![](https://wbpalestine.com/sites/default/files/styles/article_image/public/download_11.jpg?itok=7PwCLb9h)
ظاهرة نسوية
مؤتمر نسوي عربي في فلسطين:
أم مؤتمر فلسطيني فلسطيني؟!
بقلم: د. فيحاء قاسم عبد الهادي
هل يمكن أن ينظَّم مؤتمر عربي على أرض فلسطين المحتلة؟
إذا كانت الإجابة سلبية بالضرورة، فهل يتغير الوضع إذا جرى تنظيم مؤتمر عربي على أرض دولة فلسطين المحتلة؟!
جاء انعقاد المؤتمر النسوي العربي، بعنوان: نحو تحقيق الحرية والمساواة: المشاركة السياسية للمرأة كعامل من عوامل التنمية المجتمعية (12-14 كانون الأول 2012)، الذي نظّمه الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للمرأة، ليحاول تحدي العوائق، وليوجِّه رسالة إلى المجتمع العربي والدولي، بأن العمل النسوي الفلسطيني يغتني بالبعد العربي، وبالتجارب النسوية العربية.
فهل نجح المؤتمر في تحقيق أهدافه؟!
*****
حين منعت النساء العربيات، وبعض الفلسطينيات من الشتات، من دخول فلسطين؛ اتضحت رسالة الاحتلال بشكل جلي.
وإذا كانت إجراءات الاحتلال (من منع التصاريح عن المشاركات من تونس، والمغرب، واليمن، والإمارات العربية) متوقعة؛ فكيف كانت استعدادات الاتحاد لإنجاح عقد المؤتمر؟
هل نظِّمت جلسات المؤتمر بما يخدم هذا التوجه؟ وهل استخدمت الوسائل التكنولوجية الحديثة، للتواصل مع النساء العربيات، بديلاً عن الحضور؟ ثم، هل نوقشت أوراق النساء العربيات؟ للاستفادة من تجاربهن؟
كان يمكن تحدي الظرف السياسي، وأوامر الاحتلال؛ لو تمَّ تأمين أوراق عمل، تعرض تجارب المشاركة السياسية للنساء العربيات، كعامل من عوامل التنمية المجتمعية، في نضالهن الدؤوب، من أجل المساواة والحرية.
لم يستلم الحضور أية ورقة عمل مطبوعة، وقد جرى تعويض ذلك بعرض أوراق بعض المشاركات والمشاركين، من فلسطين: من الضفة الغربية، ومن فلسطينيات 48، ومن الشتات، وقد ترأست الجلسات نساء من الضفة الغربية، ومن غزة.
أما عن النساء العربيات، فقد تمَّ التواصل مع التجربة التونسية، عبر تقنية الفيديو كونفرنس ـ الذي نظِّم في عمان، بالتوازي مع جلسات المؤتمر في رام الله ـ.
*****
كان غريباً أن توضع أسماء رئيسات الجلسات، ومنسقات مجموعات العمل؛ دون كتابة أسماء مقدمات ومقدمي الأوراق، حتى النسخة ما قبل الأخيرة للبرنامج، والتي وزِّعت على ضيوف المؤتمر.
وكان من الأغرب أن تلغى الجلسة الرابعة والأخيرة، دون مبرِّر مقنع، رغم أنها مثبتة في نسخ البرنامج الأربع. وعوضاً عن عرض التوصيات النهائية للمؤتمر، والإعلان عن مبادئ المؤتمر النسوي في فلسطين، بحضور ضيوف المؤتمر، وممثل الأمم المتحدة في فلسطين؛ تمَّ إنهاء جلسات المؤتمر بشكل مفاجئ، والاكتفاء برفع التوصيات إلى ممثل الأمم المتحدة في فلسطين، بحضور عضوات الأمانة العامة للاتحاد، والأمناء العامين للفصائل الفلسطينية؛ دون تقديم اعتذار حول تغيير البرنامج، وتفسير سبب استثناء المدعوين/ات من حضور جلسة إعلان نتائج المؤتمر!
*****
ورغم أن المؤتمر، بالنتيجة، قد استحق أن يكون مؤتمراً نسوياً فلسطينياً فلسطينياً بامتياز، فإن ذلك لا يقلل من شأن القضايا التي تمّ نقاشها، وخرجت توصيات بشأنها.
طرحت قضايا مهمة، تستحق أن تناقش على المستوى القاعدي للاتحاد، بالطريقة التي نوقشت بها وثيقة حقوق المرأة، التي وزعت مطبوعة على الحضور، حيث تمَّ طرح النهج التشاركي الفلسطيني، في تطوير الوثيقة، في واحدة من جلسات المؤتمر.
نوقشت التحديات، التي تحول دون أوسع مشاركة سياسية للنساء، وأهمها استمرار الاحتلال، واستمرار الانقسام، ثم المد الأصولي، بالإضافة إلى الموروث الثقافي. وتمَّ استعراض الفرص التي تقابل هذه التحديات، وأهمها الصمود الأسطوري في غزة، والاعتراف الأممي بفلسطين، كدولة غير عضو، بالإضافة إلى العنصر البشري، المتمثل بالحركة النسوية الفلسطينية، التي تملك مصادر القوة.
ونوقشت سبل توفير الحماية والأمن للنساء، ليتمكنَّ من المشاركة بالحياة العامة، بالتركيز على القرارات الدولية التي تنصف المرأة، وخاصة قرار 1325، الذي ينص على ضرورة حماية النساء في مناطق الصراع، من خلال ترتيبات مؤسسية فعالة.
واقترح تطوير القرار، وتوطينه، بما يتلاءم مع رفع تمثيل فلسطين في الأمم المتحدة، كدولة غير عضو، وبما يتسق مع حقيقة وضع المرأة الفلسطينية تحت الاحتلال الإسرائيلي، وليس في النزاعات المسلحة، وبما يضمن تطبيق القرار ضمن خطة وجدول زمني، وضمن المبدأ الذي أكَّد عليه القرار، والذي يقتضي مسؤولية كل الدول في إنهاء سياسة الإفلات من العقاب.
وطرحت قضية عزوف الشباب عن الحراك الشبابي أو النسوي، من خلال ورقة أعدَّتها إحدى الشابات الفلسطينيات: تحديات الحاضر وآمال المستقبل، كما طرحت قضية وسائل تعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية، وفي عملية صنع القرار.
*****
ضمن ورقة متميزة عن الإعلام ودوره في تعزيز مكانة المرأة؛ طرحت تساؤلات جديرة بالتفكير والبحث، على عضوات المؤتمر:
هل نحن راضون عن صورتنا في الإعلام؟ وإذا كان الإعلام قد اخترق النسيج الاجتماعي، ودخل المنازل بأشكال جديدة، مثل المدوّنات، وشبكات التواصل الاجتماعي كافة، أين منا كنساء؟!
ولماذا يتعامل الإعلام مع المرأة كحالة استثنائية؟ لماذا يتعامل مع المرأة مقابل النساء؟
ما السبب في تجاهل الإعلام للعديد من النساء المتميزات؟
أعتقد أنه من الضروري تفعيل الوسائل الديمقراطية، لجميع مكوِّنات المجتمع المدني، كي تبرز نساء عديدات إلى واجهة العمل النسوي، والسياسي، والاجتماعي، والثقافي، بالإضافة إلى ضرورة توثيق سير نساء متميزات، ممن أسهمن في مجتمعاتهن بفاعلية، ما يجعل إمكانية تجاهل الإعلام لهن مستحيلاً.
*****
انتقدت المشاركات، تجاهل وجود النساء، داخل لجان المصالحة الفلسطينية، وفي وفود فلسطين الرسمية، وفي معظم النقابات المهنية، وفي اللجان القانونية، حيث يستعان عادة بالرجال؛ وإذا كانت النساء جادات فيما يطلبن؛ فلماذا لم تقدِّم الورقة القانونية في المؤتمر قانونية متخصصة؟! ولماذا لم يدع إلى الندوة السياسية، التي نظَّمها الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، سياسية قادرة على التحليل؟!
أجيب عن هذا السؤال حين طرحته إحدى المشاركات؛ بأن مفهوم النوع الاجتماعي لا يقتصر على النساء. وأعتقد أن هذا القول صحيح جداً، ولكن المطلوب ألاّ يستعان بالرجال، فيما هو متعارف عليه ضمناً، بأنه من اختصاصهم، وألا يستعان بالنساء فقط، فيما هو متعارف عليه ضمناً بأنه من اختصاصهن.
همسة: على قيادات النساء تعزيز ثقتهن بقدراتهن الذاتية أولاً، ثم بقدرات غيرهن من النساء، حتى يستطعن الحديث بملء الفم، عن ضرورة تواجد النساء، في مراكز صنع القرار كافة.