قصيدة: فَاِنْتَبِهُوا..
الشاعر: عِمَادُ الدِّينِ التُّونِسِيٌّ
الْلَّهُ يَعْلَمُ وَ الْأَجْيَالُ ، شَاهِدَةٌ
عَلَى مَسِيرَةِ مَنْ أَوْصَافُهُ الْأَدَبُ
لَا حَرْفَ لِلْبَوْحِ لَا خَطٌّ وَ لَا قَلَمٌ
إِنِّي مَدِينٌ ، لِمَنْ أَنْفَاسُهُ الْكُتُبُ
مَنْ لَوَّنَ الْأُفْقَ ، بِالطًّبْشُورِ فِي أَلَقٍ
قَدْ شَرَّعَ الْفِكْرَ كَيْ يَرْتَادُهُ الْنُّجُبُ
بَدْرٌ وَ طَافَ رِحَابَ الرُّوحِ فِي قَطَرٍ
تَنْهَالُ غَيْثًا ، كَفَاهُ الطُّهْرُ يَنْسَكِبُ
كَمْ مِنْ حُلُولٍ بِصِدْقٍ صَاغَ فِي حِصَصٍ
وَ الصِّدْقُ مَنْهَجُهُ ، قَامُوسُهُ الرَّحِبُ
مِنْ حِبْرِ أُسْلُوبِهِ الْإِقْنَاعُ فِي حُجَجٍ
قَادَتْ سَفِينَةَ تَنْوِيرٍ ، بَهَا الشُّهُبُ
يَسِيرُ عُمْرًا ، لِنَيْلِ الْمَجْدِ فِي فَرَحٍ
غَطَّ النَّزِيفَ لِكَيْ تُسْقَى بِهِ التُّرَبُ
بِهِ اِسْتَفَاقَتْ عُقُولٌ ، زَادُهَا لُغَةٌ
تُسَطِّرُ الشِّعْرَ وَزْنُ الْبَحْرِ يَنْتَصِبُ
قَدِ اِنْجَلَتْ غُمَمٌ مِنْ لَيْلِهِ اِنْقَشَعَتْ
وَ الْجَهْلُ ذَابَ بِصَدْرٍ ، شَرْحُهُ السَّبَبُ
حَتَّى الرَّبِيعُ كَدَرْسٍ ، كَانَ مِحْوَرُهُ
أَنَّ الْعَطَاءَ قُطُوفٌ مِنْهُ تُحْتَسَبُ
نَبِيُّ مَنْطَقِ إِعْجَازُ الْمُنَى ، شَفَةٌ
وَ تَزْرَعُ الْلَّحْنَ فِي أَفْوَاهِ مَنْ طَلَبُوا
يُؤَطِّرُ الْبَحْثَ مِنْ أَحْضَانِ مَدْرَسَةٍ
إِلَى ضِفَافٍ، وُصُولًا فِيهِ يُخْتَضَبُ
إِلَيْهِ ، قَدْ فَتَحَ الصُّوفِيُّ أَضْلُعَهُ
وَ بِالرِّضَى جُبَّةُ الْحَلَّاجِ تُنْتَسَبُ
مَازِلْتُ فِي الْعِلْمِ تِلْمِيذًا ، مُعَلِّمَهُ
يَفِيضُ عَطْفًا بِهِ التَّعْلِيمُ يُكْتَسَبُ
أَحْبَبْتُهُ إِنَّمَا الْنِسْيَانُ ، يُرْهِقُنِي
وَ مَنْ يُحِبُّ مِنَ الْأَقْسَامِ يَنْشَعِبُ
لَوْلَاهُ مَا قَامَ لِلْأَقْوَامِ قَائِمَةٌ
وَ لَا تَفَاخَرَ مَنْ أَقْسَاهُ ، لِي نُخَبٌ
مَنْ سِرُّهَا حِكَمٌ مِنْ قَلْبِ مُبْدِعِهَا
تُشْفِي غَلِيلَ نِقَاشٍ ، نَبْضُهُ الْلَّهَبُ
إِلَى مَتَى ، يُنْكِرُ الْإِنْسَانُ بَصْمَتَهُ
فِي ظِلِّ عَصْرٍ أَتَى مِنْ خِصْرِهِ الْعَجَبُ
يُقَلِّبُ الْوَجَعَ الْمَدْفُونَ ، مَصْلَحَةٌ
خَانَتْ وَصَايَا لِعَهْدٍ عَيْنُهُ الْحَسَبُ
لِفَرْطِ تَوْقٍ أَرَانِي ، رِيحَ مِحْفَظَةٍ
تَئِنُّ ذِكْرَى وَ فِي كُرَّاسِهَا الْحِقَبُ
أَقْسَمْتُ بِاِسْمِ عَمُودِ الْخَلْقِ مِنْ عَلَقٍ
أُمُّ الْمَعَارِفِ مِنْهُ ، الْعِرْقُ وَ الرُّتَبُ
هَذَا الْذِّي شَغَلَ التَّارِيخَ فِي وَلَعٍ
لَنْ تَهْزُمُوهُ وَ لَوْ أَعْيَاهُ ، مَا سَلَبُوا
وَلَنْ تُحِيدُوهُ عَنْ مَا فِيهِ ، مٍنْ نَزَلٍ
فَهَلْ يُحِيدُ صُخُورَ السَّاحِلِ الْقَصَبُ
لَنْ تُرْخِصُوهُ بِشَيْبَاتٍ ، كَأُوْسِمَةٍ
قَدْ زَيَّنَتْهُ وَ هَلْ يُسْتَرْخَصُ الذَّهَبُ
لَا صَوْتَ يُرْفَعُ فَوْقَ الْفِكْرِ، فَاِنْتَبِهُوا
إِنَّ الْعُلُومَ بِوَحْيِ الْلَّهِ تُنْتَخ