إعادة إعمار غزة كلمة حق يراد بها باطل محمد محفوظ جابر انعقد المؤتمر الدولي لإعادة إعمار غزة بعد أن جمع 55 دولة اعلنوا استعدادهم بالتبرع بمبلغ 5,4 مليار دولار أي أكثر من طلب السلطة الفلسطينية الذي بلغ 4 مليارات دولار تكلفة الاعمار . هذا الكرم الدولي " الحاتمي " لا يلزم أحدا بالوفاء بوعده فقد سبق أن دمرت غزة مرتين من قبل العدو الصهيوني ولم تقدم الدول المانحة إلا وعودا كاذبة , وكيف لا وهم شركاء في عملية التدمير وشركاء في الحصار ، وان قدموا سوف يقدمون الفتات التي لا تسد رمق جائع ولكنهم يبيعون الوهم لشعبنا الفلسطيني ويتآمرون عليه . كيف لا وهذا الشعب ليس له قيادة موحدة والصراع بين طرفيه حماس وفتح لا يتوقف وكيف يتوقف وليس هناك برنامج موحد تلتزم به جميع الأطراف . في ظل الانقسام والوفاق الشكلي الخالي من المضمون وعدم احترام جميع الأطراف المشاركة بدفع ضريبة الدم دفاعا عن قطاع غزة وحبات رمل شواطئه وقطرات مياه البحر فإن من الطبيعي أن لا يكترث العالم بالوفاء بوعوده لإعادة إعماره ، فما الذي يجبره على ذلك ؟ أن يكون القرار ليس بيد قيادة موحدة قادت الحرب الدفاعية عن الوطن وأن تتقاسم حماس وفتح القرار دون العودة إلى شركاء النضال ، هذا يبهت صورة القيادة الفلسطينية وهذا هو الذي دفع الدول المشاركة في المؤتمر أن لا تجرم الكيان الصهيوني الارهابي الذي يجب ان يتحمل المسؤولية الكاملة على ما دمره من بيوت ومستشفيات ومدارس وبنى تحتية ، وكان عليها ان تفرض على الكيان الصهيوني ان يدفع للمتضررين ثمن عمله الاجرامي كان الواجب ان يوضع حد لجرائم الحرب التي يرتكبها الكيان الصهيوني ،لا ان يستعطفوا رضاه بقبول تسوية تعترف بوجوده وتكرس احتلاله لأرض فلسطين . في هذا المؤتمرصدحت أبواق الاستسلام بالعودة إلى المفاوضات وإلى المبادرة العربية للتسوية وتم ربط المساعدات المالية بالعودة إلى التسوية ولذلك سيكون الدفع بالتقسيط المريح ويمتد لسنوات من أجل البحث عن مبرر لعدم الدفع أو وقفه إذا اقتضى الأمر ، والأهم من ذلك أن المؤتمر أكد على أن يمتنع الطرفان الاسرائيلي والفلسطيني عن أي أعمال أحادية الجانب من شأنها أن تقوض مفاوضات السلا م المقبلة . ألا يعني هذا أن أي طلقة تتجه إلى صوب الكيان الصهيوني ستكون سببا في تقويض مفاوضات السلام وبالتالي المطلوب هو " إسقاط البندقية المقاتلة " من أجل استمرار الدعم المالي لإعادة البناء هذه هي الخلاصة الحقيقية للمؤتمر سحب سلاح المقاومة . السؤال هو : هل تتنازل حماس عن إمارتها الإسلامية تحت شعار إعمار غزة " لتغليب الوطني على الذاتي " ؟ وفي النهاية سحب سلاح المقاومة . في تقديري أن حركة حماس منقسمة على نفسها أو بشكل أخف حدة داخلها تياران يتصارعان أحدهما يشكل تحالفه مع إيران أرضية له في الاستمرار بالمقاومة . أما التيار الثاني فهو مرتمي في أحضان قطر التي تبرعت بمليار دولار وهي أعلى مساهمة من الدول المانحة ، لتفرض شروطها في مؤتمر القاهرة . ولكن حتى الآن حماس لا تعط الانطباع بانها سوف تتخلى عن سلطتها في قطاع غزة. المكاتب الحكومية المدنية سوف يديرها اتباع محمود عباس، ولكن الشرطة المدنية لن تكون تحت سلطة وزارة الداخلية في رام الله. والجناح العسكري لحماس سيظل طليقا في غزة. وقوات أمن السلطة الفلسطينية ستكون مهمتها في المعابر الحدودية. نحن إذن أمام مشهد فلسطيني مخيف ونخشى منه على مستقبل القضية الفلسطينية ، خاصة إذا أصبحت غزة تحت يد سلطة عباس وليس سلطة موحدة تمثل كافة الأطراف المقاتلة .