الخميس 21-11-2024

الصوراني يخترق جدار الخزان من دراسة النظرية الثورية إلى توطينها

×

رسالة الخطأ

غسان ابو نجم

الصوراني يخترق جدار الخزان من دراسة النظرية الثورية إلى توطينها

غسان ابو نجم

 

 

لا حركة ثورية دون نظرية ثورية ولا نظرية ثورية دون جذور تاريخية من هنا انطلق المفكر والباحث الفلسطيني غازي الصوراني منهج بحثه وإنجاز دراساته التي استجمعها بمجموعه من المجلدات تشكل قيمة علمية ونظرية ونهج ثوري لكل أحرار أمتنا العربية ويعطي للنظرية الثورية العالمية بعدها الأممي وعمقها العربي. ليكون بذلك من القلائل ممن وطنوا النظرية الثورية العالمية وكسا الماركسية اللينينية بالثوب العربي. لقد حاول الصوراني وعبر دراساته التي جمعها بأربعة عشر مجلداً تقديم الإجابات وأحيانا الحلول للعديد من القضايا المفصلية النظرية منها والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية في ظل تراجع واضح لدور اليسار العالمي والعربي على وجه الخصوص بعيداً عن براغماتية بعض الأحزاب الشيوعية العربية وديماغوجية بعضها الآخر مستندا إلى الرؤية العلمية الناضجة التي صاغها هيجل وطورها وعدل مسارها ماركس وانجلز وطبقها بشكل خلاق فلاديمير لينين…. ليمتلك بذلك أدوات التحليل المنهجية السليمة في رؤيته للواقع العربي عامة والفلسطيني بوجه خاص ظهرت في طرق البحث والتحليل لهذه الدراسات. نظرياً: للصوراني العديد من الدراسات والأبحاث النظرية تناولت مفهوم تطور المجتمع المدني وتطور المعرفة وتاريخ الفلسفة والفكر البشري والماركسية والدين والعلمانية والديموقراطية والتطور الفلسفي لمفهوم الأخلاق. اقتصاديا واجتماعيا أعد دراسات هامة وعميقة حول المجتمع الفلسطيني تناولت التحولات الاجتماعية والطبقية في الضفة الغربية وقطاع غزة ودراسة وازنة حول المشهد السياسي والاقتصادي والمجتمعي في فلسطين في إطار الوضعين العالمي والعربي ودراسه حول قطاع غزة بين الأعوام 1948 و1993ودراسات حول الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في الضفة الغربية وقطاع غزة ناقش فيها التطور الطبقي للمجتمع الفلسطيني واعد بحثا هاما حول اقتصاد قطاع غزة تحت الحصار والانقسام بين فيها حجم التشوهات التي لحقت بالاقتصاد الفلسطيني والعديد من الندوات والمحاضرات التي تناولت التنمية والحلول الممكنة والمتاحة لتطور الاقتصاد الفلسطيني. على الصعيد السياسي للصوراني كم كبير من الدراسات والمحاضرات والندوات الموثقة تناولت تطور القضية الفلسطينية منذ النكبة واعد دراسات حول الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني في فلسطين والارتباط العضوي بين القضية الفلسطينية والأمة العربية. ولعل أهم ما انجزه الصوراني ما تضمنته المجلدات 12و13و14 والصادرة بين الأعوام 2020 و2023 والتي قدم لها الاعلام والمناضلون العرب عبد القادر ياسين والدكتور هشام غصيب وألمناضل المصري احمد بهاء شعبان امين عام الحزب الاشتراكي المصري… والتي أظهرت بشكل جلي تطور منهجية البحث وامتلاك أدوات التحليل العلمي المستند للنظرية الثورية العالمية الماركسية اللينينية وهذا نابع في تقديري للتجربة النضالية للصوراني منذ سبعينات القرن والتحاقه مبكرا بحركة القوميين العرب ومن ثمة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي شغل فيها عضوية المكتب السياسي وقربه للدكتور جورج حبش الذي تمييز بفهمه العلمي الثوري للعلاقة بين القضية الوطنية والقضية القومية وإن الأمة العربية تشكل عمق القضية الفلسطينية. لقد نجح غازي الصوراني وعبر دراساته المتسلسلة ان يخرج من بوتقة القوالب النظرية الجاهزة والتبعية للمركز ابان حقبة الاتحاد السوفيتي والتي ميزت الأحزاب الشيوعية العربية وصاغ في تحليله العميق لتطور المجتمع الفلسطيني والقضية الفلسطينية رؤيه واقعية تجلت بقناعته بضرورة تطويع النظرية لفهم الواقع الفلسطيني والعربي وليس إسقاط النظرية على الواقع من جهة وان الصراع الفلسطيني الصهيوني والعربي والعربي الصهيوني تربطه علاقة جدلية غير قابلة للانفكاك لأن العدو الصهيوني يستهدف تدمير مقدرات هذه الأمة وليس فلسطين وحسب وهذا ظهر جليا في المحاولات والمشاريع العديدة للتطبيع بين الكيان الصهيوني والأنظمة العربية ولعل كتابه الاخير حول الصراع مع الكيان الصهيوني وصعود الغاشية القومية والدينية داخل الكيان كشف بكل وضوح عمق وفهم الصوراني لطبيعة الصراع العربي الصهيوني وضرورة امتلاك الأدوات النضالية الضرورية لتحرير فلسطين من الكيان الاحلالي العنصري وإن فلسطين وحركتها الثورية هي بوصلة النضال العالمي وان لهذا الصراع مميزاته وخصوصيته والتي تفرض شكل النضال ضد المحتل وهذا بالضبط ما دفعني للقول ان الصوراني كسا النظرية الثورية ثوبا عربيا مسجلا بذلك موقعا هاما بين تجارب الشعوب العالمية. لقد وجه الصوراني وعبر كتاباته المتعددة الأنظار إلى ماهية الازمة التي يعيشها اليسار العربي ودعا إلى ضرورة إعادة صياغة مفهوم ورؤية خاصة لكافة أحزاب هذا اليسار مستندة ومستلهمة تجارب الشعوب المناضلة واعادة دراسة واقع الأمة العربية وازماتها والخروج بصغية نضالية ثورية تلامس واقعنا العربي واعادة استنهاص قوى التحرر العربي ضمن أسس ومعايير تتوائم مع حجم التحديات التي نواجهها واعادة بناء منظومة علاقات جديدة تضع هذه الأمة ضمن المنظومة العالمية التي تجهز لها الحرب الروسية الاوكرانيه والتي تدفع العالم نحو إعادة الاصطفاف من جديد عبر القطبية المتعددة. أخيراً أود التأكيد على ضرورة دراسة ما انجزه الصوراني عبر تاريخ طويل من النضال والبحث لتكون إضاءة هامة في امتلاك الوعي النظري لما يدور حولنا وسأرفق ملحقا لانجازاته البحثية في نهايه المقالة. 

انشر المقال على: