قلب مهند الصباح حيث ولد الآباء والأجداد
جميل السلحوت:
عن دار الجندي للنشر والتّوزيع في القدس صدرت في شهر آذار 2017 رواية "قلبي هناك" للكاتب المقدسي مهند الصباح، وتقع الرواية التي تعتبر باكورة اصدارات الكاتب في 218 صفحة من الحجم المتوسّط.
والكاتب الصباح في أواخر الثّلاثينات من عمره، ولد ويعيش في مخيّم شعفاط، وتعود جذوره إلى قرية قالونيا إحدى قرى القدس المهجّرة، عرفناه عندما تردّد منذ حوالي عام على أمسيات ندوة اليوم السّابع الثّقافيّة في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس، وهو شابّ هادئ، قليل الكلام.
مضمون الرّواية: تتحدّث الرّواية عن شابّين "ابراهيم ومحمود" فلسطينيّين لاجئين، درسا علم الاجتماع في جامعة بير زيت، وأكملا دراستهما لحقوق الانسان في أحد المعاهد النّرويجيّة، ثمّ عادا إلى القدس.
وقد أسهبت الرّواية في الحديث عن حياة الشّابّين في النّرويج، فمحمود كان شابّا منفتحا، انخرط في الحياة النّرويجيّة، فاحتسى الخمور وعاشر النّساء، في حين بقي ابراهيم محافظا، مع أنّه عشق فتاة "صوفيا" والدها عربيّ وأمّها نرويجيّة، وأحبّها حبّا عذريّا القصد منه كان الزّواج، فلحقت به بعد عودته، وتزوّجا هنا في القدس، بعد أن رفضت الزّواج منه في النّرويج، بينما يتزوّج صديقه محمود الفتاة النّرويجيّة "أنغريد". والقارئ للرّواية سيلاحظ اختلاف الثّقافات وما يصاحبه من اختلافات في الحياة اليوميّة في المقارنة بين الحياة في النرويج والحياة في فلسطين المحتلّة.
بعد عودة الشّابّين إلى القدس يعملان في مركز لحقوق الانسان يتبع النّرويج، فينتبهان إلى أهداف المنظّمات غير الحكوميّة العاملة في مجال حقوق الانسان، وبين فهم الفلسطينيّ الذي يعاني من ويلات الاحتلال لحقوقه كإنسان، ممّا دفعهما لترك العمل فيها.
والجزء الأخير من الرّواية مخصّص لزيارة مجموعات من اللاجئين الفلسطينيّين لقراهم المهجّرة المحيطة بالقدس من الجهة الغربيّة مثل:"الجورة، عين كارم، دير ياسن، المالحة، لفتا: قالونيا، اصطاف وغيرها."
البناء الرّوائي: استطاع الكاتب بناء روايته بطريقة منطقيّة، فربط عشرات القصص والحكايات بخيط شفيف، وبقي مسيطرا عليها حتّى النّهاية، وبسرده الانسيابيّ ظهر عنصر التّشويق جليّا، بحيث يجذب القارئ لمتابعة الرّواية من بدايتها حتّى نهايتها دون كلل أو ملل. وحبّذا لو أنّ الكاتب استغنى عن المقدّمة التي كتبها للرّواية، فلا مبرّر لوجود هذه المقدّمة.
اللغة: لغة الكاتب انسيابيّة فصيحة جميلة، وشابتها بعض الأخطاء اللغويّة والمطبعيّة.
ويلاحظ أنّ الموضوع الذي طرقه الكاتب، يكاد يكون غير مسبوق في الحديث عن حياة اللاجئين الفلسطينيّين الذين شُرّدوا من ديارهم في نكبة الشّعب الفلسطيني في العام 1948، ومدى حنينهم إلى ديارهم، ويصف مشاعرهم الدّافقة وهم يرون ديارهم، التي هجّروا منها.
وهذه الرّواية تنبئ بأنّ كاتبها سيكون له شأن في عالم الرّواية، كما أنّها تشكّل إضافة نوعيّة شكلا ومضمونا للمكتبة الفلسطينيّة والعربيّة.