الأردن يرفض محاولات الابتزاز الإسرائيلية لإعادة طاقم السفارة
15 تشرين الثاني / نوفمبر 2017.
الغد
محمود الطراونة
عمان - في الوقت الذي تمارس فيه إسرائيل ضغوطا على الأردن، لإعادة فتح السفارة الإسرائيلية في عمان، يبقى الموقف الأردني أكثر صلابة إزاء اشتراطه ضرورة محاكمة قاتل الأردنيين واستبدال السفيرة عينات شلاين، وهو موقف يؤكد سياسيون انه "لا مساومة فيه بعد ان التزم الاردن المتصالح مع نفسه بالاتفاقيات الدولية المتعلقة بحرية تنقل الدبلوماسيين وسمح لطاقم السفارة بالمغادرة" بعد جريمة قتل مواطنين قبل ثلاثة أشهر.
في المقابل، تضغط إسرائيل عبر ورقة المشروع الحيوي "ناقل البحرين" بالتلويح بالانسحاب منه، ما يرد مصدر رسمي عليه بالتأكيد على أن الأردن يمكنه تنفيذ هذا المشروع منفردا. بينما اعتبر سياسيون لـ"الغد" أن هذه "مناورة اسرائيلية جاءت للضغط على الأردن للتراجع عن موقفه إزاء موضوع السفارة".
الموقف الرسمي الأردني بدا واضحا، حيث يؤكد مصدر رسمي مسؤول لـ"الغد" أن الاردن "ماض بالمشروع (ناقل البحرين) مع إسرائيل أو بدونها".
وأوضح المصدر ان الاردن "ماض بمشاريع المياه المبرمة مع اسرائيل، وتحديدا مشروع قناة البحرين الاحمر- الميت بوجود اسرائيل او بعدمه".
وأشار إلى أن إسرائيل "لا تزال تمارس ضغوطا عدة من اجل اعادة طاقم السفارة الاسرائيلية الى عمان"، لكنه اكد ان الاردن "ملتزم بالقانون الدولي والحصانات الديبلوماسيةن وهو يتوقع من اسرائيل ان تتخذ الخطوات القانونية المتبعة بين الدول في مثل هذه الحالات".
وقال المصدر ان اعادة فتح السفارة الاسرائيلية في عمان "مرتبط باتخاذ إسرائيل سلسلة من الخطوات، وأن موقف الاردن القانوني ثابت وقوي كما يحدث في مثل هذه الحالات".
وجدد التأكيد على أن الاردن "لن يتنازل عن حقه وحق أبنائه"، وعلى اسرائيل "محاكمة رجل الأمن الإسرائيلي واتخاذ الاجراءات القانونية بحقه".
وسبق ان اعلنت الحكومة ان اسرائيل مطالبة باحالة قاتل المواطنين الاردنيين في السفارة الإسرائيلية الى القضاء ومحاكمته عن جريمته، اضافة الى الاعتذار للاردن عن تلك الجريمة. فيما لم يعد خافيا اشتراط الأردن ايضا عدم عودة السفيرة الاسرائيلية الى عمان وضرورة استبدالها.
ونقلت الصحافة الاسرائيلية اخيرا انباء عن تهديدات اسرائيلية بوقف المشاريع المائية مع الأردن، ومن ضمنها تجميد مشروع قناة البحرين، الذي يعد مشروعا ثلاثيا مع اسرائيل والسلطة الفلسطينية.
وحسب موقع "24" الاسرائيلي الاخباري امس فان سلطات الاحتلال الاسرائيلي ابلغت الجانب الأردني بتجميدها لمشروع "قناة البحر الميت"، إلى حين إعادة فتح سفارتها المغلقة وعودة الدبلوماسيين الإسرائيليين إليها، الا ان الأردن رفض الطلب الاسرائيلي وظل متمسكا بموقفه بعدم إعادة فتح السفارة إلى حين محاكمة حارس السفارة الإسرائيلية.
وأوضح الموقع المذكور أن "إسرائيل تسعى من خلال هذه الخطوة، التي وصفتها وسائل الإعلام الإسرائيلية بالتهديد الاقتصادي، للضغط على الأردن، من أجل عدم ربط محاكمة الحارس بفتح السفارة"، موضحا أن "إسرائيل رفضت مؤخرا طلبا تقدّم به الأردن إليها لإصدار مناقصات للبدء بتنفيذ مشروع قناة البحر الميت".
في السياق ذاته، يؤكد وزير الداخلية الاسبق المهندس سمير الحباشنة لـ"الغد" انه "لا يجوز ان تتم ممارسة ضغط بجانب لتحقيق جانب اخر، اذ ان موضوع السفارة مختلف عن اتفاقية ناقل البحرين، فالاول يخص مجرم ارتكب جريمة وعلى اسرائيل الالتزام بمحاكمته، فيما التزم الاردن بالاعراف الديبلوماسية والاتفاقيات واعاد طاقم السفارة الى اسرائيل بما فيها المجرم".
اما فيما يتعلق بالاتفاقيات المائية -يقول الحباشنة- فالمشروع في الارض الاردنية ويمكن للاردن ان ينفذه بمفرده دون اللجوء الى اسرائيل. وتوقع ان تعمل اسرائيل على الضغط على الممولين والبنك الدولي "وهو اسلوب بائس يجب على الحكومة ان لا تلتفت الى هذا التهديد".
ولفت الى ان هذا مشروع "اردني قد يتباطؤ تنفيذه بسبب التمويل والضغط على الاردن، الا ان على الحكومة ان تتشبث بمحاكمة القاتل الاسرائيلي وبموقفها العادل ازاء هذه القضية".
فيما رأى وزير التخطيط الأسبق د. تيسير الصمادي لـ"الغد" أن فكرة الشراكة الأردنية الإسرائيلية بمشروع قناة البحرين كانت "أمر لا مفر منه"، إذا ما نظر إلى الهدف الذي تم التفكير به من هذه القناة. وأشار إلى أن كل الاتفاقيات والاجراءات تمت مع الجانب الاسرائيلي باعتباره دولة مشاطئة وهو أمر يصعب تنفيذه بدون دولة مشاطئة والأردن لعب دورا كبيرا مع السلطة الوطنية الفلسطينية لأهميته.
لكن الصمادي لفت إلى أنه "ليس من المستغرب" انسحاب اسرائيل من المشروع "فالاستثناء هو ان تلتزم اسرائيل بأي اتفاقية او مشروع". وقال "هذا إفلاس سياسي من قبل الجانب الاسرائيلي، ومحدودية في المناورة، وضرب من قبلها بالاتفاقيات عرض الحائط من خلال الضغوط هنا وهناك".
وأعرب الصمادي عن قناعته أن الأردن "لن يذعن للضغوطات، وسيبقى موقفه الرسمي ثابتا، بضرورة محاكمة قاتل الأردنيين".
من جهته قال وزير الشؤون السياسية السابق بسام حدادين لـ"الغد" ان الحكومة الاسرائيلية "في حرج كبير أمام المجتمع الدولي وحتى امام الاسرائيليين، بسبب موقفها من موضوع السفارة، ومن تبجح وعنجهية نتنياهو والتفاعل الاعلامي والسياسي الصبياني مع الموضوع".
ويرى حدادين ان اسرائيل "ستحاول ابتزاز الاردن في الملفات الجانبية، وبالتاكيد من ضمنها مشروع القناة ولكن هذا الابتزاز لن تتحمله اسرائيل لأن هناك أطرافا أخرى غير الأردن واسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية لن تسمح بذلك".
وعبر عن اعتقاده بان استمرار الموقف الاردني بهذه الصلابة "سيدفع الجانب الاسرائيلي للعمل على عدة تسويات ترضي الطرفين".
يذكر أن الأردن وإسرائيل وقعتا العام الماضي اتفاقا لتنفيذ المرحلة الأولى من مشروع قناة البحرين، وذلك بعدما أبرم ممثلون عن الأردن وإسرائيل والسلطة الفلسطينية، في كانون الأول (ديسمبر) من العام 2013، اتفاقا لتحسين تقاسم الموارد المائية، بعد 11 عاما من المفاوضات.
وينص الاتفاق على إقامة نظام للضخ في خليج العقبة في أقصى شمال البحر الأحمر لجمع حوالى 200 مليون متر مكعب من المياه سنويا، ونقلها إلى البحر الميت، وتحلية أجزاء أخرى من مياه البحر الأحمر وتوزيعها على الأطراف الثلاثة. وبحسب دراسة للبنك الدولي فإن كلفة المشروع الكلية ستقارب 1.1 مليار دولار.
وأعلنت الأردن، في 28 تشرين الثاني (نوفمبر)، أنها اختارت 5 ائتلافات عالمية لتنفيذ المرحلة الأولى من مشروع قناة البحرين. حيث تتضمن المرحلة الأولى بناء محطة تنقية وتحلية للمياه ونظاما لنقل المياه ومحطات ضخ وخطوط أنابيب ومحطات لتوليد الطاقة الكهربائية بقدرة 32 ميغاواط سنويا، على أن تبدأ الأعمال في الربع الأول من العام 2018 وتنتهي في نهاية العام 2020.