باحثون: مشروع قناة البحرين مريب ويحقق حلماً صهيونياً
لا ينظر كثيرون بارتياح إلى مشروع قناة البحرين الذي يفترض به أن يرفد البحر الميت بالمياه من أجل إنقاذه في ظل تقديرات بتلاشيه خلال خمسين عاما، وستبدأ المرحلة التجريبية منه خلال الفترة القادمة بأنبوب ناقل تجريبي خلال خمس سنوات.
ووقعت كل من دولة الكيان "إسرائيل" والأردن والسلطة الفلسطينية الاثنين على اتفاقية مد قناة مائية من البحر الأحمر للبحر الميت على أن يتم توزيع المياه فيما بينهما عبر محطات تحلية جديدة.
ويفترض بالمرحلة التجريبية التي ستكون أقل كلفة من المشروع الكبير أن تقيس مدى جدوى تنفيذ المشروع الأكبر ونجاحه، وستكون تكلفتها نصف مليار مقارنة بعشرة مليارات ونصف.
وفي هذا السياق، يقول الباحث عنان يوسف: "علينا منذ البداية أن نتساءل لماذا يجف البحر الميت، ويفقد مترا أو أكثر من ارتفاعه في كل عام، فقد أكثر من 27 مترا منذ عام 1977، ويعود ذلك لقيام الحكومة الصهيونية بمد أنابيب من بحيرة طبريا إلى صحراء النقب وحرمان نهر الأردن من أهم مصادره المائية".
ويضيف "أن تغيير مجرى المياه حرم البحر الميت من مصادر تغذيته بالمياه، فأصبح عرضة للتبخر المستمر، سيما وأن الأغوار تشهد درجات حرارة عالية في الصيف دون تعويض لتلك المياه".
ويبين ان مشروع الخط الناقل للمياه من طبريا إلى النقب تم سرقة الحقوق المائية للأردن وفلسطين وتدمير البيئة وتغيير الحقائق على الأرض، وعليه فإن مثل هذه المشاريع هي لتكييف الطبيعة مع اعتداءات الاحتلال.
وينوه إلى السياق التاريخي لمشروع القناة؛ حيث اقترح في بادئ الأمر البريطاني ولين آلن عام 1855 تنفيذ مشروع يسمى البحر الميت – طريق الهند الجديد. وفي ذلك الوقت لم يكن يعرف أن البحر الميت يقع تحت مستوى سطح البحر؛ وألن اقترح هذه القناة كبديل لقناة السويس التي كانت تحت سيطرة الفرنسيين. وبعد ذلك التقط الفكرة ثيودور هرتزل في كتابه الأرض الموعودة.
ولا ينظر أستاذ العلوم السياسية باسم الزبيدي بارتياح إلى توقيت إعلان هذا المشروع من الناحية السياسية متسائلا: "ما مغزى تزامن الإعلان عن هذا المشروع مع تصريحات قاسية حول فشل المفاوضات وضغوط تمارس لإقرار ترتيبات أمنية".
ويقول: "لا شك أن توقيت إعلان المشروع مريب، وهو ليس مجرد مشروع اقتصادي، بل سيأخذ زخما سياسيا كبيرا، وهو ما يستدعي الحذر في التعامل معه".
ويؤكد الزبيدي أن لا أحد في فلسطين يمكن أن يكون ضد حل مشكلة المياه في الأردن الذي يعد ثالث أفقر بلد من حيث المياه في العالم، ولكن السلطة الفلسطينية في موقف لا تحسد عليه من حيث قدرتها على تحديد موقفها من هذه المشاريع التي ليست أولوية لشعب تحت الاحتلال.
ويشير إلى أن الأرض الفلسطينية تصادر والاحتلال يستولي على المصادر المائية الفلسطينية والأحواض الجوفية ويحاصر غزة ثم نكون جزءا من مشاريع إقيليمة من هذا النوع، "هذا بالتأكيد ليس الشيء الذي يجب أن نركز عليه كفلسطينيين ولا يعكس طبيعة العلاقة القائمة على الصراع بيننا وبين (الإسرائيليين)".
وتشير الباحثة نسرين اللواتي في دراسة لمركز الأهرام للدراسات في مصر حول مشروع قناة البحرين إلى التشكيك في أجندة البنك الدولي الذي يمول المشروع من حيث المبدأ.
وتؤكد في دراستها البحثية التي ننقل جزءا منها انحياز دراسة الجدوى الخاصة بالمشروع لـ"إسرائيل" استنادا إلى حقيقتين، الأولى: أن تاريخ البنك الدولي في تمويل المشروعات المائية يتسم بالانحياز والكيل بمكيالين، والمشروع هنا يتواءم مع "الفكر المائي الجديد" للبنك الدولي.
وتضيف أن الحقيقة الثانية، هي أن الخبراء الذين يعدون دراسة الجدوى من مكاتب استشارية أوروبية وأمريكية موالية لـ"إسرائيل".
وشككت الباحثة في توقيت إطلاق مشروع "قناة البحرين"؛ كما أن المشروع بما يحويه من مشاريع اقتصادية ومحاولة جذب الاستثمارات له ـ يكرس للفكرة الصهيوأمريكية القائلة بوضع "إسرائيل" موضع الريادة فيما يسمى منطقة الشرق الأوسط الكبير.
ونوهت إلى أن "إسرائيل" مازالت تسعى وراء حلمها القديم في شق قناة تربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط، وبالتالي فإن وجود قناة تصل البحر الأحمر بالبحر الميت ما هي إلا المرحلة الأولى لتنفيذ المشروع، وأن التسلسل التاريخي الذى مرت به فكرة هذه القناة يدعم هذه الفرضية.
وتشدد الدراسة على أن مصر يجب أن تقلق أيضا من مشروع قناة البحرين ولا تكون نظرتها سطحية بأنه لن يؤثر على قناة السويس.