مروان عبد العال: روائي وكاتب وفنان تشكيلي ومناضل سياسي فلسطيني- أصدر عدة روايات، منها: «سفر أيوب»(2002).. «زهرة الطين»(2006).. «حاسة هاربة» (2008).. "جفرا.... لغاية في نفسها" (2010).. " إيفان الفلسطيني" (2011) – وله عدة مقالات ونصوص سياسية وفكرية منشورة في مجلات عربية.
عُثر في جيب القتيل على دفتر جيب مدرسي بحجم الكف ، غلافه بلا لون لكنّه مخضّب بالدماء، يده اليسرى المثنية إلى أعلى الصدر تمسك قلماً، والأخرى تمتد تحت سترته بكفّ يدٍ مفتوحة الأصابع لتلامس التراب، يوحي شكلها كأنّما كانت تمسك ببندقية. تكوّمت حوله أعشاب خضراء تشوّهها بقع من دم ناشف وأغلفة فارغة من طلقات الرصاص، وبعض زهرات حمراء من البرقوق، تلازم حدود الجثة. القبر أيضا منضدة للكتابة، فيها أوراق بيضاء مطوية على خطوط سرية فيها أسماء وعناوين وتاريخ الالتحاق بالثورة، ولم ينس أن يدّون مكان وتاريخ الميلاد بالسنة والشهر واليوم والساعة.
أدركتُ يومها أنّ ثمة كلام لا يقرأ بالعيون أيضاً.
لم أدقّق باسم القتيل المستتر ،كل ما عرفته أن جنسيته عراقية، هارب من استبداد النظام ليقاتل مع الثورة في الجنوب ويستشهد في بيروت عشية أجتياحها عام 1982م وبرصاصات عاهرة أطلقها مخبر سري، بعد تعاون متخصص بين عدة اجهزة مخابرات عربية. انتحل إسماً حركياً، "الشنفرى". هنا يرقد أحد صعالكة العرب، ولا يدري به أحد، تحضنه جذور صنوبرة في مقبرة الشهداء على دوار شاتيلا . صحيح أني تعبت من السير في الجنائز، ومن زيارات الموتى في فجر العيد، لكني توقفت على محطة الموت السريع ، لقد طالت الحرب حتى صار الموت مملاً والزهور التي يتركها المشيعون على القبور، يكتفى بوضعها على نصب تذكاري إسمنتي، ثم تصير الباقات بلا رائحة والأكاليل الثمينة لا تهم القبر أو من دخل القبر بل هي لعبة رخيصة يتسلّى بها أطفال الحي. صرتُ أكره الزّهور التي تشبهها وتؤذيني رائحتها. كأنها تغتال حاسة الشم لدي.
ملامح القتيل يرتسم فيها أكثر من علامة إستفهام، الكل يبحث في هوية القتيل وعن اسمه الحقيقي ولا يجرؤ عن السؤال من يكون القاتل السري؟! من هذا الفارس الطريد القابع في حدود جسده؟ الوجه العابس والعيون الغاضبة، قال النص الآخر إنه أتهم مرة بافتعال صراع وهمي مع طبقات الريح وأنه تطاول على كذبة السلطان حين هزمته طواحين الهواء. كلما غرستُ فيه سهام الاسئلة ، شعرتُ بأنه انتفض من داخله وخلع لي جثته ومضى. يوم شقّت الروح ثوب الجسد، قال النص: إنه المقاتل الذي لا يُشق له غبار، يقطر بحبات الندى ووعد الثورات قبل أن يحين موسم الانتقام القبلي. عاقر تلك الصحراء بلا شهوة الربيع، مثلما يزهر دم النخيل، قال أنه الفدائي الأول، والقتيل يسخر مني و يدعوني أن لا أصدق، وإن أنتصر على نفسي اولا ، حتى أجد الجواب. لا كون يريد أن يعامَل كبطل ، تنتهي مفعولها عند انتهاء مراسم الجنازة ، وما حال الوطن الذي يكثر فيه الأبطال الحقيقيون وتقل فيه البطولة إن كانت الانتصارات الوهمية تعني أنه ليس الابطال كلهم حقيقة? الحقيقة التي بقيت في الذات تشير بأن القتيل هو أنا علماً ان شواهد القبور خطت عليها الأسماء الحركية لشاغليها ، وكلما اخبرتني الاعشاب البرية عن حكاية جديدة ، أرفع كفي للسماء، ينبت من بين أصابعي وجه الحبيبة، وصدى الشنفرى ينادي الحرية ليستر بانتقامه عورة الصحراء، بينما يتمرن على كتابة أسماء القتلة. يصنع السهام بيديه، ثم يضع دمغة سرية، تدل عليه وحده، القوس الذي يقف خلف كل سهم.
ثلاثة رجال راحلون في الخيال، قال النص أن الطفل المشاغب لم يفطن بأنه يلهو بلعبة " وقعت الحرب "، ويجري في خارطة صغيرة رسمها على الرمل. ما كان يدري أنه سيكون هو الحرب، تشتعل فيه وأنه سببها ونتائجها و سيكون طريد الخرائط الحقيقية. منذ ولد من رحم هضبة نائية، يرضع حليباً طازجاً من ضرع النوق، في أرض دافئة لكن بلا أحضان، أو ضفاف بلا أنهر أو ميناء بلا بحر. ابن للعدم في موسم الظمأ العظيم يوم تنحى المطر له من غمام السماء. بنادقهم في رأسه والطلقات تحفر طرقات المخيم والزقاق تقطعه روائح الجثث. كتب مطلع جملة ملتهبة قال معاتبا : " منذ زمن هرب البحر، مع أن مدينتي ما زالت مسّمرة على الشاطئ ".
ثمة علاقة مبهمة بين الحياة وأبنائها، علاقة عاطفية ملتبسة ما زال يكتنفها الحب... بين بقبقات البحر المالح وتلك الفقاعات التي تلد زبد الماء، كان أهل القرية، يرمون بفتات الخبز هناك، ظناً أنهم يُطعمون روح البحر، وأن البقبقة ليست سوى تمتمة صلاة ودعاء لهم. والنسوة يرمون صررا صغيرة مزركشة من خرق الملابس. الجبال توشوش البيادر بكل أسرار الليل الذي يفرّقنا ويجمعنا بلا موعد وبلا لقاء، أن هناك فتاة ترسل له باقة ورد ينبت بين كفيه وهتاف لوجه طفولي تزرع نظراتها الرقيقة كأنما تؤكد أنها تنتسب إليه.
لقد تسنّى للغيرة أن تنافس البرتقال إن كان يحمل اسم "يافا" ويحمل طعمها ونكهتها بل ويعرفها أكثر مني، الشنفرى ابنها المشرّد، ولكن لا يعرفها، أنا أنتمي إليها وهي لا تنتمي لي، أنا لها بكل حواسي ولكنها هي ليست لي . قالوا لي أنها تنام على وسادة البحر وقد تعودت رائحته وقلبها ينبض كل دقيقة على هدير الموج .
هكذا ملّ البحر الانتظار وقرر الفرار خلف القبيلة. حاجز عسكري شرس، يسألني إن كنت رأيت بحراً عابراً في الطريق، فأجبت بالنفي. زنّروا البلاد بالأشرطة الشائكة ، جيوش " بني الأوس " المستنفرة تعيش حالة مطاردة مزمنة لرائحة الطحالب، شاهدتهم يتدافعون بشهوة في سرداب ضيق، كبر الصبي والمنفى معاً، وكبر انتقام الشنفرى وهو يفتّش عن بحره بين الحصى وفي واحات الصحارى القاحلة، دائماً ظلت تخيفه تلك الخطوات الوحيدة على حافة الملح، أغار عليهم مرة فقتل الشخص السابع والتسعين منهم، ثم طارده فرسان القبيلة فهرب إلى الصحراء القاحلة، نبّه الصياد أن يمسك به ولا يخفي ذلك على الأسماك.
أين اختفى هذا البحر؟ تلاشى مثل بني " الأزد " في الرمال الزاحفة كموج البحر وهو يوزّع اللون الأزرق على ضفاف السماء، لم يعد الدخان الأبيض يتسلّق النهار، عبس الشنفرى وهو يرى قوس قزح ذارفاً دمعاته البلورية على أطيافه السبعة، تكدّس الملح بين جرح عتيق، سافر البحر ولم يترك سوى صدى موجة يتيمة، مع أن المدينة الفضيّة راسية في الميناء الذهبي. في المنام رأى الحوت يترك القمر. مستجيباً لإستغاثة الاطفال في ليلة خسوف، الحوت خدعته حواسه فترك القمر وشرب البحر.
أخبرني النّص أنه أتمّ زحفه المقدس في الملصقات المعلقة على جدار المخيم، ليصل إلى تلك الأشواك التي تغطي فوهة البئر متسللاً على جناح الظلام سقوطاً في جوف الليل، سوادٌ ليس فيه ضوء، أحرقه شوق غريب يشبه تنهيدة ثكلى، يوقظها الفجر في تلك الزاوية التي تسابق الشمس، لتأخذ دوراً في طابور عيادة الأطفال في وكالة الغوث، لأن في الطفل شقاوة تشبه نزعة عنفية ، قالت الغجرية أنه طفل منذور للهمجية قد يضبط ملتبساً بالإرهاب. فهو لا يحب الرجولة الهادئة، قد يقتله الضجر قبل أن يصير فدائياً يمزق قلبه بين أنياب الشوق الوحشية، يا حبذا لو ألبستوه خرزة زرقاء.
مدّ يده صوب النافذة كي يخترق الأحلام الدائرية التي تخنق ليله الطويل تحت سقف تنكي من صفائح " الزينكو " على قرع المطر، مد الشنفري يده السحرية، جاء من ليل موغل في القدم يعلمه حاسة الحذر. لقد شك أن يكون هناك كمين ينتظره، فصاح من باب الاحتياط: (من هناك ؟ ) فلم يخرج أحد. ثم اقترب من البئر أكثر فرمى سهماً على التل القريب منه فأصاب واحداً منهم فلم يصرخ حتى لا يلتهم شوقه السحري آخر كسرة من رغيف الليل.
ترك المخيم كل بصماته الموجعه في قاموس ذاكرته المحترقة، كلما احترق جدار يبني آخر وإن احترق الكتاب، يبدأ بكتاب جديد، يجول بين المدن، يحمل هوية جديدة، ويحلم بأن يعود حتى إلى بيتٍ ألفه. بيت لا يشبهه مكان إلا في حكاية شوق قديمة، يوم تسرد تراتيل الشتاء على مسامعه عن ظل خرّوبة في قريته الجليلية. نمت الحكاية في المخيلة صار لها أجنحة لتحلّق في فضاء المنفى وهو ما برح يتبع الظل، في حاسة مشتعلة بالشغف، حتى عثر السكارى على بقايا من قلب مترع بالشوق ومتلبساً بعشق القمر.
تجمّدت الكلمات في حلق ((الشنفرى)) من صوت السهم عندما وقع، أن هذا السهم لم يصب رملاً أو حجراً فرمى سهماً ثانياً في العتمة فقتل واحداً منهم، فأمسكوا الذي قتل حتى لا يقع على الأرض ويحدث صوتاً .. ثم اقترب (الشنفرى) الذي اشتد به العطش حتى وصل للبئر فلم يجد دلواً .. فنزل إلى داخل البئر متسلقاً على جدرانه .. عند ذلك هجموا عليه وضربه أحدهم بالسيف على يده فقطعها ووقع في البئر.. فأمسك ((الشنفرى)) يده المقطوعة وقذف بها ذلك الشخص على وجهه فوقع أيضاً في البئر، فقتله وصارعدد القتلى تسعةٍ وتسعين.
ويواصل النص في سرد حكاية الصبر والانتقام التاريخي، الذي قلب معادلة العبد والسيد. لقد تمكنوا أخيراً من أسره . ثم قاموا بقتله أمام كل الناس. ثم صلبوه وتركوه معلقاً مصلوباً لمدة سنتين ليكون عبرة لكل أعدائهم. لقد قاوم بالموت من أجل الحياة.
كانت عيناها ملتهبتين ووجهها مبتلاً بالدمع وقالت: لم آسف على شيء مثل أسفي على عدم قدرته على تنفيذ وعده لأبي بقتل مئة منهم قبل أن يقتلوه. فرأته في الليل المدينة، يصوب بندقيته خلف المتراس الرملي، عند شارع ضيق في أروقة المنام أقسم لها بوعد كنعاني عن حرب نارية طويل الأمد !
وبعد يومين سقط رأس ((الشنفرى)) من على جثته الآخذة في التحلل ، فنادى بعض الأطفال الشخص الذي قتله وقالوا لقد سقط رأس الجثة .. فجاء ليرى شامتاً متهكماً تلعلع ضحكتة الصفراء.. فرأى رأس ((الشنفرى)) على الأرض، لم يتمالك حقده، فرفسه برجله .. فدخلت عظمة من رأس ((الشنفرى)) في رجل الرجل، فورمت رجله كثيراً .. وبعد أيام انتشر الورم في كل جسمه فمات، فاكتمل العدد وصاروا مئة. ووفى ((الشنفرى)) الفرد، الفدائي حتى التطرف، بوعد الكبرياء القريب من الفكر المطلق.
قيل من خارج النص: كن وفياً للأسماء وللمعاني ، للحرية المكبوته في صدر هذا النجفي و للطريق الى وطن ينتظر، للأم تسعى لتحس أنينها بأم الروح، إن لم يعد في أم العين بصيص رؤيا. مفتاح البيت يتدلى مضيئاً من عنقها، لقد انطفأ النور فجأة يوم أغلقت نافذة المخيم. قالت لي أن الماء الزرقاء هي التي أعمتها. وأنا أشك في ذلك! لقد كانت البيوت تتمايل والنار تشتعل وهي تبحث عن سر في سرير عتيق. اليوم وجدت أحلامها تتسرّب تحت ذاك السرير حتى أصبحت عجوزا فاقدةً للبصر. يدلّ وجهها الشفاف أنه كان بلون البنفسج. صار أكثر نضرة حين أجبرت الشباب على أخذها إلى الحدود وإلى نقطة ما كانت ستصلها لولا مناسبة مسيرة العودة، وأشرقت ازهارها وهي تلحّ على الجموع لأخذها إلى قمة عند " مارون الراس" ، كي تطلّ على الوطن وهي تلتفت جنوباً وتصرخ أريد أن أراها؟ تعجّب أحدهم قائلاً: يا حاجة اليد قصيرة والعين غير بصيرة. كيف وبماذا سترينها ؟ كانت تتنفس الوطن بسعة رئتيها وتلتهم اللحظة بكل حواسها، وصاحت : فلسطين لا تُرى بالعين، بل ترى بالروح يا بني !
عشرات الصورلأشخاص توحي ملامحهم أنهم موتى ولكنهم في حالة أنتصار، الأبطال يعودون بأشكالهم الملونة الملصقة على الجدار، لكنها عيون ثاقبة النظر، حاسمة التحديق وهي تتربص بي وربما تنغرس في أعماقي. لم يقل لي الشنفرى إن كان يجيز للإنسان أن يغادر جسده برهة ؟ أن يعيد صياغة أسطورة حواسه الداخلية، يسرج قناديل الروح في عتمة أبدية، يتوغل في أخاديد ذاته البشرية ثم يعود كخرافة تاريخية ثانيةَ.
ماذا لو كان للشنفرى قدرة السفر عبر الحواس؟ كان سيأتي لزيارتي ويخترق لوحة الزمن ، لن يصدق القتيل بأن يكون الإنسان قادراً على " خلط الحواس" أن يحسّ اللون ويتذوّق الأحرف الأبجدية ويشتم رائحة الفراق، أو تتوالد حواس جديدة، كالإحساس بالحب والشعور بالضياع وترقب الخوف، انفصام الحس في أن تكون في الوطن وخارجه، الخروج من النفس كأنه في إجازة يراقب ذاته من بعيد، يجرب معنى الحواس الإيجابية والسلبية معاً وفي آن واحد، يراقب غروب الشمس، ويحس بالرّغبة وحذراً من نهاية الحلم أو بداية لم يحس بوجودها من قبل.
أن تصير السنوات كرة من ثلج، تذوب بين يديه، يلعب بها متى يشاء، يفعل فيها ما يشتهي وأينما يشتهي. وعد قطعه لرجل زوّجه ابنته البارعة الجمال، عندما عشق (الشنفرى) أشعل لهيب اللهفة للتمرد والثورة وعندما طلبها من أبيها جاء رد الأب: أنت في الأصل من قوم أعداء لنا، ويعتبرك قومي مجرد عبد في خيامهم ، أخاف أن يقتلني قومي، ان زوجتك ابنتي فأنت من أفضل الرجال.
أقسم ((الشنفرى)): إن قتلوك لأقتلن مئة واحد منهم . فقال الرجل: لقد زوجتك إياها وأمضيا سوياً إلى موطنك حيث قبيلتك الأصلية.
الشنفرى جملة إعتراضية في لجوء بين أنياب المسافات، أن يعود صعلوكاً يتسلق البدايات، شريداً يتيه في الغواية بمقدار الحياء المتاح. وأن يقترف مغامرة السقوط في قلب اللحظة الأجمل في حياته.
رضيعاً يتيماً في حضن الأرجوحة، تدور تحت فيء شجرة الزنزلخت تحبو حواسه في وهج النهار، يتدرب على أقانيم الكتابة بالطبشور الأبيض على اللوح الأسود للتاريخ، يشتم رائحة الألم ويشهد دبيب خطوات الموت عندما تكتمل دائرة الحياة، تتوقّف هنا لطفل استعارته القبيلة عبداً، لكنه قرّر أن يغادر الحياة حراً طليقا.
الجنة لكم وهي نهاية جميلة وممتعه لحياة شاقة. أو قل الموت لكن بنهاية سعيدة. الثورة تأبى أن يؤجل نصفها مثل تفاحة تتعفن أن شقت نصفين، ثورة حتى النهاية، هي جنة النفس التي ترضي ضميره، هي الكرامة التي تقف عندها كل الخطوط الملونة، يوم جاءه الخبر أن مئات الأشخاص الغاضبين من قبيلة الأواس قد اجتمعوا على أب عشيقته وقتلوه.
القصاصة التي في جيب القتيل، قرأها القلب بتصرف رغم أن الحروف لم تُكتب فوق الشفاه ، كان عليها اسمي الثلاثي وعنواني وتاريخ ميلادي وتاريخ الالتحاق بالثورة، ثلاثة في سيرة التيه العربي، أنا والفدائي والشنفرى، نسبح في خيال عكس الواقع، كل منا يرى نفسه أكثر جنوناً في اكتمال الدائرة الممنوعه والخطط المسربة والمضادة ومعها كل إحتمالات البطولة المتوقعة. قالت يده المتدلية من البئر ما أجمل الحرية. ذيّل صورته بالعبارة التالية: "كم يشبهك المخيّم فدائياً، يفرّط بالعشق ولو قليلاً، وبالانتظار والصّبر كثيراً، وما تطرّف في الغناء وأدمن القتال إلا كثيراً ". ظلّ يتأمل روح الحجارة البركانية التي لا تمتّ لجسد الصحراء بصلة. أنا الشخص القتيل، بالأسم الثلاثي! لا تصدروا قراراً بإقصائي قبل أن أجمع داخلي ابتسامات الشخص القادم وأستعيد حواسنا الخمسة.