![](https://wbpalestine.com/sites/default/files/styles/article_image/public/n_1312100014450.jpg?itok=W-7Wa081)
محمد كناعنة ابو أسعد
ذكرى تَتَألَّق
• في الذكرى تَتَألَّقُ المعاني، نَستحضرُ الذاكرة بتفاصيلها الجميلة والأليمة، نعود للوراء، في القراءةِ عادة، أَو في المُراجعةِ من أَلفٍ إِلى الياءِ، نخطو صو بَ الحنين قليلاً، نمشي بين الغيابِ والتَغيّيبِ، أَسماءٌ لا تُنسى، أَعلامٌ تسبَحُ في فضاءِ المجدِ، نقتربُ من الحاضرِ نَقع في مَطَبِّ الحُضورِ, كلّ الغائبين ها هُنا حاضرون في المَشهَد، نستشرفُ مَعهُم صدقَ الرؤية، وصوابيّة الرؤيا ونقرعُ جدارَ الخزان، "فالمشهَدُ هناكَ لمن يُريدُ أن يراه".
• هيَ مسيرةُ شَعب وثورة، هي قصةُ المكان في ماضٍ كان وحاضرٍ ومستقبل آت، هي جمرةٌ تحتَ الرماد كانت، ونارٌ صارت، إِن أَخمدوا اللهيبَ فيها عادَ اللهبُ ليَشتعل ويُضيء الدرب، فالجَمرُ الكامن لا ينطفيء، هي أَبو صالح بجوابهِ على سؤال اليائسين.. ماذا نفعل؟ بأن نبدأ من جديد، كما ذهبَ عبد العال في وصفهِ، وهي رسالة غسان.. خيمة عن خيمة بتفرق،، وهي قول أبو علي،، على المبادئ لا نساوم،، وهي حرابُ الوديع وراء العدو في كلّ مكان وهي جيلُ خالد أبو عيشة وروح وردة الشُهداء شادية أبو غزالة وهيَ مقلاعُ أَيمن الرزّة وهي صمود العكاوي واسطورة الراعي وهي شموخُ مها نصار، وهي جيلُ العودة ورفضُ المخيم واقعاً أبدياً، فهيَ الرجالُ والبنادق، والعائدُ حتماً إلى حيفا، هي لَيلى الجميلة تُحلّقُ في سماءِ كرملِ وشاطئ حيفا، وهي حُبّ اليماني لزعتر سُحماتا وعبد العال لتراب الغابسية هي ملايين اللاجئين ورسم العَودة كما خطّه الكنفاني رسماً بالأحمر صوب فلسطين، هي لَميس تُعانقُ رائحة البارود في حقدِهِم، هي خيامُ احترقت وركامُ من تَحتهِ قَدحَ الفكرُ والساعدُ، النور والنار، الرؤية والرؤيا..
• هي فكرة، أَعظمُ ما فيها الفكرة, تذهبُ بكَ إِلى جنةٍ على الارض، أَو تحرّضكَ على إِنتزاع جنةِ السماء، هي أمهاتُ الأسرى، تضحياتٌ وعطاءٌ ونبعٌ من الارادة، هي سِهمٌ نراهُ في كلّ ليل ومن بينَ الظلمات يَسطو على الأَسوَد ومرحلتهِ ليشُقَّ عبابَ الظُلّام والظَلام، هي الخريطة، من نهرها إلى بحرها وهي الأم من مُحيطٍ ينتظر في التاريخ دورهُ إلى خَليجٍ بكى عليه التاريخ ولم يَنسى حُدودهُ.
• أَن تكتُب عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، يعني أَن تستحضرَ كلّ هؤلاء وغيرهم من الكادحينَ والفقراء، من المثقفينَ وجيلٌ وراءَ جيل من الأبناء والأحفاد، ولا بُدّ من وقفةٍ مع المرأة الحاضرة في كلّ تفاصيل هذه الذكرى، من الطلقة الأولى إلى الزنزانةِ الأولى إِلى رسم صورةِ الحَجر الاولى، أَن تكتُبَ في حاضرة التاريخ يعني أَن تَنبُش الصَخر، وأَن تقرأَ مجرى وديان وأنهار التضحيات، يعني أَن تحلَم بالعودة وتَستنهض النيام ليعودوا. ليسَ عادياً أَن تكتُب عن الجبهة ولا تُشاهد بسمة المسلماني تَطلُّ عليكَ من شُرفةِ الغياب أو زنزانةٍ تقاسَمها حُبّاً مع جُموع العاشقين، وتقرأ شارون يقول غَزة في النهار لنا وفي الليل لَهُم ، إنَّهُ محمد ألأسود جيفارا غزة من قالَ قسماً لنجعلَ من كل حَبّة رملٍ قُنبُلةٌ تحتَ أقدام الغُزاة .
• ليسَ بالإمكان أن تكيتُبَ عن الرؤية دونَ أَن تعانقَ كلمات أسد المرحلة وعُنوان صمودها ورمز عنفوانها، أَحمد العربي، إِبنُ عبد الرسول سَعدات، أَبا غسان العاشق في زمن العُهر، القابضُ على الفكرةِ بزنادهِ وعيناهُ تبتَسمُ للألمِ لتحوّلهُ أملٌ على أمل.
• وكيفَ لنا أن نُنُهي إلاّ بكلمات المُؤَسِّس، حكيماً لِلمُخيمِ كانَ وللثورة ، هو صاحبُ القولِ: "خائنٌ من يرفعَ السلاح في وجهِ أخيه الفلسطيني" أفنى عُمرهُ يُنادي بالوحدة وكانَ مُنشَداً للديمُقراطية في المجتمع والدولة والحزب والثورة، وصرخَ بأعلى الصوت: "ثوروا فلن تَخسروا سوى القيد والخَيمة" على صورتهِ أعتقلنا ورفعِ إسمهِ كانَ محظوراً شَكّلَ مُعادلة الرُعبِ عندَ أعداءِ شعبهِ، شاهدٌ على النكبة منَ الّلدِ خَرجَ قَسراً وقالَ لن أعود إلاّ إلى اللد ولو في نَعش، ولن أعودَ إلاّ مع آخر لاجئ،إنّهُ الحكيم الرفيق الثائر الشهيد جورج حبش.
• هيَ مَرحَلةٌ غاية في الصعوبة تَمُرُّ من دونَ هذا الرعيل ، وحتماً صوت المُخيمِ ما زالَ يستَعرُ في بيانها ألأول ، فالتأسيس كانَ من أجل العَودة والحُرّية والتحرير، هي أعمدةٌ في هذا البُنيان .
•
• محمد كناعنة أبو أسعد
• عضو المكتب السياسي لحركة أبناء البلد