الشهيد غسان كنفاني في ذكراه الحادية والاربعين. كان غسان مثالا للمثقف العضوي الحداثي والعقلاني التنويري والوطني والقومي الماركسي في آن واحد ، لكنه لم يكن صاحب رؤية أحادية معرفية يقينية ، قومية أو ماركسية يلتزم بجمود نصوصها بقدر ما كان مبدعاً في أدبه الثوري عبر تأويله للنصوص وتفسيره لها بما يقترب أو يتناسب أو يتطابق مع الواقع المعاش، فلم يكن ناطقاً باسم النص بل كان ثورياً يسعى إلى تغيير الواقع عبر وعيه له واستخدامه للمنهج المادي الجدلي في اكتشافه من جهة وعبر قناعته الموضوعية الثورية بمبادئ وأهداف الجبهة الشعبية من جهة ثانية. هكذا أدرك غسانً أن مهمة المثقف هي ممارسة النقد الجذري لما هو كائن التزاماً بما ينبغي أن يكون عبر وظيفته النقدية بالمعنى الموضوعي ، وهي تتناقض كلياً مع وظيفة التبرير ،او النفاق الانتهازي والشللي أو الاعتراف بالأمر الواقع ، هنا يتداخل عضويا مفهوم المثقف مع مفهوم الطليعة بالمعنى المعرفي والسياسي التي ترى الالتزام بأهداف النضال الوطني ضمن الإطار القومي تجسيداً لرؤيتها .