الجمعة 31-01-2025

الاتفاق الأمريكي الأوروبي مع إيران وأثره على الكيان الصهيوني

×

رسالة الخطأ

محمد محفوظ جابر

الاتفاق الأمريكي الأوروبي مع إيران وأثره على الكيان الصهيوني
محمد محفوظ جابر
لا شك أن الاتفاق مع إيران في جنيف سوف يؤدي إلى تطورات إيجابية في أفغانستان والعراق وسوريا وهي المناطق الأكثر سخونة في المنطقة والأكثر تأثيراً سلبياً على خزينة الولايات المتحدة الأمريكية التي أنفقت وما زالت تنفق مليارات الدولارات في الحروب الدائرة فيها.
ولكن الكيان الصهيوني الذي جن جنونه من هذه الاتفاقية لا يريد أن يرفع الحصار عن إيران ولا يريد للحروب في أفغانستان والعراق وسوريا أن تتوقف لأنه يخشى أن توجه البندقية العربية إلى جيشه الاحتلالي لأن الاستقرار في هذه الدول سيؤدي إلى ازدهارها وازدهار حركة المقاومة ضد الكيان الصهيوني.
كما أن هذا الاتفاق تخرج منه إيران منتصرة وتشكل قوة رادعة نووية في مواجهة الكيان الصهيوني وبالتالي تحدث خللا استراتيجيا في ميزان القوى في المنطقة التي كان فيها الكيان الصهيوني طوال الوقت يميل الميزان لصالحه ويملك قوة ارهابية تبطش أينما يريد وكما يريد دون رادع له . أي أن الكيان الصهيوني قد خسر موقعه الاستراتيجي كقوة رادعة وحيدة في المنطقة.
والسؤال الذي يفرض نفسه هو لماذا كان الخيار الأمريكي توقيع الاتفاقية رغم أن الكيان الصهيوني حليف استراتيجي له ؟
اكد التقرير الصادر عن مؤتمر هرتسيليا لهذا العام ان المشاركين في المؤتمر توصلوا الى نتيجة مفادها ان اهتمام الولايات المتحدة بالشرق الاوسط بدأ يتقلص ،فهي منشغلة بأزمتها الداخلية ووجهتها الاستراتيجية تتجه نحو شرق آسيا واوروبا وبكلمات اخرى اوضح ان الشرق الاوسط لم يعد في الاهتمام الامريكي،فالتهديد الاكبر هو الصين وكوريا الشمالية، وان جميع الجهود الاستراتيجية العسكرية والسياسية في طريقها الى الانتقال نحو الشرق الاقصى. إذن أولوية الولايات المتحدة الأمريكية الآن هي تهدئة المنطقة العربية والإسلامية لأنها تستنزف أموالاً باهظة من خزينة الدولة التي أصبحت منهكة بسبب الحروب في هذه المنطقة والتي خلقت لها أزمة مالية خانقة تكاد تودي بالإدارة الأمريكية التي وصلت في قناعتها أن الحرب في هذه المنطقة يجب اخمادها وأن عليها أن تلتفت إلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية داخلها حتى لا ينتقل ” الربيع الأمريكي ” إلى داخلها.
إذن فمصلحة الولايات المتحدة الأمريكية تتطلب التأقلم مع وجود القوة الإيرانية في المنطقة وهذا يتعارض مع المصالح الاسرائيلية التي ترى في الاتفاقية تمكين للقوة الإيرانية التي تهددها في وجودها . لكن ذلك لن يلغي العلاقة الاستراتيجية الأمريكية مع الكيان الصهيوني بل قد يكون ارضائها سيتم على حساب القضية الفلسطينية حيث تجري المفاوضات بين السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني بإشراف أمريكي ومن يتابع سيلاحظ ان الضغط يجري على الطرف الفلسطيني فقط.
لكن المناكفات التي يمارسها قادة الكيان الصهيوني قد وترت العلاقات مع الولايات المتحدة فخرجت أصوات تطالب بالكف عن دبلوماسية الصوت العالي والانتقادات العلنية لإدارة أوباما حتى لا تصبح ” اسرائيل ” منبوذة دبلوماسياً خاصة وأن الاتفاق يضعها على مسار تصادمي مع فرنسا وألمانيا وبريطانيا والصين وروسيا لأنها جميعاً وافقت على الاتفاقية ولم تبد أي اهتمام بالمصلحة الاسرائيلية ورغم الضغوط التي مارستها عليهم بعدم التوقيع.
بل برزت أصوات أيضاً ترى أن العلاقة مع أمريكا قد ضعفت وأن الدول الأوروبية تقاطعها اقتصادياً وأكاديمياً وبالتالي على ” اسرائيل ” أن تبحث عن بدائل في مناطق أخرى مثل آسيا وعليها أن لا تضع ” البيض الدبلوماسي ” في السلة الأمريكية وحدها.
وقد رأت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن اتفاق جنيف أدى إلى انقسام في الشارع الاسرائيلي بين مؤيد ومعارض للاتفاق ، فبعضهم زادت ثقته بالولايات المتحدة بعد تسوية أزمة الكيماوي في سوريا والاتفاق مع إيران بينما يعتبر آخرون أن سياسة أوباما فشلت في انهاء النزاع في سوريا.
والنقطة الهامة الأخرى في تأثير الاتفاق على الكيان الصهيوني هو التقاء مصالح السعودية مع مصالح هذا الكيان:
فالطرفان يخشيان تطور إيران النووي والطرفان يدعمان الارهاب ضد سوريا ويعملان على تدميرها والطرفان يشعران ان أمريكا تخلت عنهما جرياً وراء مصالحها الخاصة ولذلك ليس مستبعداً أن تتطور العلاقات بينهما خاصة الأمنية وقد تصل إلى مرحلة التطبيع في مجالات أخرى غيرها ، خاصة وأن السعودية هي صاحبة المبادرة العربية للتطبيع مع الكيان الصهيوني والتي طرحت عام 2002 بإسم جامعة الدول العربية.

انشر المقال على: