قصيدة: رُؤَى..
الشاعر: عِمَادُ الدِّينِ التُّونِسِيُّ
مَجْدٌ أَصِيلٌ ، عَصْرُهُ الْحُلَلُ
مِنْ فَوْحِ مِسْكٍ حَبَّذَا الْأُوَلُ
سَامٌ ، وَ مِنْهُ الْحَقُّ مُنْبَلِجٌ
عِزٌّ لِمَنْ يَحْدُوهُمُ الْمُهَلُ
تَارِيخَ مَنْ عَاشُوا وَ مَنْ كَتَبُوا
إِعْجَازَ نَصٍّ ، زَانَهُ الْعَمَلُ
عَاشُوا وَ بَيْنَ نَاسِ ، مَا غُلِبُوا
فِي رِحْلَةٍ عُنْوَانُهَا الْبَطَلُ
وَجْدٌ جَمُوحٌ ، طَاهِرٌ فَبِهِمْ
عِشْقُ الْعُرُوبَةِ نَبْضُهُ الدُّوَلُ
كَانُوا نُجُومًا ، عِقْدُهُمْ قَمَرٌ
لِلسَّابِقِينَ هِلَالٌ أَيْنَ يَرْتَحِلُ
تَرْوِي غَنِيًا ، عَاكِفًا وَرِعًا
تَسْقِي فَقِيرًا شَدْوُهُ النُّزُلُ
"صَنْعَاءُ " ، أَسْمَى كَمْ لَهَا فَرَحٌ
عَيْنُ التَّمَنِّي عَابَهَا الْكَحَلُ
وَ أَطُوفُ "بِنْغَازِي" ، نَهَارِي كُلَّهُ
الْآنَ عَهْدِي بِالرُّؤَى الْهَبَلُ
أَصْحُو ، عَلَى الْآهَاتِ مُنْتَحِبًا
" بَغْدَادُ "يَا النَّدَبَاتُ وَ الْعِلَلُ
فِي أُمَّةٍ ، قَدْ بَاعَهَا الْإِمَّعُ
"خُرْطُومُ "يَاالْعَاهَاتُ وَ الْخَبَلُ
الْشَّعْبُ ، بِالتَّقْسِيمِ مُفْتَخِرٌ
"بَيْرُوتُ "صَوْتُ الْأُمِّ يَرْتَجِلُ
أَمْسَى بِنَا لِصُّ الدَّنَى ، جَشِعًا
"بِِالشَّامِ" جُرْمٌُ قَدَّهُ الْمَدَلُ
شَوْقٌ لِصُبْحٍ ، فَاتَهُ الْعَرَبُ
"لِلْقُدْسِ" إِِنْحَازً الْفَتَى الْشَّمِلُ
كَمْ وَشْمَةً فِي خَتْمِهَا ، تَلَفٌ
يَا جُرْحَ أَرْضِي عَدَّهُ الْقَذِلُ
أَشْكُو لِأَمْجَادِي ، أُحَدِّثُهَا
"مِصْرُ "الْكَنَانَةِ مَسَّهَا الْقَحَلُ
سَقَطَتْ حَضَارَتُنَا وَصَارَتْ ، مَوْطِئًا
تَحْتَ الْعَمَالَةِ حِينَ تُنْتَعَلُ
نَحْيَا وَ "عَمَّانُ "شَلَّهَا ، الْعَبَثُ
التَّمْرُ وَلَّى وَ هَمُّنَا الدَّقَلُ
الْبَحْرُ لَوْ هُوَ هَادِئٌ ، سَكِنٌ
مَا كَانَ يُغْرِقُ "مَغْرِبٌ " وَحِلُ
يَا مَنْ ، يَغُرُّهُ حَالُنَا الْعَفِنُ
زِدْهَا "جَزَائِرٌ "أَلْسُنٌ عِلَلُ
هُوَ الْمُحَالُ ، "بِتُونِسَ " وَ بِهَا
الْغَيْثُ يُنْسَى وَ نَحْوُهُ الْبَلَلُ
وَ الْحَلُّ مَعْرُوفٌ ، بِهِ الْعُمُرُ
عِلْمٌ وَ إِرْثٌ فِيهِمَا السُّبُلُ
عِشْ لِلْعُرُوبَةِ ، آيَةٌ بَقِيَتْ
فَالنَّصْرُ آتٍ لَوْ سَمَتْ ظُلَلُ
"صُهْيُونُ" مَهْزُومٌ بِغُرْبَتِهِ
وَ هُوَ الْخَسِيسُ الْمَاكِرُ الْفَشِلُ
ثِقْ بِالرَّحِيمِ ، الْلَّهُ خَالِقُنَا
وَ الظُلْمُ لَيْلٌ لَوْنُهُ الرَّهِلُ
لُطْفًا تَذَكِّرْ ، عِرْقَنَا أَنَفًا
لَا أَطْبَقَ الْلَّحْظُ الرِّضَى زَعَلُ
عَانِقْ بِأَنْجَادِ الْعُلَا ، شَغَفًا
وَ اُصْبُرْ إِذَا قِزْمٌ بِهِمْ نَذِلُ
وَ اِسْتغْفِرِ الْلَّهَ الْمُجِيبَ ، فَذَا
كَفّي بِكَفِّكَ لَيْسَ يَنْفَصِلُ