عملية المستوطنين الثلاثة
دلالاتها وتداعياتها
محمد محفوظ جابر
هزت عملية أسر المستوطنين الثلاثة أركان الكيان الصهيوني بجميع مكوناته وفقدت القيادة السياسية والعسكرية توازنها وظهر الارتباك واضحآ في مسلكية تلك القيادة.
لا شك أنها عملية بطولية جريئة نفذت بدقة متناهية وجرأة كبيرة نفتقدها في هذه الأيام العصيبة .
ونستطيع ان نقول انها ردت لنا الروح .
في نفس المكان تمكنت خلية صوريف التابعة لكتائب القسام من اختطاف الجندي " شارون أدري " في أيار 1996 قبل أن تقتله وتحتفظ بجثته سبعة أشهر كاملة دون ان يكتشفها جيش الاحتلال.
إن هذه العملية البطولية قد أثبتت ما يلي :
أولآ : فشل الأمن الإسرائيلي في منع حدوثها فقد تمت ضمن موقع تحت رادار الشاباك ورغم ذلك تمكن الأبطال من تنفيذ العملية والاختفاء مخترقين "الامن القومي" الذي تفتخر به الاجهزة الامنية.
ثانيآ : فشل التنسيق الأمني الفلسطيني الإسرائيلي، رغم نجاحه أكثر من 15 مرة في إفشال عمليات أسر اسرائيليين في السابق الا انه فشل في معرفة تنفيذ هذه العملية.
ثالثآ: كشفت العملية العنصرية الصهيونية التي جندت أكثر 75000جنديا للبحث عن المستوطنين الثلاث لتحريرهم من الأسر بينما ترفض تحرير الأسرى الفلسطينيين الذين يقبعون في سجون الاحتلال الصهيوني وحتى عدم تنفيذ الاتفاق مع السلطة بالافراج عن بعضهم .
رابعآ: أثبتت العملية أن الشعب الفلسطيني قادر على القيام بأعمال بطولية يقف فيها الكيان الصهيوني بأكمله عاجزآ عن مواجهتها .
خامسآ: أربكت العملية القيادة الإسرائيلية مما دفعها إلى إطلاق تصريحات متناقضة :
1ـ حول المستوطنين الثلاثة في تحديد هويتهم مدنيين أو عسكريين:
أعلن الناطق الرسمي بإسم الجيش الإسرائيلي رسميآ فقد الاتصال بثلاثة جنود منذ ليلة أمس الخميس قرب مستوطنة " غوش عتصيون "
ـ تداول الإعلام الإسرائيلي ( قبل فرض الحظر عليه ) صورآ للمستوطنين وحدد أعمارهم بالعشرينات .
ـ أعلنت اسرائيل رسميآ مساء الجمعة عن اختفاء 3 مستوطنين قالت أنهم فتية ما بين السابعة عشر إلى التاسعة عشر يدرسون في مدرسة للمتدينين .
ـ قالت هارتس أن اثنين منهما يبلغان 16 عامآ بينما الثالث 19 عامآ
وفي جميع الاحوال الاستعطافية لا نجد اهتماما بالاطفال الفلسطينيين الذين يطلق الجيش الاسرائيلي النار عليهم او يعتقلهم وهم لم يبلغوا عشر سنوات.
2ـ حمل ناتنياهو السلطة الفلسطينية مسؤولية العملية رغم وقوعها في الأراضي التي تحت سلطة "اسرائيل" حتى يتهرب من تحمل المسؤولية ويحرض العالم على السلطة الفلسطينية فاثبت انه جبان وليس بمستوى المسؤولية .
سادسآ : خروج شباب فتح عن تعليمات عباس : فقد قام شباب فتح في الخليل بكسر كاميرات المحال التجارية التي قد تساعد العدو في الوصول الى ابطال العملية وأصدروا بيانآ بذلك كما فعل شباب فتح في منطقة نابلس مثلهم بإصدار بيان يستنكرون طلب عباس التعاون مع جيش الاحتلال للوصول إلى المستوطنين .
سابعآ : دقة تنفيذ العملية :
ـ ركوب المستوطنين في السيارة بشكل طبيعي لأنها سيارة تحمل لوحة اسرائيلية .
ـ حرق السيارة التي أقلتهم من مجمع المستوطنات " غوش عتصيون" لإخفاء أثرهم علمآ بأن السيارة مسروقة أصلآ .
ـ إتلاف الخلويات الخاصة بالمستوطنين لعدم تتبعهم .
إن ردة الفعل الصهيونية لم تتوقف عند البحث عن المستوطنين بل تخطت ذلك لتصل إلى تدمير بنية المقاومة الفلسطينية ومن الواضح أن هذه الخطة موضوعة مسبقآ وجاهزة للتنفيذ بانتظار الأوامر العسكرية ،القيادة الصهيونية عملية اسر المستوطنين لتكون غطاء لخطتها لذلك شملت حملة الاعتقالات 600 فلسطيني من كافة فصائل المقاومة مع التركيز على حماس بل ومن " شرطة دايتون " أيضآ ، وما الشهداء والجرحى أيضآ في هذه العملية إلا لوقف تطور وصول المقاومة إلى مرحلة الانتفاضة المسلحة حيث اشتدت في الآونة الأخيرة عمليات المقاومة بكافة اشكالها وعلى راسها الكفاح المسلح في جميع انحاء الاراضي المحتلة.
من ناحية اخرى طغى موضوع المستوطنين الثلاثة على الاعلام وافقد اضراب الاسرى الاداريين اهميته فتراجع الاداريون عن جزء من مطالبهم وانهوا اضرابهم المفتوح.علما بأن العملية البطولية كانت لمساندة الاسرى والافراج عنهم ،ولكن التفاصيل الدقيقة للعملية تبقى سرا الى ان يفصح الابطال عنه.