تجنيد المتدينين الصهاينة
يشكل تجنيد المتدينين خلافا كبيرا داخل الكيان الصهيوني فقسم مع التجنيد والآخر ضده . أيضا هذا الموضوع هو معرض خلاف داخل الأئتلاف الحكومي الحالي, فبعد انسحاب حزب كاديما بزعامة شاؤول موفاز من الحكومة بسبب هذه القضية،تراجعت قوة نتنياهو فبعد أن كان ائتلافه يحظى بـــ94 معقداً في الكنيست , أصبح الآن مدعوماً بـــ66 نائباً فقط.صحيح أن الرقم الأخير هو أغلبية أيضاً ,لكن فان حجم الأئتلاف الأكبر في تاريخ اسرائيل الذي طالما تفاخر به نتنياهو, ذهب الى غير رجعة .سبب انسحاب كاديما:هو الأختلاف مع نتنياهو على تجنيد الشباب المتدنيين اليهود(الحريديم) في الخدمة العسكرية للجيش،فيما يعرف بقانون"تال". كاديما مع التجنيد ونتنياهو بسبب الضغوط عليه يقف ضد ذلك .القانون ما يزال يشكل عائقاً أمام استمرار الحليف الأبرز لائتلاف نتنياهو الحالي:"حزب إسرائيل بيتنا" بزعامة الفاشي ليبرمان في الحكومة. فمعروف أن الأخير هو مع القانون(أي تجنيد المتدينين , وأيضاً تجنيد الشباب العرب في الخدمة المدنية. أهلنا في منطقة 48 رفضوا ذلك بشدة)،لكن رئيس الوزراء ضد هذا القانون ليس بسبب قناعات شخصية وانما بسبب ضغط الأحزاب اليمينية والدينية المتطرفة التي تدعو إلى عدم التجنيد.إمعاناً في الإغراق بالاستجابة للأحزاب الدينية ,قام نتنياهو بحل (لجنة بلاسنر) التي جرى تشكيلها في وقت سابق وبذلك قطع الطريق على هذا القانون.
من ناحية ثانية: فانه وبسبب ضغوطات الأحزاب المعنية المشاركة في الحكومة والتي تقف ضد تجنيد الشباب المنتمين اليها , تزداد الأزمات الأقتصادية – الأجتماعية في اسرائيل.اثنان حرقا نفسيهما مؤخرا ,وعديدون آخرون( 14 ) حاولوا حرق أنفسهم . الظاهرة هذه تحدث للمرة الاولى في الكيان .هذا الرقم هوأيضا دليل على عمق الأزمة ،فمعروف أنه وقبل عام(في مثل هذه الأيام) قامت أكبر تظاهرات في تاريخ إسرائيل،احتجاجاً على ارتفاع أسعار البيوت وغلاء استئجارها،وأيضاً احتجاجاً على سوء الأحوال المعيشية وترديها في الدولة الصهيونية.الأسبوع الفائت وفي ذكرى احتجاجات العام الماضي(شارك في أكبرها قبل عام نحو 250 ألف شخص) قامت مظاهرة في تل أبيب،وأخرى في حيفا ومظاهرات في بعض المدن أيضا , وقوام كل منها حوالي بضعة آلاف من الإسرائيليين.موضوع"حرق الإسرائيليين لأنفسهم"آثار وما يزال عاصفة من الانتقادات اللاذعة لنتنياهو شخصياً ولسياساته الاقتصادية المنحازة دوماً للأحزاب الدينية وللأغنياء على حساب الفقراء والطبقة الوسطى.
وفقاً للعديدين من المراقبين فإن الحكومة الحالية غير مؤهلة ولا قادرة على إيجاد الحلول للتحديات الاقتصادية التي تواجه دولة الكيان الصهيوني.أحد أسباب ذلك : أن نتنياهو وفي سبيل إنجاح ائتلافه الحكومي الحالي كان مضطراً للاستجابة لاشتراطات الأحزاب الدينية واليمينية , التي ابتزت وما تزال الحكومة الإسرائيلية الحالية, في تقديم المساعدات المالية الكبيرة لمشاريعها ومدارسها الدينية . وفقاً للخبراء الاقتصاديين أيضاً فإن هذه الأموال جرى اقتطاعها من حسابات أشكال الضمان المختلفة للإسرائيليين , مما خلق إشكالات كبيرة لهم.الأمر الذي أدى الى تفاقم الازمة الأقتصادية – الأجتماعية .
من ناحية أخرى : فان تجنيد المتدينين في الجيش, يشكل قناعة راسخة لنتنياهو والليكود بسبب : أن هؤلاء من أشد المتطرفين الصهاينة ولاء لمقولات مثل : دولة اسرائيل الكبرى, وبناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة وبخاصة في الضفة الغربية , فهي في عرفهم كما كل الصهاينة ( يهودا والسامرة ) وهم الأشد في معاداة الفلسطينيين والعرب ,ولذلك فان تجنيدهم في الجيش سيشكل مزيدا من تحصينه سواء , من حيث تعزيز دوره في الحياة السياسية في اسرائيل أو في النهج الاستراتيجي للجيش , تحديدا في تعزيز مبدأ توجيه الضربات الأستباقية لكل أعداء اسرائيل من العرب والمسلمين وغيرهم .لكل ذلك فان تجنيد المتدينين يشكل خطا وايمانا استراتيجيا لنتنياهو وحزبه الليكود غير أنه من ناحية تكتيكية بحتة : كان مضطرا للاستجابة لشروط الأحزاب الدينية ومنها عدم تجنيد شبابهم .
للعلم وبالرغم من أن التجنيد في الجيش لمدة سنتين ( أي ما يعرف بالخدمة المدنية ) هو طريق لنيل الكثير من الأمتيازات في الدولة الصهيونية, لكن الشباب المتدينون ينالون بانتمائهم للأحزاب الدينية ما يفوق تلك الأمتيازات المعنية .
لقد تحدثت احصائيات اسرائيلية كثيرة أجراها : معهد داحف وكل من جريدتي هآرتس ويديعوت أحرونوت في أوقات سابقة عن أنه في العام 1920: فان نسبة اليمين الأسرائيلي ستزيد عن 65% بين اليهود في اسرائيل.
الرقم الاخير يعني أشياء كثيرة , لعل أبرزها : أن اسرائيل ومع مرور السنوات عليها ستغرق في الأيغال نحو اليمينية والفاشية, وأن من يراهن على امكانية قيام سلام مع الدولة الصهيونية هو واهم ليس ألا ,فنحن سنعاني من المزيد من الصلف والعنجهية والفاشية والعنصرية الصهيونية كلما امتد الزمن باسرائيل . سنعاني أيضا المزيد من التنكر الصهيوني للحقوق الوطنية الفلسطينية وللاخرى العربية . سيبرز الى الواجهة أيضا شعار : دولة اسرائيل الكبرى .
لن يكون بعيدا اليوم الذي سيجري فيه تجنيد المتدينين الصهاينة .
--------------