حركة الزّمان والمكان في رواية الخطّ الأخضر
نزهة أبو غوش:
صدرت رواية "الخطّالأخضر "لرولا خالد غانم مؤخرا عن دار الجندي للنشر والتوزيع في القدس، وتقع في 160 صفحة من الحجم المتوسط.
في روايتها " الخطّ الأخضر" نجد أنّ الكاتبة رولا غانم، قد جعلت من المكان بطلًا، حيث يمكن أن نستدلّ على ذلك البطل بداية من عنوان الرّواية " الخط الأخضر"، ثمّ من مضمون الرّواية. الخطّ الأخضر، ذلك الخط السّياسيّ على الخارطة الفلسطينيّة، حيث يدلّ على أنّ من هم بداخله يحملون الهويّة الاسرائيليّة، ومن هم خارجه، فلسطينيّون يحملون الهويّة الأُردنيّة.
في المكان كان الصّراع مريرًا وصعبًا بين الجزئين، داخل الخطّ الأخضر، وخارجه. صراع الفلسطينيّ الّذي يعيش ما بين الشّرق والغرب من وطنه. فمن تواجد في الشّرق يُمنع من دخول الغرب؛ لأنّه ضمن الخطّ الأخضر، حيث المحتلّ وضع حدوده. وكذلك يحدث بالعكس.
في رواية الخطّ الأخضر تشتّت المكان ما بين طولكرم، والزّرقاء بالأُردن، وعمّان، تمامًا كما تشتّت الفلسطيني منذ عام النكبة 1948.
بطل الرّواية، عبدالله فلسطيني عاش ببلدة باقة الغربيّة، داخل الخط الأخضر مع عائلته، لكنّه أُجبر على ترك بلدته؛ حيث أُخذ بالعنف من قبل المخابرات الأردنيّة؛ من أجل الادلاء بشهادته عن بعض العملاء الّذين كان يراهم عند الجيران في بيت صديقه. هنا يمكن القول بأنّ المكان أصبح تعسّفيًّا، أُجبر الانسان العيش فيه دون ارادته. المكان هنا حدّد تخطيط أو هندسة الرّواية كما أرادته الكاتبة رولا غانم، فبالتّالي تغيّرت، وتجدّدت أحداث، حيث أنّ الأحداث هنا متعلّقة بالمكان. اضطرّ عبدالله أن يتزوج بعيدًا عن أهله، لاستحالة عودته في ظروف الاحتلال، حيث سكن في طولكرم عند أهل زوجته. كذلك تغيير المكان بالأُردنّ لاضطراره العمل في الجيش الأُردني؛ لأنّه وحسب اعترافه لا يجيد عملًا آخر لعدم اكماله التّعليم.
المكان يمثّل حياة الفلسطيني ابتداءًا من السّجن ذلك المكان المغلق، فهو بمثابة دائرة صغيرة مغلقة موجودة داخل دائرة المكان الأكبر، بلدته باقة الغربيّة، داخل الخطّ الأخضر، حيث الاحتلال، ثمّ مدينة طولكرم داخل فلسطين خارج الخطّ الأخضر، ثمّ الدائرة الأكبر، الأُردنّ؛ فهو إِنسان يعيش دائرة داخل دائرة داخل دائرة، وتكاد كلّ دائرة أن تطبق على أنفاسه.
تذبذب المكان بالرّواية كان مناسبًا لتذبذب الزّمان، ونجد أنّه كان متعلّقًا به تعلّقًا مباشرًا، وكان يسير بنفس الايقاع. فبعد النكبة علم 1948، حُرم الفلسطيني التّنقّل من مكان إِلى مكان بواقع الاحتلال، إِلّا إِذا خاطر بنفسه وتسلّل عبر الحدود. بعد نكسة 1967 استطاع الفلسطيني أن يعبر المكان، ويتواصل مع أهله بالمناطق الفلسطينيّة، هنا نجد أنّ اتّساع المكان قد ارتبط باتّساع الزّمان.