الثلاثاء 05-11-2024

خبير عالمي بشؤون السعودية يكشف توقعاته للتطبيع مع "إسرائيل"

×

رسالة الخطأ

موقع الضفة الفلسطينية

خبير عالمي بشؤون السعودية يكشف توقعاته للتطبيع مع "إسرائيل"

تناول خبير عالمي في الشأن السعودي آفاق التعاون بين السعودية و"إسرائيل"، وإلى أي مدى يمكن أن تصل هذه العلاقة، خصوصا إذا استمرت الحكومة "الإسرائيلية" بتجاهل الحقوق الفلسطينية.
"العالم العربي لن يسارع إلى دعم الحرب الدبلوماسية الخاطفة لـ"إسرائيل"، "محاولات "تل أبيب" بعرض احتمال تطبيع الدول العربية للعلاقات مع "إسرائيل" أولا، ومن ثم ممارسة الضغوط على رام الله، مصيرها الفشل".
هذا ما يراه غريغوري غوز أحد أبرز الخبراء في العالم في الشؤون السعودية ودول الخليج.
وقال غريغوري لموقع "تايمز أوف إسرائيل" العبرية، إن "الإشادة بعلاقات "إسرائيل" -التي لا تزال سرية والمتزايدة رغم ذلك مع الدول العربية- أصبحت نقطة حديث اعتيادية في خطب بنيامين نتنياهو. يدرك العرب أن العالم يتغير وأن "إسرائيل" لم تعد عدوهم، كما يزعم رئيس الوزراء بشكل روتيني، وعلى الرغم من أن هذه الاتصالات لا تزال سرية، فقد تصبح حافزا للدفع إلى سلام بين "إسرائيل" والفلسطينيين".
ويضيف: "الحكمة الشائعة كانت تقول إنه بمجرد أن يقوم "الإسرائيليون" بحل صراعهم مع الفلسطينيين، سيكون بإمكانهم صنع السلام مع العالم العربي بأسره. "هذا بلا شك صحيح دائما"، لكن نتنياهو يريد أن يقلب المعادلة، لتصبح: "التطبيع أو تعزيز العلاقات مع العالم العربي يمكن أن يساعدنا في الدفع بسلام أكثر واقعية وأكثر توازنا، ويحظى بدعم أكبر بيننا وبين الفلسطينيين".
المشكلة الوحيدة مع هذه الاستراتيجية أنها لن تنجح، ونتنياهو يدرك أنها لن تنجح. هذا ما يقوله غريغوي، الذي يرأس قسم العلاقات الدولية في كلية بوش للحكم والخدمات العامة في جامعة "تكساس أيه اند إم".
مضيفا: "السعوديين سينتظرون الفلسطينيين، من المستبعد جدا رؤية الأردنيين والمصريين أو السعوديين يتوجهون لأبو مازن، ويقولون له: "عليك أن تخفض من سقف توقعاتك بشأن ما الذي ستحصل عليه من "الإسرائيليين" والتوصل إلى اتفاق معهم؛ لأننا بحاجة إلى التعاون "الإسرائيلي" إزاء سوريا وحزب الله وإيران. ببساطة لا أرى ذلك يحدث".
لكن غريغوري يستدرك بأن الادعاء بأن العالم العربي مستعد للتقرب من "إسرائيل"، إلى حد ما.
ويضرب على ذلك مثالا؛ ففي كانون الأول/ يونيو 2015، ظهر المستشار السابق للحكومة السعودية أنور عشقي في حدث مع دوري غولد. وفي آذار/ مايو 2016، ناقش المستشار الأمني السابق لبنيامين نتنياهو، يعكوف عميدرور، مسائل إقليمية مع الأمير السعودي تركي الفيصل، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات السعودي، في حدث استضافه معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى.
هذه الأحداث، من وجهة نظر غريغوري، تدل بلا شك على دفء في العلاقات، مضيفا: لكن اللقاءات بين شخصيات لم تكن تشغل مناصب حكومية في ذلك الوقت "أقصى ما سنراه".
"من الصعب علي تصور مسؤول سعودي يلتقي علنا مع مسؤول إسرائيلي. من شأن ذلك أن يشكل تغييرا حقيقيا. ولا أرى السعوديين يرون حاجة لذلك. ما الذي سيجنونه من ذلك؟ إذا كان هناك تعاون في مسائل ذات اهتمام مشترك يجري وراء الكواليس أصلا، فلماذا القيام بشيء علني لن يعود عليك بأي فائدة، وسيتسبب لك بالمشكلات فقط؟" كما يقول غريغوري.
وشدد أن "هناك حاجزا حقيقيا أمام أي نوع من العلاقات الدبلوماسية الرسمية"، وتابع بالقول: "هناك ما يكفي من الالتزام بالقضية الفلسطينية، سواء في صفوف النخب السعودية أو في صفوف الرأي العام السعودي، وفي غياب نوع ما من التسوية "الإسرائيلية"-الفلسطينية، أشك في أننا سنرى السعوديين يقومون بفتح سفارة في "إسرائيل".
بدلا من ذلك، في غياب تقدم ملموس في عملية السلام، ستبقى العلاقات العربية-"الإسرائيلية" محددة لغرض معين، وفقا لغريغوري. مضيفا: "سيتم تحديدها من خلال مصالح محددة للغاية، وليس عن طريق فهم وعلاقة أوسع".
صعود إيران الشيعية هو الذي ساهم في الأساس في التقارب بين العالم السني و"إسرائيل". ويُعتقد أن "إسرائيل" ودول الخليج يتبادلون معلومات استخباراتية، ويتعاونون في مجالات أخرى متعلقة بالأمن، في محاولة لإحباط أطماع طهران في الهيمنة على المنطقة.
لكن غريغوري يعترف بأن التداعيات من وجود علاقات بين الرياض و"تل أبيب" قد لا تكون بالحدة التي كان من الممكن أن تكون عليها في سنوات الستينيات أو السبعينيات، عندما كانت المسألة الفلسطينية بارزة أكثر في الفكر العربي. بروز الصراع "الإسرائيلي"-الفلسطيني انخفض في جزء كبير من العالم العربي، الذي يركز اليوم على الصراعات الطائفية في العراق وسوريا ولبنان ويرى إيران على أي حال بأنها العدو الرئيسي.
خبير آخر في الشأن الخليجي يؤكد ما ذهب إليه غريغوري، فتأكيد بعض المراقبين "الإسرائيليين" بأن المواطنين العرب العاديين في الخليج لا يهتمون بالفلسطينيين ليس صحيحا بالضرورة، كما يقول جون جينكينز، دبلوماسي بريطاني سابق الذي يرأس حاليا المعهد الدولي لدراسات الشرق الأوسط الاستراتيجية.
ويقول جينكينز، الذي يقيم في البحرين: "في الشارع، مسألة فلسطين برمتها تبقى قضية قوية ومشحونة عاطفية. أرى ذلك طوال الوقت"، وأضاف قائلا: "هذا جزء كبير من ما يمنع القادة بالخروج بعلاقاتهم مع "إسرائيل" إلى العلن".
ليس كل العرب مشغولين باستمرار بالفلسطينيين، كما قال جينكينز، الذي شغل منصب القنصل العام البريطاني في القدس والسفير لدى السعودية وليبيا وسوريا والإمارات. في الواقع، "جزء كبير منهم يرون بذلك أمرا مزعجا يتمنون اختفاءه"، و"لكن، إذا قامت حكوماتهم بإضفاء طابع رسمي على علاقاتها مع "إسرائيل" قد يؤدي ذلك إلى غضب عام"، كما قال.
الأمر الآخر هو أن علاقات أكثر علنية مع "إسرائيل" سيتم استغلالها ضد الدول العربية السنية من خصومهم في المنطقة، لا سيما إيران وتنظيمات مثل تنظيم داعش، كما يقول جينكينز.
الاعتراف بشراكة مع "إسرائيل" قد يتم تصويره على أن القادة العرب قاموا ببيع أشقائهم العرب، وسيسمح لطهران بتقديم نفسها على أنها الحامي الوحيد الباقي للقضية الفلسطينية والمسجد الأقصى. يقول جينكينز.
بالتالي، ستظل العلاقات بين الدول العربية و"إسرائيل" وراء الأضواء حتى تقوم "إسرائيل" باتخاذ خطوات حقيقية باتجاه اتفاق سلام مع الفلسطينيين، بحسب جينكينز. القادة العرب الذين يستفيدون، تحت الطاولة، من التعاون في مجالي الأمن والاستخبارات لا يوجد لديهم أي سبب يدفعهم للمخاطرة محليا من خلال إضفاء الطابع الرسمي على علاقاتهم مع الدولة اليهودية، كما قال.
والنتيجة التي يخلص إليها الخبير غريغوري أن القادة العرب لا يرون بالضرورة في علاقة مفتوحة مع "إسرائيل" تهديدا كبيرا على استقرار أنظمتهم في الداخل. فبعد كل شيء، السعودية في تحالف منذ فترة طويلة مع الولايات المتحدة، رافضة الانتقادات الحادة من دول عربية أخرى.
لكن ما يمنع البلدان العربية من الاعتراف بعلاقاتها هو حقيقة أنها لن تجني أي شيء من ذلك. فهي تحصل على ما تريده من "إسرائيل" من خلال قنوات سرية، وبالتالي لا ترى أن هناك سببا لجعل هذه العلاقة علنية، كما يقول غريغوري.
ويؤكد غريغوري أن "إسرائيل" لا يمكنها مقايضة الاستمرار بالتعاون السري مع السعودية بالاعتراف الرسمي بهذه العلاقة، "فالخطر في هذا الإصرار قد يكون إغلاق القناة، على الأقل مؤقتا، سيكون هناك ما يكفي من الأشخاص في النظام السعودي الذين سيقولون: حسنا، إذا كانوا لا يريدون التحدث معنا، فليذهبوا إلى الجحيم".

انشر المقال على: