الجمعة 07-02-2025

اوسلو- عشرون عاما من هدر الزمن الفلسطيني

×

رسالة الخطأ

نواف الزرو

اوسلو- عشرون عاما من هدر الزمن الفلسطيني

نواف الزرو

وفق الشهادات والاعترافات حتى من قبل اهل اوسلو، فان هذا الاتفاق مات وانتهى وشبع موتا، ووفق الوقائق وحقائق الامر الواقع التي يقيمها الاحتلال على امتداد الجسم الفلسطيني في القدس والضفة، فان اوسلو تفكك وتناثر اجزاء لا يمكن لملمتها، ووفق منطق الاشياء فقد تجاوزت الاحداث والمواقف والحقائق ما كان اتفق عليه قبل عشرين عاما، وحسب اسحق شامير الذي كان تعهد منذ مدريد، بان تستمر المفاوضات-العقيمة-عشرين عاما، فان الامور حصلت كذلك، فنحن امام عشرين عاما من المفاوضات الاوسلوية التي لم يتمخض عنها سوى تكريس وتعميق الاحتلال والاستيطان والسيطرة الاستراتيجية الصهيونية على الضفة...ا
كبار مهندسي اوسلو جاءتهم الصحوة متأخرة جدا، فاخذوا يعترفون بخطأ اوسلو وموته، فهاهو يوسي بيلين مهندس اوسلو من الجانب الاسرائيلي يكتب في اسرائيل اليوم -31/8/2012 تحت عنوان"اتفاق اوسلو لم يعد ذا صلة" يقول:"لا يجوز الاستمرار في تجميد استنتاجات اوسلو، فهذه هي اللحظة التي يجب فيها على اولئك الذين أيدوها ودافعوا عنها، ان يعلنوا نهايتها كي لا تصبح هي البديل العملي وإن يكن غير الرسمي ايضا، من اتفاق السلام"، وصحيفة "ذي غارديان"البريطانية تقول في تقرير من مراسلتها في القدس هارييت شيروود"ان الوزير الاسرائيلي السابق يوسي بيلين ورئيس الوزراء الفلسطيني السابق احمد قريع يطعنان الآن في جدوى خطة الدولتين التي وضعاها، ويقولان انه ينبغي التطلع الى ما بعد اتفاقات اوسلو".
وبينما يعلن وزير الخارجية الفلسطيني د.رياض المالكي انه "بعد عشرين عاما من المفاوضات وجدنا انفسنا اليوم في وضع اسوأ بكثير من الوضع الذي بدأنا فيه، حيث زاد الاستيطان على ارضنا المحتله، وتزايد معه عدد المستوطنين الاسرائيليين في خرق فاضح للقانون الدولي ولمعاهدات جنيف-صح النوم 26 -1-2012"، يعتبر رئيس"اسرائيل" بيريز ان مرور أكثر من 20 عاما على ما يسمى بـ"عملية السلام" ليس فترة زمنية طويلة من الناحية التاريخية"، في حين يعلن ياسر عبد ربه احد اخطر اقطاب المفاوضات والتطبيع "ان المفاوضات كانت عقيمة".
تصوروا المأساة الفلسطينية، بعد 20 عاما من اوسلو والمفاوضات والمؤتمرات واللقاءات العلنية والسرية، وبعد 20 عام من الزمن الفلسطيني المهدور بمنتهى الرعونة او الغباوة او التواطؤ، يطل علينا ياسر عبد ربه امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ليعلن لإذاعة "صوت فلسطين" قائلا: "رغم اننا اتخذنا قرارا بالمشاركة بها (المفاوضات) نحن نرى الان ما كنا نتوقعه بان الامل في ان تتقدم هذه المفاوضات ضعيف للغاية بل... هو امل معدوم في هذه اللحظة.، مضيفا: "ان انقاذ هذه العملية السياسة لا يكون فقط تكثيف اللقاءات والاجتماعات و تقديم وعود بمزيد من اللقاءات الاميركية مع الاطراف"، موضحا: انه حتى الان لم يتحقق اي تقدم وقد قلت هذا الكلام بشكل واضح"، مردفا: "اسرائيل لم تلتزم بوقف الاستيطان ونحن نرى استمرار قيامها بعلميات الاستيطان يدمر اي فرصة امام هذه العملية السياسة، لهذا السبب اما ان يزول هذا الاحتلال وكل مظاهر الاستيطان واما ان تكون هذه العملية السياسية محكوم عليها بالفشل والانهيار"، مؤكدا: "هذه المفاوضات بدأت او لم تبدأ، عقدت جلسة او لم تعقد، فالنتيجة واحدة لا يوجد اي تقدم او اي انفراج فعلي"، و"لا اتوقع ان يحدث مثل هذا التقدم على الاطلاق ما لم تكن هناك قوة ضغط هائلة اميركية على غرار ما نراه الان من دور وجهد اميركي من اجل معالجة الموضوع السوري وغيره من المواضيع، اما البقاء في الاطار الحالي فهذا هو دوران في الفراغ لا يقود ولا يؤدي الى اي نتائج- وكالات-2013-9-4".
وعن موت اوسلو اسرائيليا، نستحضر في هذا الصدد بالضرورة، أنه منذ البدايات الأولى لظهوره وحضوره على صعيد الليكود واليمين الإسرائيلي، كان نتنياهو واضحاً وصريحاً وجريئاً إلى أبعد حدود الوقاحة والاستخفاف، في التعامل مع الفلسطينيين وعملية المفاوضات، واستوعب الجميع أن نتنياهو يمثل الخلاصة المكثفة جداً للآباء المؤسسين والمنظرين والزعماء التاريخيين لمعسكر الليكود واليمين الصهيوني، وأنه قادم لطربدة ونسف"عملية السلام " و " أوسلو " والطموحات الوطنية الفلسطينية.
ولم يخيب نتنياهو ظن أحد منذ ذلك الوقت، فانتهج كما كان متوقعاً منذ البداية سياسة هجومية كاسحة ضد أوسلو والفلسطينيين، فتحدث تباعاً عن" فشل مفهوم أوسلو، وعن موت عملية السلام – هآرتس 14/3/1997"، وكذلك عن" أنه سيواصل عملية البناء الاستيطاني وعن أن شيئاً لن يوقف هذا البناء لا في جبل أبو غنيم ولا في أي موقع آخر" ، وبنى نتنياهو سياسته على افتراض"أن الفلسطينيين سوف يتأقلموا ويتعودوا على خفض مستوى طموحاتهم الوطنية – معاريف 26/3/1997 "، في حين وجه غير مرة خطابات نارية ضد الفلسطينيين داعياً إياهم إلى" التكيف مع الواقع وإلى تقبل فكرة أن إسرائيل لن تنسحب إلى حدود الرابع من حزيران ولن تقلص نفسها ببناء حائط برلين داخل عاصمتها – الرأي الأردنية 12/6/1997 " .
ولم يتورع نتنياهو عن أن يعلن ببالغ الوضوح عن"أن الضفة الغربية يجب أن تكون جزءاً من إسرائيل – هآرتس 21/12/1997 "، بينما صرح وأكد في أكثر من مناسبة"أن السلام قد انهار وتحطم، وأنه لم يكن هناك عملية سلام، وقد شاهدنا انهيار الصفقة الأساسية لأوسلو-هآرتس 24/5/1998 "، وطالب في 12/02/2002 وهو وزير مالية في وزارة شارون ب:"إبادة السلطة الفلسطينية من الوجود وطرد رئيسها ياسر عرفات من مدن الأراضي الفلسطينية".
وخلاصة وصف فلسفة نتنياهو ومكوناتها"، أنها استندت إلى منطق القوة والعربدة والاستخفاف وفرض سياسة الأمر الواقع وإجبار الفلسطينيين والعرب على التأقلم معه"، وفرضت لغة القوة كما هو معروف سياسة افتعال الأزمات والمآزق والمماطلة والتأجيل والتعطيل والمواجهات، كما أنتجت جملة من الخرائط والمشاريع المتعلقة بقضايا التسوية النهائية وجوهرها تصفية تلك القضايا .
فلتتحمل القيادة الفلسطينية اذا هدر عشرين عاما من زمن القضية الفلسطينية.. ومن النهب والاستيطان والتهويد تحت مظلة اوسلو...؟!

انشر المقال على: