قصيدة أَنْ.. نَحْيَا
الشاعرعِمَادُ الدِّينِ التُّونِسِيِّ
رُوحُ الشَّهِيدِ عَلَى سَنَا الْمِيلَادِ
غَيْثٌ وَ يَرْوِي يَاسَمِينَ بِلَادِي
مِنْ نَسْلِ أَشْرَافٍ "بِتُونِس"َ أَصْلُهُ
أَسَدُ الْمَعَارِكِ وَارِثُ الْآسَادِ
فِي إِسْمِهِ عَلَمٌ وَ فِي أَعْمَاقِهِ
مَزْرُوعَةٌ هِيَ نُطْفَةُ الْأَحْفَادِ
حَفِظَ الْوُعُودَ وَ بِالرَّحِيمِ يَقِينُهُ
نَبْقَى وَ رَغْمَ مَكَائِدِ النُقَّادِ
سَمَّيْتُهُ الْإِيثَارَ فِي يَوْمِ الرِّضَا
مَلَكَ الْفُؤَادَ بِضَحْكَةِ الْأَعْيَادِ
قَدْ أَدْرَكَ الْحَلَّ الْذِي مِنْ سُورَةٍ
مَخْتُومَةُ فِي دَعْوَةِ "السَجَّادِ"
دُنْيَاهُ فِي صِدْقٍ يُصَاحِبُ سَعْيَهُ
لِلْمَجْدِ فِي وَطَنٍ بِلَا أَحْقَادِ
شَغَلَ الْأَحِبَّةَ فِي الْمَجَالِسِ عَوْدَةٌ
"لِلْعَادِيَاتِ "نَسِيجُ أُسِّ عِمَادِي
فِي قِمَّةِ الْآلَامِ أَقْسَمَ لِلْوَرَى
أَفْدِيهَا "تُونِسَ"خَيْمَةَ الْأَجْسَادِ
صَمْصَامُ ،أَرْضِي أَغْمَدَتْنِي كَمْ أَرَى
هَطْلَ الصَّبِيبِ بِنَصْلَةِ الْأَغْمَادِ
مَنْ أَرْضَعَتْنِي الْعَزْمَ فِي سَاحِ الْوَغَى
إِنِّي الدُّرُوعُ بِنَزْلَةِ الْحَدَّادِ
لَوْ أَنَّ مَوَّالَ الرُّبَى مِنْ زَادِهَا
أَوْتَارُ تَلْحِينِ الْخُطَى مِنْ زَادِي
آمَنْتٌ أَنَّ الْحَقَّ فِي صَوْنِ الثَّرَى
ثَارَاتُ عِزٍّ مِنْ صَعِيدِ وِسَادِي
قَدَرِي بِحُكْمٍ فِي كِتَابٍ فَارِقٍ
وَ مَنِيَّتِي بِالْلَّهِ لَا الْجَلَّادِ
أَمْضِي لِوَحْدِي لَا أَهَابُ ظَلَامَهَا
نَجْمًا يُضِيءُ بِلَيْلَةِ الْعُبَّادِ
بِالدَّمِ فَاضَتْ أَنْهُرٌ وَ جَدَاوِلٌ
تَسْرِي لِتَكْتُبَ قِصَّةَ اِسْتِشْهَادِ
مَنْ جَبَّ كَسْرًا فِي يَدٍ وَ بِفَأْسِهِ
ضَمَّ الْجِرَاحَ كَفَتْهُ عَيْنُ جَمَادِ
مُسْتَبْسِلًا ضِدَّ الطُّغَاةِ بِقَبْضَةٍ
تَكْفِيهِ "بِنْ عَمَّارُ "جُنْدُ أَيَادِ
وَ "عَلِيُّ بِنْ نَفَّاتِ ،قَلْبُ شَمَائِلٍ
فِي لَيْلَةِ الْمِيعَادِ هَبَّ يُنَادِي
أَنَا لِلْخِيَانَةِ رَافِضٌ بَلْ كَافِرٌ
إِنِّي التَّمَرُّدُ وَ الرَّصَاصُ عِتَادِي
سَأَعِيشُ فِي رَكْبِ الْمَدَائِنِ عَازِفًا
دَرْبَ الْكِفَاحِ بِصَهْلَةٍ لِجَيَادِي
"جَلَّازُ "ذكْرَى فِي سَبِيلِ هَوِيَّةٍ
ضَحَّى "الْقِطَارِي "قَاهِرُ الْأَوْغَادِ
كَرَفِيقِهِ "الْجَرْجَارُ "رَأْسُهُ آيَةٌ
وَجْهُ التُّرَابِ بِلَوْنِ حِبْرِ مِدَادِي
فِي رِحْلَةِ الْإِعْدَامِ قَالَهَا "حَامِدٌ"
سُفَرَاءُ نَحْنُ لِسَاعَةِ الْمِيعَادِ
نَعْيٌّ مِنْ "الْحَرَّاشِ " "فَالنُّورِي "غَدَا
فِي ذِمَّةِ الرَّحْمَانِ وَ هُوَ الْحَادِي
"بِنْ عَامِرٍ "رَفَضَ الْخُنُوعَ كَنَخْلَةٍ
رَسَمَتْ شُمُوخًا يَسْتَظِلُّ عِنَادِي
جَبَلٌ "بِبَرْقُو " "بِنْ سَلَامَةَ "ثُلَّةٌ
قَدْ رَابَطَتْ بِمَلَاحِمِ الْأَوْتَادِ
مَنْ أَعْدَمَ السَفَّاحَ "سِيرُو "نَالَهَا
شَرَفُ الْمَكَانَةِ "لِلْبَشِيرِ الْهَادِي"
لِي فِي "بَلَانْكُو "سِيرَةٌ لِمُقَاوِمٍ
نَحَتَ السِّيَادَةَ مِنْ رُؤَى الْأَمْجَادِ
وَ "مُحَمَّدٌ بِنْ فَضْلِ "مَاتَ مُنَاضِلًا
مِنْ نَهْجِهِ الْإِخْلَاصُ دُونَ سَدَادِ
"حَفُّوزُ "وَارَى الْقَبْرَ بَعْدَ مَعَارِكٍ
مِنْ أَجْلِ أَنْ نَحْيَا بَيَاضَ سَوَادِ
أَوْلَادُ عُمْرِي كَيْفَ يَخْشَى عَاشِقٌ
حُورِيَّةً مَوْسُومَةُ الْأَبْعَادِ
إِلاَّ عَلَيْهَا مِنْ مَطَامِعِ تَاجِرٍ
بَاعَ الْغَزَالَ بِحَفْنَةِ الصَّيَادِ
مَنْ ظَنَّ بِالطُّعْمِ الْذِّي فِي كَفِّهِ
سَيُقَيِّدُ الْأَسْرَابَ بِالْأَصْفَادِ
وَ يُحَاصِرَ الْأَنْفَاسَ كُلَُ نُسَيْمَةٍ
مَمْنُوعَةٌ فِي مَنْطَقِ الْقَوَّادِ
جَمَعَ الظَّفَائِرَ مِنْ عُيُونِ مَرَاسِمٍ
فِي مَوْسِمِ الْقُرْبَانِ لِلْحَصَّادِ
ذَاكَ الْذِّي اِزْدَادَ ذُلاًّ بَعْدَمَا
رَهَنَ الْأَدِيمَ لِدَائِنٍ بِمَزَادِ
فَتَسَارَعَتْ سُحُبُ الْمَصَائِبِ فِي الدُّنَى
نَبَأٌ وَ عَمَّ قَوَافِلَ التِّعْدَادِ
لِأَسِيرَ حَافٍ وَ الْخَرَائِطُ فِي فَمِي
مَبْتُورَةُ الْأَوْصَالِ دُونَ ضِمَادِ
أَبَّنْتُهَا ذِكْرَى لِوَعْدٍ صَادِقٍ
قَدْ أَنْكَرَتْهُ عِصَابَةُ الْإِفْسَادِ
مَنْ أَشْعَلَتْ نَارَ الْمَوَاجِعِ فِي الدُّجَى
وَ تَمَدَّدًتْ بَعْدَ اِنْتِثَارِ رَمَادِ
مَنَعَتْ رُكُوبَ الْبَحْرِ قَالَتْ لِلنَّدَى
كَيْ لَا يَفِيضَ عَليْكِ أَنْ تَعْدَادِي
رَقَصَتْ عَلَى أَضْلَاعِ ثَكْلَى كَمْ بِهَا
حَيْفًا تَصَاعَدَ فَوْقَ اِسْتِبْدَادِ
مَنْ أَدْمَنَتْ وَأْدَ الْمَبَاسِمِ عُنْوَةً
فِي الْمَسْرَحِ الْدَّمَوِيِّ مِنْ آبَادِ
دَاسَتْ عَلَى خُطُوَاتِ مَوْلَاةِ الْهَوَى
وَ رَمَتْ بِهَا فِي خُلْوَةِ السُهَّادِ
كَمْ حَزَّ فِي صَدْرِ النَّوَى وَقْتَ الْقَضَا
شَوْكٌ تَرَبَّعَ فِي شِفَاهِ حِدَادِي
أَوْجَاعُ أُمِّي ذِي" دِمَشْقُ" نَزِيفُهَا
آهٌ "لِتُونِسَ" فِي جَوَى "بَغْدَادِ"
مَا ضَرَّنِي الْأَغْرَابُ أَعْمَقُ طَعْنَةٍ
هِيَ طَعْنَةُ الْأَعْرَابِ فِي الْأَكْبَادِ
يَا دَهْرُ فَارَقَنِي الْعَزِيزُ فَرُدَّ لِي
عِزًّا أَصِيلًا طَافَ "حَلْقَ الْوَادِ"
"خَضْرَاءُ "مِنْ خَدِّ الرَّبِيعِ رِيَاضُهَا
نَفَحَاتُ وَحْيِّ مِنْ فُصُولِ "الضَّادِ"
نَبْنِي نُشَيِّدُهَا مَنَازِلُ رَايَةٍ
غَنَّيْتُهَا فِي مَحْفَلِ الْإِنْشَادِ
"بَانَتْ سُعَادُ" وَ فِي الْبَيَانِ عُذُوبَةٌ
إِنَّ الْبَلَاغَةَ فِي بَيَانِ سُعَادِي
حَتْمِيَّةٌ كَوْنِيَّةٌ عَنْوَنْتُهَا
الْعِشْقُ "تُونِسَ"وِجْهَةٌ لِحِيَادِي
ثَمَنُ الْمَحَبَّةِ فِي وَلَاءِ مُرِيدِهَا
نَبْضٌ يُرَفْرِفُ فِي سَمَا الْآمَادِ
الْقَصْدُ أَنْ نَحْيَا حَيَاةَ مُوَدِّعٍ
دَوْمَا نَرَاهُ بِنَظْرَةِ اِسْتِعْدَادِ