بعد كشف مقبرة بعسقلان تعود لـ3 آلاف عام:
علماء آثار: الفلستيون كانوا أكثر رقيا مما عرف عنهم
كشف علماء آثار النقاب عن مقبرة عمرها ثلاثة آلاف عام في مدينة عسقلان المحتلة، دفن فيها أبناء الشعب الفلستي القديم المذكور في كتاب “التوراة” المقدس لدى اليهود، مؤكدين أن ما تم اكتشافه يثبت أن الشعب الفلستي كان راقيا خلافا لما نقل عنه، وذلك وفقا لما أفادت به وكالات عالمية، مساء أمس الأحد.
وازدهرت حياة الفلستيين في المنطقة منذ القرن الـ12 قبل الميلاد، لكن أسلوب حياتهم ونشأتهم ظلا غير معروفين، قبل الكشف عن هذه المقبرة التي تحوي رفات 150 شخصا، قال علماء الآثار إنهم دفنوا في العديد من غرف الدفن، بعضها يضم أشياء متطورة “بشكل مذهل”.
وعثر في المقبرة على مجوهرات لمن دفنوا فيها وأوان يعتقد أنها كانت تستخدم لوضع زيوت عطرية، إضافة لهياكل عظمية ترتدي الأساور والحلقان.
وحسب ما نقلت رويترز، فقد عثر فريق العلماء أيضا على شفرة وراثية (DNA) على أجزاء من الهياكل العظمية، ويأملون أن تحدد فحوص لاحقة أصول الشعب الفلستي.
وقال عالم الآثار لورانس ستاجر، الذي قاد بعثة ليون ليفي الاستكشافية في عسقلان منذ عام 1985، إن الأمر قد يتطلب إعادة النظر في الاستخدام الازدرائي لكلمة فلستي التي تشير إلى شخص معاد للثقافة والفنون، مضيفا، “هذا الكشف سيبدد الكثير من الغموض”.
واكتشف خبراء الآثار كذلك زجاجات يحفظ فيها رماد الجثث بعد حرقها، وقال العلماء، إنها كانت نادرة وغالية الثمن في تلك الحقبة وبعض القنينات الكبيرة التي وضعت فيها عظام أطفال رضع.
وقال ستاجر: “حياة المدينة هنا أكثر أناقة ودنيوية وارتباطا بأجزاء أخرى من شرق المتوسط”، مضيفا، أن هذا يتعارض مع أسلوب حياة قروي أكثر تواضعا للإسرائيليين الذين كانوا يعيشون على التلال في الشرق.
ونقلت العظام وأواني الفخار وغيرها من الآثار إلى مجمع خيام لمزيد من الفحوص، وأعيد تركيب بعض الأعمال الفنية قطعة بقطعة. ورسم الباحثون خرائط بمكان كل عظمة نقلت من مكانها لإنتاج صورة ثلاثية الأبعاد لما كانت عليه المقبرة.
وقال الباحث فادي عاصلة، إن أعمال البحث عن الآثار جرت وسط تعتيم إعلامي لمنع أي تدخلات تؤثر على مضمون الحفريات والأبحاث، موضحا، أن الموجودات التي عثر عليها في المقبرة تعد موجوداتها أول شهادة تاريخية كاملة ومعتمدة توفر معلومات حول أنماط الدفن الفلسطيني، وستضع حدا للروايات المتضاربة وغير العلمية عن الانتماء القومي والثقافي للفلسطينيين.
فيما علق الكاتب والباحث في الآثار أسامة العيسة موضحا، أن هذه الاكتشافات تحمل قيمة علمية أكثر منها سياسية، كونها تبين معلومات جديدة خلافا عن تلك التي نقلها التوراة عن الشعب الفلستي، “إن كانت هذه الهياكل العظمية والآثار تعود بالفعل للشعب الفلستي”، داعيا لتحييد السياسة عن علم الآثار.
ويبين العيسة أن المعلومات المتوفرة عن الشعب الفلستي نادرة جدا، ومما يعرف عنهم أنهم كانوا يقيمون في خمس مدن فلسطينية إحداها عسقلان، موضحا أن التوراة وصفتهم بالوحوش وسعت لتشويه صورتهم بسبب العداء الذي وقع بين بني إسرائيل والشعب الفلستي، عندما احتل الإسرائيليون هذه الأراضي في ذلك الحين، حسب الروايات التاريخية.
وعن علاقة الشعب الفلستي بالفلسطينيين، يقول العيسة إنه ليس من الضروري وجود علاقة بين الطرفين، وأن الفلسطينيين ربما كانوا ورثة شعوب من أصول عديدة مرت على المنطقة، وتحديدا الكنعانيين كما يصر الفلسطينيون أنفسهم دائما، مؤكدا أن ذلك لا يضيف شيئا لحقيقة أن الفلسطينيين هم أصحاب هذه الأرض، ولا يضعف هذه الحقيقة.