حول مقايضة قضية الأسرى بالإستيطان// راسم عبيدات راسم عبيدات أبدأ مقالتي بما ورد في رسالة عميد الأسرى الفلسطينيين كريم يونس،والمعتقل منذ 30/1/1983،التي بعتها من سجنه،سجن "هداريم" الإسرائيلي حول التراجع في قضية الأسرى،ومن جملة ما ورد في تلك الرسالة،والتي ارى انها على درجة عالية من الأهمية"لم نتوقع في أسوأ احلامنا وكوابيسنا أن تتحول قضية أسرى ما قبل اوسلو إلى ورقة ابتزاز بيد الإسرائيلي وسيف مسلط من قبله على رقبة المفاوض الفلسطيني. نحن نرفض ذلك رفضا قاطعا ونفضل أن نبقى في قبور الأحياء على أن نستخدم أداة بيد عدونا لابتزاز قيادتنا". وأضاف يونس في رسالته"هكذا هي إسرائيل.. أبداً لم تلتزم بأي تعهد أو اتفاق قطعته على نفسها مساءً لتخرقه صباحاً، فما بالكم باتفاق على مراحل ولمدة 9 أشهر؟نحن على يقين أنه ما من مسؤول فلسطيني سيستطيع أن يتعهد بتنفيذ إسرائيل للعهد، وإتمامها لإطلاق سراح كافة الأسرى ال104 (ما قبل اوسلو) بعد 9 أشهر، لا سيما أن الطريق مليئة بالعقبات والانفاق،وفيه من الألغام ما يكفي على المستويين السياسي والتفاوضي حيث أن شكل وفحوى القرار الذي اتخذته حكومة إسرائيل بهذا الصدد يفتح الباب على مصراعيه مره أخرى أمام التلاعب والتذرع للتهرب من التنفيذ الدقيق والكامل لما تم التوافق بشأنه حول موضوع الأسرى." والأسير المناضل كريم يونس في رسالته،لا يعكس موقفه الشخصي وإسقاطاته الذاتية،بل موقف عموم الحركة الأسيرة،وخصوصاً انه من الداخل الفلسطيني -عرب 48 ،فهؤلاء الأسرى هم واسرى القدس،كانت معاناتهم مضاعفة،فالمفاوض الفلسطيني في اوسلو،تنازل عن التحدث طواعية باسمهم،كونهم من حملة الجنسية والهوية الإسرائيلية،الجنسية لفلسطينيي 48 والهوية لفلسطينيي القدس،ناهيك عن ان دفعات الإفراجات وما يسمى ببوادر حسن النية الإسرائيلية،لم تشملهم كأسرى،وهذا بحد ذلك شكل رضوخاً وقبولاً للشروط الإسرائيلية،بتقسيم الأسرى وتصنيفهم وفق الجغرافيا والإنتماء السياسي والتهمة(أسرى قدس،أسرى 48،أسرى الضفة الغربية،اسرى غزة،أسرى عرب ودوريات،أسرى "أيديهم ملطخة بالدماء" وغير ملطخة،أسرى فتح،اسرى حماس،أسرى الجبهة الشعبية وغيرهم). والسلطة الفلسطينية التي كانت تشترط عدم العودة للمفاوضات إلا بإطلاق سراح الأسرى القدماء منهم المعتقلين قبل اتفاق اوسلو (104 )،والذين كان يفترض إطلاق سراحهم قبل عشرين عام كإستحقاق إسرائيلي،ووضع جداول زمنية محددة لإطلاق سراح كل الأسرى الفلسطينيين(5100 ) أسير فلسطيني،وجدنا ان السلطة الفلسطينية،لم تتخلى عن هذا الشرط فقط،بل عادت ورضخت مجدداً للشروط والإملاءات الإسرائيلية - الأمريكية بدون شروط،بإطلاق سراح الأسرى القدماء(104 )،على دفعات لمدة تسعة شهور،وربط ذلك بما يحدث من تطورات وتقدم في المفاوضات وحسن سير وسلوك السلطة الفلسطينية فيها،ومن النظرة الأولية على الدفعة الأولى من الأسرى ال(26) الذين جرى تحررهم،نجد بانها لم تشمل أي اسير من الداخل الفلسطيني- 48 – والقدس،وكذلك تسعة منهم احكامهم شارفت على الإنتهاء،يضاف إلى ذلك صراحة وجود من هو ليس محسوباً على الثورة والمقاومة . والتخوفات التي يطرحها الأخ كريم يونس،عميد الأسرى،هي مشروعة وجوهرية،فنتنياهو قال بشكل واضح لزعيم البيت اليهودي"نفتالي بينيت"،بأن اسرائيل ستقوم بإطلاق سراح اسرى فلسطينيين،وهذا ثمن باهظ تدفعه،ولكنها بالمقابل ستقوم بمواصلة وتصعيد الإستيطان،وبالفعل شرعت في الإعلان عن مناقصات لإقامة مئات الوحدات الإستيطانية في القدس والضفة الغربية. واضح ان هناك اتفاقاً بين نتنياهو وكيرى على هذا الموضوع فكيرى عراب المفاوضات،عقب إنتهاء الجولة الأولى من المفاوضات بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني،قال بان اسرائيل ستحتفظ ب 85 % من مستوطناتها في الضفة الغربية،والخطوة الإسرائيلية بإقامة مئات الوحدات الإستيطانية في القدس والضفة الغربية،واضح بان إحتجاج سلطة اوسلو عليها،هو فقط شكلي ولذر الرماد في العيون،فهي تدرك جيداً،بأن عودتها تمت خارج إطار الهيئات الرسمية للمنظمة(اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي)،واسرائيل لن تلتزم بأي إتفاق،لأن جوهر وجودها ومشروعها،اي حكومة اليمين والتطرف الإسرائيلية الحالية،قائم على الإستيطان،وإتفاق اوسلو،إتفاق المبادىء الذي إنتهي العمل به في أيلول 1999،وبموجبه تنقل إسرائيل للجانب الفلسطيني 97% من أراضي الضفة الغربية،لم يجري تنفيذه او الإلتزام به،بل نتنياهو الذي تفاوضه السلطه الفلسطينية حالياً،هو من فاوضها على ما جرى الإتفاق عليه،إتفاق الخليل. ونحن إذ نرى بان تحرر اي اسير فلسطيني،هو بحد ذاته مكسباً لشعبنا ولأسرانا،هؤلاء الأسرى الذين دفعوا ثمناً باهظاً وطنياً وإجتماعياً في سبيل قضية شعبنا الفلسطيني ومشروعه الوطني،ولكن نرى بان موافقة السلطة الفلسطينية مجدداً على تجزئة حريتهم على دفعات،هو خطيئة جديدة بحقهم،فإسرائيل ستستمر بالمراوغة والمماطلة،وستختلق الحجج والذرائع وستختلق الأعذار،لعدم إستكمال الإفراج عن الدفعات الأخرى،وخصوصاً ما يتعلق باسرى الداخل- 48 – والقدس،ولدينا عشرات الأمثلة في هذا الجانب،إتفاق الخليل،والإستيطان والقدس..الخ،ونتنياهو بدأ الحديث من الان عن ان السلطة الفلسطينية تمارس التحريض ضد دولة الإحتلال،في وقاحة غير مسبوقة،حيث مقابل كل أسير ستفرج عنه ستقام عشرات الوحدات الإستيطانية في القدس والضفة الغربية،ناهيك عن ان مشاريع تقسيم المسجد الأقصى زمانياً ومكانياً ستصبح مشرعنة على المستوى الرسمي والقانوني بين المسلمين والمستوطنين. القدس المحتلة –فلسطين