المستوطنات معركة نفتالي بينيت الاخيرة محمد محفوظ جابر قال نفتالي بينيت في اجتماع مع قادة مجلس المستوطنات في الضفة الغربية في 9 سبتمبر(أيلول) "قلت لبايدن، لا، ثلاث مرات". وأبلغ بينيت زعماء المستوطنين، بأنه رفض خلال لقائه بايدن في البيت الأبيض في أغسطس (آب)، القرار الأمريكي بإعادة فتح القنصلية الأمريكية في شرقي القدس، والمقاربة الأمريكية للبرنامج النووي الإيراني، كما أكد رفض "إسرائيل" وقف بناء المستوطنات. يحمل بينيت أيديولوجية يمينية واضحة وهو يدعم "حق إسرائيل في أرض إسرائيل الكبرى" التي تشمل أراضي من النهر إلى البحر، ولا يؤيد اقامة دولة فلسطينية. وهو يدعم بناء المستوطنات وتولى منصبا في مجلس الاستيطان العام في الضفة الغربية. في عام 2006، شغل منصب مدير مكتب بنيامين نتنياهو وقاد حملة نتنياهو في الانتخابات الداخلية لحزب الليكود وتمكنت حملة نتنياهو من تحقيق الفوز في أغسطس 2007. يتصور بينيت طابع دولة "إسرائيل" على أنها دولة يهودية وديمقراطية للشعب اليهودي. وهو يدعم قانون القومية قانونا أساسيا والذي يعتبر "إسرائيل" دولة يهودية. اعتقد ان هذه الخلفية كافية لمعرفة الروح الصهيونية المتغلغلة في دماغه واستماتته لخوض معركته لاستكمال المشروع الاستيطاني الذي يعتبر التطبيق العملي للفكر الصهيوني. قبل نهاية تشرين الاول، وافقت "إسرائيل" على نحو 3000 وحدة استيطانية، قد تم منح حوالي 1800 منها موافقات نهائية، بينما بقيت 1200 منها في مرحلة الإيداع. وأثار البناء في المستوطنات، إدانة واسعة النطاق في المجتمع الدولي. - إن فتح نار الولايات المتحدة ضد مشاريع الاستيطان، بعد ان قال بينيت "لا" كبيرة لبايدن، لم يكن عاديا اذ وجهت ما بدا أنه أقسى انتقاد علني لخطط "إسرائيل" لتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية منذ تولى الرئيس الأمريكي جو بايدن منصبه. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية نيد برايس في مؤتمر صحفي: " نحن نعارض بشدة توسيع المستوطنات الذي يتعارض تماما مع جهود تخفيف التوترات واستعادة الهدوء. وهو يضر بآفاق حل الدولتين". كما أعرب برايس عن قلق إدارة بايدن بشأن إعلان وزارة الإسكان الإسرائيلية عن نشر مناقصات لبناء 1355 وحدة سكنية جديدة في سبع مستوطنات مختلفة. وقال برايس: "نحن نعتبر أيضا خطط إضفاء الشرعية بأثر رجعي على البؤر الاستيطانية غير القانونية غير مقبولة"، علما بأن هناك مشروع قانون لتبييض البؤر الاستيطانية وتحويلها الى مستوطنات. - وقاد الاتحاد الأوروبي معركة عدم شرعية المستوطنات الصهيونية على ارض فلسطين، وقال الاتحاد في بيان بعد يوم من إعلان وزارة الإسكان عن طرح مناقصات لبناء 1355 وحدة سكنية جديدة في سبع مستوطنات مختلفة: "المستوطنات غير شرعية بموجب القانون الدولي وتشكل عقبة رئيسية أمام تحقيق حل الدولتين وسلام عادل ودائم وشامل بين الطرفين"، واشار البيان الى ان الاتحاد الأوروبي أوضح باستمرار "أنه لن يعترف بأي تغييرات لحدود ما قبل عام 1967، بما في ذلك ما يتعلق بالقدس، بخلاف تلك التي اتفق عليها الجانبان". وتابع "ندعو حكومة إسرائيل إلى وقف البناء الاستيطاني وعدم المضي قدما في العطاءات المعلنة". وطالب ممثلو الاتحاد الأوروبي في مجلس الأمن "إسرائيل" إلى وقف الاستيطان في الضفة الغربية والقدس المحتلتين. ودعا سفراء إيرلندا وإستونيا وفرنسا والنرويج وألبانيا في مجلس الأمن، "إسرائيل" إلى وقف جميع العمليات الاستيطانية. وأكد السفراء أن البناء الاستيطاني يتعارض مع قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة بما فيها القرار 2334، والقانون الدولي. - حتى جامعة الدول العربية اكدت في بيان، أن جميع المستوطنات الإسرائيلية المقامة على أرض دولة فلسطين المحتلة، غير شرعية وغير قانونية بموجب القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة لاسيما القرار رقم 2334 ، ودانت الإعلان. وبدت مشاريع البناء محرجة للدول المطبعة. - وأدت مشاريع بناء المستوطنات أيضًا إلى انقسام الائتلاف المتنوع والهش الذي يحكم "إسرائيل" حاليا، لأن شركاء بينيت، حزبي ميرتس والعمل "اليساريين" وحزب القائمة العربية الموحدة يعارضون المستوطنات بشدة. وانتقد يائير لابيد (رئيس الوزراء المناوب مع نفتالي بينت ووزير الخارجية منذ 13 يونيو 2021 ، رئيس ومؤسس حزب "هناك مستقبل") بشكل غير مباشر رئيس الوزراء نفتالي بينيت بشأن قرار بناء 1300 منزل، بينما أكد عضو الكنيست موسي راز من حزب ميرتس أن هذه الخطوة تظهر أن الحكومة "تتجه نحو اليمين بمقدار 10 درجات أكثر من الحكومة السابقة". ونشرت إدارة حزب ميرتس اليساري الشريك في الائتلاف الحاكم بيانا أعربت فيه عن "القلق بشأن سلسلة من الخطوات أحادية الجانب التي اتخذها وزراء الحكومة فيما يتعلق بالسياسات تجاه الفلسطينيين في المناطق والتوسع الاستيطاني". وأفاد البيان إن "هذه الخطوات تهدد مستقبل دولة إسرائيل وأفقها الدبلوماسي وتقوض الأساس الذي قامت عليه حكومة التغيير". ان حكومة بينيت قائمة على صوت واحد فقط، وهذا يعني ان أي طرف حليف له اذا انسحب يسقط بينيت وتسقط حكومته ويخسر معركة المستوطنات. وتشمل المشاريع التي من المقرر أن تتقدم بها "إسرائيل" من خلال مرحلة تخطيط سابقة، مشروعا يضم 380 منزلا في مستوطنة كدوميم، ومشروع لـ 100 منزل في مستوطنة إيلون موريه وآخر لـ 399 منزلا في مستوطنة ريفافا، ومشروعا لـ 292 منزلا في كفر عتصيون، وواحدا لـ 286 منزلا في مستوطنة هار براخا، ومشروعا لبناء 58 منزلا في مستوطنة بيت إيل، وآخر لبناء 628 منزلا في مستوطنة إيلي. وأعلن وزير الإسكان زئيف إلكين في أكتوبر عن خطة لمضاعفة عدد المنازل في غور الأردن، من أجل الوصول إلى 3000 أسرة تعيش في المنطقة بحلول عام 2026. وقال إلكين إن وزارته تخطط لاستثمار 224 مليون شيكل (70 مليون دولار) لبناء 1500 منزل جديد في 21 مستوطنة في المنطقة. وهناك خططا لأكثر من 2000 منزل للمستوطنين تم تأجيل النظر فيها. وتكهن العديد من المحللين بأن التأجيل تم في أعقاب أوامر من بينيت وهذا اول تراجع في قراره. واخيرا تفتق ذهن بينيت عن حيلة مكشوفة: وافقت السلطات الإسرائيلية على 1303 وحدة سكنية فلسطينية في الضفة الغربية بعد أسبوع من إدانة دولية بشأن بناء المستوطنات في المنطقة، وذلك للتغطية على تمرير مشاريعها، علما بأن اتفاقات أوسلو، تمنح "إسرائيل" سيطرة مدنية – بما في ذلك على البناء والتخطيط المدني – في المنطقة “ج”، التي تشكل حوالي 60% من الضفة الغربية. والتجارب تثبت عدم مصداقيتها، فلا يخفى على احد أن "إسرائيل" لا توافق على البناء الفلسطيني في المنطقة “ج”، مما أدى إلى تفشي البناء الفلسطيني بدون ترخيص منها ويتم هدم المنازل من قبلها. والصراع مستمر.... فبين عامي 2016-2018، وافقت "وزارة الدفاع" على 21 فقط من أصل 1485 طلبا فلسطينيا للحصول على تصاريح بناء في المنطقة “ج”، أي بنسبة 0.81%. في عام 2019، وافق مجلس الوزراء الأمني – من حيث المبدأ – على 700 تصريح بناء للفلسطينيين. ومع ذلك، أشار تحقيق أجرته "التايمز أوف إسرائيل" العام الماضي إلى أنه لم يتم إصدار أي من تصاريح البناء هذه تقريبا. إذن المناخ الدولي والعربي والائتلاف الحكومي جميعها تقول "لا" كبيرة لمشاريع المستوطنات التي يطرحها بينيت، هل يسقط وتكون معركته الاخيرة.