دينيس روس يقترح : إعادة إعمار غزة مقابل نزع سلاحها وانعاش الضفة اقتصاديا لقاء التخلي عن الانضمام للمنظمات الدولية
قال مبعوث السلام الأميركي الأسبق دينيس روس الذي قاد الوفد الأميركي المفاوض لمباحثات السلام الفلسطينية الإسرائيلية عبر ثلاث عقود في عهد ثلاث رؤساء أميركيين مختلفين والذي يعمل حاليا مستشار الدى "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" امس الخميس، "إن الوضع بالغ المأساوية في غزة يحتاج لمعالجة سريعة، ولا بد من حشد المساعدات على شاكلة خطة مارشال (الخطة الأميركية لمساعدة أوروبا، خاصة ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية) لغزة، ولكن يجب عدم الإفراج عن هذا الدعم إلا بعد نزع سلاح غزة".
وقال روس الذي كان يتحدث خلال ندوة نظمها المعهد المعروف بمناصرته القوية لإسرائيل وبمشاركة الجنرال الإسرائيلي المتعاقد مايكل هيرتزوغ "يتساءل البعض لماذا حدثت هذه الحرب؟ ولماذا اختارت حماس أن تبادر الى هذه الحرب الآن؟، وقناعتي بعد أن تحدثت مع شخصية فلسطينية (سياسية) بارزة هي أن حماس بادرت الى هذه الحرب في هذه اللحظة متعمدة أولاً لأنها كانت تعاني من العزلة السياسية والانهيار الاقتصادي والحصار الخانق بعد تغير نظام حكم الإخوان المسلمين في مصر، والشعور بأنه ليس لديها ما تخسره، وايضا من اجل وضع السلطة الفلسطينية في مأزق وفي موقع الدفاع عن الذات".
وأما بخصوص الدافع وراء رغبة "حماس" في وضع السلطة الفلسطينية في موقع الدفاع من خلال شن هذه الحرب التي أعدت لها حماس بعناية، يقول روس "إن حماس فقدت رغبتها في حكم غزة بعدما وصلت الى مرحلة يصعب حكمها فهي غير قادرة على دفع الرواتب وتحمل المسؤوليات الإدارية والمالية للقطاع، وهذا بالمناسبة هو السبب الذي يقف وراء توجهها نحو حكومة وحدة وطنية مع حركة فتح".
أما السبب الثاني الذي يقف وراء تعمد حماس المبادرة الى هذه الحرب، حسب روس، هو "أن حماس تشعر بحالة من اليأس بعد زوال حكم الإخوان في مصر وإطباق الحصار وأحكام الخناق عليها، الى جانب بعض الانقسامات الداخلية حيث شعرت حماس أنها بحاجة ماسة لاكتساب نوع من التعاطف والدعم من الشارع العربي للعودة لموقع الأهمية، وهو الأمر الذي لم يحدث".
وقال "الحقيقة الساطعة هي أنه في أعقاب الربيع العربي تغيرت الأمور كثيراً في معظم دول المنطقة التي تغيرت اولوياتها، حيث أصبحت دول الخليج منغمسة في مواجهة إيران، إلى جانب الاستقطاب الذي حدث بالنسبة للإخوان المسلمين والذي أبرزته التطورات في مصر (من مرسي إلى السيسي) حيث خلقت تحالفات جديدة في المنطقة وضعت مصر والمملكة العربية السعودية ودولة الأمارات العربية والأردن إلى جانب إسرائيل في هذه المعركة وهو تطور غير مسبوق".
وحذر روس من مغبة "مكافأة حماس دون إجبارها على تقديم المزيد من التنازلات، لا سيما وان حماس تريد أن تبرر الحرب بالقول أنها حققت إنجازات مهمة للفلسطينيين، لانها (اي حماس) تريد أن تبين للفلسطينيين في غزة الذين تعرضوا إلى هذا الحجم الكبير من القتل والدمار إننا لم نفعل ذلك عبثاً، بل فعلناه من أجل رفع الحصار وفتح المعابر وتخفيف المعاناة"، وهذا من شأنه ان يخفف من سخط الناس عليها. حسب قوله.
واوضح روس "أن الرئيس محمود عباس يجد نفسه في موقع لا يحسد عليه فهو يقع بين مطرقة إسرائيل واستمرار الاحتلال والاستيطان من جهة وسندان حماس وتصرفاتها اليائسة من جهة أخرى".
واشار الى ان " الرئيس عباس سيحاول أن يشق طريقه للعودة إلى موقع الأهمية والتأثير وأن الإدارة الأميركية يجب أن تكون داعمة له في هذا الاتجاه مقابل التراجع عن مساعيه على المسرح الدولي (الانضمام إلى منظمات الأمم المتحدة المختلفة)".
ويقترح روس نقاطا سماها (اقتراحات واعتبارات وأهداف) للتعامل مع الأوضاع المتفجرة في غزة أولها "على الولايات المتحدة الاعتراف بأن هناك تحالفا جديدا في المنطقة يشمل مصر والمملكة العربية السعودية ودولة الأمارات العربية والأردن (يقف إلى جانب إسرائيل) وضد الإخوان بمن فيهم حركة حماس وبناء إستراتيجيتها على المدى الطويل وفق هذه المتغيرات".
أما النقطة الثانية التي أسماها هدفاً، فيقول روس "إن مبرر وجود حماس (ريزون دترو) هو محاربة إسرائيل؛ ليس لها هدف غير ذلك، وهو ما يقتضي عدم الاعتراف بها، بل يجب تجريدها من المصداقية، خاصة أنها اكتسبت بعض الشعبية بين الفلسطينيين أثناء الحرب".
ويضيف روس "ولكن بالطبع لا بد من إعادة أعمار غزة، وهي فعلاً منكوبة ولكن ذلك يجب أن يتم مقابل ضمانات: مثلاً يجب أن لا يفتح معبر رفح إلا بعد أن توضع هناك قوات أمن السلطة الفلسطينية ولكن ليس وحدها فلا بد من آخرين يشاركونها ربما من المغرب ودول أخرى لتفتيش ما يدخل وما يخرج من غزة بعناية فائقة".
وثالثاً، يتساءل روس "ماذا حدث للوعد الأميركي بدعم السلطة الفلسطينية والضفة الغربية بـ 4 مليارات دولار لبناء الاقتصاد والإنعاش؟ يجب أن يحدث ذلك مقابل تخلي السلطة عن مساعيها الدولية، وتخفيف إسرائيل قبضتها على المنطقة (ج)".
ورابعاً، يقول روس "الآن ليس الوقت للتوصل لاتفاق سلام، أي حل الأزمة : يجب إدارة الأزمة، بمعنى الانتباه إلى ما يمكن فعله مثل الضغط على رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو لتخفيف حدة الاستيطان وحصره في المناطق التي تقع إلى جانبها من الجدار الفاصل".
وفي معرض رده على سؤال بخصوص نتائج الحرب على العلاقات بين السلطة وحماس "الضفة وغزة"، قال روس "أنه يعتقد بكل تأكيد أن الحرب أدت إلى حدوث تقارب بين السلطة وحماس؛ وهناك شعور بالتقارب وهذا شيء جيد يعطي الرئيس عباس والسلطة وحكومة الوحدة الوطنية دوراً أكبر في إدارة شؤون غزة".
بدوره، أصر الجنرال الإسرائيلي مايكل هيرتزوغ على أن إسرائيل "حققت أهدافها في غزة، وهزمت حماس، وليس هناك حاجة لاجتياح غزة كون أن ذلك سيكبدنا ثمناً باهظاً"، مؤكداً أن إسرائيل جاهزة دائماً لفعل ذلك إذا اقتضى الأمر.