الثلاثاء 30-04-2024

الإبتزاز السياسي لا يؤدي إلى السلام ...!

×

رسالة الخطأ

د. عبد الرحيم جاموس

الإبتزاز السياسي لا يؤدي إلى السلام ...! د. عبد الرحيم جاموس في الوقت الذي ينتظر المراقبون من الإدارة الأمريكية الإفصاح عن عناصر ومكونات رؤيتها لدفع جهود السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وإستئناف المفاوضات بين الطرفين، أعلن الدكتور صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عن تلقي المنظمة رسالة خطية من الخارجية الأمريكية تعبر فيها عن عدم إستطاعتها تجديد رخصة فتح مكتب م.ت.ف في واشنطن، وذلك نظراً لإنضمام دولة فلسطين إلى محكمة الجنايات الدولية وبعض المنظمات الدولية المتخصصة الأخرى، ورغبة م.ت.ف بفتح تحقيق قضائي في جرائم وتجاوزات إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني المستمرة دون توقف، من أنتهاكات حقوق الإنسان الفلسطيني والإعتداءات اليومية من هدم البيوت وتجريف المزارع وفرض سياسات الأبارتهايد الفصل العنصري وسعيها الدائم لتغيير المعالم الجغرافية والحضارية على مستوى الأراضي الفلسطينية المحتلة وخصوصاً في القدس وجوارها وعموم الضفة الفلسطينية ومواصلة سياسة التوسع والإستيطان فيها وتغيير التركيب الديمغرافي لها بما يجعل من إمكانية نجاح أية جهود تستهدف التسوية ضرباً من الخيال، وهذه الممارسات لم تلفت إنتباه الإدارة الأمريكية أنها ليست هذه الأفعال مجرد عقبات في طريق أية جهود تستهدف التسوية بين الطرفين بل أفعال تدمر كافة الجهود وتجعل مصيرها الفشل المحتوم، فالذي يلفت نظر الإدارة الأمريكية هو محاولات م.ت.ف والشعب الفلسطيني، مجرد المطالبة بفتح تحقيق دولي مع إسرائيل ومرتكبي جرائمها في حق الشعب الفلسطيني ..!! إثر ذلك أفاد أمين سر اللجنة التنفيذية د. صائب عريقات، أن م.ت.ف قد رفضت مضمون رسالة الخارجية الأمريكية هذه بتاريخ 18 / 11 / الجاري وأفاد أنه في حالة لم يتم تجديد ترخيص مكتب م.ت.ف في واشنطن سوف تعلق م.ت.ف إتصالاتها مع الإدارة الأمريكية، وهو إجراء أضعف الإيمان كي تدرك الإدارة الأمريكية أن هذه السياسة الأمريكية القائمة على الإبتزاز السياسي للطرف الفلسطيني وغض الطرف عما يقوم به الإحتلال الإسرائيلي من إجراءات لن يخدم السلام والجهود الرامية إلى تحقيقه بل يمثل تبنياً لإجراءاته المدانة من القانون والقضاء الدولي، والمدانة من كل العالم، والمنافية لكافة القرارات الدولية بشأن وضع الأراضي الفلسطينية المحتلة وينهي دور أمريكا راعية للسلام. لم نتفاجأ بهذا الموقف من الخارجية الأمريكية التي تعبر من إنحيازها السافر للإحتلال الإسرائيلي والذي يفقدها صفة القدرة على رعاية جهود حقيقية لدفع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي للتوصل لإتفاق سلام ينهي الصراع القائم، ويجعل من الإدارة الأمريكية طرفاً في الصراع لا يقل تطرفاً عن الطرف الإسرائيلي في مواجهة الشعب الفلسطيني، وطبعاً هذا الموقف الأمريكي بلا أدنى شك قد أثلج صدر الكيان الصهيوني وقيادته المتطرفة، حيث أصدر مكتب رئيس وزراءه نتنياهو تعميماً على وزراءه (بعدم الإدلاء بأي تصريحات أو مقابلات بخصوص الموضوع نظراً لحساسيته). من هنا يتأكد لنا وللمراقبين أن الإدارة الأمريكية لا تتوفر على أدنى شروط الدور النزيه لرعاية عملية تفاوضية تفضي إلى إتفاق تسوية، بين الفلسطينيين والإسرائيليين في المدى المنظور، وكل المراهنين على هذا الدور الأمريكي يكونوا قد خسروا الرهان، الرئيس ترامب القادم من عالم الأعمال والمصارعة .. يجمع بين الذكاء والفجاجة في سياساته ويظن ويعتقد أن الكل عليه أن ينصاعَ لرغباته، ويكشف عن جهل حقيقي لديه ولدى إدارته بالشعب الفلسطيني وقدراته التي تتجلى في صموده وصبره ومواجهة الضغوط والصعوبات والقدرة على الإستمرار بالمقاومة لعقود أخرى دون أن يذعن لسياسات الإحتلال، حتى ينهي هذا الإحتلال ويسترد حقوقه المشروعة في وطنه، سيتعلم الرئيس ترامب وإدارته درساً فلسطينياً جديداً، أن الشعب الفلسطيني لديه أوراق قوة وصمود كثيرة ومتعددة وأن أمريكا والعالم كله بحاجة للشعب الفلسطيني، والفلسطينيين ليسوا عبيداً أو قطاريز عند أحد، وأن فلسطين تمثل الرقم الصعب في منطقة الشرق الأوسط، ولا مستقبل لكيان الإحتلال دون وقف سياساته القائمة على الإستيطان والتوسع والعنصرية والإقرار التام بضرورة إنهاء إحتلاله للأراضي الفلسطينية وتمكين الشعب الفلسطيني من بناء دولته المستقلة وعودة لاجئيه إلى مدنهم وقراهم ... إن المطلوب من إدارة السيد ترامب التوقف عن هذه السياسة الفجة والقائمة على الإبتزاز السياسي في التعاطي مع ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والإرتكاز إلى الشرعية الدولية وقراراتها، لإثبات الجدية من قبل الإدارة الأمريكية وأنها تهدف إلى حل الصراع، عليها أن تعترف بدولة فلسطين التي يعترف بها أكثر من مائة وأربعين دولة وهي عضو مراقب في الأمم المتحدة، كي تخلق الثقة أولاً لدى الفلسطينيين ثانياً لدى العرب والعالم أجمع أنها جادة في دفع جهود السلام للوصول إلى غاياتها وهذا سيعتبر مقدمة لذلك ورادعاً للكيان الصهيوني عن مواصلة غيه في تجاهل هذه الجهود وزراعة العقبات الكأداء في طريق السلام، إن إغلاق مكتب م.ت.ف في واشنطن وعدم التراجع عنه سوف يقابل برد فعل سياسي فلسطيني وعربي لن يتوقف عند وقف الإتصالات مع إدارة السيد ترامب، من قبل م.ت.ف، وإنما سوف يتعداه إلى مستويات أكثر تعقيداً. إننا نأمل أن تفيق هذه الإدارة الأمريكية من سكرة الإنحياز للكيان الصهيوني وأن تدرك أن مصلحة الولايات المتحدة، والعالم أجمع هو ردع هذا الكيان ووقف إجراءاته المنافية والمتعارضة مع أبسط القواعد القانونية الدولية وأن هذه السياسات الأمريكية الصهيونية لا تخدم الكيان الصهيوني على المدى الطويل وإنما تجعل منه نظام فصل عنصري جديد، وسيكون مرفوضاً من جميع دول العالم، وسيلاقي نفس المصير الذي آل إليه نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، في نهاية القرن العشرين. كلمات دالّة:

انشر المقال على: