السيد نصر الله: غزة انتصرت بمنطق المقاومة ونقف إلى جانبها
أطلّ سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله شخصياً في إحتفال يوم القدس والتضامن مع غزة شعباً ومقاومة في مجمّع سيد الشهداء (ع) - الضاحية الجنوبية،ورحّب وشكر الجميع على الحضور بالرغم من ما يفترض من بعض المخاطر الأمنية، ففي شهر رمضان المبارك نحن وكثيرون قاموا بإلغاء الإفطارات الجماعية والشعبية حرصاً على الناس وتخفيفاً من الأعباء، لكن تطورات غزة وخصوصية يوم القدس العالمي أوجب علينا أن نلتقي هنا اليوم، وفي هذا المكان الذي اعتدنا أن نشيّع فيه شهداءنا وان نستقبل به اسرانا وان نقيم اعراس النصر لمقاومتنا وان نعبّر فيه عن مواقفنا.
وعبّر سماحته عن مشاعر المواساة للعائلات التي فقدت أعزاء وأحباء في الحادثة المؤسفة للطائرة الجزائرية.
وتوجّه بالتحية الى أرواح شهداء غزة في هذه الأيام وإلى جرحاها ومجاهديها وإلى شعبها الصامد.
وأضاف "في هذا اليوم الذي يصادف ذكرى حرب تموز 2006، نوجّه التحية الى الشهداء والجرحى والمقاومين والى شعبنا الذي صنع الانتصار في تموز 2006 وإلى المقاومين الموجودين في أكثر من ساحة من أجل أن تبقى المقاومة التي يتوقف عليها الأمل الوحيد".
وأردف سماحته قائلا"يوم القدس العالمي أعلنه الإمام الخميني وأكد عليه السيد الخامنئي، ليكون مذكّرا لنا بالقضية المركزية لتبقى القدس وفلسطين حاضرة في القلب والعقل والفكر والثقافة والوجدان والأولويات وعندما أكد الإمام على آخر يوم جمعة من رمضان ليؤكد قداسة هذه القضية واسلامية هذه القضية،ويوما بعد يوم يتبين أهمية هذا الإعلان والحاجة الماسة الى إحياء هذا اليوم من قبل الأمة، عندما نتطلع اليوم الى حالة الامة نشعر بأهمية هذا اليوم وهذا الإحياء".
وأضاف سماحته"الهدف بعد الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين كان إنهاء القضية الفلسطينية، ولم يكن وارداً في عقولهم أن يعيدوا شبراً واحداً من أرض فلسطين الى أصحابه ولا لاجئاً واحداً الى داره، لذلك نجد الإجماع الاسرائيلي حول القدس وحول منع عودة أي لاجئ،ووضعت خطة طويلة الامد لتحقيق هذا الهدف، يمكن لأي منا أن يحلل ما جرى من العام 1948 حتى اليوم ليكتشف معالم برنامج تصفية القضية الفلسطينية وهذا الحلم الموجود عند الغرب والاميركيين والصهاينة".
وتابع السيد نصر الله "على سبيل المثال، كانوا يفترضون أن الأرض العربية واسعة ومن الممكن توطين اللاجئين وتذويبهم في المجتمعات العربية المتعددة، وهذا الخطر كان قائماً ولا يزال قائما ويلاحق اللاجئين، مثال اخر، العمل على اختراع قضايا مركزية لكل شعب وكل دولة لتغيب مركزية فلسطين ومركزية القدس وهذا وفّقوا فيه لدرجة كبيرة جدا، وعدونا ليس فاشلاً دوما بل يفشل حين نريد افشاله، واليوم وغزة تذبح هناك في بلدان عربية أولويات أخرى من البنزين والغاز ولقمة العيش، وهم أرادوا أن تصبح هذه القضايا هي قضايا مركزية".
وأضاف"الشعب الفلسطيني بالرغم من ظروف العيش القاسية وبالرغم من إغراءات الهجرة بهدف تشتيت هذا الجمع الشعبي بقي متمسكاً بأرضه وقضيته وحقله ويرفض الاستلام والخضوع".
وأشار السيد إلى أن هناك غرفاً سوداء تعمل لكي لا يبقى أي صلة بين أي لبنان وأي مصري وأي سوري وبين فلسطين، واختيار انتحاريين فلسطينيين في تفجيرات لبنان كان أمرا متعمدا، وهناك الكثير من الأمثلة التي من الممكن الحديث عنها".
ولفت سماحته إلى أن ما نشهده هو تدمير للشعوب والجيوش والدول وتفككيها نفسياً واجتماعياً وعاطفياً وإيجاد قضايا لا يمكن معالجتها في مئات السنين، ما يجري في أكثر من بلد عربي والمخاطر التي تتهدد أكثر من بلد عربي، سورية كانت الجدار المتين وستبقى انشالله الجدار المتين في وجه المشروع الصهيوني، وكانت الحضن الكبير للمقاومة والقضية الفلسطينية، العراق الذي دخل النفق المظلم للأسف بإسم الإسلام وبإسم الخلافة تُهجّر فيها آلاف العائلات المسيحية، والسنة الذين يختلفون مع داعش ليس لديهم خيار اما البيعة أو الذبح والشيعة ليس لديهم أي خيار الا ذبح ".
وأضاف السيد" نحن كمسلمين من واجبنا اليوم أن نعلن إدانتنا لما يتعرض له المسيحيون والمسلمون في العراق، هذا المشهد من تدمير الكنائس ومراقد الانبياء والجوامع أخشى أن يجهز النفوس من أجل تدمير المسجد الاقصى، هناك خشية من أن يصبح ذلك أمراً عادياً بالنسبة لتدمير الكنائس والمساجد".
وقال سماحته" أمتنا في أسوء حال، والمستهدف الأول هي فلسطين، وعلينا جميعا أن نعرف أين نضع أقدامنا في هذا الزمن، زمن الفتنة، وعلينا أن نعرف ماذا نفعل، وهذا هو التحدي الكبير الذي تواجهه أمتنا".
وأضاف" في هذا السياق، تأتي الحرب الاسرائيلية على غزة، وفي هذا السياق كانت الحرب على لبنان 2006 وعلى غزة في العام 2008، لكن في 2006 و2008 كانت النتائج مختلفة واليوم أيضا نحن في لبنان نستطيع أن نفهم وندرك بشكل كامل كل ما يحصل في غزة وما يتعرض له أهلنا في غزة لأنه نفس الذي جرى علينا في تموز 2006، من حجة خطف المستوطين الثلاثة وحجة خطف الجنديين، هذه حجة للحرب وليست سبباً، إسرائيل اعتبرت أن قطاع غزة محاصر وهناك فرصة لاخضاع وتدميرها، مثل العام 2006 الذي كان يحمل معه مشروع كونداليز رايس".
وتابع سماحته "الإسرائيلي إستغل موضوع خطف المستوطنين الثلاثة الذي من غير المعلوم حتى الساعة من خطفهم ومن قتلهم، هناك عملية خطف ألبست لحركات المقاومة، وأخذ منها ذريعة لشن الحرب، الى الطلعات الجوية والقصف المدفعي والبوارج الحربية وقصف المدنيين وتدمير المساجد والكنائس وتهجير الناس من منازلها الى العملية البرية والى صمت المجتمع الدولي وتواطىء بعض المجتمع الدولي، أميركا والغرب ومجلس الامن يغطّون الحرب، الى تواطىء بعض الانظمة العربية والى ادانة المقاومة، لكن في المقابل كان هذا الصمود الشعبي الرائع وتمسك أهل غزة بالمقاومة وهذا الاداء والصمود السياسي المميز لحركات المقاومة، لكن في نهاية المطاف أقول للجميع أن الذي يحسم الموقف ثلاثية الميدان والصمود الشعبي والصمود السياسي".
في حرب تموز 2006، الاسرائيلي من اليوم الاول وضع أهداف عالية جدا لكن في الاسبوع الاخير من الحرب كان يتوسل الوصول الى نهاية لهذه الحرب، وكان لديه الخوف من ذهاب اسرائيل بحال الاستمرار في الحرب، في الوقت الذي كانت بعض الانظمة العربية تدعو اسرائيل الى الاستمرار في الحرب، لكن الاسرائيلي وصل الى قناعة بأنه لم يعد قادرا.
وأضاف السيد نصر الله في هذه الحرب القائمة، الأمل المتاح أمام الفلسطينيين، اذا اعطي الأمر لأميركا وبعض العرب لوجدوا في ذلك الفرصة والمستهدف هو سلاح المقاومة والمقاومة وارادة المقاومة وليس فقط حماس والجهاد الاسلامي بل كل المقاومة في فلسطين وكل نفق في غزة وكل صاروخ في غزة بل كل دم مقاوم يجري في عروق أبناء أهل غزة، الافق هو أن يصل الاسرائيلي الى مكان يجد فيه أنه لا يستطيع أن يكمل وعندها يستطيع الاستعانة بالأميركي، اليوم أقول أن غزة انتصرت بمنطق المقاومة، وعندما نصل الى 18 يوما من الحرب ويعجز الصهاينة ومعهم كل العالم من تحقيق هدف واحد في غزة يعني ذلك ان المقاومة انتصرت في غزة، وانا أقول أن المقاومة قادرة على صنع الانتصار في غزة وستنتصر".
ورأى سماحته أن "المعركة تدور بين طرفين في الميدان، الطرف الاسرائيلي الذي هو من أقوى جيوش العالم، لكن الاهم أنه بعد 2006 و2008، وهو في حالة تدريب وتأليف اللجان من أجل معالجة الخلل وسعوا الى تأسيس جيش جديد قوي، وفي المقابل قطاع محاصر، وبالأخذ بعين الاعتبار هاذين الطرفين نجد أمامنا الفشل الاسرائيلي وانجاز المقاومة، وحتى اليوم هناك ارباك في تحديد الهدف من الجانب الاسرائيلي، وهم خائفون منذ البداية من الفشل ولذلك لم يحددوا أهداف عالية وتعلموا من تجربة تموز، لاسرائيلي لم يبدأ من سقف عالٍ، وهو مفترض رمم جيشه، بل يضع أهداف متواضعة، حتى اذا حققه يقول أنا انتصرت، وهو فشل في تحديد امكانيات المقاومة وهذا فشل استخبراتي الى جانب فشل سلاح الجو الاسرائيلي في حسم المعركة، هذا مهم بالنسبة الى أهل فلسطين والى لبنان، مع العلم انه قبل أشهر قليلة قال قائد هذا السلاح إن إمكاناته قادرة على حسم المعركة في لبنان اذا حصلت خلال 24 ساعة وفي غزة خلال 12 ساعة، واليوم نحن في اليوم 18 من العدوان على غزة".
وأضاف"هناك فشل إسرائيلي في المسّ بمنظومة القيادة والسيطرة في غزة، وهو يخترع قادة شهداء ويتحدث عن اغتيال شهداء لا يزالون على قيد الحياة، وفشل في وقف اطلاق الصواريخ، وفشل في العملية البرية، وبعض الاعلام الاسرائيلي يقول: جيشنا فشل".
وأشار السيد إلى أن"حجم الخسائر البشرية وتهيّب الدخول في عملية برية نراه في عيون المسؤولين الاسرائيليين، ولذلك لجؤوا الى قتل الاطفال والمدنيين من أجل كسر البيئة الحاضنة للمقاومة، وهذا ما كان يريده في لبنان عبر تقليب جمهور المقاومة عليها لكن هذا بفضلكم انتم اشرف الناس لم يحصل في حرب تموز، هو اليوم يعيد التجربة ليفرض على قيادة المقاومة القبول بأي تسوية، وهذا يعني أن الجيش الاسرائيلي ذهب الى غزة لكي يكون جيش قاتل وليس مقاتل وهذا ما نعرفه عنه، ايهود بارك بعد سنوات من العمل قال جملة صغيرة سقطت على بوابة غزة(أي حرب مقبلة ستخوضها اسرائيل ستكون سريعة وحاسمة ونصرها واضح)، لكن غزة اليوم تقول لهم انتم الجباء الذين تقتلون الاطفال فاذا ما واجهتهم ابطالنا وجها لوجه سقطتم انتم وجيشكم، المقاومة وأهلها واحد منذ اليوم الاول الهدف واضح رفع الحصار، ثبات في الميدان وابداع في الميدان ومبادرة في الميدان، مواصلة قصف الصواريخ تحت القصف الاسرائيلي الهائل، ايصال الصواريخ الى اماكن غير مسبوقة".
ولفت سماحته إلى أن هذه المرة الاول التي تنطلق فيها صواريخ من داخل فلسطين لتطال كل أرض فلسطين وهذا جهد كبير، وهناك ثقة عالية بالله وبالمقاومة وهناك صمود شعبي واحتضن كبير، وحتى الآن الشعب مع المقاومة وهناك صمود سياسي ورفض لكل الضغوط الهائلة اقليمياً ودولياً،وقيادة المقاومة ترفض منذ اليوم الاول وقف اطلاق النار والعدو يريد ذلك وصولا الى الهبّة الشعبية في الضفة، والأمور ستصل الى فرض معادلات جديدة على العدو تحتاج الى بعض الوقت، وليس من السهولة ان يستسلم نتانياهو، وهناك بعض الاحكام العرب الذين يطلبون من نتانياهو الاستمرار، لكن المقاومة هي التي من سيفرض على الاسرائيلي الحل وسيصرخ الاسرائيلي طالبا من الاميركي الحل".
وقال سماحته"تبقى مسؤولياتنا جميعا تجاه هذا الحدث العظيم، نحن ندعو الى وضع كل الحساسيات والخلافات والاختلافات حول القضايا والساحات الاخرى جانبا، لنقارب جميعا ما يحصل في غزة كمسألة شعب ومقاومة وقضية عادلة لا اختلاط فيها بين حق وباطل، وهنا ليس هناك من التباس ولا يوجد نقاش، غزة الآن بدمائها ومظلوميتها وصمودها وبطولتها يجب أن تكون فوق كل اعتبار".
وأسف السيد لسماع بعض المواقف في الاعلام العربي تحمل المقاومة مسؤولية ما يحصل ويصل الامر الى اعلان البعض التعاطف مع الاسرائيلي معتبرا أنه امر معيب ومحزن لا بل مخزي أيا كانت الحسابات والحساسيات، في الحد الادنى من لا يريد أن يتعاطف ليسكت ولا يحمل نفسه وامته هذا العار.
ودعا سماحته الحكومات العربية والإسلامية الى تبني خيار رفع الحصار عن غزة وحماية القيادة السياسية للمقاومة من الضغوط التي تريد وقف النار من دون تحقيق هذا الهدف،ودعا إلى الدعم المالي والسياسي والمعنوي وصولا الى العسكري، ويجب التذكير هنا أن ايران وسورية ومعهما المقاومة في لبنان على مدى سنوات طويلة لم يقصروا ولم يتوانوا في دعم المقاومة الفلسطينية بكل فصائلها على كافة المستويات، وهناك اليوم من لا يقيم أي عمل ايجابي لفلسطين سوى المزيدات، ولا أريد الدخول في أي مهاترات مع أحد لكن يكفي لاي أحد ان يقارن على مدى عقود ماذا قدم محور المقاومة من أجل فلسطين رغم كل الاعباء والتبعات وماذا فعل هؤلاء من أجل فلسطين وماذا قدموا في كل الساحات الاخرى التي تخدم اسرائيل ".
وختم السيد "في مواجهة هذا الحدث، نحن في حزب الله كنا وسنبقى نقف الى جانب كل الشعب الفلسطيني والى جانب المقاومة في فلسطين بكل فصائلها، ونحن لن نبخل بأي شكل من اشكال الدعم الذي نستطيع ونقدر عليه، ونحن نشعر بأننا شركاء مع هذه المقاومة، وانتصارهم انتصار لنا جميعا وهزيمتهم هزيمة لنا، نحن نتابع ما يجري بكل دقة ونواكبه ونتابع كل التطورات الميادنية والسياسية، ونقول لاخوننا في غزة نحن معكم والى جانبكم وواثقين من ثباتكم وسنقوم بكل ما يجب أن نقوم به".