تجدر الإشارة أن الشهيد القائد المناضل والمربي والمؤسس أحمد حسين اليماني (أبو ماهر) من مواليد سحماتا عام 1924(قضاء عكا-لواء الجليل)عاش طفولة فلاحيه في كنف والديه كما يقول في مذكراته، وأكمل دراسته الابتدائية في ترشيحا، وعندما كان طفلاُ لا يتجاوز السادسة من العمر خرج لأول مرة من قريته برفقة والده،من عكا وكان مندهشاً للغاية في حضور عرس الاحتفال بالشهداء الأبطال الثلاثة،شهداء ثورة البراق (فؤاد حجازي،محمد جمجوم،وعطا الزير)وكانت سلطات الانتداب البريطاني قد حددت ذاك اليوم 17/6/1930موعداً لإعدام الشهداء الثلاثة، والذين يشكلون طليعة شهداء فلسطين آنذاك،استفاق وعي الطفل أحمد اليماني على منظر الإعدامات وأجساد الشهداء المعلقة على أعواد المشانق في باحة سجن عكا المركزي،وتأثر أيما تأثر،وبقيت هذه الصورة راسخة في مخيلته لا ينساها.
وبعد أن أصبح شاباً تنقل في دراسته الثانوية من صفد الى عكا ثم الى الكلية العربية في القدس. اختار العمل الوظيفي الرسمي فعمل في دائرة الزراعة الحكومية-عكا-ودائرة الأشغال العامة في حيفا، وخلال عمله النقابي، أصبح أمين سر النقابة المركزية لعمال وموظفي دائرة الأشغال العامة، ومنظم نقابات في جمعية العمال في يافا"مجلس النقابات"وأصبح أمين سر اللجنة المركزية في لواء الجليل حتى النكبة عام 1948.
وبعد أن تجرع مرارة النكبة استقر أبو ماهر اليماني مع أسرته في لبنان وعمل مديراً لمدرسة الأونروا،في مخيم برج البراجنة،وناظراً لثانوية خالد بن الوليد-بيروت ومدرساً في كلية التربية والتعليم-طرابلس لبنان ومديراً لمدرسة الأونروا في عين الحلوة-صيدا-لبنان-وكان أحد مؤسسي الأندية الثقافية في مخيمات لبنان، أما في الميدان النضالي العسكري،كان أحد مؤسسي المنظمة العسكرية لتحرير فلسطين،عام 1949، وأحد مؤسسي اللجان الشعبية في المخيمات الفلسطينية ولبنان،وأمين سر رابطة المعلمين الفلسطينيين(لبنان)وكان مشرفاً على رابطة الطلاب الفلسطينيين في لبنان ومؤسس وأمين سر اتحاد عمال فلسطين ومندوب الاتحاد العام لعمال فلسطين في الأمانة العامة للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب.
وكما هو معروف فإن (أبو ماهر) اليماني تقلد في مسيرته النضالية مراكز ومهام نضالية عديدة في مراحل المقاومة والنهوض الثوري،فكان أحد مؤسسي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي كان أمينها العام الدكتور جورج حبش، تعرف ابو ماهر الى وديع حداد عام 1951في بعلبك. زار وديع حداد مع وفد من الجامعة الاميركية في بيروت المدرسة الفلسطينية التي كان احمد اليماني يعمل مديراً لها. دعاه حداد الى ندوة ثقافية في بيروت. هناك تعرف الى جورج حبش للمرة الاولى. بعد عام من تعارفهما، فاتحه وديع حداد للمرة الاولى بأمر إنشاء حركة القوميين العرب. عام 1959 التقى ابو ماهر اليماني مع وفد من الحركة بالزعيم العربي جمال عبد الناصر في دمشق طالبه بتدريب الفلسطينيين وتسلحيهم لخوض معركة التحرير. صافحه عبد الناصر في نهاية اللقاء قائلاً له (الشعوب لم تهزم يوماً).
يكلف وديع حداد ابو ماهر مساعدته في تشكيل خلايا للمقاومة داخل فلسطين. مهمته كانت اختيار العناصر وتحديد أماكن حفظ السلاح. لقاؤه الأول مع ياسر عرفات كان عام 1965. التقاه في منزل أحد الأصدقاء ببيروت، كان ابو عمار متنكراً ورفض الإفصاح عن هويته الحقيقية. كانت ترتسم في مخيلة أبو ماهر الأوصاف التي نقلها احد القيادات الفلسطينية من داخل الضفة الغربية عن شخصية عرفات. واجهه بحقيقة هويته لكنه تمسك بالإنكار. اتفقا على تنفيذ مهمة مشتركة داخل فلسطين بين حركة فتح وحركة القوميين العرب.
أبو ماهر كان أحد مؤسسي "إقليم فلسطين" في حركة القوميين العرب، وهذا الإقليم هو الذي تحول في نهاية عام 1967 الى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وفي الجبهة الشعبية كان أبو ماهر أحد صانعي مجد هذه المنظمة التي قدمت آلاف الشهداء والجرحى والأسرى وكان ممثل الجبهة شبه الدائم في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية
ولقد رحل المناضل بعد معاناة طويلة مع المرض ظهر الثلاثاء 29 محرم 1432هـ، الموافق 4-1-2011م, بعد مسيرة طويلة قضاها مناضلاً عنيداً في الدفاع عن فلسطين وحقوق شعبها. وهو أحد أبرز القادة الفلسطينيين وهو من مؤسسسي "حركة القوميين العرب" و"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين".وبوفاة المناضل أبو ماهر اليماني يفقد شعبنا الفلسطيني رمزاً نضالياً لطالما دافع عن فلسطين وحق شعبها في التحرير والعودة، وظلّ متمسّكاً بالثوابت الوطنية وبخيار المقاومة كطريق لتحرير فلسطين، كل فلسطين.
وقد نعت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وأمينها العام الأسير أحمد سعدات القائد الفلسطيني وأحد مؤسسيها أحمد حسين اليماني “أبو ماهر”، الذي أمضى ستة عقود متواصلة في الكفاح من أجل تحرير فلسطين والوحدة العربية.
وقالت في بيان النعي: إن “الجبهة والثورة الفلسطينية والشعب بأسره والأمة العربية وأحرار العالم فقدت رجلاً مناضلاً فذًا وقائدًا متواضعًا أفنى عمره وحتى آخر لحظة من حياته في خدمة قضية شعبه وأمته العربية”.
وأوضحت أن المخيمات الفلسطينية في كل المواقع والأماكن عرفت اليماني مناضلاً صلبًا وقائدًا وحدويًا آمن بالوحدة الوطنية والوحدة العربية الشاملة طريقًا لتحرير كل ذرة من تراب فلسطين.
وعاهدت الجبهة القائد اليماني على الاستمرار في الكفاح والمقاومة ومواصلة السير على نهجه وطريقه ومبادئه لتحقيق كامل أهداف الشعب الفلسطيني والأمة العربية.