الجمعة 07-02-2025

عنصرية الإنتخابات الأمريكية..!!

×

رسالة الخطأ

د. فوزي الأسمر

عنصرية الإنتخابات الأمريكية..!!
بقلم: د. فوزي الأسمر

كُتب هذا المقال قبل يوم من الإنتخابات الأمريكية، وفعلت ذلك كون أنني لا اريد أن أكتب عن نتائج الإنتخابات. الأسباب كثيرة ولكن في مقدمتها موقف المرشحين من القضية الفلسطينية ومن إسرائيل، فالإختلاف بينها بالنسبة لهذا الموضوع يكاد لا يذكر، على الرغم من تفاؤل البعض بأنه في حالة فوز باراك أوباما بولاية ثانية فقد يتخذ موقفا أكثر صرامة مع إسرائيل خصوصا بالنسبة لبناء المستعمرات اليهودية على الأراضي المحتلة وحل الدولتين.
فالصحافة العبرية تعلن قبل يومين من الإنتخابات أن: "أوباما جيد لإسرائيل". فقد قدم لها الرئيس الأمريكي كل ما طلبته، ومع ذلك قرر بنيامين نتنياهو أن يخوض حربا دينكشوطية ضدّ الرئيس باراك أوباما، في محاولة من نتنياهو المساعدة على إخراج أوباما من البيت الأبيض، أدت إلى توتر في العلاقات بين الشخصين.
أما ميت رمني، المرشح الجمهوري للرئاسة، فقد "باع" نفسه بشكل مطلق لبنيامين نتنياهو والحركة الصهيونية، وتعهد بحمل لواء مصالح إسرائيل في حالة إنتخابه رئيسا، بما في ذلك نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والإعتراف بها موحدة عاصمة إسرائيل الأبدية. وقد قال ذلك وهو يعرف جيدا أن مشكلة القدس هي مشكلة دولية ومن الصعب الإنفراد بحلها. فلغاية اليوم لم يعترف العالم بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل، ويرفض ضم القدس الشرقية لها، وأي تغيير في وضع القدس قد يكون له ردود فعل عالمية.
ولكن الملفت للنظر هو تعامل شرائح المجتمع الأمريكي مع المرشحين. طبعا كل شريحة تتطلع إلى تحقيق مصالحها وأهدافها وفرض أفكارها، وتراقب بحذر كبير مواقف كل من المرشحين من قضاياها قبل أن تعلن هذه الشريحة تأييدها لذلك المرشح.
ولاحظ كل من مواكب الحملات الإنتخابية (وأنا واحد منهم) أن الهدف الأول لكثير من النشيطين السياسيين في الحزب الجمهوري هو العمل على: "إخراج باراك أوباما من البيت الأبيض بأي ثمن" متغافلين كل ما يقوم به مرشحهم. وهذا الموقف العنصري أدى إلى عدم الإكتراث بالمشاريع التي يطرحها المرشحان للرئاسة. بل أدى عدم الإكتراث هذا بتبرير كل الأخطاء التي وقع فيها المرشح الجمهوري، ميت رمني، أثناء حملته الإنتخابية.
هذا الموقف أدى إلى تجمع عنصري أبيض، وعنصر ديني مسيحي. وقد عبر رمني عن تأييد له لهذه الأفكار في حفل عشاء إنتخابي مغلق، حيث سُرب شريط فيديو للخطاب الذي ألقاه في ذلك العشاء ومما جاء فيه كان تعليق لرمني على قول الرئيس باراك أوباما، أن الطبقة الوسطى تشكل 47 بالمائة من سكان أمريكيا، أنه غير معني بهذه الشريحة من الشعب الأمريكي. وعندما بُث شريط الفيديو حاول رمني التراجع عن موقفه. ومع ذلك لم يؤثر موقفه هذا على الإستمرار في حملته الإنتخابية المتطرفة بدون خجل، لأن الهدف إخراج أوباما من البيت الأبيض بأي ثمن.
كما لاحظ الكثيرون أن الشعارات والرسومات التي كان يرفعها مؤيدوا رمني، كانت شعارات عنصرية من جملتها شعار "أنت كذاب"، الذي أطلقه أحد أعضاء الكونغرس أثناء إلقاء الرئيس أوباما خطابا في الكونغرس، والإشارة إلى إسمه الثاني "حسين"، وشعارات تتهمه بالشيوعية وغيرها.
وكان ملفت للنظر موقف أمريكي عربي، من شخصية مرموقه وهو جون سنونو ، الجمهوري المخضرم. فقد أعلن وزير الخارجية الأمريكي السابق في عهد الرئيس جورج دبليو بوش، الكولونيل كولين باول، أنه يؤيد ويدعم إعادة إنتخاب أوباما رئيسا للمرة الثانية. وشرح موقفه بشكل منطقي مشيرا إلى الأسباب التي دفعته، كعضو في الحزب الجمهوري، إلى إتخاذ قرار التصويت لأوباما مشيرا إلى الإنجازات التي حققها في المجالين المحلي وفي مجال السياسة الخارجية، وفي مقدمة ذلك، حسب ما قال بول، سحب القوات الأمريكية من العراق. وكما هو معروف فإن بول يعتبر أحد "أبطال" فكرة هذه الحرب. وشارك في خطابة المشهور في الأمم المتحدة بتزويد العالم بمعلومات خاطئة عن: "المقدرة النووية العراقية".
وكما هو معروف، فإن كولن باول أسود، فبعد التصريح بأنه قرر التصويت لأوباما يخرج علينا جان سنونو بتصريح يقول أن "باول قرر التصويت إلى أوباما، كون أنه أسود". وقد أشارت بعض وسائل الإعلام الأمريكية إلى عنصرية هذا التصريح.
مهما كانت نتائج هذه الإنتخابات، إلا أنها ستدخل التاريخ على أن الحملة الإنتخابية التي قادها الحزب الجمهوري، كانت كانت بأغلبيتها حملة عنصرية. وسيسجل التاريخ للناخب الأمريكي موقفه، فإذا نجح رمني فإنه سيكون أن أغلبية الذين صوتوا له هم عنصوريون. وإذا فاز الرئيس أوباما في هذه الإنتخابات، سيسجل التاريخ أنه فاز بها رغم الحملة العنصرية ضدّه.

انشر المقال على: