تونس: كاميرا خفية تثير جدلًا بشأن التطبيع مع الاحتلال
الإثنين 21 أيار 2018
أنهت قناة تلفزيونية تونسية خاصة، الجدل الذي كان قائما بشأن بث برنامج تلفزيوني يحمل عنوان "شالوم"، ويناقش قضية التطبيع مع الاحتلال الصهيوني، وذلك بإعلانها البدء في عرضه مساء أمس الأحد.
البرنامج عبارة عن "كاميرا خفية"؛ حيث يتم دعوة ضيف من السياسيين أو من الشخصيات العامة لإجراء حوار مع شبكة "سي أن أن" الأمريكية ليتّضح لاحقاً أن الضيف تم استدعاؤه من قبل شخصية رسمية "إسرائيلية" تعرض عليه التعامل مع "إسرائيل" مقابل دعم مالي وسياسي.
وأعلنت قناة "تونسنا" الخاصة، البدء ببث حلقات البرنامج، بعد اعتذار قناة "التاسعة" عن ذلك.
وتحدث منتج البرنامج، الإعلامي التونسي، وليد الزريبي عن ضغوط قال إن شخصيات سياسية ورجال أعمال مارسوها على إدارة قناة التاسعة التلفزيونية الخاصة، كي لا تبث برنامج الكاميرا الخفية "شالوم"، الذي قال بأنه "يهدف إلى فضح شخصيات تونسية سياسية أبدت استعدادها للتعامل مع "إسرائيل"".
لكن قناة "التاسعة" الخاصة، نفت تعرضها لأية ضغوط، وأكدت أن "المادّة المعروضة عليها لم ترتق إلى مستوى الجودة المطلوبة، بالإضافة إلى أن السياق الحالي الذي تعيشه القضيّة الفلسطينيّة يجعل من محتوى البرنامج استفزازا مجانيّا للمشاهدين وبحثا عن الإثارة في موضوع لا يتحمّل الهزل أو التهريج".
واستغربت "التاسعة" في بيان لها مساء أول من أمس السبت، الحديث عن وجود ضغوط لمنعها من بث البرنامج، ووصفت ذلك بأنه "إسفاف"، وقالت بأن "الضيوف الذين تم الإيقاع بهم في البرنامج المذكور هم بالأساس مجموعة من فنانين وسياسيّين لا سلطة لهم ولا نفوذ يسمح بالضغط على أي طرف كان"، وفق البيان.
واعتبر مستشار الرئيس التونسي السابق للشؤون الدولية أنور غربي، أن "فكرة كاميرا خفية عن التطبيع مع الاحتلال الصهيوني في هذا الوقت بالذات مثيرة لكثير من علامات الاستفهام".
وقال، في تصريحات صحفية: "نحن نعرف أن انشغالات المواطن التونسي منصبة حول قضايا محلية ملحة تتصل بالوضع الاقتصادي والخدماتي والسياسي، وأن المواطن التونسي منحاز بالكامل لصالح الفلسطينيين الذين يواجهون جرائم الاحتلال الإسرائيلي في مسيرات العودة بصدور عارية".
وأكد الغربي: "أن الجرائم الصهيونية بحق تونس ليست كاميرا خفية، وإنما هي واقع تم على الأرض في حمام الشط، وفي اغتيال أبو جهاد واغتيال المهندس محمد الزواري"، على حد تعبيره.
لكن رئيس جمعية "دعم المقاومة في فلسطين والعراق" أحمد الكحلاوي، رأى أنه وبغض النظر عن "منشأ البرنامج ومصدره، وما إذا كان الإعلامي الذي أعلن أنه هو من يقف خلفه أم جهات أخرى"، فإنه "يحقق هدفا يهم التونسيين معرفته بشأن تجنيد الاحتلال لشخصيات عامة خدمة لأهدافه.. حتى وإن كان أسلوب البرنامج يحتاج لنقاش".
ولفت الكحلاوي أن "الساحة الإعلامية التونسية واقعة تحت سطوة الإعلام الصهيوني وشركات الإشهار المرتبطة بها".
وقال: "الكثير من الإعلاميين من الممكن أن يكونوا قد وقعوا تحت سطوة هذه الشركات الأجنبية، ولذلك لا بد على أمننا الوطني أن يضع حدا لهذا الاختراق الصهيوني، الذي نرى ونلمس نتائجه في مجالات السياحة والثقافة وحتى في المجال الأمني عندما تم قتل مهندس الطيران التونسي محمد الزواري أمام بيته، ونقل القناة العاشرة الإسرائيلية للخبر من أمام بيت الشهيد، ثم بث تقرير مصور بعد ذلك من أمام مقر وزارة الداخلية التونسية".
وأشار الكحلاوي أن "الحكومة أيضا متورطة في التطبيع من خلال ما يُعرف بالحج إلى كنيس الغريبة في مدينة جربة، والتي تبدو في ظاهرها دينية لكنها في الحقيقة اختراق صهيوني".
وأضاف "لقد رأينا كيف أن القناة السابعة الصهيونية تتجول في البلاد، ثم نقل تصريحات مفتي الديار التونسية عثمان بطيخ بخصوص الندوة الدولية لحوار الأديان والحضارات التي انتظمت مؤخرا بجربة وأشرف على افتتاحها رئيس الحكومة يوسف الشاهد".
وأكد الكحلاوي، أنه ما "كان لمفتي تونس أن يقدم على ذلك دون ضوء أخضر حكومي، لا سيما وأن الحاخامات الصهاينة الملطخة أيديهم بدماء التونسيين والفلسطينيين والعرب، الذين يتجولون في تونس، ما كان لهم أن يدخلوا لولا أنهم تلقوا دعوات رسمية من وزارات في الحكومة التونسية"، على حد تعبيره.
يذكر أن السلطات التونسية كانت قد أعلنت في 15 كانون الأول (ديسمبر) 2016، مقتل المهندس محمد الزواري في مدينة صفاقس جنوبي تونس.
واتهمت حركة "حماس" "إسرائيل" باغتيال الزواري، الذي اعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لـ "حماس"، أنه كان عضوا فيها.
ولم تكن جريمة اغتيال الزواري العملية الأولى التي نفذتها "إسرائيل" في تونس، فقد سبقتها ثلاث عمليات أخرى تتمثل في حادثة استهداف اجتماع لمنظمة التحرير الفلسطينية في حمام الشط" عام 1985 واغتيال القياديين البارزين في حركة "فتح" الفلسطينية خليل الوزير (أبو جهاد) عام 1988 وصلاح خلف (أبو إياد) عام 1991.