رام الله - من محمد عبد الله- من جنازة الشهيد سمير عوض الذي ارتقى أمس في قرية بدرس غرب رام الله، ابتدأت حكاية إشراق باب الشمس من جديد، خمسون متضامناً ممن بنوا قرية "باب الشمس" وتضامنوا معها، والذين لم يعجبهم طردهم من قريتهم المطلة على الحرية، اتفقوا على العودة إليها مهما كانت الطريقة ومهما كلف الثمن.
بعد جنازة الشهيد سمير، بدأت خطة المتضامنين لخداع جيش الاحتلال في الدخول لقريتهم الوليدة، والتي تمثلت بإقامة حفل زفات وهمي لعروس وعريس تأنقوا في سبيل إنجاح العودة إلى القرية المحاصرة من كل جهة بوحدات إسرائيلية خاصة ومستعربين.
انطلق المتضامنون التواقون لخيام باب الشمس ودفئها بعد ظهر أمس إلى هناك، سيارة تتزين بالزهور وعروسين يتبعهم أكثر من 150 مدعو وصلوا إلى أول حاجز عسكري، محتفلين بإنارة أضواء سياراتهم وارتفاع أصوات أبواقها والأغاني المصاحبة "لفاردة" العروسين.
عند الحاجز، وقفت "الفاردة" لدقائق ثم دخلوا مواصلين احتفالاتهم بفرحهم الكبير، فرحة العودة إلى قرية هزت أوتاد خيامها قوة "الجيش الذي لا يقهر"، الذي اكتشف هذا الأخير بعد دقائق من مرور العرس أنه وقع لعبة لخدعة أصحاب القرية التي هُجّروا منها قبل أيام.
الجيش فهم الخدعة عندما تفاجأ من خروج العروسين من سيارتهم ومن في الحافلات والسيارات رافعين الأعلام الفلسطينية، وجمع من الصحفيين الذين جمدوا لحظات الانتصار عبر عدساتهم، وقد بدت ملامح الانتصار على وجوه كل المشاركين في "الفاردة".
خدعة صدمت جيش إسرائيل الذي كانت ردة فعله شرسة جداً، بإطلاقه العشرات من قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، بل واعتدوا بالضرب على العروسين والمتضامنين والصحفيين، وأصابوهم بجروح متفاوتة، قبيل اعتقالهم جميعاً، وإبعادهم عن القرية، قبيل الإفراج عن غالبيتهم عن حاجز حزما العسكري.
الجيش الإسرائيلي لم يكتف بذلك، بل وصل قهره بسبب الخدعة التي جعلته نكتة الأمس أن يطلب الشرطة الإسرائيلية لتسجيل مخالفات على السيارات التي شاركت في "الفاردة"، إلا أن أصحاب القرية استلموا مخالفاتهم بوجوه تملؤها فرحة نجاحهم، في كسر حصار باب الشمس.
هذه الخدعة أظهرت، خاصة للمتضامنين، تخبط الجيش الإسرائيلي الذي لم يملك أية خطة لإخراجهم أو للتعامل معهم، فاطلق قنابل الغاز، والرصاص المطاطي، وإرسال دبابات من أقرب نقطة عسكرية متواجدة هناك، وإحضار الشرطة لمخالفة السيارات العربية، وإغلاق كافة الطرق، وتواجد مكثف للجيش وصل إلى مداخل بيت لحم.
وفي مقابلة لـ دوت كوم معه، يرى المتضامن صلاح الخواجا والعضو في لجان المقاومة الشعبية هذه الخطة هي استكمالاً لما بدأوا به في المرة الأولى، كما تجسدت فعلياً رواية باب الشمس، التي قدمت النضال الفلسطيني لسكان القرية، وإصرارهم على العودة لها.
وأضاف، "باب الشمس" هي عنوان للمقاومة الفلسطينية النوعية التي أظهرت ارتباك جيش الاحتلال الذي شدد من إجراءاته على الشوارع ابتداءً من قلنديا وحتى بيت لحم، "لأن هذه المفاجئة التي أدخلتنا رغماً عنهم إلى باب الشمس تمثل تحدياً وانتصاراً لنا، وهزيمة بشعة لهم".
وحسب الخواجا، فقد عجز جيش الاحتلال عن القيام بأي شيء لحظة الوصول إلى باب الشمس، "حتى أننا رفعنا الأعلام الفلسطينية على الدوريات الإسرائيلية، فلم يستطع الجنود التصرف، أمام وسائل الإعلام التي كانت توثق ما جرى، هل يعتقلوننا مباشرة، أم يزيلون الأعلام عن الدوريات، ما دفعهم لإطلاق الغاز المسيل للدموع ثم الاختباء داخل دورياتهم لحين وصول تعزيزات إسرائيلية".
ولأول مرة، يعلن الجيش الإسرائيلي باب الشمس منطقة يمنع التجول فيها بدلاً من منطقة عسكرية مغلقة، والتي برأي الخواجا قفزة نوعية في نجاح المقاومة، لأن منع التجول يعني أن القرية تعتبر حسب وجهة نظرهم فلسطينية، مثلها مثل القرى الأخرى.
يذكر أن الاحتلال الإسرائيلي ما زال يعتقل 19 من المتضامنين منذ يوم أمس، حيث سيتم تقديمهم لمحكمة عوفر العسكرية اليوم للنظر في قضيتهم.