم المتدينون وغير المتدينين، وبينهم مهاجرون قدامى ومهاجرون جدد، وعلى رغم كل الفوارق فقد اندمجوا ".
ويعتبر اون زيت أحد سكان المستوطنة من الكتّاب الإسرائيليين وهو مؤلف كتاب " الشعب الإسرائيلي: وله وجهة نظر خاصة في التوصيل إلى حل للقضية الفلسطينية، وقد عرضها في مجلة " نكودا " الناطقة بلسان المستوطنين في الضفة والقطاع، وقد طالب باستيعاب المجتمع اليهودي للسكان العرب، وكذلك المهاجرون الجدد من غير اليهود الذين قدموا من الاتحاد السوفياتي، وأن ينضم هؤلاء إلى المجتمع بدون شروط للحصول على المواطنة مثل اللغة العبرية والخدمة العسكرية وإعلان الولاء للدولة، ولا يمانع في انضمام أشخاص محليين إلى المستوطنات ليعطيهم حق المواطنة إذا كانوا معنيين في القومية الإسرائيلية. وقد طالب العلمانيين والمتدينين بوقف صراعهم على أمل أن تتحقق أمنية كل طرف منهم دون صراع.
وحسب تقرير بنفنستي في أيار 1986، فإن سكان المستوطنة الذين شاركوا في انتخابات الكنيست قد صوتوا بنسبة 77% لصالح تكتل الليكود، بينما صوت 23% فقط لصالح حزب العمل الذي ظهرت إمكانياته الضعيفة في انتخابات يوليو 1984.
وللمستوطنة مجلس استيطاني تابع للمجلس أعلى هو مجلس المستوطنات في " يهودا والسامرة " الضفة والذي يشكل مع مجلس مستوطنات القطاع مجلس موحدا يدعى: مجلس المستوطنات في الضفة والقطاع.
التمويل: تعتبر وزارة الداخلية أن المجالس الإقليمية للمستوطنات هي جزء من نظام الحكم المحلي الإسرائيلي وتطبق عليها " ظاهرياً " المعايير والمقاييس ذاتها التي تطبق في إسرائيل.
إلا أن التدقيق في كل ما تقدمه الوزارة من منح ومساعدات غير خاضعة للوائح المالية يؤكد أن المستوطنات تتمتع بأولوية واضحة عن المجالس المحلية الأخرى، وقد حصلت مستوطنة معاليه أدوميم على 60،8% مساعدات من مجموع الدخل للسلطات المحلية اليهودية في الضفة 1983.
وتعتبر المستوطنة ذات تطور سريع، وقد بلغت الاستثمارات فيها 60 مليون شيكل في أيار 1991.
عسكريا: يعتبر موقع المستوطنة موقعاً إستراتيجياً يتوسط بين أريحا والقدس، ويطل عليهما، وتشكل المستوطنة حاجزاً بين المدينتين العربيتين وتفصل بينهما، فالشارع الوحيد الذي يصل بينهما تسيطر عليه المستوطنة مما يجعل مدينة أريحا في وضع معزول ويشكل حماية للقدس وسياجاً واقياً لها.
كذلك تسيطر المستوطنة على أراضي تعتبر صالحة لإجراء المناورات العسكرية خاصة منطقة الخان الأحمر، حيث يقوم الجيش الإسرائيلي بإجراء مناورات فيها. كما تم إنجاز بناء مصانع عسكرية خاصة لإنتاج لوازم التدريب العسكري: الذخيرة وغيرها.
توسيع المستوطنة: إن مستوطنة معاليه أدوميم ليست سوى بؤرة بين أريحا والقدس أقيمت من أجل السيطرة على الأراضي المحيطة بها وضمها إلى القدس، وتبلغ المساحة بين المستوطنة وحدود شرق القدس 1200 هكتار، وقد وصف ايلي هارنير ربط معاليه أدوميم بالقدس بأنه " جزء من خطة أكثر توسعاً يطلق عليها " باب الشرق "، وتهدف إلى خلق تواصل بين المستوطنات في قطاع عرضي واسع يمر من القدس عن طريق معاليه أدوميم إلى أريحا والبحر الميت، حيث من المقرر أن تصبح معاليه أدوميم المدينة اللوائية لهذا القطاع ".
وأضاف ايلي هارنير: بما أن رئيس البلدية تيدي كوليك رفض توسيع حدود العاصمة شرقاً، فإن معاليه أدوميم ستتوسع غرباً وتتصل بالقدس. وبعد أن نقلت هآرتس أقواله هذه بأيام، نشرت في نهاية أيار 1991 أنه قد كشف النقاب مؤخراً عن خطة هيكلية جديدة للمستوطنة سيضاف بمقتضى هذه الخطة حوالي 15 ألف دونم من الأراضي الفلسطينية وتشكل حوالي 50% من مساحة الأراضي المقامة عليها المستوطنة بسغات زئيف وجبل سكوبس فتشرف على مخيم شعفاط وعدة قرى عربية.
أما وزير الإسكان ارييل شارون فخططه أوسع بكثير ويعبر عن التفكير الصهيوني الاستيطاني، حيث ذكر في أول حزيران 1991 وفي الإذاعة الإسرائيلية:
" أن مستوطنة معاليه أدوميم ستمتد إلى حدود أريحا في واد الأردن وسوف تضاف 1000 وحدة لهذه المستوطنة التي ستمتد شمالاً و شرقاً ".
بل إن الفكرة الصهيونية في توسيع المستوطنة قد تعدّت نظرياً وعملياً إبقائها مستوطنة وأصبح العمل الجاد إلى تحويلها " المدينة الصهيونية الأولى " في الأراضي المحتلة عـام 1967، فتحصل على ميزانية تطوير كبيرة مثل المدن الإسرائيليه وقد أدلى بذلك المستشار الإعلامي لوزير الحرب، حيث قال داني خافه:
" أن هناك توصية بالمصادقة على منح المستوطنة مكانة " مدينة "، وأوضح أن التوصية وافقت عليها وزاراتا الداخلية والحرب في الحكومة الإسرائيلية وأن المصادقة يجب أن تمر الآن في عملية إدارية (الدستور 11/6/91).
وقد أكد شارون خلال زيارته للمستوطنين: " أن معاليه أدوميم ستكون أول مستوطنة إسرائيلية تكتسب قانونياً صفة مدينة إسرائيلية ".
وكان ارييه درعى وزير الداخلية قد وعد بأنه سيعلن عن معاليه أدوميم المدينة اليهودية الأولى في الأراضي المحتلـة.
وقد توسعت المستوطنة في جميع الاتجاهات وتقوم سلطات الاحتلال بتهجير منظم للعائلات العربية من عرب الجهالين وهم 350 عائلة (حوالي 2500 نسمة) تنتشر على امتداد طريق القدس أريحا.
وعرب الجهالين هم من تل عراد في بئر السبع وقد تم ترحليهم عام 1948، ويجري الآن الإعداد لترحيلهم من منطقة القدس. وقد كشفت المحكمة العليا في القدس أوراقاً وثائقية تؤكد أن هناك مساومة جرت بين ممثلي السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي لإسكانهم في مكان آخر وضم أراضي الجهالين إلى المستوطنة.
أما مخطط معاليه أدوميم عام 2005، فيجري العمل به من أجل استيعاب 50 ألف مستوطن أي بزيادة 30 ألف مستوطن عما هو عليه، وكذلك القيام ببناء 5500 وحدة سكنية جديدة لاستيعاب هذا العدد الكبير.
وقد سلّم كسرائيل رئيس بلدية معاليه أدوميم إلى وزير الدفاع الإسرائيلي مخططات هيكلية لإقامة 3000 غرفة فندقيـة، بالإضافة إلى 2000 وحدة سكنية في أراضي تقع غرب القدس، وكان قد أعلن أنه استكمل إعداد خريطة الامتداد الإقليمي بين المستوطنة والقدس، بما يضمن ضم هذه المستوطنة لإسرائيل، وذلك لترسيخ مكانة القدس وضواحيها كعاصمة للكيان الصهيوني وإخراجها من دائرة المفاوضات النهائية في إطار الحل الدائم.
وقد أكد كسرائيل " أن الذي سيسافر بين القدس ومعاليه أدوميم بعد أربعة أعوام، لن يعرف المنطقة حيث سيمر المسافر عبر امتداد واحد من الأحياء اليهودية " وهو بذلك يصر على الاستيلاء على الأراضي العربية وترحيل السكان العرب عن أراضيهم إلى خارج القدس لتصبح يهودية صرفة غير قابلة للتفاوض من الطرف الصهيوني. وقد اتهم تقرير اللجنة الخاصة بالممارسات الإسرائيلية التابعة للأمم المتحده " إسرائيل " بأنها تمارس عملية تطهير عرقي في شرق القدس.
ويؤكد كسرائيل أن 80 عضو كنيست يؤيدون مخططاته، وليس هناك أدنى شك بأن نتنياهو (في رئاسته السابقة للحكومة) سوف يتبنى المخطط، والذي يشمل إقامة فنادق ومنتزهات سياحية ومراكزاً للرياضة، وقد أكد بأن الولايات المتحده تتفهم بأن المستوطنة لن تكون ضمن الحكم الذاتي !!
ويقترح كسرائيل في مخططه على نتنياهو أن يقيم بلدية رئيسية للقدس الكبرى: تجمع شبكة بلديات المستوطنات المحيطة بها والتي تضم عدة مستوطنات وعلى رأسها معاليه أدوميم.
