الجمعة 31-01-2025

تغيير بلا معنى!

×

رسالة الخطأ

لميس اندوني

تغيير بلا معنى!
لميس اندوني

قد يبدو العنوان عبثياً، ولكن لم أجد أفضل منه، ربما لأنه من غير المفهوم ما هو جوهر التغيير في التغيير الحكومي الأخير، لا من حيث المظهر ولا من حيث المضمون.
لن أقف طويلا عند الشكل، الذي لم يتجاوز كونه أكثر من تعديل طفيف على حكومة الدكتور فايز الطراونة، بالرغم من تعيين رئيس وزراء جديد، وإن كان الشكل نفسه يوحي بوجود قرار بعدم التغيير أصلاً، وهذه الأخيرة هي المسألة الأهم.
صحيح أنه لم تكن هناك أوهام حول الحكومة الجديدة، فالأجندة كانت قد حُددت سلفاً، من رفع أسعار الطاقة ومواد أساسية، وتطبيق الرقابة على المواقع الالكترونية، وإشراف على انتخابات نيابية وفقاً لقانون إقصائي الطابع، لكن ذلك لا يعفي رئيس الوزراء الجديد الدكتور عبدالله النسور من المحاولة، فذلك واجبه كمواطن تبوأ موقع مسؤول أولاً، وكنائب وسياسي عارض وبقوة معظم السياسات، ولا نقل سياسات الحكومات الأربع السابقة كلها.
تعودنا في الأردن أن يتخلى السياسيون عن مواقفهم المعارضة بمجرد تعيينهم في منصب حكومي، حتى أن الشكوك دائماً تدور عن حقيقة موقف السياسي المعارض، إذ يبدو أن المعارضة، أصبحت الوسيلة الأفضل للوصول إلى المنصب، ويتم بالفعل تعيينه، إما لإسكات المعارض أو لحرقه سياسياً.
لكن الوضع لا يحتمل المناورات السياسية،لأنه حتى لو نجحت الانتخابات، بمعنى الإقبال العالي عليها، فالأزمة حقيقية وتحتاج إلى البدء على الأقل بتقديم وتنفيذ الحلول، لأن المناورات لن تجعل المشاكل تذهب أو تختفي.
الدكتور عبدالله النسور، تنصل فورياً، كما فهمنا من لقائه بمجلس النقابات المهنية، من قضية معتقلي الحراك، مع أنه يعي أن إطلاق سراحهم هو خطوة ضرورية لتخفيف الاحتقان، عدا أن تحويلهم لمحكمة أمن الدولة يمثل خرقاً صارخاً للدستور الأردني الذي لا يسمح بتحويل المدنيين إلى مثل هذه المحكمة العسكرية الاستثنائية.
الموقف من الموقوفين، هو بالأساس قضية مبدأ يرفض الاعتقال السياسي والسجن على أساس الرأي، وإن كانت هناك حقيقة مخالفات قانونية ، فيجب أن يطبق القانون بدلاً من انتهاك الحريات ونصوص الدستور.
أعود إلى النقطة السابقة عن المناورات في سياسة الحكومات، إن الرئيس يجانب الصواب إذا اعتقد أن لديه خطة ذكية لتسويق سياسات ليست مرفوضة فحسب، ولكن مضرة أيضاً، فالأزمة لا تحلها حملة علاقات عامة ولا ذكاء في المناورة والخطابة، مهما بدت جذابة و بلاغة الكلمة أو القول.
كان مطلوباً، نظراً لحساسية الوضع، أن يُرَكز الرئيس في اتصالاته التي بدأها على الفور، بنقاش أسس حوار وطني شامل، وليس لمجرد الإبلاغ، عن حتمية القبول بالوضع القائم، فتلك وسيلة لسد أفق الحوار وليس البدء به، أي النائب المعارض سابقاً جاء ليبلغنا أنه لا سبيل لنا إلا قبول ما فرضته الحكومات السابقة من "أمر واقع"، وكأن سجل الخطابات النارية يعطي هذا المنطق نوعاً من المصداقية والحتمية.
كل هذا الكلام لا يفيد حين يحين الوقت، الذي نتمنى ألا يحين، لقرار رفع الأسعار، لأن الواقع الوحيد حينها سيكون في معاناة الفئات الشعبية، وهو موضوع لا يعني الحكومات والجهات الرسمية، خاصة أنها اطمأنت إلى نسبة التسجيل العالي في الانتخابات، ولا تشعر تحت أي ضغط حقيقي لمراجعة أي من السياسات والإجراءات.
يقول الرئيس إن معارضته، لا تعني شيئاً لأنه مضطر لتنفيذ قوانين وإجراءات تمثل رأي الأغلبية، أي أنها حظيت بتصويت أكثرية في مجلس النواب المنحل، مع أنه يعرف تماماً، كيف تم انتخاب ذلك المجلس، وما حدث من تزوير، والأساليب التي أتُبِعت، لضمان الحصول على الأصوات، من مكالمات احتوت التخويف والترغيب، يعرف الدكتور النسور، بحكم تجربته الطويلة وحنكته، تفاصيلها أحسن مني ومن الكثيرين.
أي أن المجلس المُنحل ما زال يحكمنا ويتحكم بنا، فهنيئاً للمجلس المُنتصر ولا عزاء لنا.

انشر المقال على: