كان يلقب بـ "رفيق اللاجئين" .. المناضل الفرنسي فيرنو تويل يرقد بسلام تحت شجرة في مخيم الدهيشة تنفيذا لوصيته
بيت لحم - في مراسم غير مسبوقة جرى بعد ظهر امس الجمعة دفن رماد المناضل الفرنسي الشهير فيرنو تويل تحت شجرة في باحة مركز الفينيق بمخيم الدهيشة للاجئين، وذلك تنفيذا لوصيته.
وشارك في مراسم دفن رفات هذا المناضل الاممي حشد من ممثلي الفعاليات الوطنية والشعبية في محافظة بيت لحم ووفد فرنسي كبير يمثل بلديات وجامعات ومؤسسات اعلامية ونقابية وشعبية، اضافة الى زوجة وابناء الفقيد الذين القوا النظرة الاخيرة على رفاته وقاموا بتقبيل الاناء الذي وضع فيه الرماد ، فيما قام اصدقاء الراحل من ابناء المخيمات ورفاقه من الحزب الشيوعي الفرنسي بالقاء نظرة الوداع الاخيرة وسط حالة من الحزن والوجوم.
وقبل مراسم دفن دفن الرماد، نظم حفل تابين حاشد في قاعة الفينيق لهذا المناضل ، حيث وقف الحضور دقيقة صمت اجلالا لروح الفقيد وارواح كافة الشهداء قبل ان يتم عزف النشيد الوطني الفلسطيني والنشيد الوطني الفرنسي.
عقب ذلك، القت نهى رشماوي من السفارة الفلسطينية في باريس كلمة قدمت خلالها التعزية لعائلة الفقيد الذي قالت انه اوصى بان يدفن في فلسطين. واضافت "لقد كان فيرنو تويل رجلا عقائديا بامتياز انصهر في القضية الفلسطينية ودافع عن حق عودة الاجئين الفلسطينيين دون أي مواربة".
بدوره، قال الدكتور فيكتور بطارسة في كلمة باسم لجنة التأبين "انها لحظات حزينة جدا على الشعب الفلسطيني الذي فقد هذا المناضل الاممي الكبير ولكنها لحظات فخر واعتزاز كونه طلب ان يدفن على هذه الارض، وليس من قبيل الصدفة ان يدفن في مخيم الدهيشة للاجئين تحديدا، ذلك لان فيرنو وهو الصديق الحميم لكل شعبنا طلب ان يدفن في المخيم باعتبار ان قضية اللاجئين قضية حية وان حقهم في العودة هو حق مقدس لا يمكن ان تستقيم الامور الا بانجاز هذا الحق عبر اعادة اللاجئين الى ديارهم ومنازلهم التي هجروا منها قسرا".
والقى محمد خليل اللحام كلمة بالنيابة عن كافة مؤسسات وفعاليات المخيمات في المحافظة ، حيث وصف الفقيد بانه "مدرسة في الانسانية وشخصا استثنائيا بامتياز فهو الذي انتمى للمخيم بكل ما تحمله الكلمة من معنى وقد توحد معه وفيه وحمل قضيته بكل امالها والامها وجاب بها الدنيا مفاخرا بانه فلسطيني ومؤكدا على انه لابديل عن حق العودة، حيث جاب فرنسا واوروبا لينقل ما شاهده في فلسطين ويقنع العالم بعدالة قضيتها وذهب الى نهر البارد وخانيونس واليرموك وجباليا والوحدات وبلاطة وجنين وعايدة لينثر مبادئه في كل زاوية وشارع وليتحول عند اهالي المخيمات وشعبنا الى قديس ورمز للنضال والوفاء".
كما تحدث خلال هذا الاحتفال الدكتور انور ابو عيشة، وزير الثقافة، حيث قدم التعازي باسم الشعب الفلسطيني الى عائلة الفقيد. وقال "ان فيرنو كان فلسطينيا بامتياز وهو مناضل اممي ايضا لانه يقف مع كل المظلومين".
وقال ابو عيشة "ان الفقيد شكل مصدر قوة لنا لان قضيتنا جوهرها انساني ولها ابعاد قومية واممية كما ابعادها الوطنية وفيرنو جسد هذه المفاهيم على ارض الواقع".
اما رئيس بلدية مونتتيية الفرنسية جون بير بوسينو والتي أبرمت اتفاقية توأمة مع مخيم الدهيشة في العام 1990 بمبادرة من الفقيد فيرنو، فقد اعرب عن اعتزازه بهذه الاتفاقية التي قال ان فيرنو هو الذي تحمس لها وسعى من اجل انجازها ليس لاسباب انسانية وحسب بل كان يهدف من وراء ذلك الى تحقيق هدف سياسي ولحشد التأييد لحقوق اللاجئين والوقوف ضد سياسة الاحتلال الاسرائيلي.
من جانبه، قال باتريك ليرال، عضو البرلمان الاوروبي وعضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي الفرنسي ورئيس تحرير صحيفة (لومنتييه) الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الفرنسي: "هذه اول مرة نأتي فيها الى فلسطين المحتلة دون فيرنو ولكني اسمع صوته الان من وراء هذه الجدران .. كان فيرنو امميا بامتياز وانسانيا بامتياز وفلسطينيا بامتياز .. وقف مع الشعب الفلسطيني وناصره في وجه قوة الاحتلال الغاشمة".
واضاف" لم يكن له ان يحضر اي اجتماع سواء في فرنسا او في أي مكان اخر الا ويبادر بالطلب لوضع قضية اللاجئين الفلسطينيين على جدول الاعمال".
وكان اخر المتحدثين اوغسطاس فايرو من القنصلية الفرنسية ، حيث اشاد بنضالات فيرنو ووقوفه مع المظلومين والى جانب اللاجئين ونضال الشعب الفلسطيني.
وتخلل حفل التأبين فقرات فنية ملتزمة قدمتها فرقة ابداع، فيما اكتظ مكان الاحتفال باعداد كبيرة من ممثلي الفعاليات في مخيمات اللاجئين والعشرات من الشخصيات الاعتبارية.
يشار الى ان المناضل الاممي فيرنو تويل ولد في تونس عام 1950 وارتحل الى فرنسا، حيث انتمى في ريعان شبابه الى الحزب الشيوعي الفرنسي، حيث واصل نضاله في صفوف هذا الحزب ليصبح واحدا من ابرز قياداته، فيما كرس عقودا في خدمة الشعب الفلسطيني وقضية اللاجئين وكان من اصلب واشد المطالبين بضرورة ضمان تنفيذ حق العودة.
وحسب مركز بديل الذي وصف الفقيد بـ "رفيق اللاجئين" الفلسطينيين فقد حضر فيرنو قبل اربعة اشهر من وفاته الى فلسطين مستغلا فترة النقاهة الممنوحة له من قبل الاطباء ليسأل الفلسطينيين من قادة واحزاب ونشطاء: ماذا تريدون منا ان نفعل بالضبط في هذه الدقيقة ؟ ، ما يعتبر حسب قول المركز دليلا على "ان نضال الفقيد كان جزءا من نضال الفلسطينيين وليس مجرد اعلان تأييد"، مشيرا الى ان الفقير كان يردد في كل موقع ومناسبة ان "عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم وممتلكاتهم هو مفتاح حل القضية الفلسطينية والمدخل لتحقيق السلام العادل"، ولهذا فقد منح في العام 2011 الجنسية الفرنسية وحصل على جواز السفر الفلسطيني.
وتوفي فيرنو في اواخر شهر كانون الماضي اثر صراع مع مرض السرطان وقد اوصى وهو على فراش الموت بضرورة دفن رماده تحت شجرة في مخيم الدهيشة وها هو رماده يصل من فرنساالى فلسطين لتتحقق وصيته التي تعتبر فخرا لكل فلسطيني وعربي وحر في هذا العالم، حسب قول عيسى قراقع وزير شوون الاسرى والمحررين والذي كان يعرف الراحل عن قرب.