الأحد 02-02-2025

جدارية «الاستقلال وثيقة حقوقية»: تـلاحـــم الشـعــب والأرض والـتـاريــخ

×

رسالة الخطأ

فيحاء عبد الهادي

جدارية «الاستقلال وثيقة حقوقية»: تـلاحـــم الشـعــب والأرض والـتـاريــخ

فيحاء عبد الهادي

2019-11-24
"إن المجتمع الدولي في المادة 22 من ميثاق عصبة الأمم لعام 1919، وفي معاهدة لوزان لعام 1923 قد اعترف بأن الشعب العربي الفلسطيني شأنه شأن الشعوب العربية الأخرى، التي انسلخت عن الدولة العثمانية هو شعب حرّ مستقل".
وثيقة إعلان الاستقلال
*****
ما أحوجنا إلى التأكيد على ضرورة التمسك بالمبادئ الإنسانية العظيمة لوثيقة إعلان الاستقلال، ونحن نشهد انتهاكات متتالية وموجعة لحقوق الإنسان، على الصعيد الوطني والعربي والدولي، الذي توّجها إعلان وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية "بومبيو" أن المستوطنات الإسرائيلية لا تخالف القانون الدولي، والذي تبعها إعلان نتنياهو، أنه سوف يقدِّم مشروع قانون للكنيست الإسرائيلي بالبدء بضم منطقة الأغوار، ما يؤدي إلى الإمعان بتجاهل قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، بل وينسفها من الأساس، في محاولة مستميتة لتحويل الواقع القائم غير القانوني؛ إلى واقع قانوني.
*****
ما الذي ميّز "وثيقة إعلان الاستقلال"، لتكون وثيقة حقوقية بامتياز، ولتتبنّاها دولة فلسطين؛ لتشكل الإطار القانوني المرجعي الأول للنظام القانوني الفلسطيني؟
تضمنت وثيقة إعلان الاستقلال، - التي أعلنها رئيس منظمة التحرير الفلسطينية "ياسر عرفات" يوم 1988، في الجزائر - مبادئ حقوقية أساسية من مبادئ حقوق الإنسان، حيث يتمتع الفلسطينيون في دولتهم المستقلة بالمساواة الكاملة في الحقوق، وتصان معتقداتهم السياسية والدينية وكرامتهم الإنسانية، ويعيشون ضمن نظام ديمقراطي برلماني، يعتمد على حرية الرأي والتعبير، وحرية تكوين الأحزاب، وعلى العدل الاجتماعي، وعدم التمييز في الحقوق على أساس العرق أو الدين أو اللون أو الجنس، وحيث يسود القانون، والقضاء المستقل، والتسامح والتعايش بين الأديان. كما أكد الإعلان على التزام فلسطين بمبادئ الأمم المتحدة وأهدافها، وبالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتزامها كذلك بمبادئ عدم الانحياز وسياسته".
وبتاريخ 30 أيلول 1993؛ أصدر الرئيس "ياسر عرفات" مرسوماً بإنشاء الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، "لمتابعة وضمان توافر متطلبات صيانة حقوق الإنسان في مختلف القوانين والتشريعات والأنظمة الفلسطينية، وفي عمل مختلف الدوائر والأجهزة والمؤسسات في دولة فلسطين ومنظمة التحرير الفلسطينية".
*****
احتفل الشعب الفلسطيني بذكرى إعلان الاستقلال، يوم 15 تشرين الثاني، 2019، واحتفلت بالذكرى الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، بالتعاون مع هيئة التوجيه السياسي والوطني، في محافظة سلفيت، يوم 18 تشرين الثاني؛ حيث افتتحت جدارية "الاستقلال وثيقة حقوقية"، التي رسمها الفنانان الفلسطينيان؛ "سامي الديك"، و"أنوار شعابنة".
كان الشاعر محمود درويش، الذي كتب نص الوثيقة؛ حاضراً،
وعبر رسومات الجدارية والنصوص التي كتبت عليها؛ حضر الشاعر معين بسيسو: "أبعد من الحدود"، والروائي الشهيد: غسان كنفاني: "أرض البرتقال"، والشاعر عبد اللطيف عقل:
"أعيشك في المحلِ تيناً وزيتاً..
وألبسُ عُريَكِ ثوباً مُعطر..
وأبني خرائب عينيكِ بيتاً..
وأهواكِ حياً.. وأهواك ميتاً
وحين يهشم رأسي الجنود
وأشرب بردَ السجون
لأنساكِ
أهواكِ أكثر".
وحضر الأخ القائد ياسر عرفات "أبو عمار"، أول رئيس لدولة فلسطين، الذي استشهد يوم 11 تشرين الثاني، عام 2004، وأصبح رمزاً للقادة الشهداء، الذين يعيشون مع الشعب وللشعب، فيعيشون أبد الدهر في ذاكرته الجماعية.
حضرت صور معاناة الشعب الفلسطيني، وصور صموده ونضاله في الوقت ذاته؛ حضر الشهداء وحضر الأسرى؛ فكانت الجدارية، التي جسدت تلاحم الشعب والأرض والتاريخ؛ نضال الشعب الملحمي، وشخصيته الوطنية، وإرادته الوطنية، التي صاغت إطارها السياسي: منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
*****
في احتفال افتتاح الجدارية؛ تم التأكيد على أهمية الاحتفال بكل من: اليوم العالمي للتسامح يوم 16 تشرين الثاني، واليوم العالمي للطفل، يوم 20، وهو اليوم الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة إعلان حقوق الطفل عام 1959، واتفاقية حقوق الطفل عام 1989، والذكرى العشرين لليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، يوم 25، وبالذكرى الثامنة والعشرين لانطلاق الحملة الدولية: "الـ 16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة"، التي تبدأ يوم 25/11، وتنتهي يوم 10/12، ويوم 29 تشرين الثاني، الذي تحوّل منذ عام 1977، بفضل نضالات الشعب الفلسطيني المتواصلة من يوم يحمل الذكرى المؤلمة ليوم التقسيم عام 1947؛ إلى احتفال باليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني.
وكان لا بد من الإشادة بشجاعة المرأة الفلسطينية، في الذكرى الواحدة والخمسين لاستشهاد "شادية أبو غزالة"، أول شهيدة فلسطينية بعد عام 1967، يوم الثامن والعشرين من الشهر ذاته: "المرأة الفلسطينية الشجاعة حارسة بقائنا وحياتنا، وحارسة نارنا الدائمة".
*****
وبينما نحيي في فلسطين، اليوم الخالد: الخامس عشر من تشرين الثاني 1988؛ نشهد ثورات وانتفاضات عربية من أجل الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية، ما يجعلنا نحرص على التأكيد على ما جاء في نهاية إعلان الاستقلال: "ننحني إجلالاً وخشوعاً أمام أرواح شهدائنا وشهداء الأمة العربية الذين أضاؤوا بدمائهم الطاهرة شعلة هذا الفجر العنيد، واستشهدوا من أجل أن يحيا الوطن، ونعاهد أرواح شهدائنا الأبرار، وجماهير شعبنا العربي الفلسطيني وأمتنا العربية وكل الأحرار والشرفاء في العالم على مواصلة النضال من أجل جلاء الاحتلال، وترسيخ السيادة والاستقلال".

انشر المقال على: