رام الله-- رويترز- تحول الزيتون من رمز للسلام والوئام إلى سبب للمواجهات والعنف في الصراع الإسرائيلي المستمر مع الفلسطينيين.
وانقلبت الفرحة التي كانت تعم خلال موسم جمع محصول الزيتون في الضفة الغربية إلى حسرة حيث يتهم المزارعون الفلسطينيون المستوطنين اليهود بإتلاف أشجارهم وسرقة ثمارهم ومحاولة الاستيلاء على اراضيهم.
ويسابق كثير من مزارعي الزيتون الفلسطينيين الزمن، خصوصا من تقع بساتينهم، بالقرب من المستوطنات اليهودية المنتشرة في الضفة الغربية أو بالقرب من الجدار الإسرائيلي، للانتهاء من جمع زيتونهم قبل أن يتعرض للسرقة أو الإتلاف.
وقال المزارع الفلسطيني أبو محمد، إن الجدار الإسرائيلي اقتطع نحو ثلث أرض عائلته في منطقة غرب الخليل.
وأضاف "هي الثمرة الوحيدة اللي (التي) حاليا عندنا إنتاج زراعي منها. وإسرائيل التهمت جميع.. الأراضي الزراعية المزروعة بالزيتون. الجدار التهمها وراح (أضاعَ) علينا هذا الموسم ويؤثر علينا تأثير كامل."
وفي الجهة الأخرى من الضفة الغربية في منطقة نابلس، حصلت عائلة سليمان، على تصريح مدته يوم واحد من الإدارة الإسرائيلية في الضفة الغربية لجمع الزيتون من أشجارها التي أحاطها سكان مستوطنة يهودية قريبة بسياج من الأسلاك.
وقال المزارع الفلسطيني علي سليمان "ما نقدرش ( لا نستطيع) ان نصلها أكثر من مرّة واحدة في السنة وبتنسيق. والتنسيق ليس كافيا والمرّة الواحدة ليست كافية".
وأضاف ان المستوطنين يتركون أغنامهم ترعى في أرض عائلته فتلتهم الكثير من ثمار الزيتون وفروع الأشجار.
أما قريبه عبد الرازق سليمان، فقال في غضب ردا على سؤال عن سبب انتظار العائلة الحصول على تصريح إسرائيلي لدخول أرضها القريبة من المستوطنة اليهودية "يا عم أنا بقدر آجي (احضر) لحالي.. يعني أموت أنا هنا. يا إمّا بدي أموت يا إمّا بدي أقتله.. واحدة من الاثنين. و شو مستفيدين.. يا قاتل يا مقتول. لن استفيد شيئا. حتّى لو ضربت بدي أروح على السجن... لأ.. يعني لو الجميع بنزلوا النزلة هاي. بس ما فيه مجال. كل واحد عنده عيال وراه. يعني بده يموت.. شو بده يستفيد الواحد."
ويقول المزراعون الفلسطينيون الذين يملكون أراضي بالقرب من مستوطنات يهودية أو من الجدار الإسرائيلي في الضفة الغربية إن إتلاف الأشجار يلحق بهم اضرارا مالية جسيمة، وإن استصدار تصاريح إسرائيلية لدخول أراضيهم يكلفهم ايضا الكثير من المال.
ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يفتقر للإمكانات اللازمة للإشراف على عمليات التقليم والحرث اللازمة في بساتين الزيتون. ويوجد نحو عشرة ملايين شجرة زيتون في أنحاء الضفة الغربية المحتلة تشغل نحو 45 في المئة من مساحة الأراضي الزراعية في المنطقة.
وتقول الأمم المتحدة إنها سجلت زيادة في أعمال العنف خلال موسم جمع لزيتون العام الماضي، وذكرت أن كميات من محصول الزيتون الفلسطيني سرقت، كما قطعت أشجار زيتون من بساتين فلسطينية في الضفة الغربية.
وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة إن 7500 شجرة زيتون فلسطينية اقتلعت أو أحرقت أو قطعت خلال الشهور التسعة الأولى من عام 2011. وتقول السلطة الفلسطينية إن 800 ألف شجرة زيتون أتلفت منذ إحتلت إسرائيل الضفة الغربية عام 1967.
ويقول الجيش الإسرائيلي الذي يسيطر على الأمن في معظم أنحاء الضفة الغربية، إنه يهتم جدا بحماية المزارعين الفلسطينيين ويضع خطة تشبه خطط العمليات الحربية لتأمينهم خلال موسم جمع الزيتون.
ولكن جماعة (شباب ضد المستوطنات) تمكنت من تصوير لقطات لمجموعة من المستوطنين اليهود كانوا يجمعون زيتونا من بستان يملكه فلسطيني وبطرق تسبب ضررا شديدا للأشجار. ولم يحضر جنود الجيش إلى المكان إلا بعد أن اتصل مالك البستان الفلسطيني بالسلطة المدنية الإسرائيلية. وأمر الجنود المستوطنين بالانصراف وترك الثمار التي جمعوها.
ويقول المزراع إن الجيش الإسرائيلي قليلا ما يقبض على اللصوص الذين يسرقون الثمار من البساتين.
ويلزم حكم للمحكمة العليا الإسرائيلية صدر عام 2004 الجيش بتأمين الفلسطينيين في الضفة الغربية خلال موسم جمع الزيتون. لكن منظمات حقوق الإنسان تقول إن الجيش لا يبذل جهدا كافيا.
وقالت زيف ستاله، الباحثة الإسرائيلية، في مجال حقوق الإنسان "لاحظنا بعض التصعيد في الأيام العشرة الأولى لجمع المحصول. نفى (مكتب التنسيق في المنطقة) البيانات لكننا علمنا في الآونة الأخيرة أنهم يعرفون ويقرون بوجود تصعيد ووثقوا 30 واقعة. نأمل أن يغيروا سياسة الجيش ليرافق الناس أثناء جممع المحصول لحمايتهم وجماية ممتلكاتهم."
وصور تلفزيون رويترز لقطات لبستان فلسطينيو قطعت عشرات من أشجاره وألقيت فروعها المثمرة في الأرض.
وقال مالك البستان الفلسطيني بينما كان يتفقد الأضرار الجسيمة التي لحقت بأشجاره "جاي مشان (جئت حتى) أقطف الزيتون. هيك باشوف زيتوناتي كلهم مقصقصات (مقطعة). شو في عندي أنا حتى تقص زيتوني.. يا مستوطنين يا عنصريّة يا لؤماء."
وتشير تقديرات منظمة أوكسفام الخيرية البريطانية إلى أن محصول الزيتون يمثل ما بين 15 و19 في المئة من الإنتاج الزراعي في الضفة الغربية، ويحقق دخلا يتراوح بين 160 مليون و190 مليون دولار سنويا، وتعتمد عليه أسرُ زهاء 100 ألف مزراع فلسطيني في معيشتها.