هل تؤثر العقوبات الامريكية ضد ايران على قوى المقاومة في المنطقة؟
يرى مختصون بالشأنِ الإيراني أنَّ العقوبات الامريكية المفروضة على الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا تستهدفها بحد ذاتها، وإنما تستهدف محور المقاومة ككل؛ لإضراره بالأمن الإسرائيلي، والمصالح الامريكية في المنطقة.
ويعتقد المختصون في تصريحات صحفية منفصلة لـ"فلسطين اليوم" أنَّ العقوبات المفروضة على طهران لن تؤثر كثيراً على اقتصادها وعلاقاتها؛ فضلاً عن تأثيرها على دعم قوى المقاومة اللبنانية والفلسطينية والعراقية والسورية، مشددين على أنَّ طهران قد تتجه إلى زيادة دعم قوى المقاومة، وتصعيد العمل المقاوم؛ كردٍ على العقوبات.
المختص بالقضايا الإقليمية حسن عبدو يرى أنَّ العقوبات الأمريكية تستهدف محور المُقاومة الرافض للهيمنة الأمريكية والاحتلال الإسرائيلي في المنطقة، مشيراً إلى أن تأثير العقوبات سيكون محدوداً في ظل عدم وجود قرار وإجماع دولي على العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة بشكل يخالف الشرعية الدولية ومجلس الأمن.
وأوضح أنَّ السمة التي تميز العقوبات الحالية عن التي كانت قبل اتفاق إيران 2015 مع الدول الكبرى أنَّ العقوبات الاخيرة ليست دولية، لافتاً لوجود تهويل كبير في الحديث عن مدى تأثير العقوبات على طهران.
وذكر عبدو أنَّ العقوبات مهما بلغت من الإجراءات والتصرفات الامريكية ستكون أقل حدة مما كانت عليه العقوبات الدولية قبل توقيع اتفاق إيران النووي 2015، لاسيما أنَّ عدداً من الدول أعلنت بشكل واضح انها لن تلتزم بتلك العقوبات، الأمر الذي يجعل العقوبات مهما بلغت أقل حدة من العقوبات التي كانت صادرة عن مجلس الامن، خاصة في ظل رفض الاتحاد الأوروبي، وروسيا، والصين، ودولاً عديدة للعقوبات الامريكية على طهران.
وذكر عبدو أن التأثير على محور المقاومة لن يكون تأثيرا عميقا، ولا يمكن ان يؤدي في أي حال من الأحوال إلى تراجع قوة المُحور، مشيراً إلى أنَّ روح التحدي الذي تنبعث من المحور ستخلق حالة جديدة تزيد من قوته، وتُفشل العقوبات الامريكية.
وبين عبدو أنَّ ايران تتمتع باقتصاديات قوية ولم تتأثر بالعقوبات الكبرى التي كانت مفروضة عليها قبل توقيع الاتفاق النووي في العام 2015، مشيراً إلى أنَّ دعمها للمقاومة قبل وبعد الاتفاق لم يتوقف، وهو أمر يدلل بان دعم وايمان ايران بالمقاومة لا يتأثر سواء مع وجود عقوبات او بدونها، لذلك يعتقد عبدو أنَّ إيران ستبقي الدعم ولن تتراجع عنه.
المختص في الشأن الإيراني زكريا أبو سليسل أوضح أنَّ دعم إيران لقوى الممانعة والمقاومة ووقوفها إلى جانب الشعوب التي تعاني الاضطهاد كان سبباً رئيسياً في العقوبات الأمريكية.
وأوضح أبو سليسل أنَّ الولايات المتحدة اعتقدت بعد توقيع اتفاق 2015 أن إيران ستنشغل عن قوى المقاومة بتعزيز اقتصادها، وصرف المال بالداخل الايراني، مشيراً إلى أنَّ إيران التزمت بخطها السياسي والعسكري والأمني مع قوى المقاومة في المنطقة، واستثمرت الاتفاق لتقوية المحور في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
ويرى أبو سليسل أنَّ العقوبات الامريكية لن تؤثر كثيراً على إيران ومحور المقاومة في المنطقة.
وعن تأثير العقوبات على السياسيات الإيرانية تجاه محور المقاومة، قال "إيران ومحور المقاومة معها لم تعشْ يوماً بدون عقوبات، إذ انَّ الجمهورية الإيرانية ومنذ نشأتها رفعت شعار المقاومة والتزمت بمبادئ الثورة في محاربة الهيمنة الامريكية والاحتلال الإسرائيلي، وكانت ولا زالت مسألة دعم المقاومة بالنسبة لها مسألة أساسية غير قابلة للنقاش، ولم تتاثر باي ضغوطات او عقوبات سواء دولية قبل الاتفاق أو أمريكية بعد الاتفاق".
وأشار أبو سليسل أنَّ إيران ومحور المقاومة يمتلكون القدرة على التكيف مع ظروف العقوبات، والتعايش مع الازمات المالية، خاصة أنهم عايشوا أزمات مالية وعقوبات منذ 40 عاماً، لافتاً إلى أنَّ إيران قادرة على تجاوز الأزمات المالية التي قد تنتج عن العقوبات الأمريكية.
وتوقع أبو سليسل أنْ تلجأ إيران إلى تقوية دعمها للمقاومة اللبنانية والفلسطينية والسورية والعراقية كرد على العقوبات، وتصعيد العمل المقاوم ضد إسرائيل ومصالح الولايات المتحدة في المنطقة، من خلال رفع وتصعيد وتيرة العمل المقاومة
ويرى المختص في الشأن الإيراني حسين رويوران، أن العقوبات لن تؤثر في تمويل حلفاء إيران بالمنطقة، لافتاً أن مثل هذا التأثير السلبي لم يحدث حتى مع العقوبات الماضية، إذ خلالها، نجحت إيران "في الحرب ضد الإرهاب في سوريا والعراق" على حدّ قوله.
وبدأت الولايات المتحدة أمس الاثنين تطبيق الحزمة الثانية من عقوباتها الاقتصادية على إيران وتشمل قطاعات الطاقة والتمويل والنقل البحري.
وسبق أن فرضت واشنطن عقوبات على طهران في أغسطس/آب الماضي عقب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بانسحاب بلاده من الاتفاق النووي الدولي مع إيران تم التوصل إليه في 2015.
ودخلت هذه الحزمة الثانية حيز التنفيذ بعد أخرى بدأ تطبيقها في 6 أغسطس/آب الماضي، أي بعد 3 أشهر من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، انسحاب بلاده من الاتفاق النووي.
ومنذ عقود تفرض واشنطن عقوبات اقتصادية على طهران، تم رفعها بعد توقيع الاتفاق الدولي بشأن البرنامج النووي الإيراني عام 2015.
والاتفاق وقعته إيران مع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (الولايات المتحدة، الصين، روسيا، بريطانيا وفرنسا) إضافة إلى ألمانيا.