![](https://wbpalestine.com/sites/default/files/styles/article_image/public/mhfwz20jbr1_13.jpg?itok=QGRy-M08)
التطبيع العربي والمقاطعة الأجنبية محمد محفوظ جابر في نفس الوقت الذي تجري فيه مقاطعة أوروبية وأمريكية للكيان الصهيوني يجري سباق عربي واسلامي في التطبيع معه ، بعد أن حافظت الدول العربية على المقاطعة حتى التوقيع على اتفاقية كامب ديفيد حيث خرجت أول دولة عربية عن قرارات جامعة الدول العربية وفتحت مصر حدودها وأسواقها لتمرير واستقبال الانتاج الصهيوني فيها . ولم يتوقف التطبيع عند حدود مصر بل انتشر في أنحاء الوطن العربي بكافة أشكاله السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية ، بل وصلت الوقاحة إلى درجة الاعلان رسمياً أن هذا المنتج أو ذاك " صنع في اسرائيل " وحتى المطبعون لم يعودوا يخجلون عن إبداء رأيهم المؤيد للتطبيع . وتقوم أنظمة عربية والسلطة الفلسطينية أيضاً بمحاكمة ناشطي مقاومة التطبيع وكان آخرها قيام سلطة رام الله بتحويل أربعة شبان فلسطينيين من نشطاء حركة " مقاطعة اسرائيل " إلى المحكمة بسبب محاولتهم افشال عرض لفرقة رقص هندية قدمت عرضاً في تل أبيب قبل أيام من ذلك . علماً بأن المقاطعة الشعبية الفلسطينية كانت قد بدأت منذ أوائل القرن العشرين وذلك مع بداية حركة الاستيطان الصهيوني في فلسطين وإنشاء صناعات صهيونية فيها . أما عربياً فقد كانت جامعة الدول العربية قد أصدرت قراراً في 2/12/ 1945 يقضي "باعتبار المنتجات والمصنوعات اليهودية في فلسطين غير مرغوب فيها في البلاد العربية وأن إباحة دخولها للبلاد العربية يؤدي إلى تحقيق الأغراض السياسية الصهيونية " ثم أصدر مجلس الجامعة قرار رقم 849 بتاريخ 11/ 12 / 1954 عرف بالقانون الموحد لمقاطعة "اسرائيل " وقام المجلس بوضع الشركات التي تتعامل مع "اسرائيل " في قوائم سوداء يحظر التعامل معها. ولكن هذه القرارات تداعت بعقد اتفاقيات ومعاهدات السلام العربية . إن أسباب المقاطعة العربية لم تنته فأهداف المشروع الصهيوني ما زالت قائمة وتهدد الوطن العربي ، فلماذا تحفر الأنظمة العربية قبرها بنفسها لتقوم الصهيونية بدفنها ؟ مهما كانت الضغوط التي تمارس على هذه الأنظمة فإن هناك فرصة دولية عليها الاستفادة منها . تعيش "اسرائيل " الآن حالة رعب شديد من تنامي المقاطعة العالمية لها خاصة منتجات المستوطنات ،يقول أندرسون من الاتحاد الأوروبي : لن نشتري بضائع المستوطنات وهذا قرار دخل حيز التنفيذ منذ بداية العام ولا تراجع عنه . بينما تقدمت شركة في دبي بطلب لعرض مجسم عملاق فيما يسمى " حديقة الاستقلال " وهو مشروع استيطاني ، علماً بأن مالك الشركة هو رجل أعمال لبناني . وبينما يتظاهر المتضامنين الأجانب أمام متاجر الصهيوني " رامي ليفي " مطالبين بمقاطعة متاجره في المستوطنات يتسابق العرب للشراء منها . وفي الوقت الذي تعلو فيه الأصوات العالمية حول انكار " المحرقة " يقوم الدكتور الفلسطيني محمد سليمان الدجاني الداودي وهو بروفيسور في جامعة القدس بتنظيم رحلة تضم 30 طالباً من طلابه إلى " معسكر أوشوفيتس" الألماني المرتبط اسمه بما يدعى " المحرقة " بمناسبة ذكراها وهي أول مرة يقوم بها عربي ويتناسى ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من تهجير وإباده . إن المقاطعة الأوروبية للمنتجات الصهيونية في المستوطنات قد أثرت على الاقتصاد الصهيوني سلباً فقد تراجعت المنتجات الزراعية من خضراوات وفواكه بنسبة 50 ٪ ولذلك تم اغراق الأسواق العربية بتلك الفواكه والخضار وبأسعار زهيدة ضاربت المنتجات العربية المحلية . وبينما أعلن المغني النرويجي المشهور مودي عن إلغاء حفلته المقررة في تل أبيب التزاماً بالنداء الفلسطيني للمقاطعة الأكاديمية والثقافية " لإسرائيل " وكما غيره من الفنانين الأوروبيين نجد فرقة فنية أردنية تخترق المقاطعة وتذهب لإقامة الحفلات الفنية في الكيان الصهيوني . أما أكاديمياً فقد أعلنت مؤسسات ونقابات أكاديمية أوروبية وأميركية مقاطعتها للمؤسسات الأكاديمية الاسرائيلية وفي نفس الوقت يجري التنسيق بين جامعات أردنية وجامعات اسرائيلية في البحث العلمي ، ويشارك أكاديميين وسياسيين وصحافيين في مؤتمر لدعم وجود" اسرائيل " نظمته مؤسسة واشنطن واجهة اللوبي الصهيوني البحثية في أمريكا . وآخر ابتكارات التطبيع هو الفتاوى الدينية الاسلامية الصادرة عن شيوخ من الدول العربية والاسلامية اجتمعوا في مؤتمر " الطريق إلى القدس " في عمان بالأردن ، وقد أفتوا بزيارة القدس تحت الاحتلال لانعاش السياحة إلى القدس التي يذهب 80٪ من مردودها إلى الكيان الصهيوني وذلك لانقاذ الاقتصاد الصهيوني الذي تأثر بالمقاطعة الدولية . إننا حقاً نحفر قبرنا بأيدينا .