"المالية" تتخذ اجراءات لخفض بعض الضرائب
رام الله - اتخذت وزارة المالية 5 قرارات جديدة لخفض عدة انواع من الضرائب.
يأتي الخفض خلافا للسياسة التي اتبعتها الوزارة منذ عام 2011 بتبني زيادة نسبة الضرائب بهدف دعم الخزينة، الأمر الذي انعكس سلبا على الخزينة، وفق ما اوضح وزير المالية شكري بشارة.
وشملت قرارات الخفض ضريبة الدخل برامج تمويل المشاريع الصغيرة من 20% إلى 10%، والغاء نسبة الـ 5% على فوائد ودائع المواطنين في البنوك، والغاء ضريبة الدخل على الأرباح الرأسمالية للشركات، وتبني ضريبة 10% على عوائد توزيع أرباح للسندات والأسهم تقتطع من المصدر، إلى جانب تعديل قانون تشجيع الاستثمار.
جاء الاعلان عن القرارات خلال اللقاء الذي نظمته إدارة العلاقات العامة في "المالية" اليوم الاثنين في مقر الوزارة برام الله، مع عدد من الصحفيين حيث عرضت الوزارة "استراتيجية الإيرادات العامة للأعوام 2014-2016" في الضفة والتي يمكن تعديلها لاحقا لتشمل قطاع غزة.
وقال الوزير بشارة "أوصينا في جزئية قروض البنوك الموجهة للمنشآت الصغيرة، بأن تخفض ضريبة الدخل من 20% إلى 10%، وقد نكون الوزارة الوحيدة على مستوى الشرق الأوسط التي تتخذ هذا القرار، وبالفعل صدر مرسوم بهذا الشأن بهدف تحفيز البنوك لدعم المشاريع".
وذكر بشارة أن الاستراتيجية تشمل حاليا الضفة، بينما يمكن أن تعدل لاحقا لتشمل قطاع غزة، مشيرا إلى أنها تهدف إلى توسيع القاعدة الضريبية، واصلاح منظومة الجباية، والارتقاء بأداء الوزارة، وتوجيه الدعم تدريجيا نحو المشاريع التطويرية وتحسين الخدمات.
وبين أن العجز في الموازنة بلغ العام الماضي 5ر1 مليار دولار، اي ما يعادل 13% من الناتج المحلي الإجمالي، أي حوالي 125 مليون دولار شهريا، مضيفا ان "الفجوة التمويلية تتراوح بين 300-400 مليون دولار سنويا، رغم الدعم الخارجي المستمر للموازنة".
وأوضح أنه خلال الفترة الماضية كان يتم التعامل مع هذه الفجوة، عبر الاقتراض من البنوك المحلية، وصندوق التقاعد، اضافة إلى التأخر في سداد الالتزامات المالية، خاصة مستحقات القطاع الخاص.
وأضاف: المديونية العامة وصلت منتصف 2013 إلى 8.4 مليار دولار، كديون للبنوك وقيمتها 2ر1 مليار دولار، وصندوق التقاعد وقيمتها 4ر1 مليار دولار، ومتأخرات القطاع وقيمتها 600 مليون نزلت إلى 500 مليون دولار نأمل أن نخفضها إلى 200 مليون دولار قبل نهاية العام الحالي، إضافة إلى الديون الخارجية.
وأشار إلى أن جهات مانحة تتحدث عن مسألة التمويل، من منطلق أنها "ملت" من هذا الأمر، بخلاف أخرى ترى أن الدعم ساهم في نهاية المطاف في تكريس الاحتلال.
واوضح ان الاستراتيجية تهدف الى خفض "حقيقي" في الدعم الخارجي كما حصل خلال الفترة (2008-2012)، لافتا إلى الحاجة الماسة لتقليص العجز، وسداد الديون المتراكمة، وجسر الفجوة التمويلية.
وأكد أن نجاح الاستراتيجية يعتمد بالدرجة الأولى على دعم الحكومة لها، واستقرار الوضع السياسي والأمني مشددا على أن تبنيها لا يعني الاستغناء عن الدعم الخارجي بأي حال من الأحوال.
وقال" ليست كل الدول لديها سياسة متشابهة كليا، وأعتقد أن التأخير في الدفع من الحكومات الأوروبية، ناجم عن اجراءات بيروقراطية خاصة بها، لكن دورنا كوزارة أن نعمل على مواجهة شتى الاحتمالات، فإذا حدث حصار علينا أن نتعامل معه، وكذا الحال إذا لم يحدث".
وبين أن بعض الدول العربية ملتزمة بتعهداتها المالية تجاه السلطة مثل السعودية، والجزائر والكويت، والإمارات، بخلاف أخرى لا تلتزم، مضيفا "نأمل أن يقدر الأشقاء ظروفنا وأن يفوا بالتزاماتهم تجاه فلسطين".
وفيما يتعلق بملف التحويلات الطبية، ذكر أن هذا الملف "يحظى بالعناية على أعلى المستويات"، سواء من قبل رئيس الوزراء، أو وزير الصحة.
وأوضح بشارة ان "معدل الاقتطاعات (الإسرائيلية) للتحويلات الطبية من المقاصة كان يبلغ 20-22 مليون شيكل، لكنها بلغت 32 مليون شيكل الشهر الماضي" مبينا ان معالجة الخلل في هذا الجانب جارية حاليا، متوقعا أن يتم الانتهاء من هذا الملف قبل نهاية حزيران المقبل.
واستعرض مستشار الوزير حاتم يوسف بعض معالم الاستراتيجية، مشيرا إلى أن ضريبة الدخل تشكل 8% من اجمالي الإيرادات، أي 7ر1% من الناتج المحلي الإجمالي، بما يمثل النسبة الأدنى على مستوى الشرق الأوسط حيث المعدل الدارج 6%.
وقال: أية زيادة بنسبة 1% من نسبة ضريبة الدخل من الناتج المحلي، سينتج عنها زيادة في جباية ضريبة الدخل بقيمة 100 مليون دولار، وفي حال نمو ايرادات ضريبة الدخل لتصبح 7ر5% من الناتج المحلي، فهذا سيؤدي إلى زيادة في الدخل بحوالي 440 مليون دولار سنويا، ما سيغطي 32% من العجز الجاري السنوي.
وتناول يوسف مسألة ضعف معدلات الجباية وتدني القاعدة الضريبية، موضحا ان "عدد المكلفين غير المسجلين يزيد عن 40 ألف مكلف، وعدد المكلفين المسجلين غير الملتزمين بتقديم اقرارات ضريبية 45 ألف مكلف، وإن القيم الجمركية المصرح عنها لا تتجاوز 35% من القيم الحقيقية بسبب تزوير البيانات بناء على فحص عينات 100 سلعة مستوردة".
وتابع: معدل الجباية الفعلية الشهرية لضريبتي الدخل والقيمة المضافة لا تتجاوز 25% من الجباية المفترضة.
ولفت إلى ارتفاع نسبة التهريب الجمركي في السوق مدللا على ذلك بقطاع السجائر، حيث بلغ عدد السجائر المهربة 32 مليون علبة، أي حوالي 45% من الاستهلاك، وبالتالي تقدر الخسائر بنحو 98 مليون دولار سنويا.
وقال "سياسة اسرائيل الانتقائية وغير المتوازنة في تطبيق الاتفاقيات، نتج عنها فقدان للإيرادات يقدر بنحو 550 مليون دولار سنويا حاليا، من ضمنها خسائر في الإيرادات نتيجة التهرب الجمركي والضريبي للأنشطة التجارية في مناطق (ج) تقدر بحوالي 200 مليون دولار سنويا، وعدم تحويل اسرائيل للضرائب المتأتية عن الاستيراد غير المباشر للسلع من غير المنشأ الاسرائيلي يسبب خسارة أيضا تقدر بنحو 90 مليون دولار سنويا".
كما أن عدم تحويل اسرائيل لمستحقات الضرائب من الشركات الإسرائيلية العاملة في مناطق (ج) يسبب خسائر تقدر بنحو 50 مليون دولار سنويا، بحسب يوسف.
وحدد يوسف الخطوات الخاصة بمعالجة الخلل الناتج في العلاقة مع الجانب الإسرائيلي، في تنظيم التجارة الخارجية وتشجيع الاستيراد المباشر من غير اسرائيل، واصدار نظام من مجلس الوزراء بتنظيم متطلبات الاستيراد غير المباشر من اسرائيل، ومراجعة آليات تنفيذ "بروتوكول باريس الاقتصادي" وتعديلها، وضبط التسرب الضريبي الناتج عن آلية المقاصة المتبعة في ضريبتي القيمة المضافة، والشراء.
واستعرض يوسف بعض المبررات لخفض ضريبة الدخل، مبينا أن خفض نسب الضرائب على الشركات والأفراد، سيسهم في زيادة حجم الوعاء الضريبي، وتوسيع القاعدة الضريبية، والحد من التهرب الضريبي، وتشجيع الشركات على الاستثمار.
واضاف: لم تسهم الزيادة في نسبة ضريبة الدخل على الشركات من 15% إلى 20%، في زيادة الجباية، فقد بلغت ضريبة الدخل على الشركات حوالي 18 مليون دولار سنويا، وهي نسبة أدنى من المتوقع.
واوضح يوسف ان خفض الضرائب على الشركات بنسبة 5%، سينتج عنه ارتفاع في مستوى السيولة (الدخل المتاح) لدى الشركات بناء على المعطيات الحالية، بما لا يقل عن 200 مليون دولار، ما سيشكل عنصرا محفزا للاستثمار والتوظيف.
وفي حال النجاح بخفض التهرب الضريبي بنسبة 40% فقط عن المستوى الحالي، سيؤدي ذلك إلى زيادة في ضريبة الدخل من الشركات بمبلغ 50 مليون دولار، وفق يوسف.
وبشأن ضريبة الاملاك قال يوسف أن 52% من المكلفين داخل حدود البلديات التي تشملها هذه الضريبة وتبلغ 60 بلدية من أصل 111 بلدية في الضفة، غير ملتزمين بالدفع.
وأوضح أن الاستراتيجية تقدم توصية بتعديل نسبة هذه الضريبة من 17% إلى 12% و"ربما أقل" كما قال بشارة معقبا.
كما أشار يوسف إلى أن الاستراتيجية تتضمن توصيات بتعديل قانوني "رخص المهن" و"رسوم المحاكم".