تقارير عبرية: "اسرائيل" لم تكن جاهزة لمواجهة عسكرية طويلة مع المقاومة الفلسطينية
القدس 2-8-2014 /راسم عبد الواحد
كشفت تقارير عبرية النقاب عن أن دولة الاحتلال "اسرائيل" لم تُجهّز نفسها لمواجهة عسكرية طويلة مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وأن هذه المقاومة فاجأت "اسرائيل" بامتلاكها لقدرات عسكرية ملفتة.
وكانت الخطة الصهيونية تقوم على اثارة التوتر وزعزعة الاستقرار وخلق حالة من "البلبلة" والتذمر داخل القطاع بين مواطنيه لتحريضهم ضد المقاومة من خلال قصف عشوائي برا وجوا وبحرا للمنازل والمساجد والمستشفيات، وقتل أعداد كبيرة من أهل القطاع.
كذلك، تضمنت خطة العدوان على قطاع غزة القيام ببعض الاستعراضات البرية على حدود القطاع، واستندت الخطة المذكورة على تقديرات استخبارية اثبت الميدان أنها غير دقيقة وخاطئة، وعلى رؤية مليئة بالشوائب لجهات شجعت ""اسرائيل على ضرورة "تلقين" حركة حماس وفصائل المقاومة الدروس وإضعافها.
وجاء في هذه التقارير أن قدرات المقاومة الفلسطينية المسلحة في القطاع صدمت المستوى السياسي والعسكري، وأحدثت حالة من التخبط داخل المستويين، كانت نتائجه الاندفاع والانجرار دون رغبة حقيقية الى عمق القطاع، وهذا الأمر تسبب في وقوع خسائر كبيرة في صفوف الوحدات العسكرية المختارة في الجيش الصهيوني.
وحسب هذه التقارير، هناك حوالي ثلاثمائة جندي صهيوني بين قتيل وجريح، وآخرون احتاجوا لعلاج نفسي ومتابعة طبية من جانب طواقم نفسية، كما أن قصص الصدامات والمواجهات في الميدان انعكست سلبا على القوات التي كانت تستعد للدخول الى ساحة المواجهة، وجاء حادث تفجير المجنزرة الصهيونية في حي التفاح بغزة ومقتل وإصابة من فيها وأسر احد الجنود، دفع الكثير من الجنود الى التمرد على الأوامر ورفض التسلل مع القوات المقاتلة الى داخل القطاع.
وتقول هذه التقارير أن ظاهرة عصيان الأوامر حاول الجيش محاصرتها ومنع الحديث عنها أو تداولها إلا أن وسائل التواصل الاجتماعي جعلت من الرقابة العسكرية وحرصها على عدم تسرب المعلومات الى خارج الميدان أمرا غير واقعي بالمرة. فالمعلومات التي كانت تتسرب الى وسائل التواصل الاجتماعي، كانت تثبت حقيقة ما يعاني منه الجيش الصهيوني في قتاله لمسلحي المقاومة الفلسطينية داخل قطاع غزة.
وتضيف هذه التقارير أن هذه المواجهة التي يخوضها الجيش الصهيوني والتي انزلق اليها دون رغبة منه، وضعت "اسرائيل" في موقف لا تمتلك معه القدرة على فرض الإملاءات على الطرف الآخر. كما أن القتال في الميدان وما تحققه المقاومة الفلسطينية المسلحة ضد "اسرائيل"، سيكون له تأثيرات خطيرة في المرحلة القادمة على طبيعة التعامل من جانب "اسرائيل" مع تلك الفصائل، كذلك، فإن المعادلة العسكرية في القطاع ستكون من الآن فصاعدا معادلة صعبة توازي الى حد ما المعادلة المؤلمة التي عانى منها الجيش الصهيوني في جنوب لبنان على أيدي حزب الله.
وتقول تقارير عبرية أن "اسرائيل" أدارت الحرب الحالية على أساس الدروس والعبر التي استخلصتها من حرب لبنان الثانية، وتحديدا فيما يتعلق بالجبهة الداخلية، والمواجهة في قطاع غزة هي المواجهة العسكرية الاولى بهذا الحجم التي تخوضها "اسرائيل" منذ العام 2006، أي أن ما أنجزته "اسرائيل" من ترميم لقدرتها على خلق حالة من التماسك في جبهتها الداخلية بناء على دروس وعبر حرب لبنان الثانية مع حزب الله، باتت تطبقها بشكل فعلي في الساحة الصهيونية، وهذه مسؤولية كبيرة ملقاة على عاتق قيادة الجبهة الداخلية.
وترى بعض الدوائر العسكرية في "اسرائيل" أن الحرب على غزة هي محطة في الطريق الى حرب لبنان الثالثة، ونتائج العدوان على غزة هي التي ستحدد اذا ما كانت محطة المواجهة مع حزب الله تبتعد أكثر أم أنها تقترب كثيرا.
ان هناك حالة من التناغم والتنسيق بين الاعلام العسكري "الناطق باسم الجيش"، والإعلام المدني من اذاعات وصحف وتلفزة، فالإعلام المدني في ظل المواجهة العسكرية المتواصلة ضد قطاع غزة وبشكل ملفت أكثر من أية مواجهة سابقة خاضتها "اسرائيل" تحول الى بوق يعمل تحت أمرة الجيش والأجهزة الأمنية الصهيونية، وهو يتحرك بناء على خطط موضوعة مسبقا تهدف في الاساس الى رفع معنويات الجبهة الداخلية، وبث رياح الطمأنينة في الشارع الصهيوني، وتظهر هذه الخطوات أيضا في مجالات أخرى غير المجال الإعلامي فقيادة الجيش قامت بابتياع خدمات مكاتب العلاقات العامة للعمل بشكل سري على نشر البيانات وتوزيع الملصقات سواء مجهولة المصدر أو تلك التي تحمل يافطات وهمية تتحدث عن دعم الجيش وتأييده ومساندة أفراده، كما أن قيادة الجبهة الداخلية حرصت ومنذ اليوم الأول للمواجهة في قطاع غزة على نشر عناصرها في جميع المدن الصهيونية، والتجول في شوارعها وطرقاتها بلباسها العسكري والإشارات التي تحملها تدل على هويتها لبث الطمأنينة في نفوس المستوطنين، كما أن هناك حالة من الاستنفار ما زالت في صفوف الجمعيات المدنية التي لها ارتباط مع الجيش، وكذلك الصناديق المختلفة التي تهدف الى مساندة وتمويل احتياجات الجنود في مختلف المجالات، وجميع هذه الجمعيات والمراكز التي عملت أيضا من أجل رفع معنويات الجنود وبشكل مواز لما يحدث من رفع لمعنويات الشارع الصهيوني "الجبهة الداخلية"، كما انتشر الكثيرون من أفراد الحاخامية العسكرية بين وحدات الجيش على أطراف قطاع غزة لرفع معنويات عناصرها وتشجيعهم، ولم يغب دور البلديات والمجالس المحلية التي بادرت الى تعليق اللافتات التي تركز على متانة الجبهة الداخلية ودعم الجيش.
واستنادا الى عدة مصادر عبرية فإن هناك الكثير من الأصوات داخل "اسرائيل" قد حوصرت وكتمت ومُنع أصحابها من رفع اصواتهم عبر المنابر الإعلامية كما حصل مع رسالة عائلات من الجنود قامت بإرسالها الى وسائل الاعلام ورئيس الوزراء ووزير دفاعه تطالب فيها بضرورة سحب أبنائهم من جبهة القتال لعدم وجود هدف معلن للحرب، واستحالة تحقيق الأمن والسلام من خلال الاعمال العسكرية، وهذه الأصوات والاحتجاجية كان يحكم عليها سريعا بأنها أصوات شاذة، ويتم محاصرتها والتحريض ضدها لتختفي وتتوارى سريعا، وهو ما حدث مع زوجة قائد سرب من طائرات "اف16" الذي يقصف في غزة، حيث أكدت على صفحتها على مواقع التواصل الاجتماعي بأن الدماء الذي يتسبب به الجيش في القطاع لن يجلب الأمن والاستقرار.
وحرصت المؤسسة العسكرية والسياسية الصهيونية على تضخيم دور الشريك الأكبر في تمكين وتقوية الجبهة الداخلية، وهو "القبة الحديدية" فالمؤسسة العسكرية حرصت على تضخيم هذا الدور، معتبرة القبة الحديدية حامية "اسرائيل" من القذائف الصاروخية الفلسطينية، مع التزام الصهاينة بأوامر الجبهة الداخلية بالدخول الى الملاجئ، وفي هذه النقطة كان التركيز على منح المواطن العادي الذي لا يقاتل على الجبهة وفي الميدان دورا معنويا في حماية الجبهة الداخلية، فكان الحديث الدائم على أن التزام المواطنين بالملاجئ عند سماع صافرات الانذار يزيد من متانة الجبهة الداخلية ويمنع من ايقاع خسائر بشرية في صفوف المجتمع الصهيوني.
وتعترف التقارير بأن هناك تعتيما كبيرا مارسته حكومة الاحتلال بدوائرها المختلفة فيما يتعلق بسقوط قذائف صاروخية في العديد من المناطق الصهيونية المأهولة بالسكان، وكان الاعلام شريكا أساسيا في لعبة هذا التعتيم، ولم يتم الحديث عن الأضرار المادية بشكل واسع التي كانت تلحقها الصواريخ بالممتلكات داخل المدن الصهيونية.