ورغم أن القدس هي موضوع محل تفاوض ولم يحسم وضعها النهائي، إلا أن وزير الأمن الإسرائيلي السابق كهـلاني، تعهد بدعم خطط استيطانية تستهدف إحكام السيطرة اليهودية على القدس العربية (1967 ) وقال أن على الحكومة العمل لإنشاء امتداد استيطاني يهودي يربط بين القدس ومستوطنة معاليه أدوميم، وقد خاطب رؤساء المجالس الاستيطانية قائلاً: " ابنوا امتداداً جغرافياً بين معاليه أدوميم والقدس، وافرضوا ذلك بالأمر الواقع، وحقائق منتهية على الأرض، فلست معنياً بضم رسمي على الورق ".
في 25 آذار 2009، قالت إذاعة الجيش، إن حزبي " الليكود " و " يسرائيل بيتينو " قد اتفقا في إطار المفاوضات الإئتلافية على البناء في المنطقة (E1)، الواقعة بين مستوطنة " معاليه أدوميم " ومدينة القدس.
ونقل عن مصدر مطلع على المفاوضات الإئتلافية المشار إليها أنه تم الاتفاق على ذلك بالرغم من أنه لم يتم الإشارة إليها في الإتفاق الإئتلافي الرسمي الموقع بين الحزبيـن.
وتجدر الإشارة في هذا السياق، إلى أنه بموجب مخطط بلدية " معاليه أدوميم "، فإن الحديث عن بناء ما لا يقل عن 3000 وحدة سكنية، كما يجري التخطيط لبناء فنادق ومناطق سياحية فيها.
وتعتبر المنطقة (E1)، التي تصرّح الإدارات الأمريكية المتعاقبة بمنع البناء فيها، المنطقة التي تربط بين القسم الشمالي من الضفة الغربية وبين القسم الجنوبي. وقد حصل حزب " يسرائيل بيتينو " على موافقة ألـ " الليكود " الكاملة للبناء في المنطقة، والتي جرى إعداد البُنى التحتية فيها.
كما تجدر الإشارة، إلى أن عملية البناء في هذه المنطقة كانت مهمة جداً بالنسبة لـ " يسرائيل بيتينو " الذي حصل على نسب عالية من الأصوات من المستوطنين في الضفة الغربية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
وكانت قد كشفت صحيفة " هآرتس " في وقت سابق، أن الحكومة الإسرائيلية كانت قد وظّفت مبلغ 200 مليون شيكل خلال السنتين الماضيتين في تطوير البُنى التحتية في المنطقة الممتدة بين مستوطنة " معاليه أدوميم " والقدس.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت قد صرّح عشيّة فوزه في الانتخابات الأخيرة في مارس/آذار 2006، أنه يعتزم البناء في منطقة (E1) وقال: بالتأكيد، لا يُعقل إبقاء معاليه أدوميم كجيب منفصل.. واضح أنه سيكون تواصل بناء بين القدس ومعاليه أدوميم ".
كما نقل عن مكتب أولمرت في مطلع شباط 2009، قوله أن "معاليه أدوميم ستبقى جزءاً من دولة " إسرائيل " في أي سلام مستقبلي، وسيتم بحث كافة القضايا المتعلقة بذلك في إطار المفاوضات ".
كما نقل عن مكتب وزير الأمن إيهود باراك، في حينه أن " معاليه أدوميم هي جزء لا يتجزأ من القدس ودولة " إسرائيل "، في أي اتفاق دائم. E1 هو الممر الذي يصل معاليه أدوميم وهار هتسوفيم، لهذا من الضروري أن تكون جزءاً من الدولة ".
.. في النهاية، إن ما يجري في سلوان هو نموذج لما يجري في الأحياء العربية لمدينة القدس بهدف تهويدها، كما أن ما يجري في معاليه أدوميم هو نموذج لما يجري في المستوطنات الصهيونية الأخرى.
لذلك، فإن الدعوة لوقف بناء المستوطنات ليست كافية بل المطلوب هو تفكيك هذه المستوطنات أو إجلاء الصهاينة عنها ومنحها للعرب كجزء من التعويض عن الأضرار التي لحقت بهم بسبب الاحتلال.

المصادر:
1_ مؤشرات احصائي أساسية صادر عن اللجنة الأردنية الفلسطينية المشتركة.
2_ المستعمرات الاستيطانية الإسرائيلية ما بين 1967 - 1980.
3_ المستعمرات الإسرائيلية / خليل التفكجي.
4_ الصحف الأردنية اليومية.
5_ جريدة القدس.
6_ دافار، هآرتس الإسرائيليتيين.

انشر المقال على: