تداعيات المصالحة التركية "الإسرائيلية"
لم تتضح تفاصيل التفاهمات الإسرائيلية التركية الكاملة بعد، وكل ما نشر عنها جاء بالأساس من الطرف الإسرائيلي، ويبدو أنه يحمل مكاسب مهمة للاحتلال، وفي مقدمتها وقف أي حملات أو خطوات قضائية ضد جنود الاحتلال وقادته العسكريين في المحاكم التركية من جهة، ووقف نشاط حركة "حماس" وإبعاد القيادي في الحركة صالح العاروري عن الأراضي التركية من جهة ثانية (حسب الزعم الإسرائيلي).
وفيما يبدو أن تركيا ماضية، على الأقل وفق تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في ملف المصالحة مع إسرائيل لجهة استعادة الدفء في العلاقات الدبلوماسية بين أنقرة وتل أبيب إلى سابق عهدها لما قبل عدوان الرصاص المصبوب عام 2006 على قطاع غزة، فإن ذلك سيعني بالضرورة ضربة للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وإنجازاتها في مواجهة عدوان الصيف الماضي. مع ذلك ينبغي الاستدراك والالتفات إلى ما ذكره الرئيس التركي نفسه، مطلع الأسبوع، بأن أحد الشروط التركية الثلاثة للمصالحة يتضمن إضافة إلى الاعتذار الرسمي الإسرائيلي عن جريمة السفينة مافي مرمرة ودفع التعويضات لأهالي الضحايا هو رفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة.
واضح أن تركيا تتحرك وفق منظومة مصالحها الإقليمية والدولية، وإن كانت هذه المصالح أو بعضها على الأقل جاءت متوافقة مع طروحات حزب العدالة والتنمية التركي لجهة دعم الرئيس الشرعي المنتخب في مصر، محمد مرسي، وحركة "حماس" في قطاع غزة وتعزيز اقتراب تركيا وانفتاحها على العالم العربي في العقد الأخير.
واليوم فإن الاعلان الإسرائيلي عن التفاهمات مع تركيا يطرح من جديد سؤالاً حول تداعيات هذه التفاهمات على القضية الفلسطينية، ومدى ارتباط هذه التفاهمات أيضاً بالمصالح التركية في أوروبا، وبنتائج الأزمة الروسية التركية وأثار هذه الأزمة على مصادر الغاز المستورد حالياً من روسيا والتوجه لاستبداله بالغاز الإسرائيلي.
وأخيراً هل يسدل تسخين العلاقات التركية – الإسرائيلية، مع ما تبديه تل أبيب من حفاوة لهذا التسخين، ستاراً على التوجه التركي على مدار العقد الأخير للعالم العربي، ويفتح مرحلة جديدة تتطلع فيها تركيا إلى الغرب مجدداً مع الإبقاء على الحد الأدنى من العلاقة مع المشرق العربي، وهل يرتبط هذا التحول ببحث تركيا عن حليف أو شريك إقليمي لمواجهة تعقيدات مرتقبة في الملف السوري؟