السبت 18-01-2025

الرواية الإسرائيلية لتهريب متفجرات «سي 4» من الغجر إلى الناصرة

×

رسالة الخطأ

حلمي الاسمر

سمحت المحكمة المركزية الإسرائيلية في مدينة الناصرة أمس، بكشف النقاب عن اعتقال 13 من المواطنين العرب في إسرائيل، بتهمة التواصل مع «حزب الله» والانتظام لتنفيذ عمليات.
وجرى الإعلان عن ضبط ما لا يقل عن 21 كيلوغراما من مادة «سي 4» المتفجرة، فضلا عن صواعق تفجير وأسلحة ومخدرات. وأشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن هذا الاعتقال يكشف العلاقة بين النشاطين «الجنائي والإرهابي» لارتباط تهريب الأسلحة بتهريب المخدرات.
وتم تقديم لوائح اتهام ضد عشرة من المتهمين، أبرزهم عبد الباسط الزعبي من الناصرة، الذي اتهم «بالإرهاب» في حين وجهت للباقين تهم جنائية بتهريب أسلحة ومخدرات.
وتشتبه أجهزة الأمن الإسرائيلية في أن «حزب الله» قام بتهريب المتفجرات في إطار جهوده لتنفيذ عملية واسعة، أو عدة عمليات، داخل إسرائيل، ولذلك كان يبحث عمن يتعاون معه هناك. وقال مسؤول في «الشاباك»، للقناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي، إن «التقديرات هي أن هذه تحضيرات لمرحلة يتم فيها إدخال أو تجنيد أشخاص ينفذون عمليات في إسرائيل. وكما يبدو هذه لم تكن خلية جاهزة للعمل. وكان يفترض أن تكون تهيئة لموجة عمليات قاسية ضد إسرائيل، الأمر الذي يعبر عن تطور جوهري في حزب الله».
وشدد هذا المسؤول على أن «هذا طرف جبل الجليد في النشاط. وهو ما يفسر كلام (الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله، قبل أسبوع، بأن رجاله يصلون الليل بالنهار لضرب إسرائيل. والأمر يتعلق بعملية مركبة تقدر تكلفتها بمئات آلاف الدولارات. وحزب الله يعتقد أنه عبر تجار المخدرات سيبعدون عن أنفسهم الشبهات. إن حزب الله يستخدم هؤلاء أيضا لجمع معلومات استخبارية، وهم يشكلون ذراعا تنفيذيا للتنظيم».
وشدد المسؤول في «الشاباك» على أن خلف محاولة «حزب الله» نقل مركز عملياته إلى خارج لبنان تقف المشكلة التي يواجهها الحزب جراء الوضع في سوريا. وقال إن الحزب يحاول تنفيذ عمليات في إسرائيل، وهو يحاول في غزة توفير الدعم اللوجستي والمالي لعدد من الخلايا ويوفر لهم الأسلحة. وفي الضفة الغربية يحاول تجنيد طلاب يخرجون للدراسة في الخارج للعمل لمصلحته، كما أنه يبني في سيناء بنية تحتية «إرهابية» لا تحمل بصماته، وهو ينجح في ذلك. وأضاف إن «هذا سير على حبل دقيق من أجل عدم التورط ثانية».
وأشارت الصحف الإسرائيلية إلى أن التحقيقات بدأت مطلع تموز الماضي، إثر وصول معلومات لمسؤول استخبارات الشرطة على الحدود مع لبنان بشأن تهريب محتمل لكمية كبيرة من المتفجرات. وبالتعاون بين الشرطة الإسرائيلية وجهاز «الشاباك» تم اكتشاف أنه عبر ثغرة في قرية الغجر تم في الخامس من حزيران الماضي تهريب 24 قالب متفجر، مع أجهزة تفجير متطورة.
وكتبت «يديعوت احرونوت»، على موقعها الإلكتروني، أن التحقيق قاد إلى خليتين منفصلتين، إحداهما في قرية الغجر ومهمتها تهريب المتفجرات، والثانية من مدينة الناصرة يفترض أن تستلم المتفجرات وتخفيها وتسلمها إلى خلايا وصفتها بالإرهابية. وهناك معتقل من قرية أبطين في الجليل. وأفادت الشرطة الإسرائيلية أنه عند ضبط المتفجرات في بيت عبد الباسط الزعبي في الناصرة تبين أنها جاهزة للتفجير، وأن جزءاً منها جاهز للتفجير الفوري. وإلى جانب المتفجرات تم ضبط رشاش من طراز «إم 16» كان قد سرق من ضابط برتبة مقدم في الجيش الإسرائيلي ورشاش «ماغ». وكان لافت للانتباه تأكيد جهاز «الشاباك» الإسرائيلي بأن غالبية الضالعين في عملية التهريب لم يكونوا على علم بأمر المتفجرات، وأن الزعبي كان من اكتشف ذلك، ولم يحتج أمام نظيره اللبناني.
واتهم ضابط في الشرطة الإسرائيلية شخصا يدعى جورج نمر، قال إنه تاجر مخدرات لبناني ووصفه بأنه من رجال «حزب الله» ويلقب بأبو علي، بجلب المتفجرات للمهربين. وقال إن أبو علي يعمل مع شخص يدعى سعد كمهز، الذي فر إلى لبنان بعد اتهامه بأعمال أمنية وتجارة مخدرات. وأضاف أن اللبنانيين اتصلوا بشهيد إبراهيم، من قرية الغجر، الذي أرسل صبيا استلم المتفجرات، قبل أن يسلمها لنواف خطيب من الغجر الذي أرسلها عبر موسى الخطيب إلى كفر كنا ليسلمها إلى عبد الله الزعبي وعرفات بيومي.
ووصلت المتفجرات بعدها إلى عبد الباسط الزعبي الذي تتهمه السلطات الإسرائيلية بترؤس الخلية. وبعد ذلك تم إرسال بطاقة هاتف خلوي إسرائيلية وأموال إلى أحد رجال «حزب الله» في الأردن بواسطة فالح زعرور لتمكين أبو علي نمر من التحادث مع عبد الباسط الزعبي بشكل آمن.
وفيما أشار التلفزيون الإسرائيلي إلى أن التحقيقات توقفت عند عبد الباسط الزعبي، ولم تفلح السلطات في معرفة من كان سيأتي لأخذ المتفجرات، ذكرت «يديعوت» أن شخصا غير معروف كان سيصل إلى عند عبد الباسط لأخذ المتفجرات، مستخدما كلمة سر ووسيلة تعريف. وأشير إلى أنه تم إرسال أكثر من 140 ألف شيكل إلى لبنان ثمنا للمواد المتفجرة. وإذا صحت المعطيات الأخيرة هذه فقد تكون المتفجرات موجهة لأغراض ليست بالضرورة أمنية. وهذا ما أجبر قائدا في الشرطة الإسرائيلية للتأكيد بأن تجار المخدرات هرّبوا متفجرات ولكن وجد لديهم سلاح «قد لا يكون معدا بالضرورة لأغراض إرهابية».
ومع ذلك فإن التركيز على البعد الأمني في هذا الكشف يثير اهتماما أكبر في وسائل الإعلام. ولهذا ركّز ضباط إسرائيليون على أن اكتشاف العبوات حال دون وقوع عمليات ضد إسرائيليين. وقالوا إن «حزب الله» في العام الأخير يعمل بحافزية عالية لضرب إسرائيليين ويهود، وهو يجمع معلومات استخباراتية بهدف تنفيذ عملية بحجم كبير. أما في «الشاباك» فركزوا على أن هذه القضية تكشف العلاقة الوثيقة بين «حزب الله» وتجار المخدرات اللبنانيين الذين يشكلون ذراعا تنفيذية له. وأضاف أحدهم أنه «عمليا لا يهرّب غرام واحد من الحشيش إلى إسرائيل من دون إذن حزب الله، الذي تحول فعليا إلى منظمة إجرامية»، معتبرا أن «هذه العملية كانت بدفع من أعلى القيادات في حزب الله. وحزب الله يريد إلقاء زبالته في باحته الخلفية، التي هي في هذه الحالة إسرائيل».
وفي كل حال، فإن لائحة الاتهام الأشد وجهت ضد عبد الباسط الزعبي، واحتوت على اتهامات له بمساعدة العدو في زمن الحرب، والاتصال بعميل أجنبي، وحمل ونقل سلاح، وحيازة سلاح والتآمر لارتكاب جريمة، ومحاولة استيراد مخدرات والمتاجرة بها. ومددت المحكمة اعتقال الزعبي، البالغ من العمر 34 عاما، وكذلك الحال مع المعتقلين الاثني عشر الآخرين، ولكن بتهم جنائية. والمعتقلون هم ستة من الغجر وستة من الناصرة وواحد من قرية إبطن.
ورفض أهالي قرية الغجر الاتهامات لأبنائهم. وقال أبرز المعتقلين من الغجر نواف خطيب، عند دخوله المحكمة، أن «الشاباك» لفّق له ولرفاقه التهمة.

انشر المقال على: