الجمعة 31-01-2025

ايران تفرض معادلات جديدة في المنطقة

×

رسالة الخطأ

راسم عبيدات - القدس

ايران تفرض معادلات جديدة في المنطقة
بقلم:- راسم عبيدات

....بات من الواضح بأن ايران،ترسخ نفسها كقوة إقليمية في المنطقة،فإيران اصرت على حقها في إمتلاك التكنولوجيا النووية،من اجل الاستخدام السلمي،ورفضت بإصرار التخلي عن مشروعها النووي وحقها في إمتلاك التكنولوجيا النووية،وهي لم ترتعد أو ترتجف من التهديدات الأمريكية بضربها عسكرياً،ولم تتراجع بسبب العقوبات الاقتصادية والتجارية والمالية والسياسية التي فرضتها عليها امريكا والغرب الاستعماري،وكذلك لم تستجب لكل الإغراءات التي قدمتها لها واشنطن والغرب الإستعماري في سبيل التخلي عن برنامجها النووي. فامريكا والغرب الاستعماري ومعهما اسرائيل،يدركون بان حصول ايران على السلاح النووي سيشكل خطورة جدية على مصالحهما وحلفائهما في المنطقة وعلى وجه التحديد اسرائيل،والتي كانت تلعب دور المحرض الأول لأمريكا من اجل توجيه ضربة عسكرية لايران من اجل وقف مشروعها النووي،وهي سعت ان تهاجم ايران منفردة لوقف هذا البرنامج،ولكن امريكا ومعهم الغرب الاستعماري،يدركون جيداً بأن توجيه ضربة عسكرية لايران،من شأنه خلق حالة من عدم الاستقرار في المنطقة،ناهيك عن ان ذلك لن يساهم في خروج الاقتصاد الراسمالي العالمي من ازمته (الأزمة المالية/2008 )،وبالذات الإقتصاد الأمريكي المأزوم بسب تورط امريكا في افغانستان والوحل العراقي،بل لربما هذه الحرب قد تعمق من هذه الأزمة،وخصوصاً اذا ما اقدمت امريكا على ضرب وحرق ابار النفط في الخليج العربي،وكذلك فاسرائيل لن تكون بمنأى عن ان توجه لها ضربة عسكرية اما من ايران مباشرة او من خلال حزب الله بالوكالة. وقد عملت امريكا وحلفائها بكل قوة من اجل تحويل الصراع من صراع عربي - اسرائيلي الى صراع عربي- فارسي،فهي سعت لشيطنة ايران وتصويرها بأنها عدوة العرب الأولى والخطر الداهم عليهم،ووظفت عربان الخليج وقوى الإسلام السياسي للقيام بهذه المهمة وهذا الدور،وبذل جهد جدي وحقيقي في هذا الجانب،ساهمت فيه مؤسسات الإفتاء السنية وفي مقدمتهم القرضاوي،مفتي الناتو،من اجل بث ونشر خطاب مذهبي،يلعب دوراً هاماً في نقل الفتنة المذهبية من مستواها الرسمي الى مستواها الشعبي. وقد إستعرت الحرب على ايران والتحريض عليها من قبل مشيخات النفط والغاز والكاز وبالذات من قطر والدولة السعودية الوهابية،وخصوصاً بعد الأزمة السورية ووقوف ايران الى جانب السوري،ليصل الأمر حد ليس تكفير ايران وشيطنتها،وإتهامها بالمجوسية والفارسية والرافضية،بل في مؤتمر ما يسمى بعلماء المسلمين في القاهرة،وقبل عزل مرسي،من ضمن القرارات التي صدرت عن هذا المؤتمر،مقاطعة البضائع الإيرانية. ولعل التطور الدراماتيكي كان بعد إتخاذ امريكا قراراً بشن حربها العدوانية على سوريا،على خلفية قضية ما يسمى بكيماوي الغوطه،وإتهام النظام السوري بإستخدامه،حيث أن أمريكا وحلفائها سعوا الى تقديم الكثير من الإغراءات للنظام الإيراني،من اجل فك تحالفه مع النظام السوري وعدم الوقوف الى جانبه في الحرب المزمع شنها عليه،وكذلك عدم ضرب اسرائيل،وقد أرسلت امريكا لهذه الغاية رجل مخابراتها في المنطقة فيلتمان،وكذلك مبعوثاً عمانياً،من اجل الحصول على موافقة القيادة الإيرانية على الخطة الأمريكية،تلك الخطة الرامية الى رفع العقوبات الدولية عن ايران،والإعتراف بنفوذها ومصالحها في سوريا ولبنان وفلسطين وحتى الخليج العربي،مقابل تخلي ايران عن النظام السوري،وعدم الإشتراك الى جانبه في الحرب،وعدم ضرب اسرائيل،ولكن ايران رفضت التضحية بحليفها الإستراتيجي على مذبح هذه الإغراءات،ولا نبالغ إذا ما قلنا بان الموقف الإيراني هذا لعب دوراً هاماً في لجم الحرب العدوانية الأمريكية على سوريا،وهذا التراجع فرض ايران كقوة مركزية وإقليمية في المنطقة،فهي دولة مالكها لقرارها السياسي وإرادتها،ومستندة الى قوة عسكرية تمتلكها،وقادرة على إلحاق الأذى بالقوى المعادية،في حالة تعرضها لأي هجوم او عدوان. وهذا عكس نفسه في دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة،حيث ان الرئيس الإيراني حسن روحاني خطف الأضواء،حتى من الرئيس الأمريكي نفسه وطاردته وسائل الإعلام وانتظرته الوفود،وكان الجميع يسعون الى لقاءه والإستماع الى خطابه من اوباما وحتى الوفد الإسرائيلي وهذا ليس له علاقة بشخصية الرجل او لابسه او كونه محسوب على الحمائم او الصقور الإيرانية،بل لأن ايران إمتلكت إرادتها وقرارها،وقالت لأمريكا لا كبيرة،ولم ترهب لا أساطيلها ولا بوارجها ولا عقوباتها ولا تهديداتها،وقدم الرئيس الإيراني وعبر في خطابه عن الموقف والسياسة الإيرانية تجاه مجمل القضايا الدولية والإقليمية،ذلك الخطاب الذي وصفه رئيس وزراء اسرائيل بالوقح،والمليء بالكذب والخداع والتضليل،وخرج من القاعة تنتظره الكثير من وسائل الإعلام والوفود التي ترغب بلقاءه او التصريح لها،حتى ان اوباما عندما ادرك انه لا إمكانية من لقاء الرئيس الإيراني بسبب إعتذاره عن ذلك،كان يمني النفس بمصافحة بين الاثنين ،تلك المصافحة التي رفضها روحاني،لكي يؤكد لأمريكا بأنه متمسك بهيبة بلاده وكرامتها ويرفض ما تتعرض له من عقوبات أمريكية واوروبية غربية،ويحتج على سياسة امريكا وبلطجتها في المنطقة. وفي المقابل وجدنا العرب "النشامى" والذين لم يعد فيهم لا عبد الناصر ولا بومدين ،كانوا كالنعاج وعلى رأي الشاعر العربي العراقي الكبير"معز على غنم،وظراط فيه نغم" يهرولون فرادى وزرافات الى الجمعية العامة،ولم يلتفت لوجودهم احد،وحضورهم لم يعره احد الاهتمام كذلك،فما نفع نفطهم بدون كرامة وقوة؟؟،ايران لديها القوة والكرامة وقادرة على فرض معادلات دولية واقليمية،وستجبر اوباما الذي بات يدرك بان امريكا لم تعد قدر العالم ولا شرطيه الوحيد على التفاوض والاعتراف بها كقوة اقليمية لها مصالحها ونفوذها في المنطقة،وستتقاسم هذه المصالح مع امريكا،وسيهرول عربان مشيخات النفط والكاز الى طهران،بعد ان يتم سيدهم في البيت الابيض الاتفاق مع ر وحاني،أمة لا تمتلك القوة ولا تحترم ذاتها وتتخلى عن كرامتها تستحق الركل والضرب على القفا واللط بالصرامي العتيقة على الجباه.

انشر المقال على: