نشرت صحيفة "ذي اندبندنت" البريطانية اليوم الخميس تقريرا تشير فيه مراسلتها في القدس كاترينا ستيوارت الى ان البنك الدولي حض المانحين الدوليين على التصرف بسرعة لمواجهة الازمة المالية التي تواجه السلطة الفلسطينية ودعا اسرائيل الى ازالة الحواجز التجارية في الضفة الغربية. وجاء تقرير المراسلة تحت عنوان "ازمة الفلسطينيين المالية المتفاقمة تهدد اتفاقات اوسلو"، وهذا نصه: "حذر البنك الدولي امس من ان الاقتصاد الفلسطيني في أزمة عميقة بسبب نقص التمويل من جانب المتبرعين والعراقيل الاسرائيلية أمام الاستثمار الفلسطيني في أكثر المناطق خصبا في الضفة الغربية.
ومن المحتمل ان يجدد هذا الوصف القاتم لمتاعب الاقتصاد الفلسطيني المخاوف الغربية من حدوث المزيد من الاضطرابات في الأراضي المحتلة، وسط جمود لعملية السلام واسبوع من الاحتجاجات ضد السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.
وقد هزت المظاهرات القيادة الفلسطينية، ودفعت بأحد كبار المسؤولين للتهديد بإلغاء اتفاقات اوسلو، وهي اتفاقات مرحلية الهدف منها هو أن تكون أساسا لحل الدولتين، واشتملت على اتفاقات مرافقة ألحقت الضرر بالاقتصاد الفلسطيني.
مثل هذه الخطوة من شأنها أن تسفر عن تداعيات بعيدة المدى، وان تضع المسؤولية الأمنية والمالية في الضفة الغربية على كاهل اسرائيل. ومنذ انتهاء الانتفاضة الثانية لعبت السلطة الفلسطينية دورا بالغ الأهمية في استعادة الأمن، حتى مع تحصين اسرائيل احتلالها للضفة الغربية، التي استولت عليها في حرب الأيام الستة عام 1967.
وتواجه السلطة عجزا في الموازنة قدره 250 مليون جنيه استرليني هذه السنة، وفقا للبنك الدولي، وهي أموال هناك حاجة إليها لدفع رواتب 150,000 من العاملين لدى السلطة والتي تأخرت بالفعل عدة مرات خلال العام الحالي. وناشد المانحين الوفاء بالتزاماتهم لدعم الاقتصاد الفلسطيني، لكنه حذر من أنه ما لم تخفف اسرائيل من قبضتها الاحتلالية والاقتصادية على الضفة الغربية فإن أي انتعاش اقتصادي سيكون موقتاً .
وقالت مريام شيرمان، المديرة الإقليمية في البنك الدولي لشؤون الضفة الغربية وغزة: "يتوجب على المانحين العمل بسرعة شديدة لمواجهة الأزمة المالية الخطيرة التي تواجهها السلطة الفلسطينية على المدى القصير. ولكن حتى مع دعم مالي كهذ،ا فإن النمو الاقتصادي المستدام لا يمكن تحقيقه بدون رفع الحواجز التي تعيق تنمية القطاع الخاص".
وفي تقرير منفصل، قال صندوق النقد الدولي إن النمو الاقتصادي في الضفة الغربية وغزة من المحتمل أن ينخفض إلى 6،2 في المائة هذا العام من 9،9 العام الماضي، مع ارتفاع متوقع لمعددل البطالة ليصل 20 في المائة.
وبموجب اتفاقات اوسلو تسيطر اسرائيل على 60 في المائة من الضفة الغربية التي صنفت على أنها منطقة ج . وقد توسعت المستوطنات اليهودية التي يعتبرها المجتمع الدولي غير شرعية بسرعة خلال العقدين الماضيين، وتسيطر حاليا على معظم الأراضي الخصبة في الضفة الغربية.
ويُحظر الاستثمار الفلسطيني كليا في المنطقة "ج"، حتى مع امكانية حصول الفلسطينيين على ايرادات كبيرة لو سمح لهم بتطويرها، وفقا للبنك الدولي. ويقال إن المستوطنات الاسرائيلية الصناعية تنتج سلعا قيمتها 185 مليون جنيه استرليني يتم تصديرها إالى اوروبا.
وكان المقصود من اتفاق اوسلو الذي سمح بقدر محدود من الحكم الذاتي الفلسطيني أن يكون مجرد إجراء انتقالي لتمهيد الطريق أمام اتفاق للوضع النهائي. وبدلا من ذلك، فقد تعثرت المفاوضات على مدى يقارب 20 عاما، ومع صعود حكومة يمينية إلى الحكم في اسرائيل، فقد رُفعت عملية السلام كليا تقريبا من الأجندة خلال الشهور الأخيرة.
وقال صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين، هذا الأسبوع إن القيادة الفلسطينية تفكر في إلغاء اتفاقات اوسلو، وفقا للصحيفة الاسرائيلية "هآرتس"، في ضوء ما وصفه بمحاولات اسرائيل تخريب أي محاولات لاستئناف المفاوضات.
إلا أن المسؤولين على أي حال تراجعوا كما يبدو أمس، ولمحوا إلى أن من غير المحتمل ان تلغي منظمة التحرير الفلسطينية الاتفاقات في اي وقت في المستقبل القريب، لكن هناك مناقشات حول إعادة فتح بنودها.
وقال مستشار فلسطيني: "إذا كان أي طرف قد فعل أي شيء لنسف اتفاقات اوسلو فانه اسرائيل. وليس هناك مؤشر الى أن لدى اسرائيل الإرادة السياسية لاستئناف محادثات السلام". لكن القيادة الفلسطينية مع ذلك تحت ضغط داخلي لاتخاذ موقف من اوسلو، اذ طالب المحتجون خلال الأسبوع الماضي بإلغاء اتفاق باريس لعام 1994، الذي يمنع الفلسطينيين من التعامل التجاري بحرية مع بقية أنحاء العالم.
ووافق الفلسطينيون على شروط ذلك الاتفاق بعد لأي بعد ان وعدت اسرائيل بالسماح للعمال بدخول اسرائيل، لكن اعداد هؤلاء انخفضت صارت ضئيلة.
ووجه المحتجون معظم غضبهم الى رئيس الوزراء سلام فياض المدعوم من الغرب وطالبوا باستقالته. وحاول فياض تخفيف التوتر بالغاء بعض اجراءات التقشف التي قررتها الحكومة والغاء زيادة في اسعار الوقود. وقدمت اسرائيل، لوعيها بمخاطر انهيار اقتصادي، سلفة مقدارها 40 مليون جنيه استرليني على عوائد الضرائب التي تجمعها نيابة عن اتلسلطة الفلسطينية.
وفندت اسرائيل ايحاءات بانها مسؤولة عن مشكلات الفلسطينيين المالية ، مدعية ان السلطة اساءت ادارة موازنتها ما اغرقها في مزيد من الديون. كما اشارت الى انها قدمت مرتين سلفتين على عوائد الضرائب التي تجمعها نيابة عن الفلسطينيين لتمكن السلطة من دفع الرواتب".