الأحد 24-11-2024

قذائف تركية وسورية: شـرارة صـدام مباشر؟

×

رسالة الخطأ

موقع الضفة الفلسطينية

دخلت الأزمة السورية منعطفاً خطيراً أمس بعدما قررت تركيا تعميق تورطها في النزاع عندما أعلنت عن قيام مدفعيتها بضرب مواقع داخل الاراضي السورية، رداً على قذيفة سقطت داخل الاراضي التركية في وقت سابق وأدت الى مقتل خمسة أتراك، مهددة بأنها «لن تصمت على الاستفزازات بعد اليوم»، وذلك في تطور أثار قلقاً فورياً في الأمم المتحدة وحلف شمال الاطلسي الذي تداعى الى اجتماع عاجل بناء على طلب من أنقرة، ومن جانب الولايات المتحدة التي وصفت الوضع بأنه «خطير جداً جداً».
وتحققت المخاوف التي عبرت عنها العديد من الدول، وخصوصاً روسيا وإيران قبل يومين، من احتمال امتداد النزاع السوري إقليمياً في ظل التدخلات الإقليمية والدولية، والتركية منها تحديداً، في الحرب السورية، سواء من خلال التسليح او الدعم السياسي لقوى المعارضة المسلحة. وتعززت هذه المخاوف الآن بعد الاعتداء التركي على الاراضي السورية، ومطالبة انقرة حلف الاطلسي بتفعيل معاهدته التي تنص على حماية الدول المنضوية فيه إذا تعرضت إلى اعتداء.
في هذه الأثناء، واصلت حلب تصدر المشهد الدموي في سوريا، حيث شن انتحاريون سلسلة تفجيرات استهدفت وسط المدينة الذي كان آمناً نسبياً حتى الآن، بعيداً عن الاشتباكات المستعرة بين القوات النظامية والمسلحين، وهو ما أدى إلى وقوع مجزرة ذهب ضحيتها حوالى 150 قتيلاً وجريحاً.
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن مصدر في القاهرة قوله إن اتصالات تجري حالياً بين وزراء خارجية مصر وتركيا وإيران والسعودية لتحديد موعد لعقد اجتماع يضم الدول الأعضاء في المبادرة التي طرحتها مصر بشأن حل الأزمة السورية.
وقال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، في بيان، إن «القوات المسلحة التركية الموجودة على الحدود السورية قامت بالرد الفوري والمباشر على الهجوم الغاشم الذي وقع جنوب شرق تركيا، وفقاً لقواعد الاشتباك»، مضيفاً أن «أجهزة الرادار التركية أظهرت الأهداف السورية التي أصابتها قوات المدفعية التركية الموجودة على الحدود»، معتبراً أن «عملية الرد جاءت في إطار قواعد الاشتباك وقوانين المجتمع الدولي».

وأكد اردوغان أن «تركيا لن تصمت بعد اليوم على الاستفزازات التي يقوم بها النظام السوري، والتي يهدد بها أمنها القومي بين الحين والآخر».
وجاء كلام اردوغان، والقصف الذي قام به الجيش التركي على الرغم من أن مصدر القذيفة السورية لم يكن واضحاً، وهو ما بدا واضحاً في تصريحات رئيس بلدية اكجاكالي التركية في محافظة شانلي، اورفة عبد الحكيم ايهان، الذي أعلن أن قذيفة أطلقت من الجانب السوري للحدود تسببت بمقتل خمسة أشخاص وجرح تسعة. وأضاف «هناك غضب في بلدتنا ضد سوريا»، مشدداً على أن البلدة تعرضت بانتظام خلال الأيام العشرة الماضية لرصاص طائش وقذائف أطلقت أثناء معارك متقطعة بين الجيش السوري النظامي والمسلحين في محيط معبر تل الأبيض الحدودي.
وقال نائب رئيس الوزراء، بولنت ارينتش، إن سوريا يجب ان تحاسب عن الحادث، ويجب ان يكون هناك رد في ظل القانون الدولي. وأضاف «على حلف الأطلسي أن يقوم بدوره في هذا الأمر عملاً بمادة اتفاقيته التي تقول إنه في حال تعرض أحد أعضاء الحلف لأي هجوم، فعلى الحلف القيام بواجباته تجاه ذلك».
وأجرى وزير الخارجية التركي، احمد داود اوغلو، اتصالات هاتفية بالمبعوث الدولي والعربي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندرس فوغ راسموسن.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، مارتن نيسيركي، إن بان كي مون «شجعه (داود اوغلو) على إبقاء كافة قنوات الاتصال مفتوحة مع السلطات السورية لخفض حدة التوتر التي قد تنجم عن هذا الحادث». وحث بان كي مون «الحكومة السورية على احترام سلامة أراضي جيرانها وإنهاء العنف ضد السوريين».
وقالت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، «نحن غاضبون لأن السوريين يطلقون النار عبر الحدود. نشعر بأسف شديد للخسائر في الأرواح التي حدثت على الجانب التركي». وأضافت «نعمل مع أصدقائنا الأتراك. سأتحدث مع وزير الخارجية (التركي) في وقت لاحق لبحث الخطوات المقبلة». ووصفت انتشار العنف خارج حدود سوريا بأنه «وضع خطير جداً جداً».
وقالت متحدثة باسم «الأطلسي» إن راسموسن ابلغ داود اوغلو انه يدين بقوة سقوط قذيفة الهاون، موضحة ان الحلف يواصل متابعة التطورات في المنطقة «عن كثب وبقلق كبير».
وطالب حلف شمال الأطلسي، في بيان بعد اجتماع سفراء الدول الأعضاء فيه في بروكسل، الوقف الفوري «للأعمال العدوانية» ضد تركيا عضو الحلف. وقال سفراء الحلف إن القصف «يمثل سبباً لأكبر قلق للحلفاء الذين يدينونه بقوة». وأضاف البيان «يواصل الحلف الوقوف بجوار تركيا، ويطالب بالوقف الفوري لكل مثل هذه الأعمال العدائية ضد دولة حليفة ويحث النظام السوري على إنهاء الانتهاكات الفاضحة للقانون الدولي»..
وقال وزير الإعلام السوري عمران الزعبي إن السلطات السورية تحقق في مصدر قذيفة الهاون التي سقطت في تركيا، وأكد احترام بلاده لسيادة الدول ودعا للتصرف بعقلانية بعد الحادث الذي زاد التوتر بين البلدين.
وقال الزعبي، في بيان، إن «الجهات المعنية في سوريا تدقق في مصدر النيران التي أدت إلى وفاة الشهيدة وأولادها، وتبحث في هذا الأمر بشكل جدي. نقدم تعازينا الحارة باسم الشعب السوري لعائلة الشهيدة وأولادها والشعب التركي الشقيق والصديق». وأضاف «الحدود السورية التركية هي حدود طويلة وتستغل لتهريب الأسلحة والذخائر والمسلحين الإرهابيين الذين ارتكبوا المجازر».
وتابع الزعبي ان «سوريا في سلوكها مع دول الجوار دائماً تستند لقواعد حسن الجوار وتحترم سيادة الدول، وندعو الدول أيضاً إلى التعاون في ضبط الحدود كما تفعل سوريا. وينبغي أن تتصرف الدول والحكومات بحكمة وعقلانية ومسؤولية لأن هناك حالة خاصة الآن على الحدود السورية ـ التركية. مجموعات إرهابية مسلحة تنتشر على الحدود وهي مجموعات غير منضبطة ولها أجندات مختلفة، وهي تشكل خطراً ليس على الأمن السوري ولكن على الأمن الإقليمي».
تفجيرات حلب
وهزت سلسلة تفجيرات دامية وسط حلب، حيث تدور معارك طاحنة منذ أكثر من شهرين بين القوات النظامية والمسلحين، أسفرت عن سقوط 48 قتيلا على الأقل بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، وعن 34 قتيلا و122 جريحاً بحسب وزارة الداخلية السورية. (تفاصيل صفحة10)
وذكرت وزارة الداخلية السورية، في بيان، أن «انتحاريين فجرا سيارتين محملتين بكميات كبيرة من المواد المتفجرة تقدر بأكثر من ألف كيلوغرام، قبل أن يفجر ثالث سيارة تحمل أكثر من 500 كيلوغرام من المواد المتفجرة، إضافة إلى سقوط قذيفتي هاون قرب القصر البلدي». وأكدت «أنها ستقوم مع القوات المسلحة بملاحقة المجرمين القتلة ومن يمدهم أو يؤويهم في أوكارهم، وأنها لن تتهاون في ملاحقة فلول الإرهاب واستئصال من يعبثون بأمن المجتمع السوري لينالوا جزاءهم العادل».
وذكر المرصد، في بيانات، إن أربع سيارات انفجرت في حلب، ثلاث منها في ساحة سعدالله الجابري ومداخلها ورابعة بالقرب من غرفة التجارة في باب جنين عند مدخل البلدة القديمة. وأضاف «أسفرت الانفجارات عن مقتل 48 شخصاً، غالبيتهم من القوات النظامية»، مشيراً إلى احتمال ارتفاع عدد القتلى بسبب وجود نحو 100 جريح، كثرٌ منهم بحالة خطرة.
وقال مصدر عسكري إن سيارتين انفجرتا بفارق دقيقة في شارعين قريبين من ناد للضباط يقع في ساحة سعدالله الجابري في قلب حلب، وبعد ذلك انفجرت ثالثة على مسافة 150 متراً من الساحة في حي باب جنين عند مدخل البلدة القديمة، ما أدى إلى مقتل ثلاثة عسكريين.
وأدت التفجيرات إلى تهاوي مبان فوق رؤوس ساكنيها. وقال حسان، وهو موظف في فندق أصيب في الانفجار وغطى الدم وجهه، «لقد سمعنا انفجارين مدويين، بدا الأمر وكأن أبواب جهنم انفتحت». وأضاف «خرجت وشاهدت دخاناً كثيفاً وسارعت لإسعاف سيدة أصيبت إصابات خطرة في ساعديها وقدميها وساقيها». وقال تاجر، يقع متجره على بعد شارع من نادي الضباط، «لقد أخرجت طفلاً يبلغ من العمر 10 سنوات فقد ساقه من تحت الأنقاض». وأغلقت المباني الحكومية العديدة الواقعة في هذه المنطقة أبوابها.
وعرضت قناة «الإخبارية» السورية مشاهد لمبنيين على الأقل دمرا بالكامل وعدد من الجثامين وقد كساها الغبار والحطام. وعرض التلفزيون السوري لقطات لثلاث جثث تنكر أصحابها في أزياء جنود، مشيراً إلى أن قوات الأمن أطلقت النار عليهم قبل أن يتمكنوا من تفجير أحزمة كانوا يرتدونها. وكان أحدهم يمسك في يده مفجراً .
وتبنت «جبهة النصرة» الإسلامية المتشددة التفجير في حلب، بعد ساعات من بثها صوراً لعملية إعدام 20 جندياً مؤخراً.
وقال مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، إن «المتمردين يشنون هجوماً الآن على قوات النظام في مركز المدينة الذي كان بمنأى عن أعمال العنف لغاية الآن»، مشيراً إلى انه «بغض النظر عن عدد قليل من المناطق، فإن حلب لم تعد مدينة آمنة». وقال المرصد «قتل 122 شخصاً، بينهم 76 مدنياً، في اشتباكات وقصف وأعمال عنف».
(«السفير»، «سانا»،
ا ف ب، ا ب، رويترز، ا ش ا)

انشر المقال على: