السبت 23-11-2024

عنف المستوطنين هل يعصف بالحكومة ويطرق باب حرب اهلية

×

رسالة الخطأ

محمد محفوظ جابر

عنف المستوطنين هل يعصف بالحكومة ويطرق باب حرب اهلية محمد محفوظ جابر وسط ارتفاع ملحوظ في الهجمات العنيفة التي ينفذها مستوطنون متطرفون ضد الفلسطينيين، حيث في عام 2020، سجل الشاباك 272 حادثة عنف في الضفة الغربية؛ بينما حتى الآن في عام 2021، سجل جهاز الأمن العام 397 حادثة، ولا يزال هناك أسبوعين قبل نهاية العام. بينما سجّل مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي المحتلة، التابع للأمم المتحدة، وقوع 427 حادث اعتداء للمستوطنين في الضفة بما فيها القدس المحتلة، منذ كانون الثاني/ يناير وحتى تشرين الثاني/ نوفمبر 2021. وكانت منظمة "بتسليم" الإسرائيلية المناهضة للاستيطان، قد احصت في تقرير وقوع أكثر من 450 هجوما نفذها مستوطنون ضد مواطنين فلسطينيين في الضفة المحتلة بين مطلع العام 2020 ومنتصف العام 2021، من دون أن يتدخل جيش الاحتلال الإسرائيلي. ويتواصل انفلات المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة وسط اعتداءات متكررة على الفلسطينيين، وأفادت مصادر فلسطينية، بأن المستوطنين هاجموا 40 منزلا فلسطينيا شمالي الضفة، خلال يومين. وشنّ مستوطنون سلسلة هجمات، استخدموا في بعضها أسلحة نارية، على قرى فلسطينية في محيط مدينة نابلس شمالي الضفة، وفق مصادر فلسطينية وشهود عيان. وقال مسؤول ملف الجدار والاستيطان شمالي الضفة الغربية، غسان دغلس، إن هجمات المستوطنين "تركزت في عدة قرى تتبع محافظة نابلس". وأوضحت المصادر أن المستوطنين هاجموا "25 منزلا في بلدة بُرقة (جنوب غرب المدينة)، و5 أخرى في قرية سبسطية (شمالي نابلس)"، وأضافت أن " 10 منازل أخرى تعرضت للاعتداء من قبل مستوطنين في قرية دير شرف (شمالي نابلس)، وقرى: قريوت وقُصرة واللِّبن جنوبي المدينة"، مستخدمين أسلحة وحجارة وعصيا في اعتداءاتهم. وقد ارتفعت شدة وتيرة الاعمال العنصرية العدوانية للمستوطنين نظرا لدعم رئيس الوزراء الحالي نفتالي بينيت الذي يفتخر انه قال لا لبايدن حول وقف بناء المستوطنات، فهو يدعم بناء المستوطنات وتولى منصبا في مجلس الاستيطان العام في الضفة الغربية. ولكن ما الذي حصل في المشهد الاستيطاني؟ - شهدت الأيام الأخيرة مناكفات في الائتلاف الحاكم بعد أن أعلن وزير الأمن الداخلي عومر بارليف وهو عضو في حزب وسط اليسار "العمل"، عن قيامه بمناقشة عنف المستوطنين مع دبلوماسي أمريكي زائر، وهو ما دفع الجناح اليميني في الحكومة إلى انتقاده والدفاع عن الحركة الاستيطانية. واتهمه الجناح اليميني ، بتعميم تصرفات قلة من المتطرفين لإدانة مجتمع بأكمله. كما انتقد بعض النواب من المعارضة بارليف على تصريحاته. ورد بارليف على منتقديه وقال إنهم يجدون صعوبة في “النظر في المرآة”، وأن عنف المستوطنين أصبح يمثل مشكلة على الساحة الدولية. - وانضم رئيس الوزراء نفتالي بينيت بصورة ضمنية إلى منتقدي بارليف، وكتب في تغريدة على تويتر، "إن المستوطنين في يهودا والسامرة يعانون من العنف والإرهاب يوميا، لعقود"، في إشارة إلى الضفة الغربية. "إنهم الحصن الدفاعي لنا جميعا، وينبغي علينا تعزيزهم ودعمهم، بالكلمات والأفعال". وقال النائب اليميني في الائتلاف نير اورباخ إنه سيعطل تشريعا في لجنة الكنيست، التي يرأسها، طرحه أعضاء من الحكومة يتحدثون ضد المستوطنين في الضفة الغربية. اما وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد فقال لمجلة أمريكية "ذي أتلانتيك" في وقت سابق من هذا الشهر إن عنف المستوطنين هو “وصمة على جبين إسرائيل”. وقال لابيد، مصعدا في هجومه، وهو رئيس حزب “يش عتيد” الوسطي: "كل من يهاجم الأبرياء هو مثير للشغب ومجرم وسيُعامل على هذا النحو"، مضيفا "لن يكون هناك تسامح مع هذه المسألة. كانت لي محادثة طويلة مع وزير دفاعنا، الذي يقوم حاليا بتشكيل فريق عمل خاص لضمان توقف ذلك". وقال: "أرفض مناقشة هذه المسألة باعتبارها مسألة سياسية، لأن هذا سيكون إطراء للجناة. هذا ليس موقفا سياسيا. هؤلاء هم مثيرو شغب عنيفون يحاولون إضفاء طابع سياسي على حقيقة أنهم كذلك. نحن نتحدث عن مجرمين بالنسبة لهم الايديولوجيا والسياسة مجرد ذريعة"، وأضاف لابيد بأنه يرغب في التأكيد على أن العنف لا يجب أن يُعتبر قضية دينية أيضا، هؤلاء يريدون إطلاق النار على أشخاص آخرين واستخدام الدين كذريعة، هؤلاء مجرمون ويجب التعامل معهم على هذا النحو. يجب ألا يكون هناك ولن يكون هناك أي تسامح تجاههم من قبل الحكومة الإسرائيلية. وهذا اعنف موقف ضد عنف المستوطنين. واعنف موقف ضد رئيس الحكومة شريكه في الحكم. وكان في الشهر الماضي، قد عقد وزير الدفاع بيني غانتس اجتماعا رفيع المستوى مع ممثلين عن قوات الأمن لمناقشة عنف المستوطنين، ودعا الجيش إلى التدخل قبل سقوط قتلى. واتفق غانتس وبارليف على تجنيد مئات الجنود الإسرائيليين في الشرطة حتى يكون بالإمكان توجيه المزيد من عناصر الشرطة إلى الضفة الغربية والمساعدة في محاربة عنف المستوطنين المتطرفين. فماذا فعل المستوطنون؟ تسلل مستوطنون إلى بؤرة "حومش" الاستيطانية شماليّ الضفة الغربية المحتلة، واعتدوا على قوات الاحتلال التي حاولت منعهم من الوصول إلى المستوطنة التي تم إخلاؤها في العام 2005. وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي، في بيان إن أحد عناصره أصيب إثر تعرضه للدهس من قبل أحد المستوطنين، مشيرا إلى أن حالة الجندي "طفيفة"، مشددا على أن مئات المستوطنين حاولوا التسلل إلى المستوطنة لإقامة "مبانٍ غير قانونية". وأضاف البيان أن المستوطنين استخدموا "العنف ضد قوات الأمن، واخترقوا الحواجز التي أقيمت في المنطقة، ودخلوا منطقة الاستيطان التي تم إخلاؤها"، وتابع "حاولت قوات الجيش وشرطة حرس الحدود والشرطة منع وصول المستوطنين واستخدمت العنف الجسدي واللفظي وتخريب الممتلكات العسكرية وعرقلة مرور القوات". علما بأن المستوطنين كانوا قد عادوا منذ فترة طوية إلى "حومش" بشكل تدريجي ليؤسسوا فيها "مدرسة دينية" كذريعة لشرعنة عودتهم للمستوطنة. قال دفير كاريف، قائد سابق في الشاباك ومتخصص في تتبع الإرهاب اليهودي: "ليسوا كلهم مستوطنين ولا اولاد مستوطنين. هناك الكثير ممن يأتون من داخل الخط الأخضر" (يقصد منطقة 1948)، "يعاني الكثيرون من مشاكل في المنزل، ولديهم مشاكل أكاديميا، ويتسربون من أي مدرسة أو إطار عمل كانوا فيه – وينشغلون في قمم التلال". اذن، ان المعركة السياسية داخل الائتلاف الحاكم والتي تهدد بفسخ الائتلاف السياسي الحاكم، بدأت تنتقل معركتها الى العلن بين مؤيد للسياسة الامريكية الحالية برئاسة بايدن حول الاستيطان والمستوطنات وبين معارض لها، ولا اعتقد انها ستنتهي الا لصالح الفريق المؤيد للرئيس بايدن. وميدانيا انتقلت المعركة الى حرب بين المستوطنين ورجال الامن والجيش مما يعقد الامور في ميدان الضفة الفلسطينية. والسؤال هو هل تنتقل معركة المستوطنين الى داخل الارض المحتلة عام 1948 وتنشب حرب اهلية بين مؤيدي المستوطنين ومعارضي اعماله العدوانية؟ لأن ميليشيات المستوطنين لهم انصارهم وانصار الاحزاب المؤيدة لهم عقائديا وسياسيا، فينقلب السحر على الساحر، حسب المقولة الشعبية.

انشر المقال على: