صبرا وشاتيلاً 36 عاماً .. "الأسى ما بينتسى"!
قد يقول قائل إنّ الفلسطينيين يقلبون أوجاعهم باستذكار مآسيهم والحروب والجرائم التي ارتكبت بحقهم، لكن الأجداد يرددون دوماً مثلاً ينطبق عليهم يقول: "الأسى ما بينتسى".
فرغم مرور 36 عاماً على مجزرة صبرا وشاتيلا، إلا أنها لا تزال راسخة بكل تفاصيلها بأذهان الكبار الذين سلموا الصورة لأطفالهم، ليؤكدوا لهم أنّ أجدادهم وآباءهم وأمهاتهم وإخوانهم ذبحوا على يد قوات الاحتلال الصهيوني وميليشيات لبنانية، في واحدة من أبشع المجازر التي شهدها التاريخ الفلسطيني.
تلك المجزرة التي أصابت الأطباء والصحفيين بالانهيار والجنون عندما عاينوا المجازر الصهيونية بحق مخيم اللاجئين شاتيلاً الأشد فقراً، والحي اللبناني صبرا، والتي وقعت بعد يومين فقط من اغتيال الرئيس اللبناني المنتخب بشير الجميل، وبدت كأنها انتقام لمقتله، حيث كان زعيماً للمليشيات اليمينية المتعاونة مع "إسرائيل"، التي احتلّت جنوب لبنان سنة 1982.
أمر المجزرة
في ليل "الخميس الأسود" كما يصفه الفلسطينيون واللبنانيون، أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل، "أرئيل شارون (كان وقتها وزيراً للدفاع)، بتطويق مخيم صبرا وشاتيلا؛ استعداداً لارتكاب واحدة من أبشع المجازر في التاريخ الحديث.
ومع حلول ظلام يوم 16 سبتمبر 1982، بدأ جنود الاحتلال الإسرائيلي والمجموعات الانعزالية (مقاتلو حزب الكتائب اللبناني، وجيش لبنان الجنوبي)، التقدّم عبر الأزقّة الجنوبية الغربية للمخيم والمقابلة لمستشفى "عكا"، وانتشروا في جميع شوارعه، وسيطروا عليه بشكل كامل.
وعلى مدار ثلاثة أيام بلياليها ارتكبت المجموعات الانعزالية والجنود الإسرائيليون مذابح بشعة ضد أهالي المخيم العزل، يعجز اللسان عن وصفها، سوى أنها إحدى أفظع وأبشع المجازر التي ارتُكبت على مدار التاريخ الإنساني، بحسب وصف شاهد عيان عليها.
سمحت القوات الإسرائيلية بعد مجزرة صبرا وشاتيلا بدخول الأطباء ووسائل الإعلام التي صدمت بهول ما حصل، أمام المناظر البشعة للبطون المبقورة، والأعناق المذبوحة للجثث الملقاة في الشوارع.
ما بعد المجزرة
تضاربت الأرقام بشأن عدد ضحايا المجزرة البشعة، لكن تقديرات تتحدث عن أعداد تتفاوت ما بين 750 - 3500 رجل وامرأة وطفل، قتلوا خلال أقل من 48 ساعة في يومي 16 و17 سبتمبر 1982، من أصل عشرين ألف نسمة كانوا يسكنون صبرا وشاتيلا وقت حدوث المجزرة.
صدم العالم بما جرى، فحاولت الحكومة الإسرائيلية التماشي مع الضغوطات وشكلت لجنة تحقيق، وجهت الاتهام الشكلي إلى شارون بالمسؤولية عن المجزرة وتجاهل إمكانية حدوثها، وقد رفض الأخير هذه الاتهامات، واستقال من منصبه كوزير للدفاع (لكنه عاد بعد سنوات لتسلم منصب رئيس الوزراء الإسرائيلي!).
وبخلاف الضحايا الذين تم العثور على جثثهم في مكان وقوع المجزرة، فإن هناك المئات من المفقودين، وآخرين تم العثور على جثثهم في الطرقات الممتدة من بيروت إلى الجنوب الذي كانت تحتله "إسرائيل"، وقد اختطف الإسرائيليون عدة مئات من اللاجئين الفلسطينيين، وجرى نقلهم في شاحنات إلى جهات مجهولة.
المركز الفلسطيني للإعلام