لقاهرة ـ ، وكالات - تمكن المتظاهرون المعارضون للرئيس محمد مرسي ، مساء الجمعة، من اختراق الحواجز الامنية المقامة امام القصر الرئاسي شرق القاهرة وبدأوا بكتابة شعارات على سور القصر منها "ارحل"، حسب ما افاد مصور وكالة (فرانس برس) الذي اكد ان طوقا من الجنود لا يزال يقف لحماية بوابة القصر.
واحتشد عشرات الاف المتظاهرين امام القصر الرئاسي الذي نشرت دبابات ومصفحات امامه وفي محيطه رافعين شعارات ضد الرئيس مرسي ووسط ترديد هتافات تنادي بسقوط "حكم المرشد" في اشارة الى المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها الرئيس محمد مرسي.
وتجاوز المتظاهرون الاسلاك الشائكة والحاجز الاسمنتي وتمكنوا من الوصول الى ابواب القصر.
ولم يقع اي صدام مع قوات الحرس الجمهوري حتى بعد ان صعد المتظاهرون فوق الدبابات أمام القصر.
وانسحب الجنود من الصفوف الامامية من خلف الجدار الاسمنتي أثناء ترداد المتظاهرين هتاف "ايد واحدة" ليبقى الانتشار الامني فقط على ابواب القصر.
وتوقف المتظاهرون أمام بوابة القصر مرددين "ارحل".
وفي ميدان التحرير وسط القاهرة، تجمع الاف المتظاهرين المناهضين للرئيس محمد مرسي وسط ترديد هتافات تندد بالاعلان الدستوري وتطالب بالغاء الاستفتاء على مشروع الدستور، فيما ردد اخرون هتافات تنادي برحيل الرئيس مرسي وتطالب بسقوط "حكم المرشد".
كما شهدت عدة مدن في دلتا النيل (شمال مصر) اليوم الجمعة اشتباكات بين مؤيدي ومعارضي الرئيس محمد مرسي نجمت عنها اصابات بجروح، حسب ما افاد مراسلو وكالة (فرانس برس).
وجرت هذه الاشتباكات في محافظات كفر الشيخ والشرقية والبحيرة.
ففي مدينة كفر الشيخ، اشتبك مؤيدون لجماعة الاخوان المسلمين مع منتمين لقوى سياسية معارضة بالحجارة. وشهدت الاشتباكات ايضا استخداما لبنادق صيد واسلحة بيضاء، حسب المصدر نفسه.
ودارت هذه الاشتباكات امام مقر حزب الحرية والعدالة المنبثق عن الاخوان المسلمين وتسببت في حالة من الذعر سادت المدينة.
ولم تعرف حتى الان الحصيلة الدقيقة لهذه الاشتباكات.
وشهدت محافظة الشرقية اشتباكات قرب منزل اسرة الرئيس محمد مرسى بالزقازيق كبرى مدن المحافظة والشوارع المحاذية له.
واستخدمت في الاشتباكات الحجارة والزجاجات الحارقة والقنابل المسيلة للدموع ، ما أسفر عن إصابة 23 شخصا بجروح.
وفي محافظة البحيرة، وقعت اشتباكات عنيفة في مناطق متفرقة اوقعت اكثر من 30 جريحا، خصوصا امام مقر حزب الحرية والعدالة في مدينة كوم حمادة.
وفي الإسكندرية، ثاني أكبر مدينة مصرية، خرج اليوم الجمعة آلاف الأشخاص إلى الشوارع وهم يرددون هتافات مناهضة لمرسي، داعين الرئيس الجديد للرحيل
وقال متظاهر لم يذكر اسمه إن خطاب مرسي لم يستجب لمطالب الشعب وإن المظاهرات ضده نتيجة طبيعية لهذا.
وفي السياق ذاته، اطلقت قوات الامن مساء اليوم الجمعة القنابل المسيلة للدموع باتجاه المئات من المتظاهرين السلفيين الذين تجمعوا امام مدينة الانتاج الاعلامي التي تضم ستوديوهات كل القنوات التلفزيونية الخاصة والمتهمة من قبل الاسلاميين بدعم المعارضة.
وبثت القنوات التلفزيونية الخاصة مشاهد تظاهرات قام بها مئات من انصار الاحزاب والحركات السلفية امام البوابة الرئيسية لمدينة الانتاج الاعلامي الواقعة في مدينة 6 اكتوبر بالضواحي الجنوبية الغربية للقاهرة، تحولت مع حلول المساء الى مواجهات.
واطلقت قوات الامن المتمركزة امام مدينة الانتاج الاعلامي الغازات المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين ومنعهم من اقتحام المدينة، وفق المشاهد التي بثتها اكثر من قناة تلفزيونية خاصة.
وكان القيادي السلفي حازم ابو اسماعيل، دعا امس الخميس عبر حسابة على (تويتر) وصفحته على (فيسبوك) الى التظاهر اليوم الجمعة امام مدينة الانتاج الاعلامي من اجل "تطهير الاعلام".
ونقلت وكالة انباء الشرق الاوسط عن مدير أمن مدينة الانتاج الاعلامى اللواء محمود بركات ان "المتظاهرين الذين تجمعوا امام البوابة رقم 4 بمدينة الانتاج الاعلامى للمطالبة بما اسموه تطهير الاعلام وللتنديد ببعض الاعلاميين من مقدمي البرامج في بعض القنوات الفضائية الخاصة يبلغ نحو ألف متظاهر وان اعدادهم فى تزايد".
وتتهم جماعة الاخوان المسلمين والاحزاب السلفية القنوات التلفزيونية المصرية الخاصة بالانحياز للمعارضة كما تتهم بعض مقدمي البرامج المسائية بالانتماء الى النظام السابق.
وفي المقابل، يشكو الاعلاميون والصحافيون من ان جماعة الاخوان المسلمين والاحزاب السلفية المتحالفة معها تسعى الى تقييد الحريات الاعلامية والصحافية.
وانسحبت نقابة الصحافيين قبل ثلاثة اسابيع من الجمعية التأسيسية احتجاجا على تقييد الحريات في مشروع الدستور واصرار الاغلبية الاسلامية المهيمنة على الجمعية على الغاء نص كان موجودا في الدستور السابق (الذي سقط مع اسقاط نظام مبارك) وكان ينص صراحة على "حظر اغلاق او تعطيل او ومصادرة الصحف".
وفي بيان اصدرته الخميس، عبرت نقابة الصحافيين عن "فزعها وانزجاعها الشديدين مما ثبت من الاستهداف الممنهج" من قبل مؤيدي الرئيس محمد مرسي للصحافيين اثناء مواجهات الاربعاء الماضي الدامية، منددة بـ "محاولة اغتيال" تعرض لها الصحافي الحسيني أبو ضيف فجر الخميس والذي يرقد في العناية المركزة.
وبالتزامن مع ذلك، رفض زعماء المعارضة في مصر اليوم الجمعة دعوة للحوار الوطني وجهها الرئيس محمد مرسي كسبيل للخروج من الأزمة التي أحدثت انقساما في صفوف الشعب وتسببت في اشتباكات مميتة في الشوارع.
ونظم معارضو مرسي المزيد من الاحتجاجات في القاهرة ومدن أخرى، بينما شيع مؤيدوه قتلى في الاشتباكات التي وقعت قرب قصر الرئاسة في جنازة حاشدة شارك فيها المرشد العام للجماعة محمد بديع.
وقدم مرسي القليل من التنازلات في كلمة ألقاها في وقت متأخر مساء أمس الخميس لكنه رفض سحب إعلان دستوري أصدره يوم 22 تشرين الثاني (نوفمبر) منح نفسه بمقتضاه سلطات واسعة.
كما رفض إلغاء استفتاء مزمع في منتصف الشهر الجاري على مشروع دستور كتبته جمعية تأسيسية هيمن عليها الإسلاميون.
وبدلا من ذلك دعا مرسي إلى حوار وطني في قصر الرئاسة غدا السبت لوضع خريطة طريق لما بعد الاستفتاء وهي فكرة رفضها معارضون ليبراليون ويساريون وغيرهم.
وطالب هؤلاء بأن يسحب مرسي الإعلان الدستوري الذي حصن لفترة من الوقت قراراته من رقابة القضاء وأن يرجيء الاستفتاء على مشروع الدستور قبل أن يبدأوا الحوار معه.
وقال أحمد سعيد، رئيس حزب المصريين الأحرار وعضو جبهة الإنقاذ الوطني، إن الجبهة لن تنضم للحوار. وقال "جبهة الإنقاذ الوطني لن تشارك في الحوار".
وقال المنسق العام لجبهة الإنقاذ الوطني محمد البرادعي إنه يدعو "القوى الوطنية" لرفض العرض الذي وصفه بأنه "يقوم علي سياسة لي الذراع وفرض الأمر الواقع".
ووصف المتحدث باسم حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين مراد علي، موقف المعارضين من الدعوة بأنه محزن.
وتساءل "ما المخرج الذي لديهم من الأزمة غير الحوار؟".
وأشعل الإعلان الدستوري أسوأ أزمة سياسية منذ تنصيب مرسي يوم 30 حزيران (يونيو) وجدد الاضطرابات التي تبدد آمال مصر في الاستقرار والانتعاش الاقتصادي بعد نحو عامين من القلاقل التي أعقبت إسقاط الرئيس السابق حسني مبارك الذي بقي في الحكم 30 عاما.
وكشفت الأزمة عن تناقض حاد بين رؤيتين لمصر المستقبل، إحداهما رؤية الإسلاميين والأخرى رؤية منافسيهم الذين يخشون من أن يسكت الإسلاميون أصواتهم وأن يقيدوا الحريات العامة.
ووجد ملايين المصريين أنفسهم اسرى الأزمة خاصة وانهم يتوقون الى نهاية للقلاقل السياسية التي تهدد مستوى معيشتهم في وقت يتعرض فيه الاقتصاد لضغوط شديدة.
وقال محمد علي وهو عامل بالقطعة "والله تعبنا". وأضاف "لم أصوت لمرسي أو غيره. ما يشغلني هو إطعام أسرتي لكن لم أجد عملا منذ أسبوع".
وقال أيمن محمد (29 عاما) قرب قصر الاتحادية الذي أحاطت به الدبابات وناقلات الجند المدرعة ، إن مرسي يجب أن يلغي مشروع الدستور وأن يلبي المطالب الشعبية.
وأضاف "هذا رئيس الجمهورية. لا يمكن أن يكون فقط للإخوان المسلمين" مشيرا الى الجماعة التي تأسست قبل 84 عاما والتي ينتمي إليها مرسي.
واتهم رئيس حزب المصريين الأحرار الرئيس المصري بتجاهل مطالب المعارضة في كلمته "الصادمة" أمس الخميس وتحديد موضوعات الحوار مسبقا.
لكن المتحدث باسم جماعة الإخوان محمود غزلان قال لوكالة (رويترز) "إذا رفضت المعارضة أن تحضر سيتبين أن نيتهم هي إزاحة مرسي من الرئاسة وليس إلغاء الإعلان الدستوري أو الدستور كما يدعون".
وتخيم حالة من عدم الثقة على المناخ السياسي في مصر بسبب الصراع بين الإسلاميين ومعارضيهم في وقت يعتقد فيه كل طرف أن الآخر يستغل القواعد الديمقراطية للإطاحة به.
وتساءل رئيس حزب المصريين الأحرار "هل هذا مناخ يقول فيه الناس نعم أو لا لوثيقة ستقسم الشعب أكثر مما توحده؟".
ويشير سعيد إلى الاستفتاء المقرر على مشروع الدستور.
ومن شأن مواجهة سياسية طويلة أن يصبح من الصعب على الحكومة التغلب على عجز الميزانية الهائل وأن تنهي أزمة في ميزان المدفوعات.
ويبدو أن من المحتم أن تتخذ الحكومة إجراءات تقشف منها رفع الدعم الكبير عن الوقود ليمكنها الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 4.8 مليار دولار تأمل في أن تتفق عليه هذا الشهر.
وفي تطور لافت ، اعلن محمود مكي، نائب الرئيس المصري محمد مرسي، مساء اليوم الجمعة، ان مرسي "على استعداد للموافقة على تأجيل الاستفتاء على الدستور شرط تحصين هذا التأجيل من الطعن امام القضاء".
وقال مكي لوكالة (فرانس برس) "نحن محكومون بمادة في الاعلان الدستوري تلزم الرئيس بعرض مشروع الدستور (بعد تلقيه) على الاستفتاء في مدة لا تتجاوز 15 يوما" ، مضيفا "ولهذا يجب ان تقدم القوى السياسية التي ترغب في التأجيل ضمانة حتى لا يتم الطعن بعد ذلك بقرار الرئيس ولا يتهم بمخالفة الاعلان الدستوري".
واعلن مكي ، ان لجنة الانتخابات وافقت على تأجيل تصويت المصريين في الخارج على مشروع الدستور.
وقال مكي "علمت ان لجنة الانتخابات وافقت على طلب وزير الخارجية المقدم منذ اكثر من يومين بتأجيل اجراء الاستفتاء للمصريين في الخارج".
من جانبها، قالت وكالة أنباء الشرق الأوسط ، مساء اليوم الجمعة، إن اللجنة العليا للانتخابات في مصر قررت تأجيل تصويت المصريين في الخارج على مسودة الدستور الجديد التي تعتبر أحد محاور الأزمة السياسية في البلاد.
وأضافت أن المغتربين سيبدأون التصويت يوم الأربعاء بدلا من غد السبت كما كان مقررا في السابق، وذلك بناء على طلب من وزارة الخارجية التي تنظم العملية في الخارج.
ولم تذكر اللجنة ما إذا كان ذلك سيؤثر على موعد الاستفتاء في مصر والمقرر يوم 15 كانون الأول (ديسمبر) الجاري.
ويعتبر تأجيل الاستفتاء على المسودة التي صاغتها جمعية تأسيسية يهيمن عليها الإسلاميون مطلب رئيسي لمعارضي الرئيس محمد مرسي.
وفي المواقف الدولية، قال الرئيس الأميركي باراك أوباما لمرسي أمس الخميس إنه "قلق للغاية" لسقوط ضحايا في الاشتباكات التي استمرت ساعات يومي الأربعاء والخميس.
وحسب البيت الأبيض قال أوباما إن الحوار الوطني يجب أن يجري دون شروط مسبقة.
وتثير الاضطرابات في مصر قلق الولايات المتحدة التي تقدم لها 1.3 مليار دولار مساعدات عسكرية كما تقدم مساعدات أخرى منذ توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979.