في حديث خاص الباحث عز الدين : انتفاضة القدس معجزة والاحتلال تعلم من انتفاضة الأقصى لا يخفي على كل مراقب ومتابع للواقع السياسي والاجتماعي والأمني في الضفة المحتلة، تشابك هذا الواقع بين المقاومة التي تسابق الزمن رغم ظروفها الصعبة من أجل تحريك المياه الراكدة، وبين دولة الاحتلال وأجهزتها المختلفة التي تعمل ليلًا ونهارًا لمنع الإنفجار في وجه مخططاتها. الباحث في شؤون المقاومة الفلسطينية ياسين عز الدين أكد في حديث خاص مع موقع "الضفة الفلسطينية"، أننا "نتكلم عن انتفاضة تسيرفي ظروف مستحيلة ، حصار واحتلال خانق ، وحركة فتح غير معنية بالانتفاضة بل تحاربها ، بالإضافة لذكريات مؤلمة عن انتفاضة الأقصى والاجتياحات لا زالت تعيش في ذاكرة شعبنا". منذ انطلاقة انتفاضة القدس في شهر أكتوبر الماضي، وسبقها عمليات متفرقة في القدس والضفة والداخل المحتل، تحدث بعض المحللين عن تراجع هذه الغمليات في الشهور الأخيرة وغلبة الطابع الفردي، الأمر الذي عزاه البعض إلى أن من مصلحة الانتفاضة أن لا تستمر في التصعيد من أجل الحفاظ على زخمها وحماية عناصرها من الملاحقة والاعتقال. يرى عز الدين أن " مجرد وجود انتفاضة القدس هو انجاز بحد ذاته ، وأرى أنها ستحافظ على زخمها الحالي إلى أن تحدث تطورات جذرية في ا لظروف المحيطة ، مثل انهيار السلطة أو تغير في المحيط العربي والإسلامي، فهذه ستعطي دفعة للانتفاضة، أو التوصل إلى اتفاقية سلام بينا لسلطة والاحتلال فهذه ربما تؤدي لوأد الانتفاضة". ويضيف "هنا لك هبوط وصعود موسمي لكن بشكل عام،هنالك منحنى تصاعدي لوقارنا اليوم مع 2012 فأهدأ يوم حاليًا هو مثلأ سخن يوم في ذلك الوقت . لكن التصاعد بشكل عام بطيء وسبب هذا البطء هو سياسة السلطة ورفض حركة فتح لفكرة التصعيد ضد الاحتلال ، لا يمكن أن تنطلق الانتفاضة بقوة في ظل هكذا معادلة". ويؤكد "العمليات تراجعت ووصلت حدها الأدنى في شهر 4 لكنها عادت للصعو د في شهر 5 ويبدو أن شهر 6 سيكون ساخنًا أيضًا، لذلك لا أرى أن الاحتلال قادرعلى إنهاء الانتفاضة لك نيستطيع بالتعاون مع السلطة على محاصرتها ومنع تفاقمها". في المقابل يلاحظ المراقبون أن أداء المقاومة خلال الشهور الماضية، أصبح أكثر اتقانًا وتطورًا، وخير دليل على ذلك عملية "تل أبيب" الأخيرة، التي اعتبرها الاحتلال تصعيدًا خطيرًا ومؤشرًا على تطور العمليات نحو الاحترافية. يقول عز الدين ل "الضفة الفلسطينية"، أن "الانتفاضة كيفت نفسها مع الواقع الحالي ، وأصبح هنالك عمليات أكثر اتقانًا لكن أقل عددًا ، يعني ارتفاع بالكم على حساب الكيف ، أي أن المقاومة العقلانية حلت مكان المقاومة العاطفية، وهذا شيء إيجابي لأن العاطفة لا يمكن أ ن تكون سببًا لديمومة الانتفاضة". دولة الاحتلال ومخابراتها تعاملت منذ بداية الانتفاضة، بأسلوبين مختلفين في التعامل مع المجتمع الفلسطيني، فلجأت لتشديد قبضتها على منفذي العمليات وعائلاتهم وعلى القرى التي خرج منها شهداء وأسرى، وفي المقابل منحت تسهيلات لكل من لم يتدخل في المقاومة، من أجل فرض معادلة أن التعاون مع الاحتلال يجلب الاستقرار والأمان. ويبين عز الدين أن "الاحتلال تعلم من أخطائه في انتفاضة الأقصى ، وأصبح يتجنب العقوبات الجماعية حتى لا يقود الأمور للانفجار كما أن الحفاظ على السلطة هو خيار استراتيجي لحكومة الاحتلال وأجهزة أمنها ، ولن تكرر تجربة تدميرها كما حصل في انتفاضة الأقصى حتى تحافظ على حليف ضروري لمحاربة انتفاضةالقدس". ويضيف " لكن هنالك اليمين الصهيوني في الحكومة يدفع نحو العودة للأساليب الانتقامية ا لقديمة، وتصاعد العمليات يمكن أن يدفع ليبرمان لارتكاب أخطاء تفجر الوضع ميدانيًا". وفي ذات السياق انطلقت خلال الفترة الأخيرة حملات لمقاطعة بضائع الاحتلال، كوسيلة لتدفيع الاحتلال الثمن عن جرائمه ودعم المنتجات والصناعات الفلسطينية المحاصرة من قبل الاحتلال. ويرى ياسين عز الدين أن "مقاطعة البضائع ضرورة لأسباب: منها دعم حملات المقاطعة العالمية لأنه لا يعقل أن تدعو للعالم لمقاطعة بضائع الاحتلال وأنت تستهلكها ، بالإضافة إلى وجود بدائل عن قسم من هذه البضائع وبالتالي شراءنا من ا لاحتلال هو مساهمة لتقوية اقتصاده". "لكن المقاطعة لوحدها لا تكفي وكلام فارغ خاصة وأننا مرتبطون بالاقتصاد الصهيوني ولا إمكانية لحملة مقاطعة تامة وشاملة، فحملات المقاطعة معنوية أكثر منها سلاحًا يضيق الخناق على الاحتلال اقتصاديًا لذلك إن لم يرافق المقاطعة عملًا مقاومًا فهي كلام فارغ ومجرد حملات دعائية " يقول عز الدين. خلق حالة من الاستقلال الاقتصادي في المجتمع الفلسطيني، أصبحت من متطلبات نجاح أي مشروع مقاوم، حيث تعمل الدول المانحة ودولة الاحتلال على تدمير الاقتصاد الفلسطيني وتحويل الثقافة الفلسطينية من ثقافة الاعتماد على الذات والتطوع، إلى ثقافة استهلاكية معتمدة على المنح وهجر الأرض. الاحتلال نجح في ربط لقمة عيشة المواطن الفلسطيني بالاقتصاد الصهيوني وبالسلطة الفلسطينية ، بل نرى محاولة لزيادة الربط من خلال الرقابة المشددة على البنوك ، وإجبار المؤسسات على إنجاز معاملاتها من خلال البنوك ، ومن خلال قانون الضمان الاجتماعي الذي سيجعل مدخرات الشعب بيد السلطة" يؤكد عز الدين ويضيف "أول خطوة يجب اتخاذها هو رفض القوانين الجديدة وعلى رأس قانون الضمان الاجتماعي حتى لا نصبح مربطين أ كثر بالسلطة وابتزاز الاحتلال لنا من خلال الضغط عليها". ويبين "يمكن القيام بمبادرات للاعتماد الذاتي مثل استصلاح الأراضي زراعيًا أو استخدام الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء أوحفر آبار جمع مياه الأمطار، فهذه أمور تساهم بتعزيزالاقتصاد الفلسطيني بعيدًا عن الاحتلال ، صحيح أن أثرها بسيط لكن هذا أفضل الممكن في الوضع الحالي". من اهم أخطر المشاكل التي يمر بها المجتمع الفلسطيني تراجع الثقافة الأمنية لدى الجيل الجديد، لأسباب عديدة أهمها غياب الثقافة الأمنية وتزايد وسائل التواصل الإجتماعي، مما أدى لانكشاف المجتمع بشكل شبه كامل أمام الأجهزة الأمنية للاحتلال. حيث يرى عز الدين أن "الإعلام الحزبي والمقاوم يتحمل مسؤولية توعية الناس ، وللأسف الانتاج في مجال التوعية محدود وسطحي ، ولا يرتقي لما هو مطلوب"