الشارع لم يهدأ منذ الرصاصة الأولى على أهالي غزة ..الأردن “الشعبي” يرتق ثوب الموقف “الرسمي”
لم تقتصر الحراكات الشعبية في الأردن على حزب أو مخيم أو فئة دون أخرى، فكلها انتشرت على مساحة الوطن وبحجم الغضب الأردني الشعبي مما يجري مع شقيقة في فلسطين.
الشارع الأردني، لم يهدأ منذ الرصاصة الأولى على غزة، والفعاليات مستمرة، بين الشوارع والجامعات والمساجد والمخيمات ومراكز المحافظات، وكان آخرها مسيرة شارك فيها المئات من طلبة جامعة اليرموك الاردنية، والتي طاف فيها الطلبة شوارع الجامعة ذاتها؛ منددين بالعدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة.
ورفع المشاركون، حسب وكالة الانباء الاردنية “بترا”، لافتات تعبر عن سخط الطلبة واستنكارهم لما يتعرض له الشعب الفلسطيني الاعزل في قطاع غزة من عدوان هجمي تشنه قوات الاحتلال الاسرائيلي.
قبل ذلك بليلة، خرجت مسيرة انطلقت من حي الطفايلة شرقي العاصمة عمان (مساء السبت)، لتؤكد أن “العدو الصهيوني لا ينفع معه الحوار وان مناشدته السلام والخنوع لاملاءاته امر مخجل”.
وندد المشاركون في المسيرة بالموقف العربي الرسمي “الهزيل” و”المخزي”، مطالبين المقاومة الاستمرار في نهجها حتى النصر واستعادة الأرض المسلوبة في فلسطين.
واستلهم المعتصمون شعاراتهم من الأنباء التي كانت ترد من غزة أثناء مسيرتهم، حيث بدأت كتائب القسام الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية حماس باطلاق الصواريخ على اسرائيل وهتفوا “بلا سليمة بلا بطيخ ..اضرب اضرب صواريخ”.
وهتف المشاركون في هتف الطفايلة “يا غزة حقك علينا”، مستنكرين جرائم الاحتلال التي اودت بحياة عشرات الفلسطنيين مؤكدين أن دماءهم لن تضيع هدراً طالما المقاومة حيّة .
قبل حي الطفايلة أيضا، أقامت الفعاليات الشعبية والحزبية والوطنية مسيرة جماهيرية في محافظة الزرقاء جنوبي عمان شارك فيها المئات من المواطنين انتصاراً للشعب العربي الفلسطيني وللوقوف ضد الانتهاكات التي تمارس بحق الشعب الأعزل في قطاع غزة الصامد.
وتخلل المسيرة التي انطلقت من أمام مسجد عمر بن الخطاب بعد صلاة ظهر السبت انتهاء بشارع السعادة وسط المدينة العديد من الهتافات التي كان جوهرها رفض المفاوضات والتنسيق الأمني مع الاحتلال والمطالبة بوقف المجازر.
وعلى نحو متصل أقيمت مسيرة جماهيرية حاشدة في مخيم حطين مساء الجمعة شارك فيها الآلاف من أبناء المخيم تحت نفس العنوان ، وأكدت المسيرة التي جابت شوارع المخيم على ضرورة استمرار الفعاليات التضامنية مع الشعب الفلسطيني، وأن لا يترك بعزلة كما هو الحال .
وكان مخيم «مادبا» للاجئين الفلسطينيين، جنوب العاصمة عمان، استنصر للمدن الفلسطينية باكرا «السبت الماضي، 5 تموز»، إذ خرج منه عدد من الشبان مؤيدين وداعمين لقضية الشهيد المقدسي الشاب محمد أبو خضير، وانتهت المسيرة باعتقال قوات الدرك لـ 35 شخصا من المخيم، تم الافراج عن 21 منهم، وتحويل الباقين 13 شابا الى محكمة أمن الدولة، بتهمة إثارة الشغب واغلاق الشارع العام والاعتداء على رجال الأمن العام والممتلكات العامة، إلا أنه تم الإفراج عنهم بعد 5 أيام من الحجز.
لاحقا لما جرى في مخيم مادبا، انتفض مخيم البقعة، ليلحق به مخيم الحسين، وتزامن معه مخيم الحصن في اربد، لتنطلق منه «وقفة غضب» حاشدة عند مسجد عمر بن عبد العزيز تحت عنوان «وقفة عزة مع الضفة وغزة».
بعد المخيمات، بدأت الفعاليات الحزبية والحراكية بالبروز، فخرجت المسيرة التي حملت عنوان «النصر لغزة» في إربد، وشقيقتها في العاصمة الأردنية، لتأتي كدليل على التقاط جماعة الاخوان المسلمين الاشارة مبكرا، وتنظيم المسيرات التي ضمنت لهم عودة للشارع الأردني بشعبوية عالية.
تزامنا مع التحرك الاربدي، خرجت مسيرة دعت إليها الجماعة أيضا من العاصمة الأردنية، ومن مقابل مسجد الكالوتي تحديدا، تقدمها مراقب عام الجماعة همام سعيد، ورفع فيها سقف الهتافات قليلا.
واستنكر المشاركون انتهاكات الاحتلال بحق الفلسطينيين وممارساته الساعية إلى اقتلاعهم من أرضهم، مشددين على ضرورة مواصلة النضال والجهاد في سبيل تحرير فلسطين.
بعد المسيرتين الإخوانيتين وبعض المسيرات المحدودة، بدأت الحراكات الشبابية والشعبية والحزبية وائتلاف الاحزاب القومية واليسارية، إلى جانب تلك القائمة على حراكات المخيمات بالحشد لمسيرات متفرقة، منها ما كان هادفا للوصول لسفارة العدو الصهيوني، كتلك التي دعت إليها الحركة الاسلامية مع فعاليات شبابية وشعبية الأربعاء الماضي.
المسيرة الاخوانية الشعبية، التي انتهت بطريقة «درامية» عقب محاولة المشاركين للوصول للسفارة الكائنة في ضاحية الرابية غرب العاصمة، أسفرت عن اعتقال 11 من المشاركين في المسيرة، وأظهرت فيها قوات الدرك الأردنية خشونة نادرة لفض الاعتصام.
ليل الخميس، أدخل المدن الجنوبية لخريطة السائرين انتصارا للقطاع، فقد نظمت الحركة الإسلامية في العقبة مسيرة ليلية جابت شوارع المدينة تنديدا بالعدوان الصهيوني، إذ استخدم فيها المشاركون هتافات حيّت المقاومة وصمودها الاسطوري في وجه العدوان.
الجمعة الماضية جاءت تتويجا للفعاليات الفردية التي كانت طوال الاسبوع، لتعم أرجاء المملكة، فينتفض مخيم الزرقاء «حطين أو شنلر»، يتلوه مخيم البقعة، ثم مخيم سوف، ومخيم الطالبية، ومخيم الوحدات، ومحافظة الكرك، وكلهم نددوا ودانوا الاعتداءات البربرية على القطاع والمدن الفلسطينية.
كما نظم ائتلاف الاحزاب القومية واليسارية في ساحة الجامع الكالوتي وقفة تضامنية مع «الشعب العربي الفلسطيني الذي يواجه أبشع عدوان صهيوني دموي»، مؤكدا تضامنه ووقوفه التام الى جانب الشعب الفلسطيني ودعم المقاومة الباسلة في مواجهة الكيان الصهيوني الغاصب، ومطالبا المقاومة بتشديد ضرباتها على الكيان.
كل ما ورد والموقف الرسمي الأردني لا زال “يحسب حساباته جيدا” حسب المراقبين للمشهد، الأمر الذي بات في ظله حتى الاستنكار والتنديد “غير قابل للوجود”..
الأردن الشعبي لم يقصّر مع غزة حتى اللحظة، لا بل ورتق الثقوب الكبرى في ثوب الموقف الرسمي.