السبت 20-04-2024

"هيئة شؤون الأسرى" من وزارة إلى هيئة.. والآن إلى أين؟!!

موقع الضفة الفلسطينية

"هيئة شؤون الأسرى" من وزارة إلى هيئة.. والآن إلى أين؟!!

تدور في أروقة السلطة الفلسطينية مُباحثات تهدف بشكلٍ أو بآخر إلى تحجيم دور هيئة شؤون الأسرى والمحررين، وتكبيل صلاحياتها وواجباتها؛ فيما يُساق على أنّه "مخرجٌ" من الضغوط الدولية والصهيونية التي تُمارَس على السلطة؛ على خلفية دفعها مخصصات مالية للمعتقلين والمحررين، "مخرجٌ لن يُؤثّر على قضية الأسرى"!.
هذه الكلمات الأخيرة بالتحديد، هي ما صرّح به عيسى قراقع، بعد تعيينه رئيساً للهيئة عقب المرسوم الصادر بتحويلها من وزارة لهيئة، نهاية مايو 2014، إذ قال في حينه أنّ هذا القرار "لن يُؤثّر على قضية الأسرى، فهناك ضمانات تحول دون تأثرها". وهي ذاتها الضمانات التي ما تنفكّ تضرب بها السلطة الفلسطينية عرض الحائط، وتتغوّل عليها وعلى حقوق الأسرى وسموّ قضيّتهم شرّ تغوّل. والأمارةُ هُنا على بُعدِ أيامٍ فقط، حين أقدمت وزارة المالية على قطع رواتب 277 أسيرٍ محرر، بتاريخ 6 يونيو الماضي. "فعن أي ضمانات يتحدّثون؟!".
"بوابة الهدف" انفردت بالكشف، أواخر ابريل الماضي، عن أنّ الحكومة برام الله تبحث تحويل مؤسستيّ "رعاية الشهداء والجرحى" و"هيئة شؤون الأسرى والمحررين" إلى جمعيّتيْن أهليّتيْن تخضعان لإشراف وزارة الداخلية الفلسطينية. والحديث ذاته يعود اليوم.
مسؤولة ملف الأسرى في المجلس التشريعي خالدة جرّار، أوضحت أنه "لم يصدر حتى اللحظة قراراً رسمياً بهذا الشأن، إلا أنّه لا يوجد دخان بدون نار".
ولم تستبعد جرّار، في حديثها لـ"بوابة الهدف"، تطبيق قرار تحجيم دور أو إلغاء "هيئة شؤون الأسرى"، بل وأعربت عن خشيتها من الإقدام عليه بالفعل، قياساً بما أقدمت عليه السلطة الفلسطينية نهاية مايو 2014، وهو تحويلها من وزارة تابعة لها –أي السلطة- إلى هيئة وطنية تتبع مباشرة إلى منظمة التحرير، استجابةً للضغوط الصهيونية والأمريكية.
وفي تصريحاتٍ أدلى بها رئيس الهيئة، عيسى قراقع، عقب صدور المرسوم الرئاسي بتحويل الوزارة، قال في حينه "جرى اتّخاذ القرار كمخرج من الضغوط الدولية والصهيونية الممارَسة على السلطة، على خلفية دفع مخصصاتٍ مالية للأسرى والمُحرّرين".
جرّار قالت "إن اتّخاذ أيّ قرار استجابةً لهذه الضغوط، لا يُمكن أن يكون مخرجاً منها، ولن يُوقف الضغوط كما يُبرّر البعض، لأن الضغوط لن تنتهي وستظلّ تتّخذ أشكالاً أخرى"، وإذا لم يتمّ التصدّي لكل هذه الخطوات سنصل لمرحلة يتم فيها تجريم نضال شعبنا".
واعتبرت أنّ "تحويل هيئة الأسرى لمؤسسة أهلية أو ربطها بإحدى الوزارات، منهجاً خطيراً جداً، فهو يعني بالتدريج تحويل قضية الأسرى السامية إلى قضية مخصصات مالية فقط، ما يُفقدها بُعدها الوطني والنضالي لشعبٍ تحت الاحتلال، على أهمّية أن الرواتب حق للأسرى والمحررين".
وشدّدت على وجوب "التمسّك بمنع المساس بهيئة شؤون الأسرى، لأن تلك المخارج التي يسوقها البعض، سينتهي بقضيّة الأسرى والشهداء، كقضايا إرهابية".
ودعت إلى تحويل كافة القضايا والانتهاكات التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني ومُناضليه، ابتداءً بقطع رواتب الأسرى مررواً بحجب مواقع إخبارية وصولاً إلى ما يتم الحديث عنه من تحويل الهيئة، إلى قضايا رأي عام.
وقالت جرّار "لا جدوى لوقف هذا إلّا الضغط والالتفاف الشعبي ضدّ هذه الانتهاكات، على أن تكون الفصائل طليعة هذا الحراك الرافض، بهدف حماية القيمة الوطنية والمعنوية لمضمون النضال الفلسطيني".
وختمت بالقول "هناك محاولات لجعل كل فرد يُعنى بهمه الشخصي فقط. هناك حالة من الخوف، لهذا فإن الحل يكمن بالحراك الجماعي"، مُضيفة "ونحن ننتظر أن يكون هناك موقف من الحركة الوطنية داخل السجون حتى يتكامل الفعل والنضال إزاء هذه القضايا الوطنية الخطيرة".
يُذكر أنّه ومنذ بداية العام الجاري، صعّدت وزارة الخارجية الصهيونية حملتها الدعائية الممنهجة ضدّ ما تسمِّه "تمويل السلطة لمُخرّبين وإرهابيين وعوائلهم"، وهذا بالتزامن مع تصاعد مُماثل في الضغوط الأمريكية والدولية بهذا الشأن.
وفي أكثر من مناسبة، مؤخراً، طالب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، السلطة الفلسطينية "إثبات التزامها بالسلام، عبر وقف المخصصات المالية للأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية وعائلاتهم". كما طالب المجتمع الدولي بأن يركز الضغوطات على الفلسطينيين، من أجل وقف دعم الأسرى وعائلات الشهداء.
القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، والأسير المحرر خضر عدنان قال "إنّ قيادة السلطة ماضيةٌ في إجراءاتها التي من شأنها التقليل من وزن وقيمة الأسرى، فسبق أن حوّلت وزارة الأسرى إلى هيئة، استجابةً للضغوط -آنفة الذكر-، ضاربةً مشاعر وحياة ونضال الأسرى عرضَ الحائط، وكان منها أخيراً أن قطعت رواتب مئات الأسرى".
واتّفق عدنان مع تصريحات جرّار، حول إمكانية إقدام السلطة على قرار تحويل الهيئة لجمعيّة أو جسم تابع لإحدى الوزارات، قائلاً إنّه "لا يستبعد إقدام السلطة على أي قرار في هذا المضمار".
وحول المطلوب من الحركة الوطنية الأسيرة والأسرى المحررين، إضافةً للأجسام المعنيّة بحقوق الأسرى، قال "يجب أن يتداعى الجميع، وأن يكون لهم موقف، وجلسة وطنية موحّدة لنقاش هذه التطوّرات، ووضع نقطة نظام واضحة في مواجهة قيادة السلطة الفلسطينية".
وشدّد على أنّ "أي مُساعدة أو مَعاش يُقدَّم للأسرى والمحررين، يهونُ أمام ما قدّموه من تضحياتٍ لأجل الوطن"، مُؤكّداً أن "أيّ إجراء يستهدفهم هو تجريمٌ لنضال شعبٍ بأكمله، تحت الاحتلال".

وفي تصريحات سابقة لمدير مكتب إعلام الأسرى، عبد الرحمن شديد، أعقبت قطع رواتب الأسرى المحررين، مطلع الشهر الجاري، حذّر من أن يكون هذا القرار مقدمة لقرار آخر يشمل كافة الأسرى والمحررين من كافة الفصائل، أو خطواتٍ أخرى تتغوّل فيها السلطة الفلسطينية على الأسرى والمحررين.
شديد أكّد على أن هذه الإجراءات التي تمسّ بأحد ثوابت القضية الفلسطينية، يتطلّب وحدة الصف الوطني في مواجهة تلك القرارات.
الناطق باسم مفوضيّة الأسرى والمحررين في حركة فتح نشأت الوحيدي فضّل عدم التعقيب "لعدم وجود قرار رسمي حتى اللحظة، ما يجعل التصريح في هذا الشأن بلا قيمة"على حدّ قوله.
وأعاد الوحيدي تصريحات قراقع الذي أكّد فيها أنّ الهيئة لم تُبلَّغ بأيّة قرارات من هذا النوع.
وأكّد الوحيدي أن "موقف المفوّضية المُساند دوماً لقضايا الأسرى والمحررين، مُشدداً على أهمية استمرار وجود جسم دائم ممثل لهذه القضية العادلة كي تبقى حاضرة في كافة المحافل".
ونفى قراقع، الأحد، علمه بتوجّه الرئيس عباس لإلغاء الهيئة ودمجها بإحدى الأفرع والمكاتب الرئيسية لوزارة الداخلية.
يُشار إلى أنّ هيئة شؤون الأسرى واحدة من مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، لها كيانها المستقل، تأسست عام 1998، وفقًا لمرسوم رئاسي من الرئيس الراحل ياسر عرفات، كوزارة رئيسية تابعة للسلطة، للعناية بشؤون الأسرى والمعتقلين على خلفيّة مقاومة الاحتلال، قبل أنّ .يُقرر الرئيس محمود عباس تحويلها من وزارة إلى هيئة، كما أشرنا أعلاه.
"يختص عمل الهيئة بفئة الأسرى والمحررين وذويهم، وذلك بتحمل مسؤوليات القيام بواجباتهم الإنسانية والوطنية والأخلاقية والإجتماعية والقانونية والسياسية على كافة الأصعدة والمستويات، وتحمل الهيئة رسالة واضحة، إذ تسعى من أجل تحرير كافة الأسرى الفلسطينيين والعرب من سجون ومعتقلات الاحتلال، وتعمل للحفاظ على قضيتهم حية في كافة المحافل المحلية والإقليمية والدولية، وجعلها أولوية وطنية لأي حلول مستقبلية". وفقاً لما تُدرجه الهيئة في خانة التعريف، عبر موقعها الالكتروني.

انشر المقال على: