ذكرى مذبحة واحتلال قرية الطنطورة عام 1948
في مثل هذا اليوم، عام 1948، اقتحمت القوات الصهيونيّة قرية الطنطورة"، جنوبي مدينة حيفا، وارتكبت فيها مذبحةً بشعة، وهي أول مذبحة ترتكب بواسطة "جيش إسرائيل" بعد تأسيسه، واستشهد فيها أكثر من 250 فلسطينيًا، قبل أن يتم تدمير القرية.
والطنطورة، قرية فلسطينية تقع جنوب مدينة حيفا، على بعد 24 كم تقريبا، تحيط بها قري كفر لام والفريديس وعين غزال وجسر الزرقاء وكبارة، تبلغ مساحتها 14,520 دونما، وبلغ عدد سكانها في عام 1945 حوالي 1,490 نسمة.
تميز موقعها باعتباره ممراً إلى حيفا وبعض المراكز الأخرى كون جزء من أراضيها يصلها بالطريق الساحلي السريع، ووجود محطة قطار للخط الساحلي.
جاءت تلك المذبحة بعد شهر تقريبا من مذبحة دير ياسين استكمالا للهدف الصهيوني الرئيسي والمتمثل بعملية التطهير العرقي للبلاد بقوة السلاح والترهيب للسكان تمهيدا لتهجير أكبر عدد من المواطنين الفلسطنيين، وقد تركت مذبحة طنطورة أثرا بالغا على الفلسطينيين في القرى المجاورة ومهدت لتهجيرهم بالفعل.
وتختلف مذبحة الطنطورة عن سائر المذابح السابقة في فلسطين ليس لحجم الضحايا فقط ولكن كونها جريمة ارتكبت على يد جيش "إسرائيل" بعد أسبوع واحد من إعلان قيام دولة "إسرائيل". وقد اختار جيش الاحتلال هذه القرية بالذات بسبب موقعها على ساحل البحر المتوسط وسهولة مهاجمتها ومتذرعين أن القرية تمثل تهديدا لهم واتهموا أهلها بتحويلها لمرفأ يصل منه السلاح للفلسطينيين.
المذبحة
استهدف الجيش "الإسرائيلي" القرية في ليل 22 مايو 1948 أولا، بقصفها من البحر قبل عملية المداهمه على يد جنود الكتيبة 33 من لواء الكسندروني من جهة الشرق في نفس الليلة، وتواصل الهجوم حتى اليوم التالي حتى تمكنوا من احتلالها في اليوم التالي وبدأت المجزرة بحق أهالي القرية غداة احتلالها مباشرة.
ارتكبت بحق مواطنين القرية مذبحة بشعة في ذلك اليوم، وخاصة ضد رجال القرية. قد أُطلقوا النيران على الرجال في الشوارع وفي بيوتهم، وبطريقة تجميعهم بمجموعات من ستة إلى عشرة في مقبرة القرية. وأُكره بعض الرجال على حفر خنادق أصبحت مقابرهم بعد أن أُطلقوا النار عليهم ودفنوا في مقابر جماعية، ولم تتوقف حملة الذبح وسفك الدماء التي كان يقومون بها الجنود الصهاينة إلا بعد وصول بعض سكان قرية زخرون يعقوب. أما تلك المقابر الجماعية فقد أصبحت الآن موقف سيارات بشاطئ موشاف دور.
أُحصيت أكثر من مائتي وخمسون جثه في ليلة الاحتلال والأيام التي تلتها، وتم طرد النساء والأطفال بعد تفتيشهم ومصادرة كل ما يملكون. وتم اسر الرجال والفتيان من سن السابعة عشر وحتى الستين عاما وأخذهم وسجنهم في معتقلات كانت القوات الصهيونية تسيطر عليها، وتمت تصفية وقتل العديد من هؤلاء الأسرى قبل أن يتم تسجيلهم من قبل الصليب الأحمر الدولي.
صمود القرية ونهايتها
قاومت القرية مقاومة باسلة ولكن لضعف تسليحهم لم تستطيع الصمود أمام القوات الصهيونية.
وفي نفس اليوم قامت المنظمات الصهيونية المسلحة بأسر الرجال وتشريد ما تبقى من أهلها من نساء وأطفال وتركهم يهيمون في العراء، وعلي أنقاضها أقيمت مستعمرة نحشوليم عام 1948، وفي عام 1949 أُقيمت مستعمرة أخرى هي موشاف دور على باقي أطلال القرية. وأكد عدد من المؤرخين العرب واليهود أن تلك المذبحة تعتبر من أبشع المذابح التي ارتكبها الصهاينة في فلسطين التي تزيد على ثمانين مذبحة.
أما بعد خروج الأسرى والمحتجزين من الأسر فقد كانت لهم رحلة طويلة من العذاب والألم للبحث عن أسرهم التي تشتتت ما بين سورية والأردن والعراق ولكن أغلبية الأسر من نساء وأطفال هم حاليا لاجئون في سورية وموزعون ما بين مخيم اليرموك ومنطقة القابون في دمشق ومخيم الرمل في اللاذقية.